القس محسن منير : مدارس سنودس الإنجيلية تقدم خدمتها للكل دون النظر إلى الدين
معروف ومستقر أن الأمم تتقدم وترقى بالعلم والتكنولوجيا وبقدر ما تأخذ بأسباب العلم وأدواته بقدر ما تحتل مكانتها الحضارية الراقية. لذا أضع في أولوية إهتماماتى في مدارسنا أن نسعى دائماً إلى مواكبة كل ما نستطيعه من وسائل تكنولوجية مختلفة تساعد العملية التعليمية والتربوية.
هكذا كانت كلمات القس / محسن منير الأمين العام لمدارس سنودس النيل الإنجيلى في بداية الدردشة التى سبقت حوارنا معه ولأن إصلاح عملية التعليم هو من الأولويات التى تفرضها هذه المرحلة كان لجريدة وطنى هذا الحوار معه…
في البداية نريد نبذة تاريخية عن المدارس التى تتبع سنودس النيل الإنجيلى ..؟
نشأة المدارس جاء مع بداية الكنيسة الإنجيلية في مصر وخدمتها ….
ووفق العقيدة التى تنطلق منها الكنيسة الإنجيلية في مصر وهى..” الاهتمام بالإنسان ..كل إنسان .” أى الكنيسة تقدم خدمتها لكل من يحتاج إليها دون التفرقة على أى أساس .
لذلك بدأت الكرازة في الكنيسة بعمل ” مستوصف علاجى ” و إنشاء مدارس تابعة للكنائس الإنجيلية في القرى والمدن ، وبمزيد من النمو وتقديم الرسالة التعليمية على أكمل وجهه أصبحت المدارس مؤسسات كبيرة في المحافظات المتواجدة بها .
والآن أصبح لدينا 23 مدرسة في 10 محافظات على مستوى الجمهورية ، بدءاً من المنصورة شمالاً وحتى الأقصر جنوباً .
– ماهى أول مدرسة تم تأسيسها ..؟
أول مدرسة كانت كلية أسيوط الأمريكية وتم تأسيسها سنة 1901وكان ذلك مع الإرسالية الأمريكية … وجاء بعدها كلية رمسيس للبنات سنة 1910 وتوالى إنشاء المدارس في المحافظات الأخرى .
– من الملاحظ الإقبال الكبير على مدارس السنودس الإنجيلى ..فما هو السبب ؟
إتساقاً مع الهدف الذى قامت من أجله المدارس وهى خدمة الإنسان في جميع النواحى نحن حريصون على البعد التربوى والقيمى في منشآتنا التعليمية وإستطعنا عبر السنين أن نحافظ على هذا الأمر في كل مدارسنا …فأصبحت سمة أعتقد أنها من الأشياء الأساسية التى تجعلنا من المدارس التى تنول ثقة أولياء الأمور وهذا نرصده من تعليقات الكثير منهم فيقول البعض منهم نملك مايجعلنا ندخل أغلى المدارس في القاهرة لكن اختيارنا لمدارس السنودس جاء من اهتمامها بالجانب التربوى متوازياً مع الجانب التعليمى .
والجانب الآخر هو أننا حريصين أن الرسوم الدراسية لنا تكون في شريحة متوسطة تستطيع أن تخاطب شريحة أكبر ولدينا مساحات من الإعفاءات مع المبادرات الداخلية وفقا لتوجيهات وزارة التربية والتعليم …فإذا كان هناك بعض الأشخاص وجوده في المدرسة شئ مهم وغير قادر على دفع الرسوم يتم تسوية الموقف بشكل يليق . فلو كان هدفنا هو الاستثمار وليس الرسالة التربوية فسوف نحسب من أفشل المستثمرين لأنه إذا تم حساب مساحات المدارس بالأمتار المربعة والموقع والسعر السوقى لها …ما يتحقق من دخل عبر القرار الوزارى الذى ينظم التعليم الخاص لايساوى ثلث ماسوف يتحقق في حالة إستثمار هذا المكان ، وما يسد الفجوة مابين أرباحنا الحالية والاستثمار الادخارى هنا هو ما نؤمن به وهو الرسالة التربوية والتعليمية وأهمية ذلك لرفعة المجتمع وهذا مانحرص عليه ونعلمة للمدرسين لدينا وبدون هذه الرسالة التى وجدت المدارس من أجلها نكون فاشلين ، وبقاؤها هو الذى يجعلنا نستمر، وهو الذى يصنع التوازن لبقائنا بهذا الرأس مال وبما يحققه من أرباح .
