دائما كانت تتعالى الأصوات والهتافات المنادية بضرورة أن تحصل المرأة على حقوقها، مرة عن حقها فى التعليم وأخرى عن حقها فى العمل ومرة جديدة عن دخولها الجامعة.. وصوت جديد لأحقيتها فى المناصب العليا. ولقد أخذت الحقوق تتوالى وتتوالى حتى أصبحت المرأة المصرية متعلمة تعليم جامعي وتعمل بالمناصب العليا وتكون نائبة فى البرلمان وتخرج للمظاهرات وتعتصم فى الميادين، وتأخذ حقها القانوني إذا تحرش بها رجل. كل هذه الحقوق اكتسبتها المرأة مرة تلو الأخرى على مدار سنوات عديدة فى كفاح ضد الدولة الذكورية، والصراع الدائم بين الرجل والمرأة، ولكن هلت تصريحات الدكتورة “هدى بدران” -رئيسة الاتحاد العام لنساء مصر – مؤخرا أن الاتحاد لديه الإصرار الكامل على دعم 100 سيدة لدخول البرلمان، فلماذا الاهتمام بهذا العدد الكبير؟ فمصر تحتاج الفترة القادمة للالتفات إلى المستقبل والإهتمام بالمشاكل الكبرى كالبطالة والفساد والعشوائيات والإرهاب والغلاء والتكدس والعنوسة والكثير والكثير من المشكلات.. لقد دار في أزهاننا أسئلة عديدة، هل بالغت المرأة فى الحصول على حقوقها حتى صورت لنفسها أنها يجب أن تحصل على 100 مقعد فى البرلمان؟ ماذا سيفعلن كل هؤلاء السيدات إذا دخلن البرلمان؟ ماذا نتوقع منهن؟ هل سيخرجن بحقوق جديدة للمرأة وما هى هذه الحقوق التى تبحث عنها المرأة المصرية فى وقتنا هذا؟
كل هذه الأسئلة تم طرحها على المتخصصين فى شؤون المرأة ورجل الشارع المثقف والبسيط ربما نجد إجابة لهذه الأسئلة .
فى البداية أوضحت الدكتورة هدى بدران – رئيسة الاتحاد العام لنساء مصر أن حصول المرأة على 100 مقعد فى البرلمان سوف يكون من خلال حملة وطنية للتبرعات تستهدف جمع الأموال التى تساعد الاتحاد على تحمل جميع تكاليف حملاتهن الانتخابية، وأن أحد أهداف الحملة الوطنية التى تحمل شعار “نساء من أجل النساء” هو تلافي تكرار سيناريو وجود 10 سيدات فقط فى البرلمان، لافتة إلى أن الاتحاد بتبنيه تلك الحملة يسعى إلى تذليل العقبة الرئيسية التى تواجه الراغبات فى الترشح وخوض الانتخابات وهى تكاليف الحملة. وتهدف الحملة إلى جمع 30 مليون جنيه من جميع فئات المجتمع لدعم مائة امرأة فى خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، وأن الاتحاد بذل جهدا كبيرا خلال الشهور الماضية لدعم استحقاقي خارطة الطريق، الدستور والانتخابات الرئاسية، وأن دعمه ممتد للاستحقاق الثالث المتمثل فى الانتخابات البرلمانية وتوعية المواطنين بالتصويت لصالح المرشحات التى سيدعمهن الاتحاد.
وتعليقا على ذلك قالت سامية شنودة جرجس – عضو مجلس شورى سابقا، اشتراك المرأة بخمسين مقعدا جيد ويكفي، ففي تاريخ البرلمان كان للمرأة دور فعال، وعلينا الاهتمام بالكفاءات وليس بالأعداد، فالمطالبة بتمثيل 100 عضوة للبرلمان مبالغ فيه.
ولقد علق نبيل فهمي – وزير الخارجية السابق على حملة نساء من اجل النساء قائلا: الحملة تأتي في توقيت مناسب بعد أن شاركت المرأة المصرية بفاعلية في ثورتي 25 يناير و30 يونيو، والاستفتاء على الدستور فى يناير 2014، وإنها حملة تحمل دعوة تستحق التأييد والدعم، وأتوقع أن تشارك نساء مصر اللاتي يمثلن نصف المجتمع بقوة فى الانتخابات الرئاسية المقبلة التى ستضع مصر على الخطوات الأولى للاستقرار والتنمية. ولقد أصبح الباب مفتوح أمام المرأة للريادة في تشكيل وصنع السياسة الخارجية المصرية، حيث أثبتت عن جدارة أحقيتها فى احتلال المناصب القيادية التي تعكس الوضع المناسب الذى يحقق العدالة المطلوبة لها. ولقد طبق مبدأ المناصفة في وزارة الخارجية، حيث أن المرأة في الخارجية المصرية تتقلد المناصب القيادية، والمعيار الأكثر إنصافا لها هو الكفاءة، متطرقا إلى تطور تمثيلها في وزارة الخارجية، فالمرأة في السلك الدبلوماسي تمارس نفس الدور الإيجابي للرجل، وتشهد بذلك اختبارات وزارة الخارجية فى عملية الاختيار.
