كورنيليس هولسيمان رئيس تحرير موقع تقارير العرب والغرب. يمارس مهنة البحث عن المتاعب بمصر منذ ثمانينيات القرن الماضى . ويهتم بشكل خاص بالملف القبطى والعلاقة بين المسلمين والأقباط , حيث قام بتحرى
كورنيليس هولسيمان رئيس تحرير موقع تقارير العرب والغرب. يمارس مهنة البحث عن المتاعب بمصر منذ ثمانينيات القرن الماضى . ويهتم بشكل خاص بالملف القبطى والعلاقة بين المسلمين والأقباط , حيث قام بتحرى عدد كبير من أحداث الفتنة الطائفية بدقة وحياد وموضوعية يشهد بها كل من يقرأ لها. وقد تصدى كورنيليس بمفرده مؤخرا للتقرير المغلوط الذى بثه تليفزيون هولندى عن أحداث المريناب واتهم فيه الأقباط بحرق الكنيسة وإلصاق التهمة للمسلمين. واسرع بتكذيب ذلك قائلا إن ما اذاعه الصحفى الهولندى ليكس روندركامب بتليفزيون هولندا فى 26 نوفمبر 2011 حول ما حدث فى الماريناب فى بداية شهر أكتوبر الماضى. وما نشرته جريدة «المصريون» ذات الاتجاهات الدينية فى ديسمبر 2011 اعتماداً على هذا التقرير الإعلامى لإثبات أن الأقباط بقرية الماريناب قد أشعلوا النار بأيديهم فى كنيستهم.. وإذا كان الأمر كذلك فلماذا لم يكن هناك أى منهم فى الماريناب بعد الحريق حيث كان يمكنهم أن يسمعوا من جهاز الأمن المصرى أن تلك المزاعم لم يكن لها أساس من الصحة. وأضاف أن الصحفى الهولندى لا يعرف اللغة العربية وانه لم يسأل كل الأطراف. وإن البحث الاستقصائى الذى قام به كورنيليس بعد ساعات من الحدث وشهادات المسلمين واللواء محمد بدران نائب مدير امن اسوان أكدت ان شباب مسلم هو الذى حرق الكنيسة.
كورنيليس وتاريخه الطويل فى تغطية الحواداث الطائفية ورؤيته لمستقبل الأقباط فى مصر كانت محور هذا الحوار الذى اجريناه معه.
متى بدأ لديك الاهتمام بالشان القبطى؟
لقد درست علم الاجتماع بجامعة ليدن بهولندا. وتخصصت فى دراسة موضوع المسيحين بالشرق الاوسط وتاريخ العلاقة مع الاسلام. وكانت رسالتى للماجستير عبارة عن بحث عن الكنيسة الارمنية ونصف قرن قبل الابادة العثمانية للأرمن .
أما بالنسبة للأقباط فقد جئت مصر لأول مرة عام 1976وكنت اهتم بالعمل التنموى الاجتماعى حيث ذهبت لمدينة فراسكور بدمياط فى اطار العمل بمشروع هولندى لانتاج الألبان ولم أكن أعرف شيئا عن الأقباط حتى التقيت بنيافة الأنبا موسى اسقف الشباب والذى ارسلنى لكاهن جليل بدمياط يدعى أبونا بولس، وكان رجل عظيم قدم لى تعريف بالعقيدة الارثوذكسية – أنا بروتستناتى –والعجيب اننى وجدت تشابه فى بعض أمورالعقيدة بين كنيستى الهولندية والكنيسة القبطية . وقد التقيت ايضا بنيافة الانبا صموئيل اسقف الخدمات الاجتماعية والذى لا انسى سواله لى حول ماذا تكتب الصحف الغربية عن الكنيسة القبطية، وحدثنى عن مشاكل الاقباط ما بين عامى 1984 – 1985 اسست مؤسسسة ( ايرينى ) – مستوحيا جملة ايرينى باصى القبطية – اى سلام وكان مقرها فى ليدن وعملها الأساسى مساعدة ( الزبالين ) بمنطقة المقطم كان اهتمامى هو التنمية. كذلك تراست مكتب الهجرة فى هولندا فى الفترة من عام 1987 الى عام 1994 ولاحظت رغبة بعض الأقباط فى الهجرة . ولا انسى مساعدتى ل ناهد متولى فى الهجرة بعد اعتناقها المسيحية وتحولها لفيبى .ولكن عدد الأقباط الذين كانو يرغبون فى الهجرة بتلك الفترة لم يكن كبير.