– كيف يتم تحقيق عنصر التربية قبل التعليم في مدارسكم وما هى الأدوات المستخدمة في ذلك ؟
نحن حريصون على أن يسير الجانب التربوى بالتوازن مع الجانب التعليمى وأحيانا يكون لدى البعض السعى لتحقيق التميز العلمى على حساب الجانب التربوى ولكن نحن مع مراعاتنا الجانب العلمى لانغفل ولا يسقط من حساباتنا وخططنا الجانب التربوى، وذلك من خلال عدة مناهج وأدوات …هى
الجانب السلوكى وتطبيق أقصى درجات الحسم في إتباعها وعدم التجاوز فيه.
التواصل الدائم مع أولياء الامور .
وجود حصص للقيم والسلوكيات الحضارية مثل فن الاتيكيت ، وتقدم حصص للنشاط المدرسى وبهذا المنهج نستطيع أن نحافظ على الجانبين التربوى والتعليمى .
– هل لديكم خطة لزيادة عدد المدارس لتغطية الإقبال على مدارسكم ..؟
الخطة موجوده بالفعل وفق أولويات المناطق المحتاجة لذلك …والسنودس يرى أن هناك أولوية بوجود مدارس فى الغردقة و شرم الشيخ ومحافظة المنيا …وبالفعل يتم الآن التفاوض على قطعة أرض في الغردقة لإقامة مدرسة عليها وكذلك شرم الشيخ نعد ملفاً سيقدم لطلب تخصيص قطعة أرض لإقامة مدرسة هناك والمنطقتين تحتاجان لإقامة مدارس لنا فيهم لانهما تضمان كتلاً سكنية وافدة إليها وناشدونا لإقامة مدرسة هناك .
أما المنيا فهى من الاماكن الهامة في صعيد مصر ورغم ذلك لا يوجد بها مدرسة وهناك إلحاح بطلبات كثيرة لإقامة مدرسة هناك ..إذا لدينا ثلاث طلبات نسعى لتحقيقهم في المرحلة الراهنة من خططنا وقد إفتتح مؤخرا في القاهرة مدرسة دولية وفقاً للنظام البريطانى من حوالى 3 سنوات IG ، والإشراف الفنى فى تلك المدرسة للمعهد البريطانى بالقاهرة وبكثافة 5 فصول ،وكثافة الفصل كحدأقصى 20 طالب وهذه المرحلة تعتبر تشغيلاً جزئىاً ،ونسعى فى القريب أن نبدأ فى التشغيل الكلى بحلول آخر هذا العام .
– هل لخريجي مدارس السنودس دور فى المدرسة بعد تخرجهم ..؟
هناك جمعية مشهرة باسم ” جمعية خريجات كلية رمسيس كوليدج ” وتم طبع كتاب وضع فيه أسماء الخريجات ولهن أيضاً مقر فى المدرسة ولهن دور فى المدرسة يقمن به مثل حضانة لأبناء العاملين وغيرها من الأنشطة .
– مارأيك فى المناهج التعليمية وهل تحتاج إلى تطوير ؟
بالنسبة للمناهج التعليمية رأى ليس مبنياً على دراسات متخصصة ولكنه يأتى عبر مايقدم ويدور حول المدارس ومتابعة المدرسين …فهناك بعض المناهج مليئة بالحشو والتطويل وبعضها يخاطب الحفظ وليس الفهم والابتكار ..فكلما كان المنهج محدداً وينمى قدرات الابتكار ومحدد ، فهو ينمى العملية التعليمية وإذا كان يعتمد فقط على الحفظ والاستذكار ويصبه الطالب فى النهاية فى ورقة الإجابة فى الامتحان فيكون بلا فائدة .
– هل تضع إدارة المدارس منهجاً تكميلياً بخلاف ما تلزمه الوزارة ؟
هناك إلزام من وزارة التربية والتعليم بمنهج محدد ،ونحن نحرص على تدريسه وفيما يخص باقى الأهداف التربوية فنتعاون مع أكبر دار للنشر ، ووضع المناهج التعليمية المتخصصة فى ذلك ونختار الأفضل ونراعى فى الاختيار أن يكون هناك نوع من الحركة والابتكار، وأن تكون غير مباشرة فى إعطاء المعلومة ويحاول الطفل استنتاجها كما إننا حريصون على تدريب دائم للمدرسين على كيفية تطبيق هذه المناهج .
