روايات تحكى بالدموع عن رحلة معاناة أقباط العريش، لكل أسرة تاريخ بمدينة عاشوا فيها أجمل أيام العمر، في منازل واسعة وعلاقات طيبة بجيرانهم، تقلدوا وظائف متنوعة بجانب أعمالهم ومشروعاتهم الحرة ولكن.. كل شىء يتلاشى في أيام قليلة ويتحدد مصيرهم بيد جماعات إرهابية لم تخيرهم سوى بالرحيل أو الموت.. دموع وبكاء وحسرة ومستقبل مجهول للأسر المهجرة التي هربت للإسماعيلية بعد استهداف الأقباط وقتل 7 بطريقة وحشية في أسبوعين..
“عم سيفين” تاريخ بالعريش ودموع تبكي
وصل “سيفين مرقص” ( 89 عام) إلى بيت الشباب بالإسماعيلية، وعند دخوله من بوابة المنزل جلس في أقرب مقعد وهو يلتقط انفاسه بصعوبة يرفع عينيه للسماء، ثم يعود لينظر فيما حوله وهو لا يصدق ما هو فيه الأن.. عينيه المفتوحتين تسيل الدموع منهما، وحسرة تملأ وجهه المسن.. أولى كلماته كانت: بعد 55 سنة في العريش أخرج منها هربان بهدومي وعكازي..
قال “عم سيفين” الذي كان يعمل بالتعليم وهو يتحدث بصعوبة ويصارع تقدم عمره : أعيش منذ 55 عاماً، في العريش شاركت في حرب 1967 ،وعشنا 12 سنة تحت الاحتلال الإسرائيلي لم يحدث لنا ما تعرضنا له اليوم.. ولم نرى منهم شيئاً كالذي يحدث لنا الأن.. لم نهجر رغم الظروف الصعبة.. وأنا في الأخر اهرب بهدومى؟! وسبنا كل ما نمتلكه وبيتنا تركناه.. أنا نفسيتي تعبانه وحزين انه يتعمل فينا كده ،وكل يوم بنشوف موت المسيحيين والإرهابيين يدخلوا البيوت يدبحوا الناس قدام عيالهم.
توقف “عم سيفين “عن الكلام وتنهال دموعه خلف نظارته ، وهو يلتفت لينظر حوله بحسره على كل الأسر المهجرة، يبكى مثل طفل وهو يتلجلج بالكلام ويقول : أحنا مش عارفين ليه بيتعمل فينا كده؟!، من فترة وأحنا تعبانين والإرهاب في العريش والحكومة مش قادرة علينا، نفسي أرجع وأموت في بيتي على سريري.. ده ميرضيش ربنا.. عايز سيادة الرئيس يتصرف ويشوف حل للناس.
جلست ابنته “عواطف سيفين” (58 عامًا) بجواره وهي ترتدى الملابس السوداء وتروي مأساة الهروب : أحنا يجيلنا شهر عايشين في رعب وكل يوم نقول فترة وهتعدي ،لحد ما الإرهابين دخلوا على بيوتنا ويقتلوا الناس ويولعوا فيهم ولم يكن عندنا حل غير ان نترك بيوتنا ونمشي.. تركنا كل شىء فيه ومش عارفين هيدخلوا ويسرقوا اللي فيه؟ حتى جهاز بنتي المعد لزفافها تركناه، وأحنا مهما عشنا في أي مكان مش هنرتاح إلا في بيتنا.
وأنهت عواطف كلامها قائلة : الناس خلاص مش عايزة ترجع العريش تاني لأن مفيهاش أمن ولا أمان، ومن أربع سنين والدنيا غير مستقرة ،والمستقبل غير واضح وغير آمن.
[T-video embed=”TzLfQpeGNKk”]