خاب من ظن ان عزيمة الدولة المصرية يمكن ان تنكسر بتلقيها الطعنات بين الحين و الآخر كما حدث مؤخرا باستهداف دور العبادة و تفجير الكنيسة البطرسية التى راح ضحيتها 28 شهيدا و اصابة 49 آخرين من الابرياء المدنيين على يد ارهاب اسود غاشم يخالف كافة الاعراف و المعانى الانسانية و التعاليم الدينية و الاخلاقية ، وبالرغم من بشاعة الحادث الإرهابى إلا انه يزيد الشعب المصرى اصرارا على استكمال مسيرة التقدم مهما كان الثمن ، لإدراكه المغزى الحقيقى وراء تلك الضربات و استهدافه لتحطيم اركان الدولة المصرية من خلال اشعال و اثارة فتنة طائفية مغرضة، و توظيف المسألة من منظور طائفى بكونه ” اضطهاد للاقباط “، فى محاولة لتقليب اقباط مصر على الدولة ، و من ثم تقسيم المجتمع و تفككه تنفيذا لمخطط الجماعات الارهابية المتشددة فى اسقاط الدولة المصرية و لكن دون جدوى .. فالجميع يراهن على ذكاء الاقباط فى فهم الرسالة الموجهة رغم مرارة الغدر مدركين ان الدم المصرى لا يفرق بين المسلم و المسيحى , فالكل واحد و ان جميعنا ندفع ضريبة و ثمن بقاء الوطن دون تقسيمه أو تفتيته ،و التكاتف معا لمحاربة الارهاب و التطرف .
للوقوف على طبيعة المخطط ، وتعمد استهداف دور العبادة لاسيما الكنائس و لاى مدى يمكنه ان يحدث وقيعة بين ابناء الوطن الواحد , و لمعرفة لماذا الاقباط تحديدا مع الجيش و الشرطة أكثر فئات مستهدفة ؟ و متى تنتهى حربنا مع الارهاب الغاشم ؟ و ماذا عن رؤية الغرب لما يلاقونه اقباط مصر على يد الجماعات الارهابية المتشددة ؟ كان لوطنى هذا التحقيق …
محاولة للوقيعة
علق محمد أبو حامد – وكيل لجنة التضامن بمجلس النواب ان حادث تفجير كنيسة البطرسية يستهدف الوطن بشكل واضح و لم يعد هناك مجالا لاضطهاد الاقباط , ففكرة الاضطهاد غير واردة على الاطلاق بكونها عملية ارهابية سياسية و ليست طائفية من خلال الضغط على الدولة المصرية و تفكيك المجتمع المصرى باحداث وقيعة بين ابناء شعبه حتى يتعامل معها الاقباط باعتبارها فتنة لتحدث اضطرابات شعبية تستهدف تقسيم المجتمع و تفتيته لنجد انفسنا فى حالة اشبه بما هو عليه داخل بعض دول المنطقة و لكن نحمد الله ان شعبنا واعى لما يخطط له و ما يدبر له لاسيما و ان الكنيسة المصرية واعية ولديها ادراك و حس وطنى مباشر تستطيع ان تفرز و تميز ما بين الاحداث التى ضدها و ما بين التى تنتصف لها , و لعل جاء تصريح قداسة البابا تاوضروس عقب عودته من اليونان يصف الحادث بانه عملية تستهدف الوطن دليلا واضحا على قراءة المشهد الحالى بحكم كونه رجل من رجال الدولة الكبار و لديه من الادراك ما يجعله يحلل الظروف التى تمر بها البلد , و هو ما اشار اليه ايضا فى كلمته اثناء صلاة الجناز و هنا تأتى حكمة الكنيسة فى الحفاظ على الامن القومى لمصر . كما أكد الرئيس السيسى خلال كلمته فى الجنازة الرسمية بكونها عملية تستهدف الدولة المصرية و ليس الاقباط تحديدا .. و الدليل ما حدث يوم الجمعه قبل الماضى باستهداف كمين أمنى بجوار مسجد السلام فى الهرم ايضا الحال مع العمليات الارهابية التى تتم داخل سيناء بين الحين و الآخر ليسقط عدد من ابنائنا من القوات المسلحة و بالتالى فهى عملية سياسية مثلما تم استهداف النائب العام هشام بركات و استهداف القضاه و منهم اغتيال قضاه اثناء الانتخابات و اغتيالهم فى سيناء و غيرها من العمليات الارهابية السياسية التى تستهدف ترويع الشعب المصرى و احداث وقيعة بين ابنائه و تفكيكه , و ربما يرتكبون عمليات ارهابية فهناك ايضا ممارسات لاحداث ضغوط اقتصادية بهدف تجويع الشعب ايضا ضغوط امنية لترويع الشعب و تخويفه .