– هل تواكب الوزارة العملية التعليمية مع التطور التكنولوجى ..؟
لابد أن تواكب الوزارة ذلك لكن لا تبدأ من القمة، فلا يصلح أن أتابع الوسائل العلمية الجديدة وأنا أقف على أرضية هشة وغير سليمة .
فالذىن استخدموا هذه التكنولوجيا لديهم تسلسل طبيعى أصبح من إنتاجه هذا التقدم ،ولذلك يكون هذا منطقى ونحن نأخذ هذه الثمار ونستخدمها بدون النظر إلى ما سبق ذلك ،وبهذا فنحن نحاكى صورة أخذناها من مجتمع ولكن لا نركز على ما سبقه .
– ماهو تصورك على كيفية إصلاح العملية التعليمية فى مصر ..؟
السؤال من أصعب الاسئلة رغم أنه من السهل الإجابة عليه شفاهياً ،ولكن الوضع التطبيقى صعب جداً فالمؤشرات العملية حتى الآن لا تعلن عن جدية كافية لإصلاح التعليم لآن التناول مبتور ليس ضمن منظومة متكاملة تشرح كيف ومتى أبدأ وإلى أين أنتهى وفق جدول زمنى معلن .
إصلاح التعليم يبدأ من حقيقة أولى ،وهى إيمان القائمين على هذا بأنه لا تقدم لدولة بدون تعليم راقً وهذا ليس مجرد عمل وزير أو وزاره لكن هو سبيل لتقدم دولة بأكملها ومصيرها .
الجانب الثانى هو ألا نبدأ من الصفر، فلدينا تجارب لدول كثيرة تشبهنا وصنعت طفرة فى إصلاح التعليم لديها من الممكن الاستفادة منها مثل ماليزيا وسنغافورة والأهم تكون الخطة تتبنها الدولة وليس الوزارة لوحدها والوزير مهما كان يقوم بتنفيذها وكل وزير يكمل على ما سبقة .
– مشكلة الدروس الخصوصية المتفاقة كيف يتم حلها ..؟
الدروس الخصوصية ظاهرة مجتمعية ولكن التعامل معها مثلها مثل الكثير من مشاكلنا، وهو النظر إلى الثمار دون النظر إلى الجذور المسببة لذلك يجب حل الأزمة التى جعلتها تتفاقم .
مثلها مثل مشكلة الإرهاب فالدولة تتعامل مع الثمار التى أحدثها الارهابيون دون النظر إلى جذور القضية ،والأفكار المتطرفة التى تأتى بهذه الثمار .
– هل المعلم ظالم أم مظلوم فى هذه الأيام …؟
الاثنان معاً ..فهو مظلوم لأنه وضع تحت ضغوط جعلته يتخلى عن رسالته وتعامل مع الأمر على أنها وظيفة .
وظالم ..لأنه اتبع مبدأ ” هل من مزيد ..للكسب المادى بدون الاكتفاء فتحول إلى كيف يكسب الكثير بدون النظر لرسالته تجاه المجتمع ككل .
– توجد مشكلة فى مجتمعنا الآن وهى تدنى الجانب الأخلاقى ..كيف يتم التغلب على هذه المشكلة وأنتم تقومون بالعملية التعليمية …؟
نحن من الشرائح التى تعانى من ذلك لأن أولادنا وبناتنا جزء طبيعى فى المجتمع وكل المؤثرات تصب لديهم ويتأثرون بكل مايدور حولهم ، وسوف ألخص لك المشكلة فى بعض النقاط ..
من أكثر الحاجات السيئة حالة الانفلات التى فيها خلط كبير وغير واع بين مفهوم الحرية والفوضى ..” أى شخص يقول ما لديه بدون أن يراعى الأسلوب المناسب ولا التوقيت المناسب ولا التعبير المناسب تنقلب الأمور إلى فوضى رغم أننى دائما أريد أن يقول كل ما لديه ولكن يراعى التوقيت والأسلوب والتعبير اللفظى ..”
وللأسف لا نعانى فقط من التلاميذ فى ذلك بل من الكثيرين من أولياء الأمور عندما يأتون ليعبروا عن إحتياج معين أو سؤال أو شكوى من المدرسة .
ونحن نسعى دائماً إلى الاستيعاب لا الصدام ولكن لكى أكون واقعىاً ليس الكل يستطيع عمل ذلك ولكن مايميزنا قدرات أغلب المديرين على الاستيعاب والاستماع الجيد وتهدئة الثائر وتوضيح الأمور وحلها .
