يتعرض الطلاب بالمدارس للعديد من أحداث العنف بل وبعض الانتهاكات التى قد تعرض حياتهم للخطر، وما حدث مع الطفل بباوي فرج الله الطالب بالصف الرابع الابتدائي، الذى تم جلده 40 مرة داخل الفصل المدرسي من قبل مدرس اللغة العربية مؤخرا، يعد مثالا صارخا للانتهاكات ضد الطلاب ،بل وتعد جريمة تمثل تطور نوعي فى شكل العنف ضد الطلاب داخل المدارس الذى يرقى لمرتبه الجريمة ويجب ان يعاقب المدرس جنائيا على ارتكابها .
ففي السنوات القليلة الماضية وجدنا انتهاكات صارخه بحق الطلاب وخاصة الصغار فى المدارس الابتدائى، فمنهم من تعرض للخطر نتيجة الأبنية التعليمية المتهالكة التى تعرض حياة أطفالنا للخطر والتى تصل إلى حد القتل واغتيال براءة أطفالنا، فكم من مرة سمعنا عن سور مدرسة أو لوح زجاجي أو باب المدرسة يحصد أرواح الأطفال، ذلك إلى جانب الأستغلال الجنسى للأطفال من قبل القائمين على العملية التعليمية، وايضا اتباع منهج العقاب البدنى ( الضرب) الذى يصل إلى التعذيب كنوع من العقاب للأطفال والذى تتوافر بدائل اخرى معروفة لدى الجميع لحل مشكلات التعليم بعيدا عن العقاب البدني.
فى البداية قال فرج فرج الله والد الطالب بباوي فرج الذى يدرس بالصف الرابع بمدرسة القباء الحديثة بالنزهة 2 أن واقعة جلد نجله ترجع إلى يوم الأربعاء 21 أكتوبر أثناء قيام مدرس اللغة العربية ويدعى “محمد ربيع” بشرح الدرس على السبورة بالفصل وطلب من الطلبة نقل الكلمات من على السبورة وإلتزام الصمت وإلتزم جميع الطلبة بذلك. وأضاف: “نجلى الطالب بيباوى طلب من زميله الذي يجلس أمامه أن يخفض رأسه لكى يرى السبورة فقام المدرس بإغلاق باب الفصل وجلده أربعون جلده عن طريق سلك كهربائى وكانت الضربة التى لاتأتى فى جسده لاتحتسب، وطلب الطلبه الموجودين فى الفصل من المدرس أن يكف الضرب عن بباوى ولكنه هددهم بعدم التدخل وإلا سيفعل بهم كما يفعل بزميلهم.”
وتابع والد بباوى: “عندما شاهدت نجلى غارقاً فى دماءه وفى حالة شبه إغماء قمت بإصطحابه الى المدرسة ولكن اليوم الدراسى كان قد إنتهى فأخذت من العمال المتواجدين بالمدرسة عنوان مديرة المدرسة وذهبت اليها فى منزلها وتفاجئت المديرة بشكل نجلى المجلود وقالت لى ” تعالا لى بكرة نروح نعمل شكوى فى الإدارة التعليمية ” فتركتها وتوجهت الى نقطة شرطة الحرفيين وقمت بتحرير محضر وتم عمل كشف طبىي على نجلي في مستشفى السلام بالحرفيين، وفوجىء الأطباء هناك بالحالة التى عليها الطالب من الضرب حيث أثر الضرب على الكلى والعظام ، وأوضح : تم تحويل المحضر إلى قسم شرطة دار السلام ولم يذهب نجلى إلى المدرسة، وفوجئت بالطلبة فى المدرسة يوم الأحد الماضى 25 أكتوبر يقولون لى أن مدرس اللغة العربية مازال فى المدرسة فقمت على الفور بالإتصال تليفونياً بمديرة المدرسة وسألتها ” كيف لمدرس يقوم بضرب نجلى كل هذا الضرب وتتركيه فى المدرسة ” فقالت لى ” دى تعليمات من الوزير أنه لايفصل” .
وأشار الوالد: “أعمل حارس عقار وأريد الجميع أن يشاهد مافعله المدرس بنجلي حتى يصل صوتى للمسئولين ويتم معاقبة المدرس على ماقام به من جرم تجاه نجلى.”
التقرير الطبى
ألتقط اطراف الحديث بولا سمير محامى الطالب الذى تم جلده موضحاً : “تم تحرير محضر بالواقعة برقم 24059 إدارى قسم شرطة دار السلام فى 21 أكتوبر الجارى وقام قسم الشرطة بإرسال المحضر الى النيابة ولم نعلم حتى الأن هل وصل التقرير الطبي إلى النيابة أم لا”. لافتاً: “أنهم ينتظرون تحديد جلسة لنظر القضية.”
