تقترب ذكرى إنعقاد المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ والذى استعدت له مصر لأشهر طويلة ، هذا المؤتمر الذى أنطلقت فكرته الأولى من مؤتمر أخبار اليوم الاقتصادى جاء فى أعقاب إستكمال المرحلة الثانية من خارطة الطريق ، فبعد إنتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيساً لمصر ، فى خطة لاحقة لكتاب الدستور ، كان التفكير الذى يفرض نفسه حينذاك هو : “كيف نبى مصر ” على أسس اقتصادية قوية وسليمة بالتوازى مع إرساء مبادىء الدولة الديمقراطية … ومن هنا أستقر الأمر على ضرورة إقامة مؤتمر اقتصادى يتم من خلاله تحفز أكبر قدر ممكن من رأس المال الأجنبى والعربى والمصرى للإستثمار فى مصر ، كما تم إطلاق الموقع الإلكترونى للمؤتمر الاقتصادى بخمس لغات بوابة الأهرام ، وفى يوم 15 مارس 2015 كان موعد مصر مع المؤتمر الاقتصادى الذى شهدت له الكثير من دوائر المال والأعمال حول العالم بالنجاح ، كما توقعت أن يكون المؤتمر بمثابة نقطة الإنطلاق للتنمية مصر … حيث أكدت شبكة “بلومبرج” الأمريكية أن المستثمرين الخليجيين لعبوا دوراً رئيسياً فى نجاح المؤتمر ، مُعتبرة أن الإستثمارات الضخمة التى تم توقيعها رسخت دور دول مجلس التعاون الخليجى كداعمين رئيسيين لمصر مالياً . هذا وقد شاركت وفود من نحو 120 دولة من جميع أنحاء العالم, إلى جانب 25 منظمة إقليمية ودولية في المؤتمر الاقتصاد – مصر المستقبل- الذي أنطلقت أعماله بكلمة للرئيس عبدالفتاح السيسي وجه فيها رسالة للعالم مُفادها أن مصر بلداً أمنناً ، تستطيع احتضان الاستثمارات الدولية .من جانبها قالت وقتها وكالة “أسوشيتدبرس” الأمريكية أيضاً إن مصر تقوم بالدفعة الأكثر طموحا من أجل جذب الاستثمارات الأجنبية والخاصة، أملاً فى دفع النمو وتوفير فرص العمل بعد أربع سنوات من الإضطرابات التى أضرت بالاقتصاد منذ ثورة يناير، مشيرة إلى الرئيس عبد الفتاح السيسى جعل التحسن الاقتصادى فى مقدمة أولوياته ووعد بانتهاء اعتماد مصر على المساعدات السخية من دول الخليج، وألقت الوكالة الأمريكية بنظرة على عدد من المؤشرات الاقتصادية فى مصر على مدار السنوات السابقة ، فاستطردت قائلة : إن النمو الاقتصادى وصل إلى 7.2 % فى عام 2007 -2008 وتراجع بعد الثورة ليصل إلى 1.8% فى عام 2010-2011 وبعد ضخ المساعدات الأجنبية حقق 2.2% فى عام 2013-2014 وهناك توقعات بأن يصل إلى 3.8% فى2015 .
العاصمة الإدارية الجديدة
حيث قام الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية مع محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات وحاكم دبي بتفقد معرض العاصمة الإدارية الجديدة ، وتم التوقيع من قِبل المهندس مصطفى مدبولي وزير الإسكان، وممثل شركة إعمار الإماراتية باستثمارات تصل إلى 45 مليار دولار في المرحلة الأولى، وإجمالي استثمارات بقيمة 80 مليار دولار.
ويأتى على رأس اتفاقيات الشراكة التى وقعتها مصر ، اتفاق الشراكة مع كل من شركة “بريتش بتروليم” البريطانية بقيمة 12 مليار دولار من قبل وزارة البترول والثروة المعدنية وكان وقتها المهندس شريف اسماعيل رئيس مجلس الوزراء الحالى هو وزير “البترول ” وكذلك شركة “سيمنز” الألمانية التى وقعت صفقة قيمتها قيمة 10 مليارات يورو لزيادة قدرة الطاقة الكهربائية فى مصر بمقدار الثلث بحلول عام 2020. كما تويع اتفاقية ثانية مع شركة “أكوابارو” السعودية لإنشاء محطة توليد تعمل بالفحم بقيمة 7 مليارات دولار، فضلّا عن اتفاقية ثالثة مع شركة مصدر الإماراتية لتوليد الكهرباء بنظام الدورة المركبة بقيمة 2.5 مليار دولار .
ومن أهم المشروعات التى تم توقعيها هى مشروع واحة أكتوبر الذى تتولى شركة “بالم هيلز ” المصرية وإعمار الإماراتية تنفيذه بحجم استثمار يصل إلى 20 مليار دولار، ويستهدف المشروع إقامة مدينة عمرانية متكاملة على مساحة 10 آلاف فدان ومن المقرر أن يتم الانتهاء من المشروع خلال عشر سنوات … وفى مجال النقل تم توقيع عدة اتفاقيات منها مشروعات فى قطاع السكك الحديدية والمترو الطرق والكبارى بقيمة 2.2 مليار دولار، كما وقعت وزيرة التعاون الدولى اتفاقية تعاون مع بنك الاستثمار الأوروبى بقيمة 2 مليار جنيه لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة والقطاع الخاص.
