أجري الحوار:
في حماسة معهودة طرح وزير التموين والتجارة الداخلية نشاط الوزارة الذي دخل كل بيت, حيث منظومة الخبز والدعم الجديدة ونظام الشون الجديدة بما تحققه من نهاية لإهدار محصول القمح فضلاً عن المشروع اللوجيستي الواعد وتنقية بطاقات التموين والعديد من المحاور التي زخر بها.. حوارنا مع د.خالد حنفي وزير التموين والتجارة الداخلية, وإلي نص الحوار.
* المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ حقق نجاحا غير مسبوق وثماره سوف تظهر لاحقا.. ما تعليقكم من خلال مشاركتكم الفاعلة بالمؤتمر؟
** يعتبر المؤتمر الاقتصادي نقطة فارقة علي طريق مصر الاقتصادي ونقطة تحول مهمة لأنها مزجت ما بين التكامل الاقتصادي والسياسي والعلاقات الدولية لمصر, وهذا في غاية الأهمية, نظرا لمشاركة العديد من قادة الدول والوفود المشاركة في المؤتمر, فكانت هذه رسالة سياسية ترجمت بعد ذلك بما يطلق عليه رسالة للطمأنة إلى العالم أجمع بأن تمثيل هذا الكم من الاقتصادات المتنوعة, إلي جانب المليارات التي تم ضخها في الاقتصاد المصري ومشاركة أقطاب منظمات التمويل الدولية, كلها أعطت رسائل إيجابية لمن يريد الاستثمار في مصر, كما أن مشاركة مجموعات كبيرة من الرؤساء التنفيذيين للشركات متعددة الجنسيات ذات مخزي كبير. ومن المعروف أن هؤلاء لا يتحركون بسهولة لأن وقتهم ثمين, ودائما ما يفاضلون بين الأماكن والدول التي يستثمرون فيها, فذلك كان أيضا بمثابة الرسالة الواضحة أمام العالم, وهذا الأمر لم يأت مصادفة لأنه كان علي مستوي القيادة السياسية لتوطيد العلاقات الدولية, ومصر لا تراهن علي شريك دون الآخر, ولم تغامر بسياستها الاقتصادية الخارجية, لأنه عادة كان يتم التحرك من جانب الحكومات والقيادات في اتجاه كتلة علي حساب كتلة أخري, وكان ما يحدث من تحرك علي المستوي الدولي يؤكد ذلك, وأنا شرفت بالمشاركة مع الرئيس عبدالفتاح السيسي في زيارة الولايات التحدة الأمريكية وبعض الدول الأوربية وكذلك الصين وأكثر من دولة أفريقية وعربية, هذه الزيارات فتحت مجالا متنوعا وكبيرا مع دول العالم اقتصاديا وسياسيا, والتي جعلت لمصر قبولا كبيرا علي مستوي العلاقات الاقتصادية والسياسية, حيث كان الرئيس السيسي حريصا جدا في هذه اللقاءات بأن نلتقي دائما بأصحاب الأعمال والشركات والمستثمرين في كل هذه الأوساط, وشرح بنفسه رؤية مصر الاقتصادية أكثر من مرة, مما دعم بقوة سياستها الحكومية, وساعد علي إتمام الاتفاقيات المتعلقة بالمشروعات الاستثمارية والسير في تنفيذها بعدما تم التهيئة لهذا المناخ.
* ما الذي تم علي أرض الواقع فيما يتعلق بالمركز اللوجيستي ومدينة التجارة والتسوق؟
** تم الإتفاق في المؤتمر الاقتصادي علي مشروعين قدمتهما الوزارة وجاري الآن الإعداد لكل التفاصيل الخاصة بهما سواء القانونية أو الاقتصادية أو الفنية, فضلا عن إدارة العلاقات مع مختلف المستثمرين, حيث أن هناك اجتماعات يوميا ذات صلة بهذا الأمر, إلي أن يظهر هذا الأمر للنور وتبدأ ثماره في أن تحدث نقلة كبيرة في الاقتصاد المصري, وهذه بالطبع مشروعات نحتاجها, فنحتاج إلي مشروع المركز اللوجيستي لأن مصر أكبر دولة مستوردة للقمح, وهي كذلك أكبر سوق في المنطقة, فمصر لا تنتج 95% من الزيت الذي نستهلكه, كما أننا نستورد أكبر كمية من القمح وليس لنا قول فصل في السوق العالمية لهذه المنتجات رغم حجم سوقنا الداخلية الكبيرة للغاية, من ناحية أخر, فمصر بحكم علاقاتها الاقتصادية في المنطقة العربية والأفريقية ومع دول أوربا, إلا أن نسب التجارة البينية مع هذه الدول متواضعة وضئيلة جدا, وبالتالي فلابد أن نتحرك بأسلوب وطريقة مختلفة من خلال إنشاء مشروعات للصناعات الغذائية علي أرض مصر والتي نستورد معظمها, والعمل علي تعظيم استثماراتنا التجارية مع دول العالم الخارجي بأن نهتم أن يكون لدينا سوقا محلية كبيرة, ونستثمر هذه السوق ونحولها لنقطة قوة, أيضا مدينة التجارة والتسوق ستكرس فكرة أن مصر محور للتجارة, فهناك تيار كبير لدي الدول العربية للتسوق من أمريكا والدول الأوربية ولابد أن نحتضن جانب من ذلك في مصر, كما لدينا مساحات شاسعة من الأراضي لم تستغل بعد وطاقات بشرية نحتاج استثمارها, والكثير من الشباب المصريين لا يجدون العمل لأنه لا توجد فرص تستوعب هذه الطاقات المتفجرة, وهذه الطاقات لن يتم استيعابها بقرارات حكومية, وإنما من خلال استثمارات حقيقية تستطيع الاستفادة بهؤلاء الشباب.
