فوزارة الصحة تؤكد أنه لا توجد أزمة والمخزون كاف والألبان متوفرة فى حوالى 1005 منافذ صرف داخل مراكز رعاية الأمومة والطفولة والمراكز الخاصة بالرعاية الصحية الأساسية تقرر رفعها إلى 1600 منفذ بنهاية هذا الشهر، وأن هذه الألبان مدعمة بحوالى 450 مليون جنيه.
تم شراء 18 مليون عبوة هذا العام ولكن صرخات بعض الأهالى ترتفع وأنهم لا يجدون اللبن المدعم ولا يصرف لهم، والوزارة تؤكد أنهم يذهبون إلى الأماكن الخطأ أو أنهم غير مستحقين، ولا تنطبق عليهم شروط صرف اللبن المدعم وقد أضافت الوزارة منذ شهر واحد المرحلة الثانية لصرف اللبن المدعم جزئياً.
أين الحقيقة هذا ما سنوضحه فى هذا التحقيق ليس فى القاهرة فقط ولكن فى عدة محافظات بعيداً عن التهوين أو التهويل.
فى أول سبتمبر الجارى تعالت الصرخات وصورت الفضائيات طوابير لصرف الألبان المدعمة وأصدرت وزارة الصحة بياناً بأن الأمهات والأهالى يتجمهرون أمام الشركة المصرية لتجارة الأدوية اعتقاداً منهم أن هناك صرفاً للألبان وأن الشركة ترفض صرف الألبان لهم، وكان يوجد فى نفس المنطقة حوالى 8 منافذ تابعة للوزارة فى محيط الشركة وعندما توجه الأهالى لهذه المنافذ تم صرف الألبان للمستحقين، وتم إعلان الذين صرفوا بالفعل بالأرقام وفى نفس البيان تم إعلان أن عدد منافذ صرف الألبانالمدعمة 1005 منافذ منها 109 منافذ بالقاهرة وحدها، ورغم إعلان عن أن الصرف سيكون بالكروت الذكية فأن الوزارة أصدرات قراراً بالصرف بالأوراق المطلوبة حتى يتم استخراج الكروت الذكية المخصصة لصرف هذه الألبان فى باقى المحافظات وتم الإعلان عن أن الصرف يتم منذ الثامنة صباحاً وحتى الثامنة مساءً.
لماذا اشتعل الموقف؟
كان أحد الأسباب فى ظهور أزمة صرف الألبان المدعمة هو القرار الوزارى الذى أصدره وزير الصحة رقم 562 لعام 2016 الذى يقضى بصرف الألبان عن طريق مكاتب الرعاية الصحية الأساسية للأمومة والطفولة فقط، ووقف صرفها عن طريق الصيدليات أو الشركة المصرية لتجارة الأدوية، وذلك لضمان وصول اللبن المدعم لمستحقيه، حيث إن عبوة اللبن المدعمة سعرها خمسة جنيهات فقط للعبوة، بينما تباع بالصيدليات بمبلغ “ستين جنيهاً” للعلبة أو أكثر. وبالطبع هاجمت نقابة الصيادلة منذ إعلان هذا القرار الوزير هجوماً شرساً.
وتيسيراً على المواطنين وحتى يصل الدعم للمستحقين، عدل الوزير شروط صرف ألبان الأطفال، وحدد الفئات المستحقة وكان أبرزها:
❊ توقف الأم الكامل عن الرضاعة الطبيعية.
❊ عدم كفاية لبن الأم بسبب ضعف فى إدرار اللبن والذى يحدده طبيب
الرعاية الصحية الأولية داخل مراكز صرف الألبان.
❊ الأم التى تلد توأم أو أكثر.
❊ إصابة الأم بمرض مزمن مثل السكر أو الضغط أو أى مرض يستوجب استخدام
أدوية يتم إقرارها فى لبن الأم وتنفر الرضيع من اللبن الطبيعى مثل
“الروماتويد، مرض عقلى شديد، مرض موضعى بالثدى، أو السرطان وفاة الأم”.
حفظ جيد
وفى نفس هذا البيان أعلن الوزير أنه بنهاية شهر سبتمبر الجارى سيتم زيادة عدد منافذ الصرف إلى 1600 منفذ بدلاً من 1005 منافذ حالياً.
وكان هناك توجيه لمديرى الشئون الصحية فى جميع المحافظات بتحديد مستشفيين بكل مديرية لاستخدامهما فى حفظ ألبان الأطفال حتى تكون الألبان محفوظة فى مكان مناسب التهوية الجيدة وألا تزيد درجة الحرارة على 25 درجة مئوية وأن تبعد عبوات الألبان عن جدار الغرفة 15سم حتى لا تصاب بالرطوبة أو الحرارة.
