يدخل البحث العلمي في الاهتمامات الاولي لدي الشعوب المتقدمة لأدراكهم بأهميته للمجتمع والاقتصاد ، لذلك لم تقم الدول الاوربية بتنمية البحث العلمي في دولتهم فقط ، بل يعملون علي جلب العلماء من جميع الدول أي ان كانت جنسيته ، ويعد المصريين من أكثر الفئات الموجودة بالخارج يعملون بجميع التخصصات العلمية ، وعدم اهتمام مصر بالبحث العلمي وجعله شئ روتيني تسبب في ركود الابحاث العلمية وعدم القدرة علي الاستفادة منها وهجرة الكثير من علمائنا للخارج بحثاً عن تدعيم ابحاثهم وابداعتهم .
الركود البحث العلمي منذ 60 عام
في البداية قال هاني الناظر رئيس المركز القومي للبحوث السابق : يوجد فى امريكا وكندا حوالى 16 الف عالم مصرى وحوالى 17 الف في اوربا وجنوب شرق اسيا حتي دولة اليابان وهذا يعني أن العدد الاجمالي للعلماء المصريين الموجودين بالخارج يصل الي حوالي 35 الف عالم في جميع البلاد الاوربية وهذا العدد يمثل العلماء الذين يعملوا في مركز البحوث او رؤساء الجامعات أي في المناصب العلمية حيث لا يتم تعداد العمال المصريين بالخارج الذين يعملون بوظائف الطب او الهندسة لأنهم لا يعملون في مجال البحث العلمي .
ويعمل العلماء في جميع التخصصات الفيزيائية والكيميائية كما انه لا يوجد مجالات نادرة لان معظم التخصصات المتواجدة بالدول الاوربية متواجدة بمصر الأن ، وذلك نظراً لسهولة الاتصال مما جعل العالم .
أما فيما يخص بهروب العلماء من مصر الي الدول الاوربية له كثير من الاسباب من ركود البحث العلمي طوال ال 60 سنة الماضية وقلة الامكانيات والاجهزة التي تساعد الباحث في بحثه ، ففي الدول الاوربية تقدم الدعم الكافي للباحث من كافة احتياجاته المادية ، فهذا يجعل الشباب الباحثين يهاجرون للخارج لما يجدوه من مناخ جيد ورواتب مناسبة ، وذلك لانهم يحققون مكاسب اقتصادية بأبحاثهم التي تقدر بالمليارات في مختلف دول اوربا واسيا وامريكا .
فحقق اختراع ” الفيمتو ” لأحمد زويل الكثير من المكاسب فهو عبارة عن جهاز ميكروسكوب يقوم بتصوير أشعة الليزر في زمن مقداره فمتوثانية وهكذا يمكن رؤية الجزيئات أثناء التفاعلات الكيميائية، فأخترع زويل كاميرا لتحليل الطيف تعمل بسرعة الفمتو ثانية “جزء من مليون مليار جزء من الثانية ليدرس التفاعلات الكيميائية باستخدامها، وتتمكّن الكاميرا من مراقبة حركة الذرات داخل الجزيئات أثناء التفاعل الكيميائي عن طريق تقنية الليزر السريع، حيث أدت أبحاثه إلى اختراع ما يسمى بكيمياء الفمتو ثانية واستخدام آلات التصوير الفائقة السرعة لمراقبة التفاعلات الكيميائية بسرعة الفمتو ثانية.
ولكن الأن بعد تولي السيسي رئاسة الجهورية واعلن اهتمامه بالبحث العلمي انا متفائل جداً لذلك حيث تم تخصيص 1 % من ميزانية الناتج القومي وذلك ما جاء في دستور 2014 الذي نص علي أن الدولة تتحمل نافقات البحث العلمي بالكامل ، فهي عباره عن بداية جيده لذلك وميزانية البحث العلمي في يوليو القادم سوف تكون 1% من الميزانية .
فإذا رأو العلماء المصريين ارادة سياسية من الدولة اتجاه البحث العلمي وتقدماً ملحوظ سوف يكون دافع لهم حتي يعملون من اجل البلد . كما أنه يوجد بمصر 130 الف عالم وجميعهم يعملون بالأبحاث والاختراعات ولكن لم تفعل دورهم فيجب ان تعمل الدولة علي تنفيذ تطوير البحث العلمي .