– كيف يتم إستيعاب الطالب غير المسيحى دون الإحساس بالاغتراب لأنكم تابعون للكنيسة الأنجيلية ..؟
أنا أقدم خدمتى لكل من يحتاج إليها دون النظر إلى الدين ..فهى ليست مقدمة للمسيحيين ونستضيف غير المسيحيين ، فخدمتنا مقدمة لكل من يحتاجها على قدر المساواة …وبعض المدارس حسب التوزيع السكانى بها عدد الطلبة المسلمين أكثر من الطلبة المسيحيين والعاملين المسلمين أكثر من نظيرهم المسيحى .
الحاكم فى هذا الأمر هو القواعد والثوابت التى يحترمها الطالب لدينا .
ونتعامل مع حصص الدين للطرفين بأهمية وندمج معها حصص الانشطة التى تعمل على تنمية الأخلاق والقيم بعيداً عن استخدام نص مقدس .
وننتهج المنهج الثانى فى حصص الدين بتقديم القيمة الأخلاقية المراد تدريسها مدعمة بالنص الدينى الذى هو مرجعيته وبذلك تصل المعلومة من خلال التدريبات فى حصص الأنشطة وتكملها حصص الدين لتدعيمها وتكون الاستفادة أكبر …ونهتم جداً بتدعيم قيم مثل العدل والمحبة والسلام والتعاون …وكل هذة القيم لا تحتاج إلى نص دينى فهى قيم تعايشية نتعامل بها مع بعض .
– كانت هناك مبادرة فى مادة الأخلاق من قبل الوزارة ولكن تم اغتيالها ..هل ترى أنها كانت هادفة وتغنى عن حصة الدين …؟
من الأفضل أن يظل الإبقاء على حصة الدين والتدريس معها مادة الأخلاق ..لأنه ليس لدينا ضمان أن مايقدم فى حصة الدين يربط بين المنهج والحياة والسلوك..ولو تم الاستغناء الكامل عن حصة الدين يعطى إنطباعاً وصورة ذهنية خاطئة بأن الدولة تتراجع عن دور الدين فى المجتمع وربما يكون هذا ما روجه البعض والذى أدى فى النهاية لاغتيال مادة الأخلاق ولم يتم تطبيقها .
– علاقة الوزارة بالتعليم الخاص علاقة تنازعية فى أغلب الوقت ..فهل تصرفات بعض أصحاب المدارس الخاصة هى السبب فى ذلك ..؟
يجب إدراك الوزارة أن التعليم الخاص جزء من منظومتها وليس دخيلاً عليها ..فبعض السياسات من قبل الوزارة تتعامل مع التعليم الخاص وكأنه استثمار إلى أن يثبت العكس ، والتعامل معه وكأنه جسم غريب وليس جزءاً رئيسىاً فى العملية التعليمية .
ولا أنكر أن من تسبب فى هذه الصورة بعض من أصحاب المدارس الخاصة ، ولكن النضج الإدارى يحتم أن أضع سياسات صحيحة تشجع هذا الكيان وأضع أيضاً الضوابط التى تحاسب المخالف لكن لا أتخذ بقرارات مسبقة تأخذ العاطل بالباطل وتجعل كل المدارس الخاصة فى وضع اتهام .
فمثلا أنا كمجمع مدارس تابع لكنيسة كان هناك قرار بمنع المدارس الخاصة من تلقى تبرعات ، فأصبح هذا القرار عبئاً علينا ورغم ذلك إلتزمنا به وللأسف غيرنا من المدارس تتلقى تبرعات بأشكال مختلفة ولاتتم محاسبتها .
– فى النهاية كلمة ترسلها للمدرس…؟
أقول له: إن ماتقوم به هو رسالة وليست وظيفة .. أنا ألوم المدرس فى بعض الأحيان ولكن هناك ضغوطاً حياتية وتغيرات جعلت الرسالة لدى المدرس تتحول لوظيفة يحاول أن يكسب منها ما يستطيع ، فإذا نظرنا إلى الماضى فالوقت الذى قال فية الشاعر ” قم للمعلم وفه التبجيلا ….” كان نابعاً من مناخ عام كان سائداً فى المجتمع ، وكانت هناك بعض الأمور التى كانت تدعم هذه القيمة .
[T-video embed=”BKevskPjG5o”]