تصوير / توفيق عادل
سيمفونية رائعة عزفتها القوات الجوية فى ملحمة نصر اكتوبر1973 بضربة جوية اولى مركزة فى تمام الساعة الثانية الا خمس دقائق حيث اقلعت اكثر من 212 طائرة حربية مصرية من 20 مطار و قاعدة جوية مصرية لضرب الاهداف المعادية الاسرائيلية فى عمق سيناء المحتلة و شل حركة العدو ..من هنا تحطمت الاسطورة امام نسور الجو .
.و كان ل “وطنى” لقاء موسع مع احد النسور الجوية …اللواء طيار سمير عزيز ميخائيل ..الذى خاض حروب مصر و منها حرب اليمن 1965 و حرب 1967و حرب الاستنزاف 1967 ثم حرب العزة و الكرامة حرب اكتوبر المجيد 1973 .. لقبه معاصريه من زملائة الطيارين أنة (الطيار الذى تئن منه الاشجار ) فبسبب شجاعتة الكبيرة ومهارته الفائقة فى الطيران على مسافات قريبة من الارض ,فكان يخترق الاشجار بطائرته ..
بدأ حديثه معتزا عن نشاة القوات الجوية المصرية فقال: كانت مصر رغم كونها تحت الاحتلال البريطانى حريصه على مواكبه كل جديد فى العالم . حيث بدأ بمولد هذا السلاح عندما أخذ شباب الضباط المصريين يراوضهم حلما كبيرا لأنشاء قوة جوية وطنية على غرار الجيوش الأخرى , مدعمين بطلب من البرلمان المصرى الى الحكومه منذ عام 1928 , كما طالبوا بتعلم الطيران كخطوه أولى نحو تحقيق هذا الحلم , وتجاوبا مع رغبه هؤلاء الضباط الشباب , فقد أصدرت القيادة البريطانية اعلانا عن عقد فرقه للتدريب على الطيران , وبالفعل تقدم مئة من الشباب تم انتخاب خمسه ضباط بعد اجتياز اختبارات طبية قاسية لحضور لحضور الدورة التدريبية فى احدى القواعد البريطانية فى ابو صوير وبعد التخرج من مدرسة الطيران سافروا إلى بريطانيا للتدريب المتخصص . في 30 نوفمبر قام الملك فؤاد الأول باتخاذ قرار إنشاء سلاح الجو المصري تحت اسم “القوات الجوية للجيش المصري”. وفى الوقت نفسه سمح المستعمر لمصر بعقد صفقة اشترت بموجبها أول سرب قوامه 10 طائرات من طراز (تايم ماوث) وفى عام 1932 اصبح لمصر اول سلاح طيران وطنى فى منطقه الشرق الاوسط . ويذكر ان الخمسه طيارين هم : طيار عبد المنعم الميقاتى , طيار عبد الحليم الدغيدى , طيار عبد المنعم احمد , طيار احمد ناجى , وطيار عبد الحليم خليفه .
اما عن الطائرات يواصل اللواء سمير حديثه: وافقت الحكومه البريطانية عام 1934على بيع سرب من 10 طائرات من طراز (أفرو) المجهزه بمدافع ويمكنها حمل قنابل بأوزان مقبولةٍ , وفى 14 سبتمبر 1934 تم وصول نوع أخر من الطائرات وهى الطائره (أوداكس) وكان يقود سلاح الطيران المصرى فى ذلك الحين هو المدعو “فيكتور ه .تيت” تحت أسم (قائد السرب) وقد بلغ تعداد الافراد التابعين للقوات الجويه انذاك:
27 ضابط مصرى, 3 ضباط انجليز, 415 من الفنيين , وكانت القاعده الجويه الرئيسيه هى قاعده الماظه الجويه , ثم قاعده جويه جديده فى منطقه قناه السويس ومطار الداخليه.
. و خلال الحرب العالمية الثانية قامت بريطانيا بتزويد مصر بأحدث المقاتلات من طراز الهاريكين لاستخدمها فى عمليات تحت قيادته و لصالحه .و عندما انتهت الحرب عاد المستعمر لسياسية التقشف فيما يتعلق بتطوير السلاح الجوى المصرى .
و ردا على سؤالنا لماذا يعود عيد القوات الجوية الى يوم 14 اكتوبر 1973 بدلا 30 نوفمبر ..يؤكد نسرنا الطيار لواء سمير .. لانه فى يوم 14 اكتوبر دارت اشرس و اطول معركة جوية فى التاريخ السبب أستمرت 52 دقيقة بين القوات الجوية المصرية والقوات الجوية الاسرائيلية وهى معركة “المنصورة الجوية عندما توجهت120 طائرة مقاتلة إسرائيلية في وقت واحد لضرب المطارات المصرية بدلتا النيل في المنصورة, وطنطا, والصالحية, فتصدت لها62 طائرة مقاتلة مصرية فقط.و رغم التفوق الكاسح من حيث العدد لسلاح الجو الإسرائيلي, إلا أنه انتهت المعركة بهزيمته وفرار طياريه بعد سقوط18 طائرة لهم. ولذلك أصبح يوم 14اكتوبر من كل عام هو عيد للقوات الجوية المصرية .
