يعد يخت المحروسة بمثابة قصر عائم، نظرًا لفخامته الشديدة وتاريخه الكبير حيث يضم مجموعة من المقتنيات الذهبية الخالصة من (ملاعق وشوك وسكاكين ومقابض) ولوحات لكبار الفنانين علاوة على الاثاث الفخم والتحف الأثرية والسجاد والنجف والتى جلب اغلبها من انجلتر وفرنسا والعديد من الدول الاوربية كذلك المشغولات والمفروشات التى يرجع تاريخها إلى ثلاثة قرون مضت
وقد أكدت مصادر بقطاع النقل البحري أن الأكاديمية البحرية انتهت من أعمالالصيانة والترميمات وتجديد المعدات والمحركات الداخلية له، وكذا إعادة دهان وزخرفة جسم اليخت بلونه الأبيض المميز، إذ من المقرر أن يشق مياه القناة الجديدة حاملا على ظهره الرئيس عبد الفتاح السيسى في مشهد يعيد للأذهان الافتتاح الأسطورى للقناة عام ١٨٦٩ وقد استقر قطاع النقل البحري على اختيار «المحروسة»، لكونه أقدم اليخوت في العالم، إذ يصل عمره أكثر من ١٥٠ عامًا، وشارك في افتتاح قناة السويس مرتين على التوالى، ويعد افتتاح القناة الجديدة ٦ أغسطس المقبل المشاركة الثالثة له وقد ابحر به كل رؤساء مصر وفى مقدمتهم جمال عبدالناصر، وأنور السادات، وحسنى مبارك في مناسبات مختلفة ومن اهم الرحلات التى قام بها يخت «المحروسة»، طوال تاريخه كان عبور الزعيم جمال عبد الناصر، المجرى الملاحى به، معلنًا تأميم قناة السويس، ٢٦ يوليو ١٩٥٦.
و يرسو يخت «المحروسة» أمام قصر رأس التين العريق بالإسكندرية بعد رحلات طويلة شقها في بحار التاريخ و يحمل على كاهله ذكريات للحظات الفرح والألم في عقود عديدة من تاريخ بلادنا التي يحمل لقبها
وتعود قصة بناء هذا اليخت العظيم إلى عام 1863 حيث أمر الخديوي إسماعيل بإنشائه لاستخداماته الخاصة، وذلك بعد أن أهدى الخديو اليخت الملكى «فايد جهاد» للسلطان العثمانى عبد العزيز خان بمناسبة قدومه إلى مصر لتهنئته بتولى العرش وأسندت المهمة لشركة «سامودا» بلندن ، وتم الانتهاء منه و تدشينه فى إبريل عام ١٨٦٥ ، وكان طوله ١٢٥ مترًا، وعرضه ١٣ مترًا، وحمولته ٣.٤١٧ طن، ويسير بالبخار، مستخدما وقود الفحم، ويسير بالبخار بوقود الفحم بواسطة «طارات» جانبية وكانت سرعته ١٦ عقدة ، وله مدخنتان ومسلح بثمانية مدافع من طراز «أرمسترونج» ، استلمه الطاقم البحري المصري في أغسطس 1865 وتم الإبحار به من ميناء لندن في شهر أغسطس 1865 عبر نهر التايمز إلى ميناء الإسكندرية بمصر قبالة ساحل قصر ”رأس التين”
ويعتبر «المحروسة» أسطورة حقيقية في وقته، فلم يسبق أن بنى يخت بهذا الحجم
وعلى مر السنوات الكثيرة التي احتضنت فيها مياه مصر يخت المحروسة ، ظل فى خدمة ملوكها وسادتها ، وكان شاهدا أمينا على أحداث تاريخية كبرى
ففي عام 1867 استخدم اليخت في نقل الحملة المرسلة لإخماد الثورة بكريت ، كما سافر على متنه الخديوي إسماعيل عام 1868 لحضور المعارض المقامة بباريس ، وكان رفيقه أيضا فى عام 1869 لميناء مرسيليا بفرنسا لدعوة ملوك وأمراء أوروبا لحضور حفل افتتاح قناة السويس للملاحة الدولية لأول مرة في التاريخ