كراهية الاقباط .. مسئولية من ؟
اكدت سحر الجعارة – الكاتبة الصحفية ان استهداف دور العبادة لم يكن اضطهادا بقدر ما هو عمل ارهابى اجرامى فقط مجرد محاولة لتقليب الاقباط على الدولة و من ثم ضرب للدولة بمحاولة اثارة الفتنة الطائفية التى هدأت داخل البلاد ما بين اقباط مصر مسيحيها و مسلميها ،و لكن الشعب المصرى اصبح واعى لمثل تلك المحاولات المغرضة و الاقباط انفسهم اصبح لديهم من الذكاء ما يمكنهم ادراك الرسالة ما اذا كانت اضطهاد أم استهداف للدولة و الدليل ما حدث من الاعتداء على بعض الاعلاميين امام الكاتدرائية ليتكرر سيناريو ماسبيرو ثانية بوجود عناصر مندسة تعمل على اثارة العنف لاثارة الوقيعة و الفتنة و تصوير الامر بان الاقباط هم من يقومون بالاعتداء على الاعلاميين على غير الحقيقة , فمن المتعارف عليه ان الديانة المسيحية هى ثقافة التسامح و ليس العنف .
اشارت الجعارة الى ان الاقباط قادرون على فرز و تحليل الاحداث المحيطة و معرفة ما كان ذلك الحادث طائفى أم استهداف للدولة , و لعل مواقف سيادة الرئيس السيسى تجاه اقباط مصر تشهد انهم يحظوا باهتمام غير مسبوق من اهتمامه بالمشاركة لتهنئتهم بالعيد داخل الكاتدرائية و وعده و تنفيذه بترميم كافة الكنائس التى تعرضت للحرق و التدمير عقب فض اعتصام رابعة مرورا بما فعله اثناء واقعة استشهاد 21 شهيد بليبيا على ايدى داعش و اخيرا اعلان حالة الحداد على ارواح شهداء البطرسية ثلاث ايام فضلا عن اصراره على اقامة جنازة رسمية للشهداء و حرصه على مشاركته بالحضور لتكريم هؤلاء و غيرها من المواقف التى تؤكد مدى غلاوة المسيحيين داخل وطنهم و محاولات التخفيف عنهم باعتبارهم شركاء هذا الوطن و من منطلق هذا نجد ان رصيد ثقة و حب المصريين و لاسيما الاقباط لدى الرئيس ” لن يهتز ” رغم الاحداث المؤسفة و نحن جميعا شاهدنا موقف السيدة المكلومة التى تحدثت لكاميرا احدى القنوات التليفزيونية ” باننا عاوزين السيسى ” و هذه رسالة واضحة لاعداء الوطن بان المغزى معلوم وراء الحادث و اننا جميعا سنقف يدا واحدة ضد الارهاب .
اضافت الجعارة ان بشاعة واقعة تفجير كنيسة البطرسية مرتبطة باستهداف الكنائس لاكثر من مرة داخل مصر فى توقيتات حرجة بكوننا بصدد الاحتفال بالاعياد الدينية, و لعل جاء الحادث المؤلم بالتزامن مع استهداف كمين امنى بجانب مسجد السلام فى الهرم يوم الجمعه قبل الماضى بما ينم عن منحنى خطير باستهداف دور العبادة من قبل الجماعات الارهابية و ربما ما اعلنه سيادة الرئيس السيسى اثناء مشاركته فى الجنازة الرسمية لشهداء البطرسية بقيام شاب يبلغ من العمر 22 سنة بتفجير نفسه داخل الكنيسة بحزام ناسف لم يكن على الاطلاق تغير تقنى أو تكتيكى فى اداء الجماعات الارهابية بقدر ما هو مؤشر مرعب لدينا بغياب شعورنا بالامان .