بمناسبة عيد القوات الجوية 41 حدثنا عن مشوارك فى سلاح الطيران فقال .. دخلت الكلية الجوية سنة 1960 وتخرجت منها سنة 1963 برتبة ملازم فى سلاح المقاتلات فى فرقة المبيع 15 ثم المبيع 17 ثم سافرت الى اليمن فى اوائل 1965 م ثم عدت لأكون اول من تم اختيارة رغم صغر سنى فى قيادة الطائرة ينج 21 وكنت الوحيد الذى استمر فيها ,ثم خدمت فى سيناء فى مطار الميلز ثم العريش وفى 5 يونيو توليت قيادة مطار فايد وهو الكائن على قناة السويس مباشره , وفى حرب الاستنزاف استطعت أسقاط 3 طائرات أسرائيلية أثنان منهم تم تدميرهم بالكامل امام عينى والثالثة قمت بضربها ولكنها سقطت ولم أتاكد فى تدميرها , واكتشفت مؤخرا أن هذه الطائرة كان يقودها (ايتان بن الياهو ) والذى أصبح قائد القوات الجوية الاسرائيلية فى عام 1990 وهذة الطائرة تم اصابتها فقط ولم تدمر .. وقد كنت سعيد جدا عندما علمت ذلك حيث انى استطعت أن اصيب قائد القوات الجوية واسقط طائرتة .
وما هو أول أشتباك حدث فى حياه اللواء سمير عزيزمع العدو ؟
كان فى ابريل 1969 فى عيد شم النسيم تم استدعائى من اجازتى والتى لم تستمر ساعات الى مطار غرب القاهره حيث كانت مهمتى هى حمايه طائراتان ” سوخوى ” سوف يقوموا بتصوير ممر متلا والمضايق وخرجت 4 طائرات لحمايه هاتان الطائرتان بقياده قائد السرب الرائد :سمير عبد الله وانا برتبه نقيب وكنت القائد الثانى , ولكن عند ارتفاع 5 كيلو ألتقط ردار العدو طائراتنا وبالفعل خرج سرب من الطائرات الاسرائيليه حوالى 8 طائرات ولكى احمى طائرات الاستطلاع من العدو قمت بمناورات مع الاسرائيلين لاشغلهم عن طائرات الاستطلاع وقمت بمناورات شديده حتى استطعت ان اجذب طائرات العدو الى منطقتنا عند القناه حتى وصلت الامدادات المصريه واصبحنا 8 طائرات امام 8 طائرات اسرائيليه وقد قمت بالتركيز على طائره ميراج للعدو وقمت بلأتجاه نحوها مباشره وبسرعه فائقه حتى ابتعدت عن سربها وفى لحظه معينه قمت بتوجيه الصاروخ الاول عليها واطلقته فاصاب الطائره اصابه مباشره فأنفجرت ثم وجهت الصاروخ الثانى ولكنه لم يصيب الطائره وحتى الان لم اعرف سبب انحراف الصاروخ , وعندما عدت الى المطار تم الاحتفال بى وكان هذا أول أشتباك مع العدو فى حياتى وتم تكريمى واعطائى نوط الجمهوريه العسكرى من الدرجه الاولى بعد هذا الانتصار
و واصل حديثه و خاض فى ذكرياته عن ملحمة اكتوبر العظيمة يواصل اللواء سمير حديثه .. قبل حرب أكتوبر كان يتم أستدعائنا فى الاجازات بشكل مستمر و فى يوم 5 يونيو 1973 تم استدعائى ولكن هذة المرة كانت مختلفة حيث أن كل الطائرات تم تسليمها والجو العام غير مطمئن وفى 5 أكتوبر قام قائد اللواء بأخطارى أنا وزملائى من الضباط والجنود بخطة الحرب وتكليف كل ضابط بمهمتة . وفى 6 أكتوبر وفى حوالى الساعة 1:55 ظهرا بدأت الضربة الجوية اللأولى وكانت مهمتى فيها هى حماية جميع الطائرات المصرية من طائرات العدو , أى عمل مظلة جوية من الاسماعيلية الى بور سعيد حيث كنت وقتها قائد وحدة قتالية رباعية واستطاعت قواتنا الجوية فى الضربة الاولى أن تضرب جميع المواقع الحيوية للعدو وأماكن الأسلحة وحتى الأحتياطية والتى فى العنق ثم ضربها وتدميرها . وبعد أنتهاء المهمه انتظرت حتى تأكدت فى عودة جميع الطائرات المصرية سالمة دون وقوع اى اصابات وتربصت لأى طائرة اسرائيلية تحاول الدخول فى مجالنا الجوى وبعدها عدت الى قاعدتى لأتلقى نباء نجاح الضربة الجوية الاولى .. والتى حققت 92% من نسبة النجاح حسب التقارير الروسية أثناء الحرب . ولذلك تم الغاء الضربة الثانية والتى كان مقرر لها أن تنفذ فى الساعة الرابعة عصرا بعد النجاح الساحق للضربة الجوية الاولى .