واصبحت المحروسة منذ ذلك التاريخ أول عائمة بحرية في العالم تعبر قناة السويس عام 1869 وعلى ظهره الملوك والأمراء ، ومنهم الإمبراطورة أوجيني إمبراطورة فرنسا وزوجة نابليون الثالث ، وأمير وأميرة هولندا وإمبراطور النمسا فرنسوا جوزيف ، وولي عهد ألمانيا الأمير فريدريك ، وحينها أهدت الإمبراطورة أوجيني «بيانو» أثري للخديوي إسماعيل ، كان قد صنع خصيصا للإمبراطورة في «شتوتغارت» بألمانيا عام 1867 ، وعزفت عليه بنفسها على ظهر اليخت ، وما زال موجودا حتى الآن بنفس حالته الأصلية
وأدخلت تعديلات عديدة على «المحروسة» غيرت من معالمه أبرزها عام 1872 عندما أرسل إلى لندن لزيادة طوله 12مترا وبعدها اصطحب الخديوي إسماعيل بعد عزله عن العرش عام 1879 إلى نابولي في إيطاليا
وفي عام 1894 تم تغيير الغلايات بورشة «حسبو» بك بالإسكندرية ، وأبحر اليخت من الإسكندرية إلى بور سعيد للاحتفال بإزاحة الستار عن تمثال ديليسبس فى عام 1899 وفي عام 1905 تم تعديل الشكل الخارجي وتطوير وسائل الدفع بترسانة إنجلترا ، حيث تم نزع «الطارات الجانبية» لتحل محلها «الرفاصات» وزود بأحدث توربينات بخارية في العالم
كما تم تزويده بالتلغراف عام 1912 ،و تم استخدام المحروسة فى نقل مهاجرى الأتراك من تركيا إلى الإسكندرية عام 1913
ونقل اليخت المعزول الثاني ”الخديوي عباس حلمي الثاني” آخر خديوي يحكم مصر والسودان، بعد أن عزله الاحتلال الإنجليزي عن العرش ونصبوا عمه ”السلطان حسين كامل”، ويرحل ”الخديوي عباس” إلى منفاه بالآستانة بتركيا عام 1914 حيث منع من العودة إلى مصر مرة أخرى
وفي عام 1919 عاد اليخت إلى إنجلترا لدخول الحوض بميناء «بورت ثموث» لتغير وقود الفحم إلى مازوت وتمت إطالة اليخت 9متر من المؤخرة وقام اليخت بنقل فؤاد الأول إلى بور توفيق فى 1930 لافتتاح ميناء البترول الجديد ومن بين الأحداث التاريخية المهمة التي كان المحروسة شاهدا عليها ، حمله لشاه إيران السابق محمد رضا بهلوي وهو في طريقه لعقد قرانه على الأميرة فوزية شقيقة الملك الراحل فاروق عام1939 وفي الفترة من عام 1949 تم تطوير وتعديل اليخت بالترسانة البحرية بـ «جنوة» في إيطاليا ليصبح عام 1952 من أحدث اليخوت
أما أبرز الأحداث التي سجلتها ذاكرة المحروسة فكانت لحظة رحيل الملك فاروق عن مصر إلى إيطاليا في 26 يوليو عام 1952، بعد تنازله عن حكم مصر لابنه الأمير أحمد فؤاد برفقة زوجته ”الملكة ناريمان” و”الملك الصغير أحمد فؤاد” وبناته ”فوزية وفريال وفادية”، وذلك بعد طلب قادة الثورة أن يغادر الملك البلاد في 23 يوليو، ورغم طلب ”فاروق” أن يحتفظ بـ”المحروسة” إلا أن السلطات المصرية رفضت طلبه، ليخرج ”الفاروق” من قصر ”رأس التين” بالإسكندرية في بدلة عسكرية رسمية، وتطلق البحرية المصرية 21 طلقة مدفعية تحية لـ”أحمد فؤاد الثاني” ملك مصر الصغير، وبقيادة ”الأميرالاي بحري جلال الدين علوبة”، وهو الرجل الوحيد الذى أصر فاروق أن يتولى قيادة اليخت الملكى فى رحلته الأخيرة إلى ميناء ”نابولي بإيطاليا بعد تنازله عن العرش رسمياً
وفى تمام الساعة السادسة والعشرين دقيقة مساء يوم 26 يوليو 1952 غادر الملك فاروق مصر على ظهر اليخت الملكي المحروسة ( وهو نفس اليخت الذي غادر به جده الخديوي إسماعيل عند عزله عن الحكم ) وكان في وداعه اللواء محمد نجيب وأعضاء حركة الضباط الأحرار و الذين كانوا قد قرروا الاكتفاء بعزله و نفيه من مصر بينما أراد بعضهم محاكمته و إعدامه كما فعلت ثورات أخرى مع ملوكها
