يقام اليوم الأربعاء 17 ديسمبر عرض تجريبي للصوت والضوء في المتحف المصرين ويأتي ذلك في إطار الانتهاء من المرحلة الأولى من مبادرة إحياء المتحف المصري، والذي تم الإحتفال بختامها أمس الأثنين 15 ديسمبر.
هذا وقد شاركت في هذه المبادرة السفارة الألمانية بالقاهرة والمؤسسة الألمانية للتعاون الدولي GTZ ، ومفوضية الاتحاد الأوروبي. وتهدف هذه المبادرة إلى إعادة المتحف إلى حالته الأولى عندما أنشىء في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني. وقد شمل الإحتفال إفتتاح القاعة الثانية لمقتنيات الملك توت عنخ آمون، بحضور العديد من الشخصيات الدبلوماسية ، من بينهم رئيس مفوضية الاتحاد الأوروبي “جيمس موران” James Moran والسفير اليوناني “كريس لازاريس” والأمير “عباس حلمي” حفيد الخيدوي “عباس حلمي الثاني ، و “كريستوفر ريتزلاف” مسئول العلاقات الخارجية بالسفارة الألمانية بالقاهرة و”جارومير مالك” Jaromir Malek المسئول الأسبق عن الأرشيف بمعهد جريفث بجامعة اكسفورد ، علاوة على “ومحافظ القاهرة “جلال السعيد” ووزير الآثار “ممدوح الدماطي” ومدير المتحف المصري “محمود الحلوجي” .
وأشار الحلوجي إلى أن المتحف يعد أقدم المتاحف العالمية ، واكثرهم ثراءً بالقطع الأثرية، حيث تعود نشأة المتحف إلى عام 1835 عندما تم إنشاء مصلحة الآثار لتجنب تهريب الآثار، وقد تم شكيل أول مجموعة أثرية من الفن المصري القديم ، حيث تم حفظها في مبنى صغير في حديقة الأزبكية بالقاهرة ثم تم نقلها إلى قلعة صلاح الدين، وفي عام 1858 تم بناء متحف جديد بمعرفة “أوجست ماريوت” الذي شغل منصب أول مأمور لأشغال العاديات وهو ما يقابل رئيس مصلحة الآثار، وكان ماريوت يؤمن إنه لابد من وجود إدارة ومتحف للآثار ، واختار منطقة بولاق بالقرب من منطقة ماسبيرو الحالية لإنشاء متحف للآثار بها ، وفي عام 1878 حدث ارتفاع شديد في منسوب مياه النيل في وقت الفيضان ، مما تسبب في إغراق المتحف وضياع بعض من محتوياته، وفي عام 1891 تم نقل مجموعة بولاق بأكملها إلى ضاحية الجيزة حيث وضعت القطع الأثرية قصر إسماعيل باشا الذي كان يحتل موقع حديقة الحيوان الحالي وما كان متحف الجيزة إلا مقر مؤقت حيث إنه كان مبنى خشبي.”
وأضاف الحلوجي: ” وهنا بدأ التفكير في إنشاء المتحف المصري بميدان التحرير كي يناسب احتياجات العصر، وفي عام 1892 جاء المهندس والأثري “دي مورجان” رئيسا لمصلحة الآثار والمتحف المصري وقام بتقديم مقترحين بتصميمين إلى لجنة الآثار أحدهم بإعادة تأهيل متحف الجيزة بتكلفة تصل إلى 60 ألف جنية والآخر ببناء متحف جديد بتكلفة تصل إلى 150 ألف جنيه مصري، وفي عام 1894 قررت اللجنة العليا للآثار بناء متحف جديد حيث تم الإعلان عن مسابقة معمارية دولية فاز فيها المعماري الفرنسي “مارسيل دورنيو” بالجائزة الأولى، وفي عام 1897 وبرعاية خديوي مصر عباس حلمي الثاني تم وضع حجر الآثاث لإنشاء المتحف بتكلفة تقديرية تصل إلى 160 ألف جنية مصري، وهو مبنى ذو طراز معماري متميز ؛ حيث يعتبر هذا المبنى من أوائل المنشآت الخرسانية بالقاهرة، حيث تتكون جدران المبنى من الحوائط الحاملة أما الأسقف فتتكون غالبها من الخرسانة المسلحة وانتهى العمل بإنشاء المتحف في عام 1902 وافتتح في 15 نوفمبر من نفس العام”.