كما قال” الناظر ” عن براءة الاختراع : هناك فرق بينها وبين تسجيل الاختراع ، التسجيل هو اثبات الفكرة ولكن البراءة تجعله يستطيع ان يعرضها علي الشركات للبيع ، المركز القومي للبحوث يسجل في السنة 100 براءة اختراع .
وقال المهندس علي ربيع نائب رئيس النقابة العامة لأتحاد المصريين بالخارج : يوجد الكثير من العلماء المصريين الذين قدموا الكثير في مجال التنكولوجيا والطب وغيرها من الابحاث العلمية في الدول الاوربية ومعظمهم غير معروفين داخل مصر لبعدهم عنها وعدم اهتمام الاعلام المصري بهم ، منهم علي سبيل المثال ” ، الدكتور محمد عبده يعمل مدير لمركز علم وتكنولوجيا الاندماج النووي، ورئيس لمجلس بحوث الطاقة في الولايات المتحدة.، مجدي بيومي يعمل مدير مركز الدراسات المتقدمة في علوم الكومبيوتر في الولايات المتحدة سابقًا ورئيس قسم الحاسب الآلي بجامعة لويزيانا بالولايات المتحد ، و مصطفى السيد يعمل في مجال النانو تكنولوجي وقام بالتدريس في العديد من الجامعات المرموقة في الولايات المتحدة، مثل ييل وهارفارد ومعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، ومعهد جورجيا للتكنولوجيا.
بالأضافة الى الدكتور سمير بانوب الذي ساهم في وضع البرنامج الصحي للرئيس الأمريكي باراك أوباما، وأحد مستشاريه للرعاية الصحية، كما شارك أيضًا في وضع خطط للتنمية الصحية في 71 دولة عربية وأوروبية منها” سوريا، والكويت، وليبيا، والسودان، وروسيا واليونان ” ، وشريف لصفتي الذي يعمل أستاذ بجامعة واسيدا اليابانية ، والدكتور محمد ذهنى فراج أستاذ زراعة القلب المفتوح وزميل كلية الجراحين الملكية بإنجلترا ، ومستشار جراحة القلب بمستشفى ويستمنستر الجامعي بلندن. الذى أبتكر وسادة طبية تحمل اسمه وتستخدم لتبريد عضلة القلب أثناء الجراحة ، كما استطاع أن يقلل من زمن عملية نقل الصمامات وترقيعها .
اسباب هجرة علماء مصر للخارج
قال الدكتور عبد الله سرور مؤسس نقابة علماء مصر : البحث العلمي والتعليم لم يهتم به منذ اكثر من ثلث قرن ، فالمتميز علمياُ لا يكون صدارة الاهتمام من قبل الدولة او الاعلام ، فالباحثين محبوسين داخل معاملهم بالجامعات ، المعامل التي لا يوجد بها اجهزة تسهل علي الطالب العمل ،والمرجود منها لا يصلح ويحتاج الي صيانة ، ايضا ً الميزانية الضئيلة التي لا يستطيع باحث في الدنيا القيام بعمله بمثل هذه المبالغ فكل ما يخصص للبحث العلمي يصرف في الرواتب والاجوار والبدلات والمتبقي للبحث نفسة وذلك علي سبيل المثال في كلية الصيدلة يصرف الميزانية بالكامل علي مستلزمات الكلية من رواتب وغيرها ويتبقي 500 جنيه للباحثين ويوجد في القسم 500 طالب اي يحصل الباحث علي نفاقات بحثة وهي 10 جنيه .
بجانب أنه لا يوجد معامل بحث للطلبة الخريجين يمارسون فيها ابحاثهم حتي يستفيد المجتمع منها ، فلم يوجد غير مراكز الابحاث الحكومية والتي يدخل إليها يجب أن يكون معين من قبل الحكومة اي انه قام بعمل الماجستير والدكتورة الي ان يؤهل للتعيين بها .
أما عن تخصيص نسبة 1% من ناتج القومي فذلك سوف يطبق بعد 3 سنوات ، والي الأن لم ينفذ شئ فعلي ، لدينا مشكلة وهي عدم استخدام الطاقات البشرية التي تستطيع أن تبني البلد بعلمها فمثلاً لدينا الكثير من الامراض منتشرة وايضا نمتلك كليات طب كثيرة تخرج دفعات من الطلبة ولم نستفيد منهم والامر كذلك في جميع المجالات .
