فى البداية أشار اللواء طلعت مُسلم الخبير الإستراتيجى والأمنى إلى موقع جزيرتى “ثيران” و”صنافير” من الناحية الإستراتيجية والجغرافية بالنسبة لمصر وللمنطقة ، فقال : إن الجزيرتين يشتركان فى أنهما يتحكمان فى المدخل الجنوبى لخليج العقبة ومن ثم الملاحة البحرية المارة منه ، حيث تنشئ الجزيرتان ثلاث ممرات تحكم هذا المدخل المهم والحيوى لخليج العقبة ، لكن واحداً منهم فقط وهو مضيق “ثيران” الصالح للملاحة البحرية الدولية والذى يقع بين ساحل سيناء وجزيرة “ثيران” ، موضحاً أن “ثيران” و”صنافير” وهما عبارة عن جزيرتين ذات طبيعة جبلية صخرية ليس فيهما أى مظاهر للحياة ولا أى غُرس أو نبات ، وكل احتياجات القوات هناك سواء القوات متعددة الجنسيات لحفظ السلام أو القوات المصرية القائمة على حماية وتأمين الجزيرتين تأتى من خارجهما ، مؤكداً على حتمية سيطرة مصر على الجزيرتين منذ سنة 1950 ضد أى قوة مُعادية بالتنسيق مع السعودية حينٍذاك ، وبالتالى كان لأبد وأن يكون لنا وجود عليهما ، ورغم ذلك استولت اسرائيل على هاتين الجزيرتن مرة أثناء حرب 1956 ثم مرة أخرى فى 1967 إلى أن تم توقيع معاهدة السلام فى” كامب ديفيد ” عام 1979 ، والتى نصت على تواجد قوات دولية أو متعددة الجنسيات خاصة على جزيرة ” ثيران ” ، واضاف : إن كل احتياجات هذه القوات المتمركزة هناك تذهب إليهم بالطائرات الهيليكوبتر ، مؤكداً أنه مع توقيع معاهدة السلام مع اسرائيل لم تعد هناك نفس القيمة الإستراتيجية للجزيرتين التى كانت من قبل ، منوهاً أنه أثناء أزمة 67 فقط قيل أن “ثيران” و”صنافير” ملكيتان مصريتان لكن ذلك لم يصدر فى هيئة وثيقة رسمية .
وأوضح الخبير الإستراتيجى والأمنى أنه لم يكون هناك أى سريان للإتفاقية فيما يتعلق بالجزيرتين إلا بعد عرضها على الهيئة التشريعية الًمُمثلة فى مجلس النواب المصرى ، وبقد إقرارها تصبح سارية المفعول ، منوهاً أن معاهدة السلام عُرضت للإستفتاء الشعبى عليها .
وبسئوال “وطنى” لـ اللواء طلعت مُسلم عن وجود أى مقابل مادى قد تكون تلقته مصر نظير قيامها بتأمين الجزيرتين طوال السنوات الماضية ، أكد أن مصر لم تتقاضى أى مقابل مادى نظير ذلك ، ولم يكن هناك أى مجال للحديث عن وجود أى تمويل نظير نفقات التأمين والحماية .. أما فيما يتعلق بتأثير مسالة ترسيم الحدود بين مصر والسعودية وما يتبع ذلك بالنسبة للجزيرتين على اسرائيل ، أوضح أن ذلك يستلزم التنسيق مع اسرائيل خاصة من طرف السعودى ، فقد تلزم اسرائيل الجانب السعودى بمعاهدة السلام المُوقعة مع مصر وبالتالى حرية الملاحة الإسرائيلية فى خليج العقبة ، ول يُستبعد أن تطلب اسرائيل من السعودية مقابل مادى خاصة فى حالة بناء الجسر البرى ، فقد تحاول اسرائيل الإستفادة من الوضع الجديد ، منوهاً إلى وجود محاولات للتواصل والمشاورات بين السعودية واسرائيل لكننا لا نعلم بأى تفاصيل تخص ذلك .
ليس هناك ما يلزم للتسرع
من ناحية اخرى أوضح اللواء الدكتور نبيل فؤاد أستاذ العلوم الإستراتيجية أن أهمية جزيرتين “ثيران” و”صنافير” تكمُن أهميتهما الإستراتيجية فى كونهم المدخل لخليج العقبة والذى يقع فيه أيضاً ميناء إيلات الإسرائيلى ، ورغم احتلال الجزيرتين من جانب اسرائيل أثناء حرب 73 إلا أن مصر استطاع غلق خلج العقبة والتحكم فيه عن بُعد من خلال مضيق باب المندب بالتعاون مع الدول العربية خاصة اليمن .. وبالتالى فإن أهمية الجزيرتين تزداد فى حالة تجدد أى صراعات مستقبلاً .