وأضاف سمير: “أن تقرير الطب الشرعي الخاص بجلد الطالب بباوي والذى صدر من مستشفى السلام بالحرفيين ذكر أن هناك آثار بالضرب على الظهر والكتفين والرجلين بعصا أو بسوط (كرباج) وأحدث إصابات”، مؤكداً أن التقرير جاء فى مجمله جيد ولكنه لم يذكر كل الإصابات الموجودة فى الطالب .
.
وأوضح المحامى: “دستور 2014 كفل التعليم للكافة سواء الغني والفقير على السواء ولم ينص على أن التعليم يتم بالعذاب كما حدث للطالب الذى تم جلده خاصة وأنه لايوجد أى فعل قام به الطالب لرد الفعل الذى تم ممارسته ضده من ضرب.”
تدخل الوزير
وصف محمد منيب المحامى ورئيس المركز الأفريقى للديمقراطية وحقوق الإنسان ماحدث للطالب: “بأنها جريمة جنائية بكل تأكيد بالإضافة الى أنها جريمة يعاقب عليها قانون الطفل فإذا كان مقبولاً الضرب فى المدارس لسبب أو لآخر من زوايا تعليمية معينة فإن الجلد الذى تم على الطالب للأسباب التى قيلت فهو جريمة”. وتسائل: “أين الوزير الذى كان لابد أن يتدخل من الوهلة الأولى.”
وأستطرد منيب: “أولاً يجب إحالة المدرس إلى النيابة العامة ومحاكمته محاكمة سريعة ومعاقبته بالسجن، وعلى الوزير أن يأمر بالنظر فى المدرسة والقائمين عليها حتى لايتكرر الأمر، وطالب والد الطالب بأن يتقدم بشكوى رسمية لمدير الإدارة التعليمية حتى لاتكون هناك حجه لمسئول لم يقوم بدوره.” وقال: “أن قانون الخدمة المدنية الجديد مستثنى منه 17 فئة وشريحة منهم المدرسين ولذلك فمعاقبة قانون الخدمة المدنية للمدرس بعيدة كل البعد.”
تأهيل المعلمين ضرورة
الدكتور كمال مغيث – الخبير التربوى بمركز البحوث التربوية – يقول: “من الناحية القانونية ما حدث يعد جريمة، فلقد شاهدت صور الطالب الضحية وهناك علامات على ظهره وعلى كل جسمه من آثار الجلد، وبالرغم من ذلك للأسف وزارة التربية والتعليم لم توقف المدرس عن العمل. واعتقد ان اسباب ما حدث ترجع الى ان هناك حالة عنف عامه فى المجتمع المصري، وحاله عدم احترام للقانون وغيبة للقانون، حالة استهتار بالقانون والإجراءات، فضلا عنان ماحدث يعد تعبير عن شكل من التخلف الاجتماعى والاقتصادى الذى يبيح ضرب الكبير للصغير.
كذلك الضغوط النفسية والاقتصاديه على المدرسين ،وهى تلعب دورا اساسيا .
بالاضافة الى ان الاعداد النفسى والتربوى للمعلمين غير كاف على الاطلاق .”
يضيف الدكتور كمال مغيث ويقول: “كلية التربية عليها ألا تكتفى ببعض المواد الاكاديمية بل يجب ان يكون هناك تدريبات وتأهيل نفسى ،وكورسات قبل العمل بالمدارس خاصة للمعلمين فى مرحلة الإبتدائى. ويجب ان يكون هناك مقاييس للإتزان الإنفعالى والنفسي قبل أن يلتحق المدرسين بالعمل. بالإضافة إلى أنه فى حالة وقوع مثل هذه الجرائم الوزارة تضع قواعد باستبعاد المدرسين الذين يقدموا بأعمال عنف من العمل وتحويله لأعمال إدارية .”