كل هذه الامور تجعل العلماء يهاجرون الي الدول الاوربية ، التي تحتضن العلم والعلماء وتوفر لهم كل مستلزمات الابحاث التي يحتاجها ، فنجد الكثير من العلماء المصريين معينين عمداء كليات في كندا والولايات المتحدة والتي لم نعرف منهم غير القليل المشهورين بالنسبة لنا مثل احمد زويل ومصطفي السيد وهاني عازر.
وعن إيجاد حلول لمشاكل البحث العلمي تحدثت دكتور فينيس كامل جودة وزير البحث العلمي سابقاً : البحث العلمي في مصر عبارة عن ابحاث علمية فقط يتم نشرها في الصحف ثم يكون النتيجة وضعه في الدرج بلا فائدة ، فلا يوجد ربط بين البحث العلمي والصناعة ومحاولة استخدامه في خدمة الشعب والدولة والاقتصاد وحل مشكلها ، كما يحدث في البلاد الاوربية والعربية المتقدمة ، فيكون البحث العلمي هناك قائم علي اساس حل مشاكل البلد ويوجه لذلك ، فتعطي الدولة تواجهاتها بعمل الابحاث المطلوبة لحل مشاكلها التي تعاني منها ، ومن هنا يثمر البحث العلمي بنتائج صناعية واقتصادية علي البلد وعلي مستوي العلماء والباحثين ، مما يجعل العلماء المصريين يبحثون عن فرص افضل بالخارج ، فأنا شخصياً عملت في ” مركز الكويت للإبحاث العلمية ” في اعارة لمدة 6 سنوات كنت اعمل بدرجة استاذ هناك ن واحصل علي راتب 10 اضعاف راتبي وانا في منصب وزيرة البحث العلمي بمصر ، كما انهم يعطون امتيازات لنا مثل اعطائنا جميع الخدمات مجانا ً مثل ، سكن في حي راقي و الخدمة الطبية ودخول المدارس او جامعات لأولاد الباحث مجاناً ، واعطاء تذاكر سفر درجة اولي مجانا ً ، وهذا بالطبع حسب درجة الباحث هناك تختلف الامتيازات التي يحصل عليها ، اذكر اثنين من العلماء المصريين هاجرا الي هناك ولم يعود لمصر من وقتها وهو دكتور حمدي شلبي كان يقوم بأعداد المجستير كان يعمل بمركز بحوث البناء وجائت له فرصة لبعثة في الكويت ، فعمل هناك ولم يعود لمصر ، حيث أنه متخصص في تأكل مواد البناء ، والثاني الدكتور وديد ابو حلقة وهو كان من أحد تلاميذي وكان يعمل في مركز البحوث ، ثم سعي هو للسفر للخارج بحثاً عن فرصة افضل ، بالفعل سافر علي حسابة الشخصي الي امريكا وعمل في شركات هناك في مجال تأكل المنشأت الهندسية .
أضافت ” كامل ” ، أن نسبة 1% التي خصصتها الدولة لميزانية البحث العلمي من الناتج القومي للبلد حسب الدستور الجديد يعد تطوراً مبدائياً في البحث العلمي وسوف يتم انفاق هذه النسبة علي الابحاث فقط ، ولكنها لم تجعلنا نصل الي درجة التقدم التي وصل لها الدول الاوربية والعربية المتقدمة ، فالاجهزة والادوات التكنولوجية التي يحتاجها البحث العلمي المتطور تحتاج لمليارات ، ولكن لكي يتم الاستفادة من هذه النسبة ووضع البحث العلمي علي طريقه الصحيح يجب أن تضع الدولة سياسة واضحة للبحث العلمي ومتطلبتها وتبدأ في استخدمها لحل مشاكلها حتي يطور البحث العلمي تدريجيا ً ليصل الي انه يمول من أرباحه التي ينتجها .
كما أن عملية ربط الجامعات البحثية بجامعات اوربية لم يعد حلاً لمشاكل البحث العلمي وانما هي طريقة فاشلة ، فمركزالبحوث قام بعمل مشاركة مع العديد من الدول الاوربية وامريكا وكل ذلك عبارة عن بروتوكولات لم ينفذ منها علي ارض الواقع شئ ، ايضاً مدينة زويل نفسها لم نري منها مشاريع علي ارض الواقع حتي الان ، ما قام به عبارة عن برتوكولات فقط ، الحل هو أن تضع الدولة البحث العلمي في اولويتها ، وتقوم بأعداد خطة لتطوره بالتدريج .