تسول .. أستعطاف .. متاجره .. والمتضرر أطفالنا
تتسارع الجمعيات الخيرية والمؤسسات العلاجية لاستعطاف المواطن وجذب تبرعاته … واصبح استخدام الاطفال وسيلة لكسب هذا التعاطف فلم يخلو مشهد اعلاني من طفل يجسد مأساة واخر يستعرض مرضه ويظهر ضعفه ولا مانع من ان يري المشاهد دموع الطفل تسيل امامه حتي يرق قلبه ويشعر بمأساته … دون النظر إلي تأثير نداءات التبرع وهذه الدموع على اطفالنا وللوقوف على تأثيراث هذه المشاهد يدور هذا التحقيق
( أسئلة بدون إجابات ووجع لقلوبنا )
تقول مني عزت ” ربة منزل” : ان هذه الاسئلة تضعنا أمام اسئلة محرجة من أولادنا فهم يتسألون لماذا هم هكذا ونحن في هذا الحال ؟! وغيرها من الاسئله التي لا نجد لها إجابات فصناع الاعلانات لديهم طرق مختلفة بتوصيل رسالتهم دون ان يأذوا مشاعرنا أو مشاعر اطفالنا
وتضيف سالمه على ” مُعلمة” : نحن لا ننكر ان هذه الاعلانات تثير مشاعرنا وتحركها ولكن بالقدر التي تتحرك فيه مشاعرنا بقدر ما نمتع عن تكرار مشاهده هذه الاعلانات فليس شيئ ممتع ان نسمع اطفال يحكوا مأساتهم او نراهم يتألموا فنحن شعب عاطفي وهذه المشاهد لا نتحملها ويكفي ان ننوه عن الاحتياجات بدون ان ” تتوجع قلوبنا “
(وصمة عار )
وتسأل سمير كامل ” محاسب ” : أذا كان مطلوب من المواطنين التبرع للمرضي والايتام والمحرومين من التعليم والارامل وغيرهم من الفئات المحتاجه فماذا تفعل الدوله أذن ؟!فكثره هذه الاعلانات وصمه عار في جبين الحكومه فلامانع من مشاركه المواطنين في الاعمال الخيريه وفي النهوض بالوطن ولكن هذه الاعلانات كثيره جدااا وعلي الدوله أن تساهم في سد أحتياجات هذه الفئات وان تكون الاعلانات ايجابيه وليس كلها تأخذ أشكال التسول
(جريمه اجتماعيه)
يري جمال شحاته أستاذ علم الاجتماع بجامعه حلوان : أنه من الناحية القانونية أستخدام الاطفال في هذه اللاعمال جريمة فهو عمل ويتقاضوا عليه أجر وقانون العمل يمنع عمالة الاطفال بجانب تأثيره السلبي النفسي للطفل فهو يعرض الطفل لكثير من المخاطر كتعامله مع الادوات والمعدات الضخمة والعمل تحت اشعه الشمس لساعات وايضا تحمله عبء نفسي قوي لنجاح المشهد فتكرار اعاده المشهد يجعله تحت ضغط لا تتحمله قدراته النفسيه منا يؤثر هذا سلبيا عليه من الناحية الاجتماعية فهذه الاعمال قد تجعله يكتسب عادات وتقاليد غير سليمه من خلال تعامله مع اشخاص لايصلحوا ان يكونوا قدوه له او من خلال الماده الاعلانيه نفسها
فالاعلان التجاري يعتبر تعدي علي الطفل ولكن بشكل لا يدركه الكثيرين
وعن ظهور الاطفال المرضي او المحتاجين في الاعلان يرفض شحاته هذا الظهور معللا ان هذا نوع من انواع التسول والمتاجره بالمرض وهذا مرفوض فمن حق هولاء ان تسدد الدوله احتياجهم بدون ظهورهم واستعطاف المجتمع وتعرض هولاء الاطفال للظهور قد يلحق بهم ضرر في المستقبل بان يظل المجتمع متذكر لهم هذا الاحتياج وقد يقلل هذا فرصهم في الزواج او في الحصول علي عمل وكل هذا مرفوض اجتماعيا
( نشر الامل بدل الالم )
ويوكد محمد الشامي دكتور الطب النفسسي بمستشفي 5757 علي ذلك : حيث قال ان هذه الاعلانات لها مظهر ايجابي وحيد وهو تحقيقها للهدف المرجو منها بشكل اسرع من اي طريقه اخري فالاعلان الناجح هوالذي تصل الرساله منه للمشاهد في اقصر وقت ممكن والااعلانات التي تستخدم فيها الاطفال تاتي بهذه النتيجه
ولكن علي النقيض نجد لها العديد من التاثيرات السلبيه فالاطفال بطبيعتهم لا يستطيعوا ان يتصوروا الحاله التي سيعشوا بها بعد دخولهم تجربه المرض او تجربه فقدان الاهل وعندما نجسد لهم تلك الحالة عن طريق الاعلانات والتركيز علي الحالة المأساوية التي سيعيشها الطفل تتسبب في شعور بالالم وحالة اكتئاب وتوسيع مدارك الطفل لمشاعر لم يختبرها بعد والاخطر ان يشعر الطفل دائما بالخوف من ان في يوما ما يحدث له مثل هولاء ويعيش نفس مأساتهم فالطفل مشاعره رقيقه جدا لاتتحمل مشاعر الحرمان ومشاعر انتظار الموت
و يوضح الشامي ان ظهور الاطفال المرضي في الاعلانات يكون علي مسئوليه الاهل وليس بطلب من الموسسات العلاجية والاهل يوافقوا علي ذلك نظرا لاحتياج المساعده بالفعل وتعلقهم بأن هذه الاعلانات ستجلب لاطفالهم العطايا وتعجل من رحلة علاجهم والاطفال الذين يتعرضوا لهذه التجربة يدخلون في الالم نفسي قوي لشعورهم بان مقابل حصولهم علي الشفاء عليهم استعراض مرضهم والامهم واظهار اجسادهم للاخرين ومعظمهم يتسالون بعد ذلك اليس من حقنا العلاج دون ان نظهر للاخرين ؟!
