كذب المنجمون ولو صدفوا
على الرغم أن مصر تعد ضمن الدول المتدينة إلا أنها من الدول الأولى التي يؤمن شعبها بالتنجيم والطالع (وشوشة الودع) والأبراج وقراءة الفنجان والكف والسحر والشعوذة.. بالإضافة إلى خروج الجان وغيرها من الخرافات التي تسيطر على عقول الكثيرين.
السحر:
سيطر السحر على المصريين القدماء كسيطرة العقائد الدينية نفسها، فكانوا يستعينون به في شئونهم الدينية والدنيوية معاً، كما كانوا يستعينون به في مختلف أحوال حياتهم. وقد مارس السحرة جميع أنواع السحر بمختلف صوره التي عرفها العالم القديم أو المتداول منها، حتى الآن ابتداء من الطقوس السحرية والروحانية والرقى وسحر التمائم، كما مارسوا تحضير الأرواح بجانب ما اشتهروا به من الربط بين الفلك والسحر والتنجيم وقراءة الطالع.
ومن معتقدات السحر عند القدماء المصريين أن لكل آدمي قريناً من الجن يلازمه في الحياه ويتبعه في الموت، وهي نفس الفكرة التي لازالت مستقرة في الوجدان الشعبي حتى يومنا هذا.. ويسمى باللغة المصرية القديمة ( كا) و كان يرمز له بذراعين مرفوعين، فالدنيا وفقاً لعقيدتهم مليئة بقوى الأرواح المؤثرة و يجب على الإنسان اتقاء ما يخشاه فيها من مختلف أنواع الشر ما استطاع نفسه – أي بقوة إيمانه ومناعته أو بمعونة الغير في المقاومة ومطاردة ما هدده أو يحل به.
وتركز السحر في المعابد و اعتبر علماً من علوم الكهنوت الذي تخصص فيه الكهنة وحدهم في ذلك الوقت، كما أن الكثير من الطقوس الدينية ارتبطت بالسحر وتعاليمه وتداخل السحر والدين معاً في كتب الموتى وعلاقة الآلهة القديمة بالبشر. بعبارة أخرى كان السحر عند المصريين القدماء مجرد دين تطبيقي كما كان يشتغل كبار رجال، ومازال هذا الاعتقاد في قدرة بعض رجال الدين على استخدام السحر لتحقيق المأرب حتى الآن و كانت نظرة الشعب إلى السحرة كنظرتهم إلى رجال الدين لأن كلاً منهما يمثل قوة خارقة.
فالسحر وعناصره وطقوسه تعتمد على هبات ثلاثة وهبت للساحر، القوة الخارقة في كيفية استخدامها – سواء في التعاويذ أو الرقى والأحجبة والطقوس وغيرهما مما عرف من طرق خرافية للإقناع.
ولم يكن السحر فى حد ذاته مكروهاً في مصر القديمة مادام يستعمل لأغراض طبية كشفاء الأمراض و دفع شر العين الشريرة التي كان الناس يخشون أضرارها. والحق إن الساحر الذي كان يستطيع دفع شرها كان محبوباً من الشعب، وعلى النقيض من ذلك كان أشرار السحرة يجلبون المرض والموت لأعدائهم بتعذيبهم وقتلهم في صورهم أو تماثيلهم.
ولقد كان للسحرة مركز مميز ومكانة خاصة في كل من الدولة القديمة وخلال الأسرات الثانية والثامنة عشر وتقلد بعض السحرة المعروفين أعلى مناصب الدولة وأصبحوا مستشارين لفرعون وأعضاء في مجلس الحكماء. ولم يقتصر على السحرة من الرجال فقط بل كان لبعض النساء كما أن بعضهن حملن لقب «عرافة المعبد» ولقد دخل التاريخ أسماء الكثيرات منهن أمثال ميليت وانهاى.
و الجدير بالذكر أن المصريون القدماء عرفوا نوعين من السحر، سحر مشروع وأخر ممنوع ومخالف للقانون. وقد اعتقدوا أنه بواسطة السحر المخالف يمكن تنظيم الحياة والآخرة، ويمكنهم بواسطته أيضاً الحصول على ما يرغبون وأن يخضعوا القوى الطبيعية لهم. وكان السحر المشروع يستهدف وقاية الناس من الأخطار التي تهددهم كالحيوانات المفترسة والأمراض كما تسلح المصريون القدماء بالتعاويذ والتمائم التي كانت تؤدي بصحبة طقوس دقيقة.
