أوصت الدائرة الثامنة لهيئة مفوضي الدولة، بمحكمة القضاء الإداري، في مجلس الدولة، برئاسة المستشار منصور حمزاوي، بتأييد قرار وزير الداخلية بإجراء الممارسة المحدودة المسماة بمشروع رصد المخاطر الأمنية لشبكات التواصل الاجتماعي، “منظومة قياس الرأي العام“.
وقال التقرير المعد من المستشار أحمد سمير أبو العيلة، مفوض الدولة، إن وزارة الداخلية أصدرت كراسة شروط لإجراء ممارسة محدودة برقم ٢٢ لسنة ٢٠١٣/٢٠١٤ تحت عنوان مشروع رصد المخاطر الأمنية لشبكات التواصل الاجتماعي، وذلك وفقا لأحكام قانون تنظيم المناقصات والمزايدات رقم ٨٩ لسنة ١٩٩٨، وجاء في كراسة الشروط، أن هدف المشروع هو استخدام أحدث إصدارات برامج نظام رصد المخاطر الأمنية لشبكات التواصل الاجتماعي، والتعرف على الأشخاص الذين يمثلون خطراً على المجتمع وتحليل الأراء المختلفة التي من شأنها التطوير الدائم للمنظومة الأمنية بالوزارة.
وأضاف التقرير، أن المدعى يرى هذا القرار من شأنه المساس بحزمة من الحقوق والحريات التي كفلها الدستور كحرية التعبير والحق في الخصوصية وحرية تداول المعلومات، إلا أن الدستور، وإن كان قد كفل هذه الحقوق والحريات إلا أنها مشروطة بعدم تجاوز حدود المشروعية أو المساس بالأمن القومي أو النظام العام، فهذه الحريات شأنها شأن أي حرية أخرى كفلها الدستور ليست مطلقه ولا تستعصى على التنظيم الذي يقتضيه صالح المجتمع.
وأكد التقرير، أن حرية الرأي والتعبير تحتاج إلى تنظيم استخدامها للحيلولة دون إلحاق الضرر النفسي والمادي بالأفراد أو مؤسسات الدولة، خاصة مع تصاعد ظاهرة استخدام الشبكات الاجتماعية داخل المجتمع ووصول عدد مستخدمي الإنترنت في مصر إلى الملايين، فضلا عن انتشار العديد من الصفحات على وسائل التواصل الاجتماعي والتي تحرض على الدولة المصرية ومؤسساتها وتهدر دماء العديد من طوائف الشعب المصري، وهو ما يمثل ضررا بالغاً على الأمن القومي المصري يستدعى قيام وزارة الداخلية بدورها المنوط بها وفقاً لنصوص الدستور في حماية الممتلكات العامة والخاصة للمواطنين والدولة .
وأوضح التقرير، أن القانون والدستور أوجب على وزارة الداخلية الحفاظ على النظام العام والأمن العام والأرواح والأعراض والأموال ومنع الجرائم وضبطها، والبرنامج موضوع الممارسة محل الدعوى ليس إلا وسيلة لتمكين وزارة الداخلية من القيام بدورها المنوط بها، فضلا عن أن هذا البرنامج من شأنه فقط الاطلاع على محتوى متاح للكافة يمكن لأى شخص الاطلاع عليه بمجرد دخوله على شبكة الإنترنت، وليس من شأنه اختراق حسابات الأشخاص أو الاطلاع على بياناتهم الشخصية أو غير المتاحة للكافة، كما أنه ليس من شأنه منع أي شخص من إبداء رأيه بحرية على شبكات التواصل الاجتماعي، فالأمر لا يعدو مجرد الرقابة دون التقييد، وهو ما يتعين معه التقرير برفض الدعوى .
وكان مصطفى حسين حسن، أقام الدعوى رقم ٦٣٠٥٥ لسنة ٦٨ ق، مختصما وزير الداخلية ووزير المالية بصفتهما، مطالباً بإلغاء قرار وزير الداخلية بإحراء الممارسة المحدودة رقم ٢٢ لسنة ٢٠١٣/٢٠١٤ المسماة مشروع رصد المخاطر الأمنية لشبكات التواصل الاجتماعي “منظومة قياس الرأي العام“.
