وقال خلال مشاركته في المؤتمر الدولي الثاني عشر لتطوير المناطق الجافة الذي استضافته مكتبة الإسكندرية أمس 25 اغسطس، إن المبادرة الإقليمية حول ندرة المياه، التي ترعاها الفاو بالتعاون مع جامعة الدولة العربية ستضع إطاراً محدداً للعمل التشاركي على المستوى الاقليمي، تتحمل فيه كل دولة مسؤوليتها الفردية عن حماية مواردها المائية والمساهمة في التصدي المشترك لندرة المياه التي تؤثر على المنطقة بأسرها.
وأضاف ان إقليم الشرق الادنى وشمال افريقيا يعتبر من المناطق الاكثر تأثرا بندرة المياه حيث انخفضت حصة الفرد من المياه بشكل كبير خلال السنوات الماضية، وذلك بنسبة 60% خلال العقود الاربعة المنصرمة. كما ان المؤشرات تدل على ان حصة الفرد من المياه المتوافرة ستنخفض بنسبة 50% عما هي عليه الآن بحلول عام 2050.
وقال أن الفاو سعت الى مساعدة الدول على مواجهة التحديات الناجمة عن ندرة المياه، حيث اطلقت المبادرة الاقليمية حول ندرة المياه في الشرق الاوسط وشمال افريقيا منذ عام 2013، بهدف دعم جهود الدول الاعضاء في تحديد اولوياتها في مجال إدارة مياه الري من خلال مقاربة مبتكرة تعطي الاولوية لتحقيق أقصى قدر من الفعالية من حيث التكلفة بين الخيارات المتاحة للإمدادات الغذائية.
اما بالنسبة لمصر فقد لفت الدكتور كراجة الإنتباه إلى العديد من المبادرات الجيدة التي ساهمت الفاو في تنفيذها مع الجهات الحكومية وعدد من الشركاء، وذلك من خلال إستخدام الطاقة الشمسية كمصدر للطاقة في المشروعات الزراعية وإستخدام اساليب الري التي تحقق اعلى مستوى من الكفاءة في كميات المياه المستخدمة من دون التأثير في الانتاجية الزراعية، وكذلك برنامج رصد للتغيرات المناخية ودراسة تقييمية لتأثير التغييرات المناخية على إنتاج عدد من المحاصيل الإستراتيجية واقتراح حلول لها.
ولفت إلى ان الفاو تشجع الدول على إعتماد خيارات إستراتيجية لجهة المحاصيل التي تقوم بزراعتها، والتي لا تصلح مع زيادة درجة الحرارة المتوقعة، وتطوير سلسلة الإنتاج لضمان الأمن الغذائي، مؤكدا ان لا مفر من التكامل الزراعي العربي، كواحد من الحلول الجدية للإستفادة القصوى من التنوع الجيولوجي لجهة انواع التربة الزراعية وخصوبتها، وبالتالي زراعة كل نوع من المحاصيل في البيئة الأنسب بل الأمثل لنموه.
كما دعا الى التصدي لاكتساح مياه البحر للأراضي الزراعية، والملوحة التي تؤثر في التربة، من خلال إختيار محاصيل زراعية قادرة على تحمل هذه الملوحة، مركزا على أهمية المراكز البحثية في ايجاد حلول علمية مستدامة، والعمل على وقف الزحف الملحي نتيجة الإستخدام غير المستدام للمياه الجوفية والتغييرات المناخية التي يتوقع ان تؤدي الى ارتفاع مستوى مياه البحر في المنطقة.
وقال كراجة بأن هناك توقعات في اسوأ الاحوال بأن يقل تدفق نهر النيل بعجز يقارب 8 مليارات متر مكعب، نتيجة للتغيرات المناخية وإنشاء سد النهضة، وأشار إلى أن الحكومة المصرية جادة في التغلب على تلك المشكلة وتعويض العجز، إذا ما حصل، من خلال بعض الحلول غير التقليدية، ولمعلوماتي يتم حاليا التنسيق بين الحكومة المصرية وحكومتي السودان وجنوب السودان لتحسين مجارى المياه والإستفادة من المياه المهدرة والفاقدة، ولتعظيم الإستفادة من هذه المياه.
وأشار إلى أنه لابد من أن تشمل المفاوضات بين مصر وإثيوبيا الإتفاق حول مدة تخزين المياه خلف سد النهضة، حتى لا تتسبب تعبئة السد في السنوات الأولى في أية مخاطر على حقوق مصر المادية.
كما شدد على ترشيد إستهلاك المياه، وقال: إن مصر مرت بخطوات جيدة عبر السنوات الماضية لتحسين كفاءة إستخدام المياه، ولكن ما زال هناك مجال لتعظيم الاستفادة ورفع كفاءة الإستخدام بشكل أفضل، حيث انه بإستخدام الإدارة الرشيدة للمياه على مستوى الحقل يمكن توفير 30% من مياه الري، مشيرا إلى أن نصيب الفرد في مصر سنويا من المياه أقل من 10% مقارنة بالمعدل العالمي، حيث يصل نصيب الفرد إلى 600 متر مكعب سنويًا.
من جهة أخرى أكد أن الدلتا لن تختفي من مصر بسبب التغييرات المناخية كما أشيع، وقال: إنها توقعات علمية غير دقيقة اعتمدت على افتراضات غير دقيقة، موضحا أن أكثر المناطق المتضررة هي التي بالقرب من مدينة بورسعيد ويمكن مواجهة المشكلة من خلال إنشاء مصارف للصرف الزراعي لخفض كميات المياه المالحة من الأراضي الزراعية، وكذلك العمل على تقليل غزو مياه البحر إلى الدلتا بتطوير جدار مائي في المناطق الساحلية لوقف التقدم الملحي نتيجة الإستخدام المكثف للمياه الجوفية وكذلك ارتفاع مستوى البحر نتيجة التغييرات المناخية.
منظمة (الفاو) قدمت إلى مصر دراسة فنية حول تنفيذ مشروع المليون ونصف فدان، وحول التعاون بين مصر ومنظمة (الفاو) قال أنه خلال الاجتماع الأخير بين الرئيس عبد الفتاح السيسي ومدير عام منظمة الفاو جوزيه غرازيانو دا سيلفا، تم الاتفاق على تكليف مجموعة من خبراء الفاو تقديم تقارير فنية حول مشروع المليون ونصف مليون فدان، وقد تم تشكيل لجنة مكونة من خبراء في التربة والمياه والطاقة والنبات والثروة السمكية والاستثمار الزراعي، وقد زارت اللجنة مصر وعقدت مجموعة من اللقاءات، قبل أن ترفع تقريرها الرسمي عن طريق السفير المصري في الفاو منذ نحو شهر تقريبا.
وأكد أن هذا ليس التعاون الأول مع مصر بل أن منظمة الفاو تعاونت مسبقا مع مصر، في تقديم دراسة فنية في بناء السد العالي والمخطط التوجيهي لمشروع أراضي النوبارية، ودراسات حول تأثير التغيرات المناخية على المنطقة الساحلية بمصر، ونفذا مشروعات حول إستخدامات وسائل الطاقة المتجددة في القطاع الزراعي، ومشروع لمعالجة النقص الغذائي في عدد من المحافظات.