غضب واتهام
للأسف هاجمت نقابة الصيادلة والنقيب نفسه الوزير واتهمته بوضع شروط تعجيزية واعتقدوا أن الوزير حرم الأم التى أنجبت توأم من صرف اللبن المدعم مع أن القرار يضع الأم التى أنجبت “توأم” أو أكثر على رأس قائمة المستحقين للصرف.
الواقع
نزلنا على أرض الواقع حتى نرصد الحقيقة بعيداً عن التصريحات الرسمية والاتهامات المغرضة، توجهنا إلى مركز رعاية الأم والطفل بمنطقة العسال بشبرا فعلمنا أنه تم نقل المركز إلى مركز علاج الصدر والقلب بأحمد حلمى بشبرا حتى يتم عمل إصلاحات فى مركز العسال، وفى مربح الصدر علمنا أنه يوجد داخل المكان ثلاثة مراكز تصرف اللبن الصناعى المدعم مركز العسال، مركز الترعة، وحدة رعاية أمومة وطفولة داخل مركز الصدر نفسه وكل مركز منهم له حجرة منفصلة للكشف وله أطباء أو طبيبات وأيضاً حجرة خاصة بتخزين عبوات اللبن. وأيضاً لكل مركز طاقم من الصيادلة، والممرضات، والإداريين.
طبيعة فحص
ولم نلحظ وجود أى طوابير أو ازدحام لصرف الألبان رغم أن المكان يغطى شريحة سكانية كبيرة جداً تصل إلى عشرة آلاف أو أكبر من الأمهات وتحدثنا من داخل مركز رعاية الأم والطفل بمنطقة العسال إلى الدكتورة مارى جرجس وأجابت على جميع أسئلتنا بمنتهى الوضوح وكانت الإجابات كالآتى:
نصرف ألبان الأطفال منذ أربع أو خمس سنوات تقريباً فى مركز العسال ونحن هنا بشكل مؤقت لحين إعداد المركز وتجهيزه، وصلت إلينا شروط الصرف ونتبعها بمنتهى الأمانة، والصرف يتم شهرياً حيث لدينا كل ما نحتاجه من عبوات ألبان ولا يوجد أى نقص، ونصرف العبوات حسب سن الطفل من سن يوم واحد حتى ستة أشهر فى المرحلة الأولى، وهى مدعمة كلية وسعر العبوة خمسة جنيهات ومن بداية هذا الشهر تم إدراج مرحلة ثانية لصرف اللبن من سن ستة أشهر حتى سن سنة وهو مدعم جزئياً وسعر العبوة 26 جنيهاً.
ويختلف الصرف حسب سن الطفل، وتتراوح العبوات حسب السن من اربع عبوات الي 8 عبوات وذلك حتى سن 6 شهور، وفي المرحلة الثانية من سن 6 شهور الي سنة يتراوح الصرف ما بين 4 عبوات الي عبوتين.
وأقوم بفحص الأم للتأكد أن اللبن ناضب فى ثدييها أو ضعيف أو لديها أحد الأمراض التى جاءت فى بيان وزارة الصحة. وأى طبيب لابد أن يراعى الله فى صرف عبوات اللبن المدعم حتى تصل لمستحقيها وهذا أحياناً يغضب بعض الأمهات فقد تكون الأم لديها لبن كاف للرضاعة الطبيعية ولكن نريد أخذ اللبن الصناعى المدعم وأحاول نصيحتها بأن الإرضاع الطبيعى صحى لها وللطفل أيضاً، حيث إن وجود لبن فى ثدى الأم ولا تقوم بإرضاع الطفل طبيعياً يصيب الأم بجفاف اللبن فى ثدييها بعد ذلك، وعند مجئ طفل آخر قد لا تستطيع إرضاعه طبيعياً كما أنه لا مثيل للبن الأم بالنسبة للطفل لأنه غذاء متكامل العناصر وهذه حكمة الله، وأحياناً نتعرض للشتائم وتلويح بالتعدى بالضرب فى حالة عدم صرف اللبن نتيجة أن حالة الأم لا تستحق اللبن الصناعى، والبعض من الأهالى يرى أن عبوتين فى المرحلة الثانية غير كاف للطفل ويعتقد أننا لا نريد صرف اللبن له.
لا يوجد أى تكدس ويأتى إلينا حوالى عشر حالات صرف يومياً، والألبان متوفرة أكثر من الاحتياج بكثير ويوجد كارت متابعة لكل أم وتصرف فورياً إذا كانت معنا منذ الشهر الأول فى عمر الطفل بمجرد استخراج الكارت الخاص بها، ولكن الأم التى تحضر لأول مرة تأخذ بعض الوقت لحين فحصها والتأكد من استحقاق طفلها للبن المدعم.