* حدثنا عن المدي الزمني لإحلال الشون الترابية بالصوامع الإلكترونية الحديثة, بما فيه اتفاقية الشراكة مع بلومبرج وغيرها من الإمارات وروسيا؟
** المشروع بدأ بالفعل وفي انتظار الانتهاء منه, فنحن لا نتحدث عن مجرد مشروع, وإنما هو بالفعل تحت التنفيذ وخلال شهور قليلة, وسنكون قد انتهينا من 105 شونة, ليتم إحلالها بنظام حديث من الشون من شركة بلومبرج وهذا نظام حديث ومشهور لحماية وصيانة القمح المصري من الإهدار الذي عايشناه عشرات السنين, دون اكتراث فكنا ننتظر الطيور تأكله أو يتأثر سلباً بالرطوبة, لذلك كان لابد أن يكون هناك تفكير عملي وسريع, وبالفعل بدأنا تنفيذ المشروع على أرض الواقع.
* بينما نوشك الإقتراب من موسم الحصاد, هل نحن بصدد تخزين الإنتاج الجديد من الأقماح والحبوب في الصوامع الإلكترونية؟
** جزء كبير من الإنتاج سيدخل الشون وجزء آخر سيذهب مباشرة إلي المطاحن في الوقت الحالي, نحن أدرنا المنظومة بطريقة مختلفة, وبالتالي التدفق الخاص بالمخزون سيذهب مباشرة للمطاحن, وهناك العديد من الاجتماعات مع أصحاب المطاحن آخرها عقد قبل إجراء هذا الحوار مباشرة, وذلك لاستلام الحبوب, حيث بدأ بالفعل موسم توريد القمح المحلي.
منظومتا الخبز والتموين دمجت بين الدعم النقدي والعيني
* هل مازال الدعم النقدي مطروحا ضمن ملفات الوزارة؟
** ما قمنا به الآن هو تجربة مصرية, لفتت الأنظار إلي أن ما تم في ملف دعم الخبز والتموين أصبح محل اهتمام من الدوائر الاقتصادية العالمية, ليأتي إليها العديد من الخبراء وبعض دوائر الإعلام العالمية التي أنتجت فيلما تسجيليا عن هذا الملف, والفكرة أنه كان هناك دائما دعم عيني ودعم نقدي, وكان دائما هناك مفاضلة بين الاثنين, ففي الدعم العيني نعطي سلعا بينما في الدعم النقدي نعطي نقودا, والبعض لم ينتبه أنه في المنظومة الجديدة تم إعطاء المواطن قوة شرائية تماثل النقود تعطي نوعا من حرية الحركة والاختيار, فلم يعد هناك دعم عيني معرض للسرقة, كذلك لم نذهب للدعم النقدي الذي يؤدي إلي التضخم ويجعل هذه الأموال تنفق في مجالات أخري, حيث أصبح الآن لدينا نظام وسط من الدعم شبه نقدي وشبه عيني, وهذا النوع من الدعم يعتبر نقودا في أيدي المواطن وقوة شرائية في يده يستطيع أن يشتري بها مجموعة من السلع, وليس كل السلع, فلا يمكن من خلالها شراء سجائر مثلا أو موبايل, وإنما توجه للمواطن منخفض الدخل لييشتري بها ما هو في احتياج حقيقي له ممثلا في كمية كبيرة من السلع الغذائية التي يختار من بينها يوازي قيمة الدعم المخصص له ولأسرته مثل الألبان واللحوم والبيض وغيرها من السلع الغذائية, فهذه التجربة جديدة ويشعر بها المواطن في ظل الأوضاع الحالية.