وينصح الشامي للخروج من هذه المأساة ان تركز المادة الاعلانية على الامل بدل الالم بمعني التغاضي عن تجسيد مشاهد اللم والحزن وتجسيد مشاهد ايجابيه كمشاهد التعافي من المرض وان هناك امل دائما للحصول على حياة افضل وتجسيد مشاعر الفرح والاحتواء بدل مشاهد الحرمان وهناك موسسات علاجية تبنت بالفعل هذه الرؤية وبدأت في تحويل مسار مادتها الاعلانية
( الاطفال سلعة لجذب التبرعات )
وفي نفس السياق تقول ماري رمسيس كاتبة وباحثة في التربية : الاطفال الذين يتم استخدامهم في الاعلانات يكونوا في مرحلة طفولة مبكرة وليس لديهم ثبات انفعالي وليس لديهم قدرة على تحليل المشاهد جيدا وفهم ما ورائها ولذلك انصح المسئولين عن المادة الاعلانيه ان يوجد متخصص تربوي للاطفال الذي يتم استخدامهم لتمثيل هذه المشاهد ليجلس معهم ويدربهم ان هذه مشاهد تمثيلية ودورها تقديم رسالة معينة وتوضيح ان هذا المشهد من اجل ان هناك طفل اخر مريض ويحتاج للمساعدة وانت من ستوصل احتياجه للاخرين لكي لا يصاب الطفل باكتئاب ولكي لا يتحول هذه الطفل إلي اداة تستخدم للمتاجرة بالمرض … ولكن علينا ان نبحث عن وسيله اخري لهذا الاعلانات لان بها نقتل براءة الاطفال ونستخدمهم كسلعة جيدة لجذب الاستعطاف لانهم اكثر قدره علي كسب التعاطف
وتستنكر ماري كثره هذه الاعلانات في شهر رمضان بالاخص فمنذ سنوات ماضية الاطفال كانوا ينتظروا هذا الشهر لمشاهدة الفوازير وبرامج الاطفال والمسلسلات الكرتونية ولكن هذه الايام اختفت هذه الاعمال واصبح الطفل لا يجد مادة تخاطبه .سوي اعلانات الاستعطاف
وفي دراسه أجريت بداخل كليه أعلام جامعه القاهره عن خطوره أستخدام الاطفال في الاعلانات و تأثير هذه الظاهره علي الاسره اسفرت أن هناك رأي يؤيد ظهور الأطفال مع إعلانات عن السلع التي تتفق ومتطلبات سن الطفولة كإعلانات لعب الأطفال والملابس والأحذية مثلاً مع التركيز على هذه السلع وليس على الأطفال المعلنين، وفضلوا عدم ظهور واستخدام الأطفال في إعلانات أدوات التجميل أو اللبان أو الحلويات والأثاث، ذلك مع مراعاة عدم التركيز على طفل واحد بعينه حتى لا يصبح نجما في سن مبكرة.
أوضحت الدراسه أن للنجومية في هذه السن خطورتها سواء على الطفل نفسه او الأطفال الآخرين لأن ذلك يتناقض مع المبادىء التربوية. فطفل الإعلانات يجب ألا نصنع منه بطلا حتى لانصنع منه نجما قد يستخدم في اداء سلوكيات غير مرغوبة مثل الرقص او وضع المساحيق او المكياج، والخطورة هي احساس الطفل الزائد بنفسه نتيجة تسليط الأضواء عليه فيشعر ان زملاءه اقل منه ويقل احساسه بالآخرين من الأطفال الذين يشعرون بالدونية قياسا إلى هذا الطفل النجم
وهناك مشكلة اخرى هي حصول الطفل النجم على عائد مادي كبير فيشعر انه مصدر رزق لأسرته وأن الكسب السريع لايقابله مجهود يعادله فيتعود على هذا السلوك الخاطىء
ولكن توصلت الدراسه ألي خطوره أستخدام الاطفال في أعلانات التبرع لان كلمات الحرمان ومشاهد المرض تترك تأثرات سلبيه بداخل أنفسهم وتوصلهم لحالات أكتئاب شديده
وانتهت الدراسة إلى وضع ضوابط لاستخدام الأطفال في الاعلانات لكونها مسؤولية مشتركة ليس على اجهزة الاعلام وحدها بل هي ايضا مسؤولية المعلنين عن السلع نفسها وعلى وكالات الاعلان وكل العاملين في هذا المجال الاعلاني، وطالبت الدراسة بانشاء جمعيات لحماية المستهلك من تأثير الاعلانات باتخاذ وسائل مراقبة على هذه الوكالات والعاملين بها وذلك لحماية الطفل المستخدم في الاعلانات