وتعارضت معه مرجريت عازر – عضو مجلس القومي للمرأة ونائبة رئيس حزب مصر الديمقراطي: إن دخول هذا العدد من النساء البرلمان القادم غير مقبول لأن البرلمان يحتاج إلي الكفاءات وليس الكم. فدخول هذا العدد الكبير من السيدات بدون خبرة ولا يمتلكن كفاءة سياسية سوف يجعلهن تفشلن في البرلمان و تتعرض للردة ولا تستطيع دخول البرلمان مرة أخري. فهذه الفترة تحتاج من النساء أن يقدمن من لديهن الخبرة والمهارة والكفاءة حتي يستطيع المجتمع أن يثق بالمرأة. فأنا أفضل أن يكون هناك 10 سيدات ذو كفاءة أفضل بكثير من 200 إمراة ليس لديها خبرة.. فلن يضفوا لدور المرأة في الحياة السياسية بل سوف يعكس بالسلب وتجعل المجتمع يعمل على تقليص دورها. هناك خلط في المفاهيم بين عمل مؤسسات المجتمع المدني والعمل البرلماني، فأصبحت السيدة التي لها نشاط اجتماعي وغير مؤهلة سياسياً تعتقد أنها تستطيع أن تفوز في الانتخابات البرلمانية بأداء جيد، ولكن هناك شروط يجب أن تتوفر في السيدة التي تتقدم للبرلمان، فيجب أن تكون على دراية بقضايا الوطن وعن الدائرة التي تمثل عنها، وعندها فكرة في قراءة القانون وأن يكون عندها الحس القانوني لكي تستطيع أن تعمل على حل مشاكل المواطنيين، وكذلك يكون لديها خبرة بالعمل داخل المجلس وعندها قدرة على حل المشاكل السياسية. والأن ما يحدث ان جميع الفئات التي كانت تحرم من ممارسة العمل السياسي بكامل حقوقها تجد في برلمان 2014 الفرصة الذهبية لذلك الكل يسعى إلى أن يحقق أكبر مكاسب من المقاعد.
ومن جانبها قالت ابتسام ابو رحاب – عضو المجلس القومي للمرأة وعضو مجلس الشعب السابق: تقدم هذا العدد من السيدات سوف تعتبر ميزة في البرلمان القادم، ولكن يجب أن يكونوا جميعهن ذو كفاءة وخبرة حتى يستطيعن العمل بالبرلمان، ولكن أنا اعتقد أن من الصعب أن ينجح هذا العدد، فمن المستحيل أن تصل المرأة إلي هذا العدد من المقاعد في البرلمان. كما أن المرأة في البرلمان لا تمثل السيدات فقط ولكنها تمثل مصر، فهي مثل الرجل ففي البرلمان السابق كان به 450 نائب رجل ولكن الأعضاء الفعالة عددهم قليل.. لذلك نحن نسعى إلي اعداد وفئات مختلفة في البرلمان تكون قيادات مدربة وعلى علم بكل قضايا الوطن.
ومن جانبها قالت سناء السعيد – عضو المجلس القومي للمرأة: جاءت دعوة دكتورة “هدي بدران” ايماناً منها بدور المرأة في المجتمع وهو أمل كل سيدات مصر، ولكن الظروف المتاحة لا تؤهل لذلك بدليل أن القوائم التي تم عملها حتى الأن عدد تمثيل السيدات فيها 56 ، حصلنا عليه بعد محاولات عديدة وهذا العدد قليل لا يتناسب مع وجود المرأة ومشاركتها في المجتمع، والتي لولا وجودها لم تنجح أي انتخابات في البلد. أما عن الانتقادات التي وجهت فينتقدون عدد تمثيل السيدات في البرلمان ، ذلك لأننا نعيش في مجتمع ذكوري إلى الأن، يرفضون وجود المرأة بالبرلمان، فالقوى المدنية ترفض ذلك رغم أنهم يستغلون قضية المرأة في الانتخابات ولكن عندما توضع في اختيار يتم اختيار الرجل.