غادر الملك فاروق مصر إلى إيطاليا دون أدنى إعتراض منه على الرغم من صلافة جمال سالم الذى كان يمسك عصاه تحت إبطه ، إلا أن فاروق اكتفى بتنبيهه بمقولته المعروفة ” أنزل عصاك أنت في حضرة ملك ” مشيرا إلى إبنه الرضيع الملك أحمد فؤاد الثاني ، ولقد اعتذر اللواء محمد نجيب عن ذلك ، وأدى الضباط التحية العسكرية وأطلقت المدفعية إحدى وعشرون طلقة لتحية الملك فاروق عند وداعه
وفور عودة اليخت إلى مصر تم تغيير اسمه ليصبح «الحرية» حيث شارك في عهد الرئيس جمال عبد الناصر عام 1956 في العديد من الرحلات البحرية التاريخية بين الدول المختلفة بدلا من الطائرة خوفًا من استهدافه ومحاولة اغتياله، فكان يستخدم ذلك القصر العائم في زياراته التاريخية و أبحر بة من الإسكندرية إلى بورسعيد ا لاستقبال القوات العائدة من اليمن . كما أبحر مرافقا الباخرة سوريا التي أقلت عبد الناصر والرئيس الروسى خروشوف وتيتو والرئيس العراقى عبد السلام عارف والرئيس الجزائرى أحمد بن بيلا
كما شارك في مؤتمرات باندونج وبريوني والدار البيضاء واللاذقية لدول عدم الانحياز ، و كان السادات الأكثر تعلقا من بين رؤساء مصر بالمحروسة فى عهدة أبحر اليخت نحو خمس رحلات مهمة للغاية، بل تعتبر أهم رحلات اليخت على الإطلاق، الرحلة الأولى هي مشاركته في مناورة بحرية، وعلى ظهره السادات والعاهل السعودى الراحل الملك فيصل عام ١٩٧٤
وفى احتفال عالمى مهيب، بتاريخ ٥ يونيو ١٩٧٥ أعاد السادات افتتاح قناة السويس، بعد إغلاق استمر ٨ سنوات في أعقاب حرب ١٩٦٧، وفى ٤ سبتمبر ١٩٧٩ وصل اليخت إلى ميناء حيفا وعلى ظهرة الرئيس السادات في زيارة رسمية إلى إسرائيل في إطار اتفاقية السلام بين البلدين ورافقته خلالها زوجته، جيهان السادات، وإحدى بناته، وحاشيته الرئاسية، وكان في استقباله الرئيس الإسرائيلي آنذاك، يتسحاك نافون، ورئيس الوزراء، مناحيم بيجن وهى واقعة تاريخية، وبعد عام يبحر ”المحروسة” لمسافة 12700 ميلاً بحريًا للمشاركة في العيد الـ200 لاستقلال الولايات المتحدة الأمريكية وصعد على متنه أيضا الملك خالد والملك حسين والسلطان قابوس ، وقد استخدم اليخت خلال الفترة من 1955 حتى 1973 لتدريب طلبة الكلية البحرية المصرية وتبع ذلك رحلات سياحية لموانئ اوربية حيث يستقبل زواره بتلك الموانئ مقابل رسوم يتم ضخها في ميزانية البلاد
يتكون المحروسة من خمسة طوابق الطابق السفلى يضم الماكينات والغلايات وخزانات الوقود، ، بينما يضم الطابق الرئيسي غرف الجلوس ، المطابخ ، المخازن ، الجناح الشتوي والقاعة الفرعونية إضافة إلى جناح الأمراء والأميرات ، أما الطابق العلوي الأول فيحتوي على المقدمة ، والمخطاف ، والأوناش ، وصالة الطعام وصالة التدخين ، ويضم الطابق العلوي الثاني سطح المدفعية ، والحديقة الشتوية والصيفية ، والجناح الصيفي والصالة الزرقاء ، فيما يضم الطابق العلوي الثالث الممشى والعائمات ، ويضم اليخت أربعة مصاعد منها المصعد الخاص بالجناح الخصوصي ، كما يوجد «جراج» خاص لسيارة الملكوالتى كانت ترافقة فى العديد من رحلاتة للخارج
ويعد «المحروسة» أحد القصور الملكية العائمة ، بما يحتويه من نقوش وزخارف ولوحات زيتية لأشهر الرسامين العالميين إذ سجلت فيه كل حضارات مصر عبر العصور المختلفة ، سواء الفرعونية ، واليونانية الرومانية ، والعربية الإسلامية ، كما يحتوي على مشغولات فضية وكريستالات و خزفيات وصيني وسجاد يرجع تاريخه إلى القرن الثامن عشر