وأضاف أستاذ العلوم الإستراتيجية قائلاً : ما يدور الآن من رأى ورأى أخر يحتاج من جانب النظام أو السلطة تشكيل لجنة خبراء سياسية وقضائية و جغرافية لدراسة الموضوع دون أى تعجل ، حيث أن توقيع الإتفاقية إلى الآن هو بالأحرف الأولى وهذا لا يعنى مطلقاً أن الإتفاقية نهائية ،إذ يتطلب الأمر موافقة برلمانين البلدين معاً ، فإذ صدق على الإتفاقية جانب واحد فقط لا تكون قيد السريان ، مؤكداً أن الأمر لا يحتاج اتخاذ أى قرارات عاجلة بخصوص الجزيرتين خاصة وأن اتفاقية السلام مع اسرائيل سارية وليس هناك ما يلزم للتسرع .. وأضاف : أما على الجانب المصرى الرافض لهذه الإتفاقية ، فقد تكون له أعزاره نظراً لأن كثيرين عاشوا سنوات طويلة وهو يعلمون أن هذين الجزيرتين هو ملك لمصر ، وبالتالى فقد يكون الإعلان عن تسليم الجزيرتين حدث بشكل مُفاجئ للرأى العام ، وليس فى التوقيت المناسب، لذلك نطالب بالدراسة المتآنية من كافة الجوانب الحالية والمستقبلية على أن يتم تقديم الحلول والبدائل المختلفة .
من ناحية أخرى أشاراللواء الدكتور نبيل فؤاد، إلى أن اسرائيل سوف لا ترفض الجسر البرى المزمع إنشاءه بين مصر و السعودية ، إذ إنه طبقاً لإتفاقية السلام فيحق للسفن الإسرائيل العبور والملاحة طالما أننا فى حالة سلام ، موضحاً أن الجسر أو “الكوبرى” المزمع إنشاءه سوف يأخذ فى حسبانه الإرتفاعات المطلوبة لعبور السفن العملاقة والحديثة منها ، مؤكداً أن مرور السفن يكون من الممر المقابل لمصر نظراً لأنه الأكثر عمقاً .
ضمن الحدود الإقليمية المصرية
بينما قال الدكتور محمد نور فرحات أستاذ القانون الدستورى بجامعة الزقازيق أنه لأول مرة تصدر الحكومة قرار بحق دولة اخرى فى قضايا متنازع عليها ، مثل جزيرتى “ثيران” و”صنافير” ، مؤكداً أن الجزيرتين هما ضمن الحدود الإقليمية المصرية تاريخياً ، ومنذ اتفاقية ترسيم الحدود بين الدولة العثمانية ومصر 1906 قبل قيام السعودية . وأضاف “فرحات” أن غتفاقية السلام بين مصر والسعودية تضع الجزيرتين صمن المنطقة ج الخاضعة للمياه الإقليمية لمصر .
3 جوالات عام 2015
من جانبه قال السفير جمال بيومى مساعد وزير الخارجية الأسبق إن توقيع اتفاق لترسيم الحدود البحرية تأتى أهميته للإستفادة من المنطقة الاقتصادية الخاصة لكل من مصر والسعودية وأشار إلى أن الإتفاق الخاص بالجزيرتين جاء بعد 6 سنوات انعقدت خلالها 3 جوالات عام 2015 ، أعقبها توقيع اتفاقية فى 3 يونيه لترسيم الحدود بين مصر والسعودية ، وأوضح “بيومى” أن هذه الإتفاقية تم إعتمادها من قبل الأمم المتحدة وذلك على خلفية القرار الجمهورى عام 1990 لتحديد الممر الإقليمى والمنطقة الاقتصادية ، مشيراً إلى أن اتفاقية ترسيم الحدود لم تشمل الجزيرتين ” ثيران” وصنافير” ضمن المياه الإقليمية لمصر .
وأكد مساعد وزير الخارجية الأسبق أن ما يحدث حالياً في الشارع المصري يُحدث بلبلة بين عامة الناس ، بأن هناك تفرط من قبل الدولة فى حقوقها الجغرافية ، وهذا قد يحدث نوعاً من الإنشقاق داخل المجتمع المصري .