” إنّ الأشياء التي تؤمّن لنا دخول السماء هي أعمال المحبة والكرم التي يجب أن يمتلئ وجودنا بها. هل نعرف كم تقدم بسمة محبة إلى مريض؟ هكذا نعلن من خلال بسمتنا كم أنّ الله سامحنا إذا أحببنا مرضانا وساعدنا الفقراء. إنّه بذلك يغفر لنا جميع خطايانا”..هذه هي كلمات الأم تريزا لأجل المحبة والفقراء والتي كرست لأجلها حياتها حتى أصبحت رمزاً للسلام عندما نالت جائزة نوبل للسلام في عام 1979م واليوم بعد 19عاماً من رحيلها اعترف بها الفاتيكان قديسة في ساحة البازيليك مع حضور حاشد جاء خصيصاً لأجل الاحتفال برمز من رموز الإنسانية القديسة تريزا.
لم يكن اسمها الأصلى “تريزا” ولكنه هو اسمها الذي حملته بعد رهبتها حيث كانت تدعى في مرحلة ما قبل الرهبنة “أغيس غونكزا” وولدت في 26 أغسطس من عام1910 وبدأت حياتها الرهبانية في مدرسة اليسوعيين في يوغسلافيا حتى اتخذت اسم الأخت “تريزا” بعام 1928م في ايرلندا.
في عام 1948 كانت لخدمتها شكل مختلف حيث خلعت زي الرهبنة فقط لأجل العناية بالأطفال المهملين وعلى أثر ذلك لبست الساري الهندي القطني بلونه الأبيض والخط الأرزق وبعدها بعامين أسست جمعية راهبات المحبة والتي كرست خدمتها فقط لأجل الأطفال المشردين وكبار السن
لم تهتم الأم تريزا بالمال يومًا ما فقد عرفت برفضها للمال والتبرعات المالية حيث كانت تصر على المساعدة والمشاركة الشخصية.
في كلكوتا تلك المدينة الهندية حولت الأم تريزا جزءا من معبد كالي (إلهة الموت والدمار عند الهندوس) إلى منزل لرعاية المصابين بأمراض غير قابلة للشفاء والعناية بهم في أيامهم الأخيرة لكي يموتوا بكرامة، للشعور بالعطف بعد معاناة الرفض من مجتمعهم، وتوالت بعد ذلك المؤسسات التي أنشأتها الأم تريزا، فأقامت “القلب النقي” وهو منزل للمرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة كما أسست “مدينة السلام” وهي مجموعة من المنازل الصغيرة لإيواء المنبوذين من المصابين بأمراض معدية
ثم أنشأت أول مأوى للأيتام. وبازدياد المنتسبات إلى رهبنة “الإرسالية الخيرية”، راحت الأم تريزا تنشئ مئات البيوت المماثلة في بلاد الهند لرعاية الفقراء ومسح جروحاتهم وتخفيف آلامهم، والأهم من كل ذلك لجعلهم يشعرون بأنهم محبوبون ومحترمون كبشر. وقد اختارت الأم تريزا لرهبنتها ثوبا بسيطا هو عبارة عن ساري أبيض اللون ذي إطار أزرق مع شارة الصليب على الكتف الأيسر، لكي يصير بإمكان المحتاجين معرفة الراهبات.
كانت مهمة الرهبنة، كما حددتها الأم تريزا لدى تلقيها جائزة نوبل للسلام عام 1979 هي العناية بالجائعين والعراة والمشردين والعاجزين والعميان والمنبوذين. كل هؤلاء البشر الذين يشعرون بأنهم غير مرغوب فيهم أو محرومون من العناية والمحبة. أولئك الذين يعتبرهم أفراد المجتمع عبئا عليهم فيتجنبونهم
فى عام 1965 م منحها البابا بولس الثاني الإذن بالتوسع والعمل في كافة أنحاء العالم، لكي لاتقتصر خدمتها فقط على دولة “الهند”
رحلت رمز الإنسانية القديسة تريزا عن عالمنا في يوم5سبتمبر بعام 1997 ليكون اليوم ذكرى رحيلها الخالدة بعد 19 عاماً مازالت الإنسانية تتذكر جميع أعمال المحبة التي كرست حياتها لأجلها حتى وقتنا الحالي .