القت الجعارة الضوء , ان ما يعنينى ليس الحادث فى حد ذاته رغم بشاعته و قسوته و ألمى بشأن السيدات والاطفال الذين استشهدوا بقدر ما الذى وصل بنا الحال ليصبح شاب لديه 22 عاما انتحاريا , و لعلى اجد عمليات تكفير الاقباط مستمرا فى وسائل الاعلام و فى الانترنت و داخل بعض دور العبادة ، للاسف هذا ما وصلنا اليه نتيجة لمناخ التعصب القائم و ليس التقصير الامني فقط خاصة و ان الامن بالفعل بيحقق نجاحات كبيرة و الكل يشهد كما انه ليس من المعقول ان تحمى القوات المسلحة كافة المنشآت الحيوية داخل مصر بجانب محاربة الارهاب داخل سيناء .
الواقع يؤكد ان هناك مناخ متخبط، فتظهر بعض الفتاوي من أشخاص مثل ياسر برهامي تكفر من يهنئ الأقباط في أعيادهم وعلى صعيد أخر نجد وزارة الأوقاف تعطي لنفس الشخص التصريح بالخطابة داخل المساجد! ،لذلك بقدر ما ادين هذا الحادث الا اننى اشعر بالقسوة المرعبة بكوننا وصلنا لمرحلة المناخ المتطرف الذى هو اشد خطرا بتنشئة اجيال متطرفة لنصبح فعليا نخرج كتائب ارهابين و هنا لابد ان يتوقف مسلسل التفريخ و النزيف المستمر للعقول المصرية لدى الشباب المصرى , و لعله نزيف لن يوقفه الا وقف عجلات التطرف و التعصب الدينى التى تدهسنا جميعا .
ثأر ضد الاقباط
ذكر ايهاب رمزى – عضو مجلس النواب السابق : ما يحدث بمثابة ضرب للدولة من خلال الانتقام من الاقباط , فالواقع العملى يؤكد ان هناك ثأر بين الاقباط و بين الجماعات المتشددة و طوال الوقت هناك محاولات مستميتة للنيل منهم و الدليل تكرار المشهد أكثر من مرة و التاريخ الحديث للاقباط داخل مصر يشهد بذلك بدء من كنيسة القديسين و احداث نجع حمادى مرورا باحداث كنيسة الوراق و حرق كم هائل من الكنائس عقب فض اعتصام رابعة و اخيرا تفجير كنيسة البطرسية .. هذا المسلسل البغيض لمذابح الاقباط فى مصر ينم عن ان تهديدات الجماعات فوق رؤوس الاقباط فى اى وقت , فعامل الوقت له مغزى كما شهدنا من قبل تفجير كنيسة القديسين فى رأس السنة و احداث نجع حمادى فى العيد و غيرها و كأنها رسائل للاقباط هدفها خلق حالة من الرعب لدى الاقباط و ترويعهم بمثل تلك الافعال
و بسؤاله لماذا وضع الاقباط تحديدا مع الجيش و الشرطة ليصبحوا الفئات الاكثر استهدافا لضرب الوطن من خلالهم , حدثنا رمزى انه مخطط يستهدف الدعامات الاساسية للدولة المصرية و الواقع يشهد ان الجيش , الشرطة , الكنيسة المصرية , الازهر , القضاء هم دعامات اساسية للدولة المصرية و للحفاظ على الدولة الوطنية المصرية و ربما هنا الكنيسة على وجه التحديد بكون هناك رهان من قبل الجماعات المتشددة لاحداث حرب اهلية من الداخل بمحاولة اثارة غضب الاقباط طوال الوقت تارة بالتجرأ على مبنى الكاتدرائية و الاعتداء عليه بالطوب خلال حكم الاخوان و تارة اخرى بتهيج الرأى العام اثناء احداث ماسبيرو الى جانب تعمد حرق كم هائل من الكنائس عقب فض اعتصام رابعة وغيرها من المحاولات المغرضة و لكن دون جدوى , و لا نغفل الدور الواضح و المباشر الذى لعبته الكنيسة المصرية خلال ثورة 30 يونيه و مشاركة المواطن المسيحى فى الاستحقاقات الانتخابية و الدستورية و هو ما يثير حفيظة اعداء الوطن لأنهم ينتصرون لصالح الدولة المصرية الوطنية . فضلا عن اعتقاد تلك الجماعات بان الاقباط لهم دور مهم فى ثورة 30 يونيه و من ثم فهم السبب الرئيسى فى خلع الرئيس مرسى و سقوط دولة الاخوان هذا بخلاف الفكر الدينى المتشدد .