كما يشير تقرير الائتلاف المصرى لحقوق الطفل- الصادر فى أغسطس 2015 حول الانتهاكات التى يتعرض لها الطلاب فى المدارس – بعنوان :”معا لخلق بيئة تعليمية صديقة لحقوق الطفل ” أكد من خلال رصد المؤسسة اليومي لمتابعة سير العملية التعليمية العام الدراسى المنصرم على أن هناك العديد من الإنتهاكات الخاصة بقضية العنف فى المدارس – والمقصود به هنا العنف الواقع على الأطفال من قبل القائمين على العملية التعليمية وكذلك العنف الواقع على القائمين على العملية التعليمية من الأطفال أو من أهالى هؤلاء الأطفال وأيضا العنف بين الأطفال – وتتراوح تلك الإنتهاكات بين تعرض الأطفال للخطر نتيجة الأبنية التعليمية المتهالكة، والتى تعرض حياة أطفالنا للخطر والتى تصل إلى حد القتل وإغتيال براءة أطفالنا، فكم من مرة سمعنا عن سور مدرسة أو لوح زجاجي أو باب المدرسة يحصد أرواح الأطفال إلى جانب الأستغلال الجنسي للأطفال من قبل القائمين على العملية التعليمية وأيضا اتباع منهج العقاب البدنى ( الضرب) الذى يصل إلى التعذيب كنوع من العقاب للأطفال، والذى تتوافر بدائل أخرى معروفة لدى الجميع لحل مشكلات التعليم بعيدا عن العقاب البدنى للأطفال كإعادة لوحة الشرف وتكريم الطالب المثالى وغيرها من الأساليب التى تحفز الطلاب وتخلف بينهم جو من التنافس الأيجابى وتبعدهم عن العقاب البدنى …. ولا نغفل الجانب الطبى وعدم اتخاذ الأجراءات الطبية الوقائية ضد الأمراض الموسمية التى تنتشر بين الأطفال بسرعة البرق نظرا للكثافة الطلابية المرتفعة بالفصول وخاصة بالمدارس الحكومية التقصير الأمنى فكل يوم تطالعنا الأخبار عن تفكيك العبوات الناسفة او وغير ها من االأنتهاكات …
كشف طبي نفسي
الدكتور على السيد سليمان – أستاذ علم النفس الإرشادي والصحة النفسية بكلية الدراسات العليا للتربية بجامعة القاهرة – يقول : “إن العنف المفرط الذى قام به هذا المدرس يجعله لايصلح لمهنه التدريس، ونطالب وزارة التربية والتعليم بوضع بشروط معينه وتوقيع كشف طبى ونفسى قبل قبولهم بالعمل كمعلمين. والتأكد من أنهم لا يعانوا من عصاب نفسى .. وإذا اجتاز المتقدمون للعمل الكشف الطبي والنفسي فقط يستطيع أن يصبح معلم، لأنه لو استمر هذا الوضع فنجد فى مرحلة الإعدادي والثانوي نجد الطالب يبدأ يدافع عن نفسه، ونعيد انتاج العنف مرة اخرى داخل المجتمع.”
ويؤكد الدكتور علي السيد سليمان على أنه: ” ليس كل من تخرج فى كلية التربية يصلح معلما، فلقد كان من قبل هناك اختبارات نفسيه للطلاب قبل الالتحاق بكلية التربية، اختبارات “مقياس الاتجاهات نحو مهنه معلم “،ولكننا بالجامعة الآن و نتيجة الأعباء وزيادة الأعداد لم نعد نقوم باجراء اختبارات واصبح حسب التنسيق فقط. ولم يصبح هناك اختبارات قبل الالتحاق بالكلية، مع أنه أمر ضروري، بل ومن المفترض أن تكون هناك اختبارات أخرى قبل الالتحاق بالعمل فى المدارس، ويحدد بناءا عليه يصلح للعمل أم لا فى المدارس فهى تربية وتعليم، فإذا كان الشخص غير مؤهل تربويا فكيف يعمل فى العملية التعليمية ولايستطيع العمل مع الطلاب فى المدارس. فإذا كنا نريد اصلاح التعليم فى مصر علينا أن نفعل ما سبق أن أشرنا إليه .فنحن نحتاج نوع من الرقابة التعليمية والتربوية على المدارس كلها بالمراحل المختلفة ،طول ما احنا ليس لدينا ذلك سيكون العاملين غير مؤهلين .”
مدارس حاضنه للعنف
الدكتور عبد الحفيظ طايل – مدير مركز الحق فى التعليم – يقول :
” بدايه فنحن لدينا مشكلة اساسية فى العنف ” مدارس حاضنه للعنف ” بدايه من النظام والشكل الادارى داخل المؤسسات التعليمية ،فهناك عنف اادارى يمارس على المدرسين يتم اعادة انتاجه على الأطفال سواء فى شكل عنف لفظى أو بدنى.
