النهوض بمصر يستلزم بصورة مباشرة تحقيق طفرة بالتعليم والبحث العلمي، فبالرغم من أهمية المشروعات والاستثمارات فى التنمية الا ان النهوض بالتعليم هو الخطوة الأولى نحو التقدم والنهضة الحقيقية لأى بلد .فى الايام القليلة الماضية تم الاعلان عن عدة مبادرات فى مجال التعليم والنهوض به منهم، مبادرة ناصف ساويرس رجل الأعمال بالتبرع بمبلغ 20 مليون دولار منحة دراسية للطلاب المصريين للدراسة بجامعة شيكاغو الأمريكية، حيث أعلن ناصف ساويرس عن هذا البرنامج خلال أحد المؤتمرات التى عقدت ضمن فعاليات اليوم الثاني للمؤتمر الاقتصادي في شرم الشيخ للإعلان عن تفاصيل المنحة بحضور رئيس جامعة شيكاغو روبرت زمر فهذه المبادرة تأتى برعاية ساويرس وبالتعاون بين جامعتى القاهرة وشيكاغو.
وأوضح ناصف ساويرس أنه للحصول على هذه المنحة يشترط عدة معايير منها : العودة إلى مصر بعد الحصول على الشهادة والعمل بها لمدة عامين بحد أدنى وذلك لضمان إستفادة مصر بنتائج المستوى التعليمي العالمي للحاصلين عليه ،ما يعود على مصر بثروة المعرفة والمساعدة في دفع عملية تطوير اقتصادنا.
وفى ذات الشأن قدم سميح ساويرس رجل الأعمال تبرع بـ100 مليون جنيه لمدينة زويل للعلوم ،وهو الأمر الذى أعلنه الدكتور أحمد زويل الأثنين الماضى 16 مارس الجارى فى المؤتمر الذى عقد بمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا بمدينة السادس من أكتوبر .وأكد زويل على أن المدينة العلمية تنتهج أسلوبا علميا للعاملين بالمدينة البالغ عددهم من علماء وعاملين وهيئة تدريس ألف شخص يعملون على مدار اليوم. و أن هذا المشروع كان لا يمكن إتمامه إلا بالشعب
المصرى ومعونته، والدولة المصرية.
و فى مبادرة أخرى من الوزارة قام الدكتور محب الرافعى وزير التربية والتعليم، بدعوة الدكتور أحمد زويل للمشاركة فى لجنة تطوير التعليم تضم مجموعة من خبراء التعليم، لتطوير المناهج الدراسية.وأشار إلى أن اللجنة ستعمل على تطوير المناهج الدراسية، بالإضافة إلى تفعيل اللائحة الطلابية وتنمية المشاركة الفعلية لدى الطلاب، وأن الهدف الرئيسى من إنشائها هو الاستفادة من علماء مصر فى تطوير منظومة التعليم.
مبادرات رجال الأعمال المختلف لدعم منظومة التعليم والبحث العلمى فى مصر ،بالتزامن مع البدء فى لجنة لتطوير التعليم أمرا جيدا ولكن يحتاج للمزيد من الجهود للنهوض بالتعليم فى مصر .
وضع خطة وأهداف ضرورة
حول هذه المبادرات تحدثنا الى الدكتور كمال مغيث – الخبير التربوى والأستاذ بمركز البحوث التربوية وتطوير المناهج فقال :” إن الأساس الذى يجب أن ننطلق منه هو أن التعليم ليس بمسئولية وزارة التربية والتعليم والتعليم العالى فقط ، فهو مسئولية الدولة والمجتمع والمثقفين والمستنيرين ورجال الأعمال ومؤسسات المجتمع المدنى . فهذا هو الأساس الذى يجعلنا نرحب بأى مبادرة من أى نوع سواء اذا كانت تتناول تطوير المناهج ،او التطور التكنولجى أو منح دراسية ..الخ .