مخزون كاف
تابعنا التفاصيل داخل مركز الأمومة والطفولة الموجود بمركز الصدر والقلب بشبرا وكان حديثنا مع مارينا ملاك، صيدلانية، ضمن العاملين فى المركز وتتابع صرف العبوات قالت:
تأتى إلىَّ تذاكر صرف العبوات من الممرضة الموجودة مع الطبيب أو الطبيب الذى يقرر استحقاق الحالة من عدم استحقاقها ولابد أن يوقع مدير مركز رعاية الأم والطفل بنفسه على كل تذكرة صرف عبوات ألبان.
وبسؤالها عن المخزون من الألبان وهل هناك مشكلة فى الأعداد قالت: نقدم تقريراً يومياً عن المنصرف والمخزون ونقدم طلبية كل شهر عن عدد العلب التى نحتاج إليها فى المتوسط بناءً على المنصرف شهرياً ونضع فى الاعتبار الزيادة المحتملة للمواليد الجدد لأول مرة. ويأتى إلينا حوالى 600 علوة لبن مدعم كلية للمرحلة الأولى من سن شهر حتى سن 6 أشهر، و400 عبوة فى المرحلة الثانية والمدعم جزئياً.
معظم العبوات مستوردة من فرنسا أو سويسرا، ويصرف فى المرحلة الأولى أنواع ألبان »بيوميال أو ليبتوميلك» وفى المرحلة الثانية يصرف نوع اسمه “نكتليا”.
وكل مركز له غرفة تخزين بها كل الاشتراطات الصحية للتخزين وهناك فترتان فترة صباحية من التاسعة صباحاً وحتى الواحدة والنصف ظهراً وفترة مسائية حتى الثامنة مساءً.
معظم المشاكل تنجم من عدم تفهم الأهالى لنظام الصرف فيعتقد البعض أننا نصرف لأشخاص أربع عبوات شهرياً وآخر 8 عبوات شهرياً، ولكن عدد العبوات مرتبط بسن الطفل وليس بالمزاج الشخصى، بعض الأهالى يرون أن عبوتين فى المرحلة الثانية من سن 10 أشهر إلى 12 شهراً غير كاف.
أما ما أريد أن يراجع أن هناك أطفالاً قد تكون الأم لديها لبن كاف ولكن الطفل لا يرغب لسبب غير معلوم أن يرضع بشكل طبيعى من الأم وهذه حالة يجب أن توضع فى الاعتبار حتى لو نادرة ولكن قد تحدث لأم غير قادرة على شراء البديل مرتفع الثمن من الصيدليات ويجب أن يوضع تقدير الطبيب الذى يقوم بالفحص داخل المركز فى الاعتبار وليس فقط الحالات التى وضعتها وزارة الصحة.
فساد توزيع
من جانبه أوضح أحد الصيادلة أن فكرة نقص الألبان ليست وليدة الصدفة بل هى موجودة منذ أكثر من 25 عاماً مع بداية ظهورها بالأسواق ولاقت ترحيباً من الجميع وزاد الإقبال عليها فى ظل ازدياد الأمراض ومع زيادة التعداد السكانى أصبحت الكميات المطروحة بالأسواق غير كافية بحجم السكان أو تحديداً لعدد الأطفال المصريين.
وأكمل: كانت الأزمة مفتعلة من داخل الشركة المصرية للأدوية، وهى الشركة التى تستورد الألبان من خلال أحد الموظفين الفاسدين الذى يقوم بسحب كميات وكان هناك بعض الفاسدين حيث يقومون باستيراد الألبان باسم إحدى الصيدليات المغلقة ليبيعها لحسابه الشخصى للحصول على ربح دون علم المسئولين ويتواطأ معه أحد المسئولين عن أنظمة الحاسب الآلى وأنظمة بيانات الصيدليات ومع تكرار تلك الحادثة من الفساد والاختلاس تتفاقم الأزمة، ولذلك كان قرار الوزير صائباً بقصر الصرف علىمراكز رعاية الأمومة والطفولة.
وعلى صعيد آخر، كان هناك احتكار من قبل بعض الصيادلة الذين يحتكرون بيع تلك الألبان لمن يرون أنه زبون ومشتر مهم أو يجلب لهم أموالاً طائلة أى لمن يشترى من عندهم كمية أدوية كثيرة هو الذى يحصل على حصة معينة من الألبان وهذا أيضاً لعب دوراً كبيراً فى اشتعال الأزمة.
وأطالب الحكومة بضرورة الإسراع فى بناء مصنع للألبان فى مصر، فالمبالغ التى تصرف على الاستيراد تكفى لبناء مصانع للألبان فى
مصر لتغطى احتياجاتنا.
صرف ذكى
أعلنت مديرية الشئون الصحية بالإسكندرية عن أماكن صرف ألبان الأطفال المدعمة من خلال وحدات الرعاية الصحية الأساسية فقط بعد أن تم وقف صرفها عن طريق الصيدليات أو الشركة المصرية لتجارة الأدوية تنفيذاً لقرار وزير الصحة والسكان رقم 562 لسنة 2016.