قطع اليخت خلال تاريخه البحري مسافة تقارب النصف مليون ميل بحري أثناء رحلاته ، سواء في المياه الإقليمية أو البحار والمحيطات المختلفة ، وتوالى على قيادته حتى الآن مايقرب من 40 قائدا بحريا أولهم الأميرالاي فردريك بك ، وتلاه عدد من أمراء البحار وآخرهم عقيد بحري أشرف سرور
ويعتبر يخت «المحروسة» والذى سمي بـ«الحرية» بعد ثورة يوليو 1952 واحدا من أكبر اليخوت في العالم بعد اليخت الخاص بالشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ، حاكم إمارة دبي ، والذي يبلغ طوله 525 قدما
وعلى الرغم من مرور 150 عاما على تدشين «المحروسة»، ما زال شبابه متجددا، وبحسب العديد من الخبراء فإنه يحتفظ بقدرته على الإبحار
وعلى نفس هذا اليخت الملكي رحل ”الجد والحفيد”، كلاهما معزول عن عرش مصر ففي عام ١٨٧٩ إذ أبحر اليخت مقلًا الخديو إسماعيل للإقامة بإيطاليا، وذلك بعد ان عزله ابنه ”توفيق” ليصبح ”خديوي” بديلاً عنه والثانية في ٢٦ يوليو، حيث أقل اليخت الملك فاروق الأول الى ايطاليا ايضا بعد قيام ثورة ١٩٥٢ في مصر وعزل الجيش لة وتنازلة عن العرش لابنة الملك احمد فؤاد بعد تدهور أحوال البلاد، وهزيمة الجيش في ”نكبة فلسطين” وغيرها من العوامل الأخرى وذلك للإقامة في إيطاليا مثل جده الخديو إسماعيل
وظل اليخت منذ 1952 يحمل اسم ”الحرية” حتى عاد له اسمه القديم ”يخت المحروسة” بأمر من الرئيس الأسبق ”مبارك” في عام 2000 بعد عمليات تجديد له، ولا يزال حتى الآن في مكان رسوه قبالة سواحل قصر التين
وقد أنتهت القوات العسكرية البحرية، من تجهيزاليخت الملكي “المحروسة”، بعد الانتهاء من الطلعات البحرية التي اجريت له خلال الشهر الجاري، للتأكد من قدرته علي الإبحار
وقالت مصادر بحرية مطلعة فى تصريحات صحفية إنه تم خلال الأسبوع الجاري، تعليق الصور التاريخية الملكية وفرش المفروشات الحريرية للأسرة، بالإضافة الي وضع أثمن أنواع السجاد علي الأرضيات، وكذلك وضع المقتنيات والتحف الثمينة في أماكنها، بعد الانتهاء من إجراء العمرة الخاصة بة وتلميع الأرضيات الخشبية (الباركيه)
كما أكدت المصادر أنه خلال اجراء عمرة المحروسة تم وضع المقتنيات والحفاظ عليها من التلف داخل دولاب خشبي كبير باليخت.
وعن الاستعددات الجارية لافتتاح قناة السويس الجديدة
واصل القائمون علي انهاء الاستعدادات الخاصة بتأهيل موقع حفر قناة السويس الجديدة، للاحتفالات المقرر لها فى السادس من أغسطس المقبل، جولاتهم التفقدية للاعمال التي تتم على قدم وساق وبمشاركة شركات المقاولات الوطنية وعلى رئسها شركة المقاولون العرب
وأكدت مصادر هندسية أن العمل يسري لاقامة جداريتين توضح طبيعة حفر القناتين الاولى والجديدة، بالاضافة إلي ساري أعلام 105 دولة، والانتهاء من وضع القواعد الخرسانية لهاوالانتهاء من اكبرصوان لاستقبال المدعون من جميع انحاء العالم ملوك ورؤساء وسلطين ورؤساء حكومات ووزراء ورجال اعمال ومستثمرين عرب واجانب ورموز المجتمع من رجال الصحافة والاعلام والسياسين والفنانين والاحزاب والعلماء بالاضافة إلي التشطيبات الخاصة بمارينا القناة الجديدة والمبني الاداري لارشاد السفن العابرة بالمجري الملاحي الجديد والذي صمم على شكل سفينة كبيرة