المركز اللوجستي للحبوب
من ناحية اخرى وقع الدكتور خالد حنفي وزير التموين والتجارة الداخلية 4 إتفاقيات للاستثمار بقيمة 6 مليار دولار ، مع كل من أحمد سودين رئيس شركة “سودين” القابضة الإماراتية و”لين يشونج” المدير التنفيذي لشركة ” تشينا هاربر” وهي من كبريات الشركات الصينية الحكومية العالمية في مجال تمويل وإنشاء الموانئ والصوامع ، وذلك للأستثمار في المركز اللوجستي العالمي للحبوب والغلال والسلع الغذائية في دمياط و”مدينة التجارة والتسوق ” بالقرب من قناة السويس .
كما تم توقيع اتفاقية لإنشاء محطة صب سائل بميناء السخنة، بين هيئة موانئ البحر الأحمر وهيئة موانئ دبى العالمية، ويستهدف المشروع امتداد محطة الصب وإنشاء خزانات ومستودعات لحفظ الإحتياطى من المواد البتروكيماوية لتلبية احتياجات السوق المصرية وتمويل السفن بحجم استثمار يصل إلى أربعة مليارات جنيه… وبالفعل أعلنت شركة “سونكر” لتموين السفن فى بداية شهر يونيو بدء الأعمال الإنشائية لمحطة الصب السائل بميناء السخنة على مساحة 400 ألف متر مربع، والتى تقوم بتنفيذها شركة بتروجت باستثمارات تصل إلى 400 مليون دولار للمرحلة الأولى .
وهناك عدة مشروعات متفرقة تم توقيعها منها مشروع “استاد النادى الأهلى” الجديد فى مدينة الشيخ زايد ويقدر حجم الاستثمارات به نحو 3 مليارات جنيه، مشروع “بورتو” القاهرة الجديدة الذى ستتولى تنفيذه شركة “عامر جروب” بحجم استثمار يقرب من 3 مليارات جنيه بهدف إنشاء وحدات عمرانية متكاملة.
لم تمر سوى ساعات قليلة على إنتهاء المؤتمر الاقتصادى، حتى دعا الرئيس عبد الفتاح السيسى وزراء المجموعة الاقتصادية برئاسة المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء إلى اجتماع للبدء فى تنفيذ المشروعات المختلفة التى طرحت على قمة شرم الشيخ … ومن جانبها طالبت وزارة المالية،فى منشور دورى بسرعة إنهاء أية إجراءات “إدارية – فنية” متعلقة بتنفيذ عقود الاتفاقيات الدولية التى تم توقيعها على هامش مؤتمر دعم الاقتصاد المصرى بشرم الشيخ بين الحكومة المصرية والعديد من الدول لإقامة مشروعات استثمارية كبرى تشمل كافة المجالات ومحاور التنمية المختلفة.
نتائج المؤتمر الاقتصادي
من ناحية أخرى كشفت المجموعة المالية «هيرميس» فى مذكرة بحثية لنتائج المؤتمر الاقتصادية : إن مصر استطاعت أن تحقق مكاسب قيمتها 182 مليار دولار، إذ قامت الحكومة بدراسة أكثر من 120 مشروعاً فى إطار الاستعدادات للمؤتمر 52% منها فى قطاعات النقل والدعم اللوجيستى والإسكان والمرافق، وتم إعداد قائمة نهائية من 60 مشروعاً.
وتجاوز المؤتمر كافة التوقعات الخاصة بإبرام عقود واتفاقيات الاستثمار وتوقيع مذكرات التفاهم، من مشروع العاصمة الإدارية الجديدة باستثمارات 45 مليار دولار، إلى مشروعات استكشاف وإنتاج البترول والغاز الطبيعى بقيمة 21 مليار دولار، وكذلك مشروعات أخرى بقيمة 99 مليار دولار فى مجالات البنية الأساسية والتطوير العقارى. وفيما يتعلق بالعقود المبرمة خلال المؤتمر، وقعت الحكومة اتفاقيات استثمارية بقيمة 33.2 مليار دولار، من بينها الاتفاق مع شركة سيمنز الدولية لإضافة قدرات جديدة تصل إلى 6.5 جيجاوات من الطاقة الكهربائية (مصادر تقليدية وطاقة متجددة) باستثمارات 11.6 مليار دولار، والاتفاق مع شركة بريتش بتروليوم على زيادة إنتاج الغاز الطبيعى بمعدل 20-25% باستثمارات 12 مليار دولار، علماً بأن نحو 19 مليار دولار من قيمة تلك العقود سيتم تمويلها بواسطة الشريك الأجنبى فى المشروعات الهندسية والإنشائية المتكاملة، وهى ميزة جوهرية فى هذا التوقيت الحساس الذى تحتاج فيه مصر لأكبر تدفقات استثمارية داخلة.