نظمت الإسكوا اليوم 30 اكتوبر مؤتمر وزاري حول “بلورة الأهداف والغايات لأهداف التنمية العربية ما بعد 2015″، بمدينة شرم الشيخ . وقد شارك بالمؤتمر الدكتورة ريما خلف، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والأمينة التنفيذية للإسكوا ، والدكتورة غادة والي، وزيرة التضامن الاجتماعي ، ورئيسة المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب، واللواء خالد فودة، محافظ جنوب سيناء، علاوة على ريم ابو حسان، وزيرة التنمية الاجتماعية في المملكة الأردنية الهاشمية، ورئيسة الدورة الثالثة والثلاثين لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب، و الدكتورة هيفا أبو غزالة، القائمة بأعمال رئيسة قطاع الشؤون الاجتماعية في جامعة الدول العربية، والدكتورة أمينة محمد، المستشار الخاص للامين العام للأمم المتحدة .
وقالت د. ريما فى كلمتها خلال المؤتمر: إن المنطقة العربية تعيش مرحلة دقيقة تواجه فيها تحديات تنموية وسياسية وأمنية جسيمة. فهناك احتلال إسرائيلي غاشم يصعد كل يوم من انتهاكه للحقوق الفلسطينية والعربية، وخرقه للقانون الدولي دون رادع ، كما يوجد فقر وبطالة وتعثر تنموي، ولجوء ونزوح يتأتى عن صراعات في بعض الدول تعيث فيها خراباً وتحفر جروحاً عميقة في النفوس، فهناك تحدّيات جمة باتت تستوجب من الجميع شحذ الهمم لإنتشال المنطقة من المخاطر المحدقة بها من كل صوب.
ولعلّ فيما افتقده النموذج الإنمائي القائم نجد معالم النموذج الجديد؛ مشروع إنمائي شامل ومتكامل، قوامه عدالة اجتماعية تعيد مقوّمات الحياة الكريمة لكل فرد بمنأى عن الخوف والجوع والحرمان والجهل والتطرف، ومؤسسات قويّة وفاعلة وشفافة يكون شغلها الشاغل السهر على هموم المواطن وصون حرية الوطن وأمنه، وتسخير مقدراته لرفعة أبنائه.
وأضافت : إن الدول الأعضاء في الإسكوا، انطلاقاً من إيمانها بالحق في التنمية وبالعدالة الاجتماعية قيمة أصيلة في الثقافة العربية ، اتخذت “العدالة الاجتماعية” محوراً لمناقشاتها في الدورة الوزارية الأخيرة للإسكوا التي عقدت في تونس في شهر سبتمبر الماضي. وفي الإعلان الذي صدر عن الدورة، شدّد ممثّلو الدول الأعضاء على التزامهم بالعدالة الاجتماعية “ركناً أساسياً لبناء مجتمعات آمنة ومتلاحمة ومزدهرة” وطلبوا “دمج موضوع العدالة الاجتماعية بجميع أبعاده في الإعداد لخطة التنمية لما بعد عام 2015، وبأهداف التنمية المستدامة. وهذا الإيمان الذى جسده “إعلان تونس حول العدالة الاجتماعية “بالحق في التنمية والعدالة الاجتماعية قد لقي صدىً في التقرير النهائي لفريق العمل المفتوح المعني بأهداف التنمية المستدامة، والذي أعاد التأكيد على أهمية “السعي إلى إقامة عالم عادل منصف يتسع للجميع”.
وأكدت د. ريما أن تضمين المنظور الإقليمي في الأجندة الدولية يتطلب تعاوناً عربياً وثيقاً. وهذا ما سارت إليه جامعة الدول العربية من خلال مجالسها المتخصصة، والدول العربية بمشاركتها الفاعلة في المناقشات التي تجري اليوم بحثاً عن إطار إنمائي جديد لما بعد عام 2015. وأضافت : ونحن إذ نثمّن ما أنجزته حتى الآن من متابعة ومشاركة فاعلة في المشاورات الإقليمية في هذا الخصوص، نشيد أيضاً بالتعاون الوثيق والمستمرّ بين الإسكوا ومختلف مجالس جامعة الدول العربية، لما له من آثار إيجابية على ضمان إلتقاء مسار منطقتنا مع المسار العالمي ووضع أولوياتها على قائمة الأولويات الدولية.
معالي الوزراء،
وقالت د. ريما : إن لإجتماعنا أهمية بالغة في تجديد التزامنا بقضايا التنمية المستدامة على المستويين الإقليمي والدولي، خاصة وأن المفاوضات الحكومية حول الخطة العالمية للتنمية لما بعد عام 2015، ستنطلق في مطلع العام القادم. وآمل أن تنجح أعمال هذا الاجتماع في تقريب وجهات النظر بين البلدان العربية لبلورة منظور إقليمي واضح حول الأهداف والغايات المقترحة من قبل فريق العمل المفتوح.
والمنظور الإقليمي الجديد لا تكتمل معالمه ما لم تحمل الأهداف المطروحة رؤى حديثة للتنمية ترتقي إلى تطلّعات شعوب المنطقة لتنمية تثمر أمناً وخبزاً وحقاً وكرامة وتحرراً، وما لم تبنَ على مبادئ الحق والمشاركة والشفافية والمساءلة وسيادة القانون. فبدون مشاركة شاملة للجميع، وفي غياب آليات الرصد وجمع البيانات التي تتيح اتخاذ قرارات مبنية على المعرفة، وإطار سليم للمساءلة يحمّل كل جهة مسؤولياتها، يبقى الأمل ضئيلاً في أن تتحوّل طموحاتنا إلى واقع. ومن هنا نرى أهمية تضمين خطط التنمية العربية هذه المبادئ السامية والأهداف الطموحة والغايات الراقية، والتي باتت ضرورة للخروج من واقع اعتدنا عليه إلى واقع ننشده.
وأكدت د. ريما بنهاية حديثها على أن الإسكوا لن تألو جهداً لمساندة ممثّلي الدول العربية المشاركين في المفاوضات حول خطة التنمية لما بعد 2015. وقالت : فلندخل عام 2015 من باب المسئولية المشتركة وبعزم متجدد على تحقيق العدالة الاجتماعية واحترام حقوق الإنسان، وبلورة غايات وأهداف لتنمية شاملة ومستدامة لما بعد 2015، تلبي حاجات المنطقة الراهنة وتطلعاتها إلى المستقبل. وحسبنا في ذلك قناعة وهدف، قناعة بأن المسار الراهن لا يمكن أن يستمر، وهدف ينشد نهوضاً إلى مستقبل مشرق يليق بشعوبنا وبتطلّعات شبابنا، وبحق كل إنسان في العيش الكريم.