ولكن بشرط انه يكون الهدف والفلسفة الرئيسية للتعليم واضحة من قبل الدولة ،حتى نعرف ان المبادرة تعمل فى اتجاه تحقيق الهدف أم لا ….وهناك ضرورة أن تكون الأهداف واضحة و تعتمد على مبدأ تحقيق المواطنة .
وأضاف مغيث قائلا :”الأمر الثانى أن تكون هيمنه وسلطة الدولة شديدة الوضوح ،
فبالرغم من ترحيبى الشديد بالمبادرات سواء لرجال الأعمال أو مؤسسات المجتمع المدنى المختلفة ،لكن يجب ان يكون خط الدولة ومسئوليتها هى الاساس ويكون لديها صلاحية قبول المبادرات او رفضها بناءا على اهداف الدولة الواضحة وخطتها لتطوير التعليم .”
وإستطرد مغيث قائلا :”كما نحتاج ان تكون هذه المبادرات ملامحها واضحة وم دراستها ومعروف تكاليفها والفلسفة والاهداف ..وهكذا . حتى لانقوم بعمل مبادرات دون جدوى حقيقية منها .فالتعليم يجب الا يترك للمبادرات الفردية والشخصية ولكن يجب ان تكون مبادرات مخطط لها ومدروسه وفى اطار الهدف العام لوزراة التربية والتعليم والتعليم العالى والبحث العلمى ،وأن يكون لدى الدولة الحق فى التدخل فى اى وقت .”
لماذا الازهر والأوقاف فى لجنة التطوير ..؟!
اتفق معه فى الرايى عبد الحفيظ أبو طايل – مدير مركز الحق فى التعليم ،وأضاف :” الفكرة الأساسية أن المبادرات التى تأتى من المجتمع سواء من شخص أو مؤسسة ،من المفترض انها تكون مكمله لدور الدولة ،فبالرغم من انها مبادرات جيدة ومشكورة من قبل القائمين بها الا ان الدولة يجب ان يكون لها دور واضح وأساسى وعلى هامشه يقوم المجتمع بمبادراته .فمن المهم أن تكون الدولة مهتمه بالتعليم بحق وتقوم بدورها فى تقديم منح مجانية دراسية بشكل أساسى ،وكذلك الحال فى باقى المجالات فيما يتعلق بالتعليم العالى يحتاج لتطوير ،وفى دعم البحث العلمى داخل الدولة ،وكذلك الأمر فى التعليم قبل الجامعى.فمهما قام رجال الاعمال ومؤسسات المجتمع المدنى المختلفة بتقديم مبادرات فلن يستطيعوا ان يقوموا بدور الدولة فالدولة لايمكن ان يستبدل دورها بجهات أخرى .”
وفيما يتعلق باقامة لجنة من قبل وزارة التربية والتعليم مؤخرا لتطوير التعليم قال عبد الحفيظ طايل :” إن هذه اللجنة التى يتم تشكيلها بها مشكلة كبيرة يجب الانتباه اليها ،فهذه اللجنة التى شكلها مؤخرا وزير التربية والتعليم تضم 7 شخصيات منهم العالم أحمد زويل ،وكذلك وزير الاوقاف وشيخ الأزهر وهو الأمر الذى يطرح مجالا للتساؤل : هل هذا اللجنة سيهيمن عليها الفكر الدينى واذا كان ذلك فلماذ لم يتم تمثيل الكنيسة بها ..”
وأوضح عبد الحفيظ طايل قائلا :” نحن ضد وجود توجه دينى سواء كان مسيحى أو اسلامى فى لجنة من المفترض انها المنوط بها تطوير مناهج دراسية وعلمية بالأساس ،فوجود شخصيات ذات مرجعية دينية قد يكون مؤشرا على انه لن يكون هناك تطوير حقيقى للمناهج التعليمية بل بالعكس قد يكون مؤشرا باننا نعود الى الخلف ولا نتطور”