ونقل يهود مصر السحر عن قبطها ومازالوا يعملون به ويتفننون في اساليبه، وقد نقلوه إلى بلاد العرب من سوريا وبابل وفارس وغيرها..
وشوشة الودع:
هو أسلوب للتنجيم.. عرف في مصر منذ القدم واشتهر وجوده في الموالد والمناطق الشعبية التي سهل عليها تصديق مثل هذه الخرافات. وكانت تتمثل في امرأة تدور في الموالد والشوارع تنادي بصوتها «ابين زين واضرب الودع وأشوف البخت»، فهذه الشخصية تضرب الودع – نوع من أصداف البحر – و تضرب الحصى.. بزعم الإخبار عن الغيب.
قراءة الكف والفنجان:
لم يختلف كثير عن وشوشة الودع، لكن يختلف في الأداه المستخدمة، فهنا يستخدم العراف زعمه بأنه يقرأ الغيب والمستقبل من خلال النظر إلى خطوط المنقوشة في اليد أو الأشكال الوهمية التي تتكون وتظهر في فنجان القهوة، ويدعى إنها من خلال هذا قراءة المستقبل والغيب.
الأبراج:
هي تلك النجوم الموجودة في السماء، و التي شكلّها العلماء على أساس أبراج فلكية كـ( الحمل، الثور، الجوزاء، السرطان، الأسد، العذراء، الميزان، العقرب، القوس، الجدي، الدلو، الحوت)، وكل برج من هذه الأبراج لديه صفات ومعاني خاصة وحسب الفلكيين تطلعنا على نوعية شخصية الفرد من خلالها وتتنبأ له بالخفايا المستقبل القريب والبعيد وإلى غير ذلك من الأمور الفلكية.
وارتبط الكثير بظاهرة متابعة الأبراج، كون الإنسان بطبيعته يميل إلى حب معرفة ما يجهل، وخصوصاً فيما يتعلق بمستقبله.
والخطورة تكمن في أن اعتياد الناس على هذه الأمور قد يصل بهم إلى درجة الهوس المشابهة للإدمان الذي يتطور ويتفاقم يوماً بعد يوم.
* أمريكا الأولى في التنجيم ومصر الأولى في التهويل
الهوس بقراءة الطالع ليس قاصرا علي العالم العربي فقط كما يشاع، وإنما يمتد هذا الهوس ليطال دول الغرب أيضا، وطبقاً لإحصاءات رسمية صادرة عن منظمة اليونسكو، تحتل أمريكا المركز الأول في الإهتمام بالتنجيم تليها فرنسا وانجلترا، وكشفت الإحصاءات الرسمية الصادرة عن منظمة اليونسكو أن هناك 500 مليون كتاب توزع كل عام – على المستوى العالمي – من كتب السحر والتنجيم وقراءة الطالع، أما مصر فقد عرفت السحر والشعوذة منذ الفراعنة..
* صفحات مواقع التواصل تشتعل بحكاوي الشر وأخرى تتاجر بالسحر الأسود
تمتلك صفحات وجروبات مواقع التواصل الإجتماعي حكاوي تشيب لها الأبدان، وصفحات أخرى تتاجر بالسحر، وتقول صفحة «الشعوذة والسحر الأسود»، السحر الأسود أو السحر المظلم هو شكل من أشكال الشعوذة التي تعتمد على القوى الحاقدة والسحر يمكن التذرع به وللإيذاء وأيضآَ ليسبب سوء حظ أو التدمير، أو لتحقيق مكاسب شخصية دون النظر إلى الآثار الضارة للآخرين.
ودعت الصفحة مشتركيها لمن يريد فعل شيء من السحر لمصلحته يمكن له أن يرسل رسالة لمدير الصفحة وهو يرتب معه كم يتقاضى وماذا سوف يفعل.
تعدد الأفلام والمسميات منذ صناعة السينما تناولت السحر والشعوذة والخرافات وكان بطلها الشيطان دائمآَ وإذا كان الفيلم مصري تأكد أن الشيطان لا ينتصر فيها وإذا كان الفيلم أجنبى فسوف أفلام “هوليوود” يمكنك رؤية تصور صناع السينما للشيطان في هذه الأفلام، تجد أفلام ينتصر فيها الشيطان في الأخر أو سوف تجد أن الشيطان يمكنه التعايش مع الإنسان على الأرض.