وكيف بدات العمل فى الملف الطائفى؟
فى عام 1994 التقيت بالمحامى موريس صادق وكان قد استحوذ على اهتمامى باثارته موضوع خطف البنات القبطيات واختفائهن وذهبت اليه . فاعطنى قائمة قال انها تحتوى على بيانات هولاء البنات من اسماء وعناوين وتليفونات . وكان عددهن فى هذه القائمة 100 بنت .فاخذت القائمة وذهبت الى المائة أسرة والتقيت بجميعهم ولكن اكتشفت انه لا يوجد خطف بل وجدت 99 حالة اختفاء نتيجة مشاكل اسرية وقصص غرامية اى ان البنات اختفين باردتهن الا حالة واحدة فقط .
وهنا لاانسى حادثة شهيرة تعاملت فيها مع الانبا اثناسيوس مطران بنى سويف المتنيح – وقد طلب منى عدم النشر واستجبت له – حيث كانت هناك مشاكل اسرية تطيح بعائلة كبيرة بمدينة الوسطى وهذه المشاكل ادت الى هروب ابنتهم وكانت تبلغ من العمر وقتها 14 عاما حيث تم اعلان إسلامها وغضب الانبا اثناسيوس لان البنت قاصر وتحدث مع الجهات الأمنية بالوسطى ولم تستجب له فاتجه للسلطات الأعلى ببنى سويف بدون فائدة ثم التجا الى البابا شنودة الذى اتصل بزكريا عزمى رئيس ديوان الرئيس السابق الذى امر باعادة البنت ولكنها رفضت العودة الى المنزل فاخذها الانبا اثناسيوس الى احد بيوت المكرسات .ولكن عاد شقيق البنت من الاردن حيث كان يعمل وقتل جميع أفراد اسرته الاب والام والبنت . ورغم متابعتى للحدث الا ان موريس صادق اذاع أن الجماعة الإسلامية هى التى قتلت الأسرة . وارى ان المبالغة وعدم التدقيق فى الحوادث الطائفية يضر الأقباط بصورة كبيرة لذلك كانت طريقتى هى الانتقال الى مكان الحدث والاستماع الى جميع الاطراف لعدم نشر اى أكاذيب.
وهل تعرضت لمضايقات أمنية بسبب تغطيتك للقضايا الطائفية؟
اذكر انه كان هناك احداث طائفية بمدينة ملوى وكنت موجود بمحافظة المنيا وتم منعى من السفر الى ملوى حيث تم القبض على واعادتى الى القاهرة . وتكرر نفس الامر وكنت بمدينة القوصية وتم رفض السماح لى بالذهاب لملوى بحجة الارهاب.
تجهز رسالة دكتوراة حول تعداد الأقباط .لماذا اخترت هذا الموضوع وما خطتك للرسالة؟
موضوع تعداد الاقباط يمثل مشكلة كبرى حيث هناك فرق فى تحديد الرقم عند الاقباط وعند الحكومة وفى الشارع المصرى . وهو امر يشغل اهتمامى منذ سنوات طويلة وفى عام 1986 ذهبت لكل الايبراشيات فى الصعيد وسالت الآباء الاساقفة عن عدد الاقباط . وحسب المعلومات التى حصلت عليها فالنسبة كانت 8 فى المائة فقط . وهولاء هم الارثوذكس فقط .لكن الأرقام المتداولة بين الاقباط خاصة خارج مصر تقول ان النسبة 15 فى المائة او 20 فى المائة .وهذا محير لان الفرق كبير.