وما رأى سيادتكم فى قرار الرئيس الراحل انور السادات فى الاستغناء عن الروس قبل بداية الحرب ؟ الدور الوحيد الذى قام بين الروس قبل الحرب هو كتابة تقاريرعن الضباط المصريين ولم يكن لهم أى دور أخر وخاصة أن الروس لم يشتركوا فى اى حروب بعد الحرب العالمية الثانية فلم يكن لديهم خبره الحروب ولذلك فقد كان قرار الرئيس صحيح مئه بالمئه .
فى يوم 8 أكتوبر اصيبت اصابة الشديدة قاطعنا اللواء سميربقوله : كله فدا مصر..فى هذا اليوم أمرت بمهمة فى بور سعيد حيث أن هناك 4 طائرات ميراج تطلق بنيرانها وعندما اقتربنا من بورسعيد امرت التشكيل بالقاء الخزنات الاضافية تمهيدا للاشتباك وكان معى القبانى وعبد المنعم همام وصلاح ,وفوجئت أن خزانات طائرتى الثلاث لم تلقى وقد حدث لها عطل فى الدائرة الكهربائية المسؤلة عن التسليح وكان هذا مستحيل أن يحدث لطائرة ميج 17 واصبحت الطائرة ثقيلة ورأيت 4 طائرات ميراج كانت ورائى تحاول ان تضربنى بعد أن أسقطت طائرة صلاح .. واصبحت ثلاث طائرات أمام 8 طائرات للعدو .. ولكن وبعد مناورات عنيفة أستطعت ان اتجة بالطائرة الى المياه لاكتساب سرعة ,حتى وصلت على أرتفاع منخفض جدا واتجهت الى المنصورة. ولكن وبعد حوالى 4 ثوانى قلت لنفسى “هتسيب القبانى وهمام لوحدهم “فعدت اليهم لكى أساعدهم وعندما راتنى طائرات العدو اتجهوا ناحيتى واستطاع القبانى وهمام الفرار والهبوط الى المنصورة, وحاولت طائرات العدو النيل منى وخاصه ان طائرتى ثقيله فكنت بالنسبه لهم صيده سهله ولكن شعرت بشئ صدمنى بشده فى مؤخره طائرتى وبدأت الطائره تدور بلا تحكم وقبل سقوط الطائره قفزت منها ولكن شعرت بألم رهيب فى ظهرى وتم نقلى الى المستشفى للعلاج و اصيبت بشلل مؤقت فى رجلى و استمر علاجى 6 اشهر .
أكثر الموقف التى لم ينساه اللواء سمير .. قال : فى يوم 7 أكتوبر أى ثانى ايام الحرب قلت لقائد السرب الرائد : مجدى كمال ان نقلع بمظلاتنا ونكون مستعدين لأى هجوم يحدثه العدو ولكنه رفض وأكتفى بحمايه الدفاع الجوى للقوات وبالمطاطات “البالونات” التى فتحت فى المطار وفى حوالى الساعه 7:30 صباحا قامت الطائرات المعاديه بضرب المطار وفشلت فى غارتها ولكن سقطت بعض الصواريخ فى الحقول المجاوره للمطار وقد سقطت قنبله بجانب أستراحه الطيارين مباشره ,وكان الجميع قلق جدا منها حيث ان القنبله كانت فى ذلك الوقت تزن الف رطلا وعند انفجارها تحدث حفره عمقها يصل الى 8 متر , وجاء قائد السرب الرائد مجدى كمال وقال لى “تعالى معايا” فذهبت معه فى السياره ودورنا حول القنبله وقال لى القائد ان هنال امرين لا ثالث لهم: اما ان القنبله زمنيه ويمكن ان تنفجر فى اى وقت , او انه حدث بها عطل ادى الى توقفها , ثم عدنا الى المطار وهذا الموقف رفع من الروح المعنويه للجميع , وبعد فتره جاء مهندس المتفجرات وابطل القنبله وتم نزعها وابعادها من المطار…ز
رغم انتهاء وقتنا مع اللواء سميرعزيز ..لكن لا تنتهى الذكريات و المواقف فى حياة العظماء.