وبطبيعة الحال عندما تنتشر أشكال العنف المختلفة سيظهر لدينا أنماط شاذة لممارسة العنف، والتى تشكل جريمة …فهناك جريمة تعذيب كالجلد لطالب أو ضربه ضربا مبرحا يجعله يفقد أحد حواسه، فكل هذه الاشياء تعد جرائم وليس مجرد عنف مثلها فى ذلك مثل التحرش الجنسى بالمدارس أو طالب يضرب اخر بسلاح ابيض ،فهذه الاشياء جريمة تحتاج الى تحقيق جنائى لانها جريمة تعذيب بالفعل من قبل شخص لديه سلطة ” المدرس ” ولايكفى التحقيق الادارى مع مرتكب مثل هذه الجرائم”.
ويضيف عبد الحفيظ طايل ويقول :” ان ما يحدث من جرائم وعنف داخل المدارس هو نتاج طبيعى لكل ممارسات العنف فى التعليم …فطالما هناك فصول مكدسه وأجور متدنيه للمعلمين ،و الدولة تنسحب من دورها فى كفالة الحق فى التعليم ،و
لا يوجد ملاعب او ممارسة انشطة رياضية او فنية داخل المدارس ،…الخ
سنجد من الحين للأخر مدرسة تقص شعر بنات ،و مدرس يضرب طالب ويقتله ، وللاسف لا تنظر وزارة التربية والتعليم حتى الان بنظرة اهتمام لهذا الملف الخطير ،فالوزارة حتى هذه اللحظة لاتسعى لدراسة اسباب الظاهرة بشكل حقيقى لايجاد حلول ، وكأنها ترى ان تعليم الفقراء والتعليم بالمدارس الحكومية بشكل عام عبء على الدولة ولا تستطيع تحمله “.
للتعذيب تأثيره المدمر
ويستطرد طايل ويقول :” ان واقعه مثل الجلد لا تشكل جريمة تعذيب للطفل الذى تعرض للواقعه فقط ،لكنها ايضا رسالة تهديد لباقى الطلاب زملائه .فالعنف البدنى له اثار نفسية مدمره على المدى القصير والبعيد ايضا ، ولايوجد اخصائيين نفسيين يستطيعوا بالمدارس علاج وتأهيل هؤلاء الأطفال الذين تعرضوا للعنف والتعذيب .
وتكون النتيجة انه اما الطفل يصبح ناقم على مجتمعه باكمله ، او حينما يمتلك القوة والقدرة يحاول أن يعيد ماتم معه من عنف وجرائم أن يمارسه مع من هو أضعف منه .
بالاضافة الى تأثير سلبى للغايه على التحصيل الدراسى ونفسيه الطفل ،ولذلك من الضرورى ان يتم إعادة تاهيل له ،ويساعد فى الخروج من هذه الازمة بشكل كبير أن يتأكد الطفل الضحية بانه اخذ حقه وذلك بمحاسبة من ارتكب جريمة التعذيب فى حقه اداريا وجنائيا .حيث ان هذا المعلم مريض وليس مدرس ،قام بجريمة تعذيب ومكانه الطبيعى هو السجن .فلننتظر ماذا ستفعل وزارة التربية والتعليم .؟!! .”
التعذير دون الحد
وعن الأربعون جلده الذى قام مدرس اللغة العربية بجلدهم للطالب قال سامح عيد الباحث فى شئون الحركات الإسلامية : الجلد له أبعاد فقهية فى الدين الإسلامى ويسمى التعزير دون الحد بمعنى الجلد أقل من مئة جلده ، ومدرسين اللغة العربية جميعهم خريجى دار العلوم أو الأزهر ودرسوا مادة الفقه وجميعهم متأثر بالفقه القديم كعقلية والتى تعتبر أن الحاكم وولى الأمر له الحق فى عقوبات بدنية على من يعصيه وتكون العقوبات دون الحد .
وأكمل عيد : إستخدام العقوبات البدنية لابد أن تتوقف وعلى وزير التربية والتعليم أن يتدخل فهى ليست الحالة الأولى وليس الحادث فردياً فهناك كثير من المشاكل المماثلة فى مناطق مختلفة ولكن أصحابها لايستطيعون الذهاب الى الإعلام لإثارتها ، ولذلك لابد من لائحة عقوبات توقع على المدرسين الذين يقومون بمثل هذه الأفعال أولها إبعاد المدرس عن التدريس ونقله الى أعمال إدارية وفى حالة أن مدير المدرسة لم يطبق لائحة العقوبات على المدرس الذى يقوم بذلك توقع عقوبة على مدير المدرسة ، بالإضافة الى ضرورة أن يكون هناك لائحة عقوبات أيضاً على الطلبة الذين هم خرجوا عن السيطرة .
وفيما يلى ارقام ملف العنف فى المدارس خلال العام الدراسى المنصرم :-