لذلك فهم يتاجرون بقضية المرأة فقط، ايضاً هناك خلفية خطأ عند الرجل وهي أن المرأة في البرلمان تمثل السيدات وقضيتهن فقط ويغفلون أنها تكون مثلها مثل الرجل، تمثل الشعب المصري وتهتم بكل القضايا وتستطيع أن تعمل بكل المجالات. فيوجد اعداد كثيرة من الرجال بالبرلمان من يعمل منهم داخل الجلسات عدد قليل جداً، فلماذا إذاً ينتقدون المرأة ودخولها البرلمان رغم أن مشاركتها في قضايا المجتمع فعالة وتأتي بنتائج في جميع مجالات المجتمع، فالمرأة في مصر مازلت تعاني من الإقصاء والتهميش والمتاجرة بقضيتها .
كما قالت تريزة سمير – صحفية وناشطة: إن المرأة كان يجب أن تحصل على ثلث البرلمان ولكن لم ينفذ، وحاولنا مرارا أن نعمل بالكوته ولكن لم يحدث وتقرر عمل قائمة تضم الشباب والمرأة والمعاقين والأقباط فحصلت المرأة علي 56 مقعد بالانتخاب. كما انه سوف يتم تعيين 26 في البرلمان نصفهم من السيدات وبذلك يصل عدد النساء إلى 72 امرأة بالبرلمان. واعتقد أن هذا العدد كافي لتمثيل السيدات وعلى كل رؤساء الجماعات النسائية ان يعملوا على تدريب هذا العدد من النساء ليكونوا ذو كفاءة فالمهم ان يكون لديهن الخبرة والمهارة ولا نسعى إلى كثرة العدد على حساب هذه المتطلبات، فالكيف اهم من الكم.
أما عن دور المرأة في البرلمان، فهي تمثل مصر والقضايا المصرية وعلى رأسها بالطبع قضية المرأة، ولكنها تعمل وتهتم بكل المجالات كالصحة والاقتصاد وغيرها.. كما انه مثلما قامت السيدات بدور هام في الفترة السابقة من بداية ثورة 25 يناير إلى الآن فهي ايضاً تستطيع ان تقوم بدورها.. كما أن المرأة لا تصنف كفاءة بل هي بالفعل نصف المجتمع.
وبما أن البرلمان هو نبض الشارع المصرى ووصلة همز رئيسية بين الشارع والحكومة، فسألنا عدة أشخاص لا يمثلوا تيارات سياسية أو فكرية عن رأيهم فى حصول المرأة على 100 مقعد فى البرلمان القادم فيقول بيتر مجدى – محامى: المشكلة تكمن فى أن المجلس يجتمع بشكل يومي لمدة ساعات طويلة فى الظروف العادية وها نحن على مقتبل مجلس جاء بعد خراب مصر ثلاث سنوات أمنيا وسياسيا واقتصاديا.. فعليه دور كبير من حيث مراقبة الحكومة ووضع التشريعات المختلفة لإدارة البلاد مرة جديدة بطريقة منظمة وصحيحة.. فإذا تخيلنا أن هذا العدد الهائل من السيدات سوف يتركون منازلهم وأسرهم ووظائفهم ليتفرغوا تماما للمجلس فاعتقد أن الأمر شبه مستحيل مما سيؤثر بشكل سلبي على المجلس وعمله.
ويقول احمد يوسف – مهندس معمارى : إذا كان فى مصر 100 سيدة تملك الكفاءة للدخول البرلمان والتحكم فى التشريعات ومراقبة الحكومة وجميع مهام المجلس، فلماذا وجدنا 4 سيدات فقط فى الوزارة الجديدة لماذا لم نراهن 10 على الأقل.. اعتقد إذا كان يوجد كفاءات نسائية تصل إلى 30 أو40 فالتركيز عليهن للنزول الانتخابات ودخول المجلس وضمان الأداء الجيد أفضل كثيرا من التركيز العددى فقط حتى يصلن إلى 100 سيدة.
وتقول عائشة عبد الهادى – مدرسة لغة عربية : لكى تفوز 100 سيدة فى انتخابات مجلس الشعب يجب على الأقل أن تكون 200 سيدة مرشحة ومن المستحيل أن نجد هذا العدد الكبير لديه الامكانية للترشح والدعاية وخوض المؤتمرات الانتخابية.. وكيف سنضمن أن اصحاب الكفاءة العالية هن من سيفوزن.
ويختلف معهم محمد الشريف – موظف :لا أعتقد أن دخول 100 سيدة المجلس فيه مشكلة، فالسيدات نصف المجتمع ولقد اثبتوا كفاءة فى جميع الاستحقاقات الماضية فلنجعلهم يأخذوا فرصة فى البرلمان وإذا ثبت العكس فالبرلمان لا يستمر للأبد، فهي فترة وستنتهي على أي حال.