وصرح الدكتور مجدى حجازى، وكيل وزارة الصحة بالإسكندرية، لـ”وطنى”: إنه تم تخصيص أربعين منفذاً لصرف الألبان المدعمة تغطى أنحاء محافظة الإسكندرية.
وأوضح حجازى، أن صرف الألبان يتم عن طريق بطاقة ذكية تحتوى على اسم الطفل وولى الأمر والرقم القومى لكليهما، وذلك للتحكم فى عملية توزيع وصرف الألبان المدعمة لضمان وصول الدعم إلى مستحقيه، وتستخرج البطاقة الذكية خلال 15 يوماً من تقديم الطلب فى أى منفذ من منافذ صرف الألبان المدعمة وبعد فحص الطفل والأم بواسطة الطبيب للتأكد من شروط الاستحقاق – وهى شروط بسيطة لتشجيع الرضاعة الطبيعية..
وتقول الدكتورة منال بدر الدين، مدير مركز رعاية الأمومة والطفولة بمحرم بك، إن الألبان متوافرة بالمركز وأن هناك فترتين لصرف الألبان الفترة الأولى الصباحية من الساعة التاسعة صباحاً إلى الساعة الواحدة ونصف ظهراً والفترة الثانية من الساعة الواحدة ونصف ظهراً إلى الساعة السادسة مساءً يومياً.
وبخلاف الأوراق المطلوبة تقوم الأم بدفع حوالة بريدية قيمتها 15 جنيهاً لاستخراج البطاقة الذكية للصرف بصورة شهرية من المكان التابع السكن والبطاقة الشخصية وبخلاف الأوراق المطلوبة والشروط المتوافرة فى الأم وهى واحد على مستوىالجمهورية تدفع الأم حوالى بريدية قيمتها 15 جنيهاً.
وعن المشكلات التى تواجه عملية الصرف اليومية قالت الدكتور ريم الرفاعى نائبة مدير مركز رعاية الأمومة والطفولة بمحرم بك أن هناك بعض المضايقات اليومية التى تعرض لها بعض المواطنين لعدم استيعاب أن تحديد صرف اللبن والكمية المخصصة لكل حالة حسب المرحلة السنية للطفل فمثلاً 10 أشهر يصرف عبوتين وخمسة أشهر يصرف 8 علب فى الشهر من خلال البطاقة الذكية وهكذا فبعض الناس عند مشاهدة أم تصرف عدد أكبر من العدد المخصص لهم لا يتفهمون ذلك الأمر ويقومون بالشجار مع العاملين بالمركز.
وتكمل الدكتورة منال بدر الدين: نتعرض إلى العديد من المضايقات وأحياناً التعدى على العاملين من الجمهور ونحاول امتصاص غضب الناس لعدم استيعابهم أن عدد العلب المنصرف حسب المرحلة السنية لكل طفل ومدى أحقيته فى الصرف باستكمال الأوراق المطلوبة وأيضاً أحقية الحالة الصحية للأم فمثلاً تعرضنا أمس إلى حالة اعتداء على العاملين بالمركز من والد أحد الأطفال وقمنا بطلب النجدة لقيامه بالتعدى بالضرب على أحد العاملين ولم تستجب النجدة لإنقاذنا، وقال المتعدى لا يهمنى فأنامسجل خطر.
لم نصور
أخبرنا مراسلونا فى محافظة المنيا أنه يوجد 49 مركز أمومة وطفولة على مستوى 9 مراكز تابعة لمحافظة المنيا، ولا يوجد أى طوابير
تدل على وجود أزمة نقص ألبان أو مشكلة فى صرف الألبان المدعمة حتى إن المصورين ذهبوا لتصوير أى طوابير ولم يجدوا وذهب أكثر من مراسل إلى بعض المراكز وتأكدوا أنه لا يوجد أى نقص فى كميات الألبان المطلوبة بل على العكس يوجد فائض ومخزون كاف.
وعود
صدر بيان من القوات المسلحة بشراء عبوات ألبان بكميات كبيرة ستتوافر من يوم 15 سبتمبر وسيتم صرفها بالتنسيق مع وزارة الصحة والسكان وستكون سعر العبوة فى حدود 30 جنيهاً.
كما صرح وزير الصحة أيضاً بأنه بالاتفاق مع القوات المسلحة يتم حالياً الإعداد لإنشاء مصنع لتصنيع الألبان محلياً بخبرات عالمية.
وحتى يتم ذلك سيتم التطبيق الكامل لصرف الألبان بالكروت الذكية والتى طبقت بالفعل فى حوالى 9 محافظات وتدريجياً سيعمم هذا التطبيق فى باقى المحافظات.