* دكتورة علم اجتماع: الإعلام لديه سفينة بها توربيد تستطيع أن تقف أمام هذا الجهل وتخترق عقل الإنسان
قالت الدكتورة سامية خضر صالح – أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، لـ «وطنى»، لابد أن نسأل أنفسنا متى يتجه الناس إلى الشعوذة والأمور فوق الطبيعية وغير المرئية، والإجابة ستكون عندما يكون الإنسان أمام شئ صعب أو مشكلة لا يجد لها حل، مثل أم لديها إبن معاق أو بنت كبر بها السن ولم تتزوج أو زوجة لم تنجب أو تنجب ولم تنجب بنت أو ولد.
واشارت «خضر» أن الإنسان عندما يقع في أزمة – وغالبا غير المثقف، يلجأ لهذه الخرافات إيمانا منه أنها سوف تحقق ما يريده. موضحة أيضا أن الإعلام يروج لناس تقول المستقبل وتثبتها وتسحب الناس البسطاء إلى مستقبل لا يعلمه أحد فينزلقون ورائهم ويقولون (ما هو التليفزيون بيقول أهو) وتحدث مشاكل عديدة لهذا السبب.
وأكدت، أن الأديان جميعها تحث لأشياء غير مرئية مثل الإيمان بالحسد وهو موجود في آيات بالقرأن ولكن ليس مطلوب أن نتعامل معها، ولكن يلجأ الناس لتقاليد عمياء لحماية أنفسهم قد توقع بهم في مشاكل أكبر.
وتابعت، الإعلام سفينة بها توربيد وهي القوة الناعمة التي تستطيع أن تقف أمام هذا الجهل وله قدرة تستطيع اختراق عقل الإنسان لجعله أكثر تميزا وأكثر وعيا. ويجب أيضا على رجال الدين أن يكونوا أكثر وعيا في النصيحة والإرشاد، وذلك لوجود رجال دين كثيرون يفتون بلا وعي عن تلك الأمور.
وأوضحت «خضر» أن أمريكا واستراليا وفرنسا تاريخ حضارتهم أقل من مصر بكثير ولكنهم استطاعوا أن يقضوا على أفكار الخرافات بنسبة كبيرة، مشيرة أنها عاشت في فرنسا وهناك توجد توعية وتحذير فى كل مكان عبر جميع الوسائل العامة والمواصلات والإعلام، وهناك معامل فكرية مستمرة وليس هذا يعني أنهم ملائكة، ولكن التوعية المستمرة لا تسمح لوجود الخرافات، وعلى سبيل المثال تجد طفلك في المدرسة يرسله لوالده يقوله له خرج ابنك فى الويك أند ومرة أخرى يقولك لا تحرم الشمس عن ولادك.
كما أكدت «خضر» السلاح الوحيد القادر على القضاء على الخرافات في مصر هو التعليم والإعلام، فلابد من تغيير التوجه الإعلامي لكي يصبح جزء مؤثر في تحسين أسلوب التفكير المصري وعدم الأخذ بالخرافات.
* الشباب البعض مؤيد والأخر يتسلى
قال بسام أحمد، إن تأييد هذه الخرافات والأبراج والسحر جاء نتيجة فشل الأديان في تفسير أشياء تحدث مثل السحر والجان وغيره، مشيرا إن الشخص وهو طفل كان يشاهد قصص السحر والجن فى أفلام الكارتون ولم يكن متوقع أنها حقيقية.
وأوضح حسن أحمد، أنه من هواة قراءة الأبراج ويؤمن بها وقال «قراءة الأبراج قد يكون لها عواقب وخيمة ولكنني أصدقها، حيث يستوعب عقلك الباطن ما تقرأ ثم يكوّن قناعة لديه بشيء غير حقيقي..
وقالت علا أسامة، الأبراج وبعض الخرافات بها حاجات صحيحة وتتحقق وهذا يعطي تحفيز للإنسان للأمام.
*رجال الدين المتهم البرئ في الخرافات
قال الشيخ عبدالله احمد – احد الشيوخ المشهورين فى علاج المس بالسحر، إن السحر مذكور في القرآن ونؤمن به، مشيرا إنه كلما عالجت الروح يرتاح الجسد، والروح كلما اشقيتها زاد التشتت في التفكير أو تشعرك أنك ضائع في الحياة وكلما عالجت الروح تستقر عندك وتعطيك ولا تأخذ منك..
وأوضح، تختلف اﻷحلام حسب نوع السحر ومثلا رؤية الثعابين والقطط – سواء كانت خيالات أو في المنام تختلف عن رؤية في الأحلام وهذا في أشد الحالات حين يتمكن السحر في منطقة الدماغ رؤية خيالات أو صور على الحائط أو الأرض أو السقف والشخص الذى يرى الخيالات هذه يميل إلى الوحدة أو اللجوء إلى تعاطي الحبوب النفسية ويسمع أصوات غريبة كصوت الهواء أوالرياح المتحركة.. وأشار، يجب التفريق بين الرؤيا و الحلم فالرؤيا من اللهِ والحلم من الشيطانِ.