* ماذا في جعبتكم بعد الانتهاء من تطبيق منظومتي الخبز والتموين الجديدة في أنحاء الجمهورية.
** نريد أولا الحفاظ علي نجاح المنظومة والتي وفرت 6 مليار جنيه بعد استحداث فروق نقاط الخبز وهذه الأموال كانت تذهب لمن لا يستحقها ويحرم منها المواطن المصري المستحق لها, لذلك يجب أن نعمل علي الحفاظ علي هذه المكتسبات لصالح المواطن, ولا يعود آخرون غير مستحقين للانتفاع منها بدلا من المواطن المستحق, كما نريد تجويد الخدمات المقدمة حاليا للمواطن, والعمل علي تنقية البطاقات, بحيث يتم خروج غير المستحقين من المنظومة ويحل مكانهم من هم أولي بذلك. ومستقبلا نريد إحداث نوع من التوازن فيما يتعلق بالفئات بحيث يحصل المواطنون الأقل دخلا علي قدر أكبر من الدعم, كما سيتم إدخال أنبوبة البوتاجاز ضمن بطاقة التموين بالاتفاق مع وزارتي البترول والتنمية المحلية, كما نقوم بتنمية الخدمات التموينية التي تقدم للمواطن وكذلك نهدف إلي تطوير المجمعات الاستهلاكية في الفترة القادمة, ونعمل علي ضخ كميات كبيرة من السلع لكي تكون متاحة للمواطنين, هذا بجانب بناء المشروعات الكبيرة كالشون المتطورة والمراكز اللوجيستية في محافظة دمياط, ومحطات تحويل الزيت لسولار وغيرها, حتي نضمن استمرارية النجاح لهذه المشروعات, كذلك أن يتم تطوير منظومة التجارة الداخلية.
* ما رؤيتك لطرح بعض الشركات التابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية بالبورصة المصرية؟
** لم أقل طرح الشركات, فالأمر ليس طرح شركات وإنما زيادة رأس المال للشركة القابضة للصناعات الغذائية بشركاتها التابعة, وزيادة حصة رأس المال قد تقودنا لحالة دراسة استثمارية وذلك قد يقودنا إلي طرح عام في البورصة لزيادة رأس المال والذي قد يصل لـ3 أو 4 مليار جنيه, مما سيعمل علي تنشيط البورصة بالتأكيد, ويخلق نوعا من الانتعاش لهذه الشركات, فالبعض منها لا يحقق مكاسب وإنما خسائر, وبعض هذه الشركات يتسم بالإنتاج القديم, أو متوقفا عن الإنتاج نهائيا, كما أن الشركة لديها أراض غير مستغلة نستطيع استغلالها في المستقبل.
* ماذا يدور من أفكار جديدة في ذهن الدكتور خالد حنفي؟
** ما نفكر فيه حاليا ونتمناه هو استكمال ما بدأناه في منظومة الخبز والتموين والمجمعات الاستهلاكية والعمل علي وضعها في موقف سليم, كذلك مشروع تحويل زيت الطعام المستخدم إلي سولار, والأهم الآن هو تنفيذ المشروعات المطروحة حاليا.
* ماذا يريد الوزير من المواطن ليكون شريكا حقيقيا مع حكومته؟
** ليس المواطن هو الذي سيكون شريكا للحكومة إنما الحكومة هي الشريك للمواطن في مشواره نحو الرفاهية, في بلد يستطيع أن يعد المواطن فيه فرص العمل اللائقة والوفرة في السلع والمنتجات, فالمشوار طويل ونحن متأخرون, وكلنا شعب مصر, حكومة أو مواطنين, متأكدين أنه تقع علينا مسئولية كبيرة في بناء مصر, كما نتمني أن يجد كل شاب وفتاة عند تخرجهم من الجامعة فرص العمل التي تستوعب طاقتهم دون عناء, كذلك فيما يتعلق بتيسير الأوضاع المتعلقة بسهولة الارتباط وتكوين الأسرة, كما نعمل من أجل أن نتخطي المرحلة الراهنة إلي مرحلة أكثر إنجازا لقضايا التنمية الحقيقية, حتي تأخذ مصر مكانتها اللائقة بين شعوب العالم, بعيدا عن كل المعوقات التي تقف في طريق تقدمنا, بل ونتفرغ للأمور الأكثر أهمية متخطين كل ما يبدد طاقاتنا.