أكد رمزى ان حرب الارهاب التى تتعرض لها بلادنا , امرا طبيعيا فلسنا بمعزل عما يحدث داخل دول المنطقة من مخططات لاعادة تقسيمها و تفكيها ذاتيا مثلما حدث فى سوريا و العراق و من ثم يفترض ان يصبح لدينا قناعة بان هناك حالة حرب ستظل مستمرة لفترة و علينا ان نبقى فى حالة يقظة لنهضة المجتمع و ان قمع الارهاب لن يتأتى الا من خلال محاربة الفكر و الحد من الانتماءات لمن يسهل استقطابهم باسم الدين من خلال تصحيح الفكر المغلوط حتى يفقد الارهاب طاقته البشرية المستخدمة فى تلك الاحداث .
حرب استنزاف
ذكر د . سعد الدين ابراهيم – استاذ علم الاجتماع السياسى و رئيس مركز ابن خلدون للدراسات الانمائية : فى اعتقادى ان جماعة الاخوان المسلمين وراء الحادث لصعوبة قيام فرد واحد بالتخطيط لعملية بهذا الحجم و من ثم استخدامه ل 12 كيلو متفجرات و دخوله للكنيسة و بالتحديد الى القسم المخصص للنساء , فكل هذا يحتاج الى تخطيط محكم و ليس لشخص حديث السن كما دلتنا المعلومات عن شخصية ذلك الارهابى . و السؤال لماذا اختارت الجماعة هذا الهدف فى مثل ذلك التوقيت , لعله من المتعارف عليه اننا على ابواب اعياد الكريسماس و الميلاد المجيد اما عن اختيار تلك الكنيسة بكونها قريبة من المقر البابوى كنوع من تحقيق اكبر قدر من الدعاية
أكد د . ابراهيم ان الحادث اظهر معدن الشعب المصرى بمسلميه و اقباطه فى وحدته لمواجهة تلك النكبة بحكمة لتفويت الفرصة على من يريد احداث فتنة باستهداف الكنيسة القبطية ،ومن المهم ادراك ان جماعة الاخوان ضالعون فيما يسمونه بحرب الاستنزاف بكونهم لا يستطعون مواجهة الدولة المصرية مواجهة مباشرة لذا يلجأون الى حرب الاستنزاف باختياراهداف مدنية و من ثم تنيفذ تلك الاهداف على امل ان الاستنزاف البطىء يؤدى الى وقيعة بين الجيش و النظام و باقية الشعب .
و عن رؤية الغرب لما يحدث تجاه اقباط مصر , اوضح د . ابراهيم ان الغرب منزعج للغاية جراء العملية الارهابية التى تمارس على كيان الدولة المصرية و على الاقباط كجزء من ذلك الكيان و لعل برقيات العزاء التى بعثها كافة القادة الغربين الامريكيين و الاوربين الى جانب الدول العربية و الاسلامية تدل على ان هناك تعاطف شديد و ادانة قوية لهذا الفعل الارهابى الجبان .