وتطرق “الحلوجي” إلى خطوات المرحلة الأولى من مبادرة إحياء المتحف، فأفاد إنه تم إزالة طبقات الطلاء السبع التي تكونت نتيجة الترميم ليظهر اللون الأصلي لمبنى المتحف وذلك باستخدام مشارط وبعض المذيبات، كما تم البدء في معالجة سطح الحوائط واستعادة الأجزاء المفقودة من اللون الأصلي، كما تم ترميم الزخارف الموجودة على الحوائط وعلى كرانيش الأعمدة والني كانت قد طمست على مر التاريخ خلال التجديدات وأعمال الطلاء، أما الأرضيات فأزيل المشمع البلاستيكي الذي كان موجودا عليها كما أزيلت المرمات الأسمنتية القديمة وتم إعادة ترميمها بمواد مناسبة ،ثم عمل طبقة حماية للأرضية بمادة الايموكسي. أما النوافذ فأشار إنه تم تنظيف النوافذ العلوية من الدهانات التالفة وعمل حماية للجمالون الخشبي أعلى النوافذ بواسطة الصاج المجلفن وتم تغيير زجاج كل النوافذ في الدور العلوي بزجاج تريبليكس triplex مكون من ثلاث طبقات، طبقتين زجاجيتنين وطبقة ثالثة مرشح يمنع دخول الإشعة فوق البنفسيجية بما يحد من إتلاف الآثار العضوية.
وأشار “ريتزلاف” إلى أن المتحف المصري يضم أكبر تشكيلة من الآثار في العالم، وأكد أن الحكومة الألمانية وضعت خطة كبيرة للحفاظ على المتحف مضيفا إنها رصدت حوالي 470 ألف يورو لخطة الحفاظ على المتحف، بينما قام خبراء كثيرين وعلى مستوى عالي دعموا المبادرة بالمعلومات عن المكان لترميمه.
وعبر السفير موران عن سعادته بوجود الكثير من السياح ، وهو الأمر المهم ليس بالنسبة للجانب التاريخي والتراثي فحسب بل على مستوى قطاع السياحة وتعافي الاقتصاد المصري أيضا، وقال أن مفوضية الإتحاد الاوروبى بمصر ستساهم العام القادم بمبلغ 92٫500 يورو لإستكمال مراحل المشروع.
وتطرق محافظ القاهرة إلي أن المحافظة تقوم حاليا بتطوير منطقة القاهرة الخيديوية وهي المنطقة الواقع بين ميادين التحرير ورمسيس والعتبة وتشمل أكثر من 1500 مبنى لهم مثلاء في باريس وعواصم أوروبية أخرى.
أما الأمير عباس حلمي فألمح إلى أن فكرة بناء المتحف المصري تعود إلى مؤسس مصر الحديثة محمد علي باشا، ووجه إلى الحكومة الألمانية كلمة شكر على مجهوداتها مشيرا إلى أنه من واجب الجميع الحفاظ على التراث الإنساني المشترك وهذا أفضل مايمكن فعله.
وأشار ممدوح الدماطي إلى أن عباس حلمي الثاني كان له دور وطني حيث كان إنشاء المتحف المصري والمتحف اليوناني الروماني والمتحف القبطي والمتحف الإسلامي بمبادرات خاصة منه.
وتحدث مالك عن هوارد كارتر مشيرا إلى أنه قام بمجهود عظيم في تسجيل الآثار التي اكتشفها في مقبرة توت عنخ آمون، حيث اتخذ أعوام لتسجيل الآثار بينما اتخذ 15 عاما لترقيم تلك القطع الأثرية، وأوضح مالك إلى أن القطع التي تم دراستها حتى الآن هم 30% فقط من محتويات المقبرة والتي اكتشفها كارتر.