* القمص مكاري يونان: الغير مؤمن مملوك للشيطان
فيما اشتهر القمص مكاري يونان – كاهن الكنيسة المرقسية بـ«كلوت بك»، بموهبته في إخراج الشياطين أثناء اجتماعه الذى يعقده كل يوم جمعة بالكنيسة المرقسية بـ«كلوت بك»، وقال القمص مكاري،الشيطان مملكة وإسمه رئيس هذا العالم ولا يوجد سلطان على هذه المملكة إلا إسم يسوع المسيح.
وأشار القمص مكاري، في تصريحاته ببرامج التليفزيون، إن الشيطان موجود ويمتلك الإنسان ويسلب إرادته ويقوده إلى أمور شريرة، مؤكدا أن الإنسان قادر أن يعرف أنه يمكله شيطان أو لا، ويظهر ذلك على سبيل المثال فى بنت ويمنعها عن الزواج أو زوجة ويعزلها عن زوجها كما يمكن أن يأخذ الشخص الذي يسكنه إلى تخيلات تحت الأرض.
وأوضح القمص مكاري، إن الغير مؤمن مملوك للشيطان سواء حرامي أو زاني أو إرهابي أو غير ذلك. كل من يكره شخص، فتلك سمات لغير المؤمن ولو الإنسان يسير في استقامة فالشرير لا يمسه وإذا الإنسان ضل وإتجه للخطية ينجذب إليه الشيطان ويمسه.
وأكد القمص مكاري، إن الإنسان هو من يتجه للشيطان ولذلك الإنسان طوال حياته يكون في حرب، ويجب عليه أن يحافظ على نفسه بما يُعرف في الكنيسة بإسم سر التوبة.
* الإنجيل ومسائل السحر والتنجيم
أدان الله بوضوح صناعة السحر وكل أشكال التنجيم وصنع الله معجزات عظيمة لإثبات قدرته، فالسحر هو بديل التنجيم عن المعجزات فهو محاولة لتحقيق أحداث خارقة الطبيعة عن طريق قوى روحية غير قوة الله.
وكشف الله عن إرادته وتنبأ بالمستقبل عن طريق النبوءات ووفر لنا الله في الكتاب المقدس كل المعرفة الخارقة الطبيعة التي نحن بحاجة إليها أو التي يمكننا تلقيها بموافقته وبالإنجيل سجل بالمعجزات لتأكيد تلك الرسالة.
وأدان كل من العهدين – القديم والجديد – السحر، الشعوذة، وما إلى ذلك، دون قيد أو شرط ومن هذه الأيات:
– (الأخبار ١٩: ٣١) ـ “لا تلتفتوا إلى مستحضري الأرواح ولا تقصدوا العرافين، فتتنجسوا بهم: أنا الرب إلهكم”
– (الأخبار ٢٠: ٦ ) ـ “يقول الله أنه سوف ينقلب على أي إنسان يلتفت إلى مستحضري الأرواح والعرافين، ويفصله من وسط شعبه”
– (الأخبار ٢٠: ٢٧) ـ “أي رجل أو امرأة كان مستحضر أرواح أو عرافاًََ، فليقتل قتلآََََ؛ وليرجموا بالحجارة”
– (رؤيا يوحنا ٢١: ٨) ـ “أما الجبناء وغير المؤمنين والأوغاد والقتلة والزناة والسحرة وعابدي الأوثان وجميع الكذابين فنصيبهم في المستنقع المتقد بالنار والكبريت، إنه الموت الثاني”
– (رؤيا يوحنا ٢٢: ١٥) ـ “ولكن في الخارج هم الكلاب والسحرة والزناة والقتلة وعابدي الأوثان، وكل من أحب الكذب ومارسه”
– (أعمال الرسل ١٣: ٨ ـ ١٠ ) ـ “وبخ بولس عليم الساحر قائلآََ: “أيها الممتلئ من كل غش وخداع، يا ابن إبليس، ويا عدو كل بر، أما تكف عن تعويج طرق الرب القويمة؟”
رسالة بولس إلى أهل (غلاطية ٥: ٢٠، ٢١) ـ “أولئك الذين يمارسون الشعوذة، لن يرثوا ملكوت الله”