وهل الارقام التى حصلت عليها احصاء دقيق؟
لا بل الاعداد بالتقريب
وفى رايك هل تملك الكنيسة احصاء دقيق الان للاقباط؟
اذا كنت تقصد العام الحالى 2011 نعم الكنيسة اجرت احصاء وهى تعرف عدد الأقباط
وهل تثق فى دقة هذا الاحصاء؟
مشكلة التعداد عن طريق الكنيسة هى كثرة الهجرة الداخلية للاقباط بين المحافظات المصرية مما يربك الاحصاء
ولماذا لا تعلن جهة رسمية عدد الاقباط فى مصر؟
بحثت كثيرا عن اجابة رسمية لهذا السؤال ولكن كنت احصل على مبررات عديدة لاخفاء الرقم. فقال لى احد لواءات المباحث اننا لانريد ان نعلن عدد الأقباط ( مش عايزين دوشة ) او مشاكل. فالاقباط سوف يقولون العدد قليل .والكنيسة تقول ان الرقم الذى تعرفه غير رسمى .فالافضل للحكومة ان تصمت . وعندما سألت الجهاز المركزى للاحصاء قال: لانريد ان نكون لبنان ولا نريد ان يكون هناك فرق بين مسيحيى ومسلمى، كل المصريين واحد وكلها حجج واهية فلابد ان تكون كل المعلومات معلنة واضحة ولكن المعلومة ليست مجرد رقم فالمطلوب معرفة كيف وصلنا لهذا الرقم .
وماذا سوف تكتب فى رسالة الدكتوراة؟
تراجعت عن اجراء الرسالة حول تعداد الاقباط لانه امر صعب جدا، فقررت تغيير خطة البحث حيث اخترت الكتابة عن الفترة التى كان الرقم يعلن بشكل رسمى قبل عام 1950 قبل ثورة يوليو مع تتبع نمو اعداد الأقباط فى قرية منذ الخمسينيات وللان.
وكيف ترى مستقبل الأقباط فى ظل تصاعد التيارات الاسلامية ؟
فى رأيى أن مستقبل الأقباط يتطلب اجراء حوار مع التيارات الاسلامية ، وهذا لايعنى الموافقة على افكارهم ولكن لمعرفة كيف تسير البلد .هذه التيارات لابد ان تعرف الكثير عن الاقباط فمن خلال رصدى لمشاكل مصر الطائفية كان السبب الرئيسى فيها انها تحدث من مسلمين لاتوجد لهم علاقة جيدة مع الاقباط بل فى ظل وجود عزلة فكرية.
وهناك نموذج رائع أريد أن أشير اليه متمثل فى قرية تدعى كفؤده بمركز مغاغة بالمنيا وهى قرية 85 بالمائة من سكانها مسلمين و15 بالمائة مسيحيين وعمدتها مسيحى. وتسود علاقات طيبة وعميقة بين اهلها ولا انسى علاقة القمص يؤانس انطوان بالشيخ علاء عبد الفتاح وهو شيخ سلفى معتدل يسانده مسيحى القرية فى ترشحه لانتخابات مجلس الشعب وهو يرفض أفكار السلفيين المتشددين ويحلون أهالى القرية كل مشاكلهم بحب وتعاون وهو نموذج يجب تعميمه.
هل يمكن قيام دولة دينية بمصر ؟
فى رايى مصر ليست ايران، ولن تكون ايران .كذلك لا أصدق ما يردده البعض عن امكانية تقسيم مصر، فهذا امر لا يمكن حدوثه لان الاقباط متغلغلين جغرافيا فى مصر من الاسكندرية الى أسوان ولا يمكن جمعهم فى جيتو خاص.
إ س