لجنة علمية قانونية أمنية مشتركة
من جانبه أوضح اللواء أركان حرب نبيل فؤاد أستاذ العلوم الإستراتيجية قائلاً : إن مسألة مراقبة ورصد المخاطر الأمنية لشبكات التواصل الإجتماعى ، لا يجب أن تترك فى أيدى الأجهزة الأمنية فقط ، حتى لا تتقيد حرية الرأى والتعبير ، والأصح هو تكوين لجنة علمية قانونية أمنية مشتركة موسعة ، تعمل على تحديد مصلحة البلاد العليا ، وفى نفس الوقت وضع مبادئ الحريات العامة للمجتمع فى الإعتبار، للتوصل إلى قناعات تعمل من خلالها الشرطة أو أى جهة أمنية ترتبط بهذا الملف ، مؤكداً أنه لا يمكن
ممارسة أى من هذه الأنشطة الرقابية إلا بعد موافقة الجهة القضائية المختصة .
ويرى اللواء نبيل فؤاد أن شبكات التواصل الإجتماعى مع التطور التكنولوجى الرهيب أصبحت فى غاية التعقيد ، خاصة إذا أرادت دولة أو جهة ما السيطرة على ما يُنشر على تلك المواقع ، وفى نفس الوقت الذى تزداد فيه حرية الأفراد خاصة فيما يتعلق بحرية الرأى والتعبير، منوهاً أن هناك بلدان تفرض قيود صارمة على بعض مواقع التواصل الإجتماعى والإنترنت بصفة خاصة، مؤكداً أن الصين فى هذه الحالة تأخد قرارات من منظور أمنى بحت ، بصرف النظر عن أهمية حرية الرأى والتعبير للأفراد
وهذا بالطبع يعرضها للكثير من الإنتقادات الدولية بخصوص هذا الشأن.
وأكد اللواء نبيل فواد أستاذ العلوم الإستراتيجية أن هذا الملف فى مصر لا يجب أن يُترك فى أيدى الأمن فقط ، حيث قامت ثورتين تُطالب بالحرية والديمقراطية مما يتطلب بأخذ ذلك فى الإعتبار ، مشيراً إلى مسألة المراقبة والرصد قد تأخذ بأسلوب التحريات والتتبع لجهات وأفراد مُعينين وذلك بعد الحصول على التصاريح القضائية المطلوبة ، ويُعدد اللواء نبيل فؤاد للمخاطر التى قد تنجم عن استخدام شبكات التواصل الإجتماعى فيقول : هذه المخاطر تبدأ بنشر الشائعات والأكاذيب ،مروراً بإستخدامها كوسيلة تواصل بين العناصر والجماعات الإرهابية والإجرامية والتنسيق فيما بينها فى الداخل والخارج ، وأضاف : فالمجال أصبح مفتوحاً ، الكل يقول ويُبث مايُريد دون أى قيود ، ومن هنا تأتى المخاطر الأمنية وعلى رأسها الإرهاب .. وفيما يتعلق بتنسيق بعض الدول مع هذه الإدارات الأم لهذه الشبكات إن تطلب الأمر ، أوصح أستاذ العلوم الإستراتيجية أن هذا يحدث فى أضيق
الحدود وقد يُأخذ على الدول التى تنتهج هذا الأسلوب ، بينما قد ترفض إدارات هذه الشبكات هذه الأمر من الأساس .
من جهة أخرى يرى اللواء طلعت مُسلم الخبير الأمنى والإستراتيجى أن مثل هذه التدابير يتم اتخذها فقط لتمكين السلطات الأمنية المختصة من مراقبة هذه الشبكات ضد الأعمال التخريبية والتى تستهدف أمن البلاد ، دون التدخل فيما يتعلق بالحريات العامة وعلى رأسها حرية الرأى والتعبير والمُمثلة فى المعاملات الشخصية والأحايث بين الأفراد وغيرها من الأمور الشخصية .
الشبكات مراقبة
قال نائب مجلس الشعب جون طلعت، حتى الأن لم يصلنا أي أخطار بتأييد هيئة المفوضين لقرار وزير الداخلية بإجراء الممارسة المحدودة المسماة بمشروع رصد المخاطر الأمنية لشبكات التواصل الاجتماعي، “منظومة قياس الرأي العام “.
وعن رأيه اتجاه وضع قانون لمراقبة شبكات التواصل الاجتماعي قال جون، بالفعل الشبكات مراقبة وهذا يحدث في جميع أنحاء العالم وفى مصر على وجه الخصوص يتم مراقبة الصفحات التي تشجع على استخدام العنف والإرهاب، وبالفعل حتى إدارة الفيس بوك تقوم بمنع المنشورات التي تحرض على العنف والإباحية دون تدخل من أجهزة الأمن.
وعن رأيه اتجاه مراقبة الحسابات الشخصية قال النائب جون طلعت، بالتأكيد ارفض مراقبة الحسابات الشخصية والتطلع على الصور الرسائل بين الأشخاص.
الإرهاب العالمى ومواقع التواصل
وأكد المهندس عبد الرحمن الصاوى رئيس قسم هندسة الإتصالات بجامعة حلوان ورئيس اللجنة التشريعية بالجهاز القومى لتنظيم الإتصالات أن التهديدات الإرهابية تزداد يومياً من خلال إستخدام وسائل التواصل الإجتماعى ، وهذا يفرض على الجهات الأمنية الكثير من التحديات وهذا ليس فى مصر فقط ، بل فى كل أنحاء العالم ، منوهاً أن أجهزة الداخلية بكل دول العالم لديها أدواتها فى مراقبة مرتكبى الجرائم الإرهابية بواسطة وسائل التواصل الإجتماعى
ويرى رئيس قسم هندسة الإتصالات بجامعة حلوان أن مسألة الحريات العامة أصبحت تواجه إنحصار كبير عالمياً ، خاصة بعد الأحداث المُتتالية فى أوروبا وأخرها الإحداث الإرهابية التى وقعت فى فرنسا ، وبالتالى أصبحت الأجهزة الأمنية فى العالم هى المنوط بها التصدى لهذه الأعمال الإجرامية ، من خلال تتبع الأشخاص خاصة التى تدور حولها الشُبهات ، وكذلك تتبع ورصد كلمات معينة تصدر من حسابات شخصية على مواقع التواصل الإجتماعى من خلال برامج متخصصة ، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تنتج عشرات البرامج والتطبيقات التى تعمل فى هذا المجال ، مشيرأ إلى أن القوانين فى الكثير من دول العالم تسمح للأجهزة الأمنية بتتبع الكثير من الرسائل الإلكترونية بعد موافقة المحاكم القضائية ، ومن ثم تقدم هذه الرسائل إلى الجهة القضائية المختصة لتقرر إن كانت هذه الرسائل تحمل إدانه لأصحابها أم لا .
دليل من أدلة الإتهام
وأوضح الدكتور اللواء على زين العابدين أستاذ القانون بأكاديمية الشرطة، الأمر مجرد تقنين لمراقبة ما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل عام أو على الصفحات وليس للأمر علاقة بمراقبة الرسائل الشخصية نهائيا، أو المعلومات غير المتاحة، بل هو مجرد اطلاع على المنشورات العامة.
وأوضح عابدين، أن المراقبة ستكون على سبيل المثال عند كتابة شخص لمنشور يدعو للتحريض على العنف، أو القتل، أو التظاهر الغير سلمى، أو قلب نظام الحكم، أو تهديد السلم العام، أو خلق فتنة طائفية، وكل هذه التهم ينص قانون العقوبات على عقوبة لها.
وأضاف أستاذ القانون، في السابق كان يأخذ كدليل تسجيل المكالمات التليفونية ، أو وجود دليل داخل المنزل، وما إلى ذلك بوجود إذن من النيابة في كل حالة، ولكن مع التطور التكنولوجي واختلاف وسائل التواصل بين الأفراد واستخدام الفيس بوك، وتوتير على سبيل المثال وليس الحصر، في التواصل مع المئات والألاف في نفس الوقت فعلى، فكان على الجهات المسؤولة امنيا عن البلد أن تتخذ وسائل التواصل الاجتماعي قرينة ودليل على التهم التي توجه إلى المتهمين، وعلى ذلك وحتى لا يحسب خطأ في الإجراءات لان القانون لم ينص على اعتبار المنشور على مواقع التواصل الاجتماعي دليلا من أدلة الإتهام، فبهذا الحكم اصبح كل من يعلن نيته للقيام بجريمه أو التحريض عليها أو تهديد السلم العام يمكن أخذ منشوراته على الفيس بوك وتوتير وما إلى ذلك كدليل واضح على الإدانة ويحكم القاضي على حسب قانون العقوبات في كل حالة .
وأستطرد الدكتور على زين، حالة واحدة يمكن فيها الاطلاع على الرسائل الشخصية وهي اخذ أذن قضائي للاطلاع على الرسائل وهذه هي الحالة الوحيدة وبدون أذن قضائي غير مسموح نهائيا أن يطلع جهاز الشرطة على الرسائل الخاصة لأي فرد.
وبسؤاله عن هل كل نقد لأداء الحكومة أو الوضع الاقتصادي أو السياسي على مواقع التواصل سيعرض صاحبة لمواجهه توجيه تهمه له؟؟ أوضح زين العابدين، بالطبع لا الدستور كفل للمواطن حرية الرأي والتعبير، لكن المنشورات التي تحض على ارتكاب جناية ضد نظام الدولة أو ضد شخصيات عامة أو سياسة فقط سيتعرض صاحبها لتهمه ويعاقب طبقا لقانون العقوبات.