هالة قدرى زوجة الشهيد نبيل صابر أيوب الذي قتل في العريش مساء السبت الماضي من قبل تنظيم داعش الارهابى ، تجلس بملابسها السوداء ووجها الشاحب من كثرة البكاء والحزن ، وعينيها تملئ بالدموع ، تستجمع الزوجة قواها للتحدث لأول مرة عن الصدمة التي لم تتوقعها أن تصبح أرملة ويعيش أطفالها أيتام وتفقد السند، يتركها زوجها ويدفع حياته ثمنا لأنه لم يرضى أن يجلس في معسكر الشباب دون عمل، لذلك قرر العودة ليطمئن على منزله ومحله وهو رأس ماله ومال أبنائه، فقتل لأنه مسيحي ” وأطلقت الرصاصات مع صرخات الإرهابيين في شارع العريش ” نبيل يا كافر أنت كافر ” .
الزوجة الحزينة التي لم تتعدى ال 35 من عمرها ، أصبحت مسئولة عن طفلين ، لاتستطيع تحديد مستقبلها ومستقبل أطفالها فهي أصبحت العائل والمفكر والحامي لطفلين أكبرهم في الصف السادس الابتدائي والأخر في الصف الأول الابتدائي .
هالة قدري قالت وهى تلتقط أنفاسها بصعوبة” نعيش في بورسعيد منذ أن تركنا العريش في فبراير الماضي ، ولدى طفلين فى المرحلة الابتدائية ، ولكن وضع الإقامة هناك سيء حيث نعيش في غرفة واحدة داخل معسكر الشباب، ونعانى كثيرا كأننا محبوسين فالاهتمام ضعيف ولا توجد نظافة وهو ما أثر على صحة الأطفال ، وزوجي لا يعمل وجالس طوال اليوم دون عمل ، وأثر ذلك على نفسيته ، وتعب كثيرا لهذا الوضع ، والمحافظة لا توفر شيء ، لذا قرر زوجى العودة للعريش لإنهاء أوراق امتحانات ابننا وإحضار بيان نجاح ، وفي نفس الوقت البحث عن رزقه فقام بفتح محله ” كوافير حلاقة ” ، لأن هده أكل عشنا .
وتابعت ” بعد سفره بثلاثة أيام جاء خبر وفاته من خلال جارتي ولم أصدق لأنه كان على اتصال بى قبل قتله بدقائق وهو يوصى على الأطفال وطلب أن يكلمهم ويطمئن عليهم ، ولكن كانت الصدمة كبيرة لوفاته ، وخبر صعب وظللت أتماسك من اجل أطفالى لأنهما لم يعلما بوفاة والدهما ، وكان بيشوى يتساءل ” يا ماما أنتى لابسه اسود ليه بتعيطى ليه ، وعند دخول نعش وجثمان زوجي الكنيسة صرخ ابني وهو يسأل ” هو مين اللي جوه الصندوق يا ماما ، فنظرت له وقلت ” بابا راح السماء فظل بيشوى يبكى بشده ولم أتماسك أمامه.
واستكملت الزوجة والألم يرتسم على وجهها ” أنا مش هقدر ارجع العريش تانى ، انا كنت بحب العريش ولكن دلوقت كرهت العريش ولا يوجد أمن ، ولن ادخل العريش تانى بعد استشهاد زوجي ، واتمنى من الدولة ان لا تترك اطفالى وتضمن حقهم ولا تترك حقي زوجي ويجب استكمال التحقيق، ويتم ضبط الجناة ومحاسبتهم ، حتى يتوقف الدم ولا يكون شهداء آخرين ، ويجب أن يكون هناك اهتمام بالعريش اكثر من ذللك، حيث اننا دائما كنا نسمع طلقات الرصاص، نعيش في رعب طوال الوقت .
وأوضحت الزوجة ” أن محافظ بورسعيد لم يبدى اى اهتمام بالمهجرين، وجاء مرتين وقال لنا ” معنديش سكن في بورسعيد ” لأنها زحمة ، ولم يتم توفير عمل لزوجي فكان ” رزقه يوم بيوم ” ، وكان يشعر بضيق ويجلس طوال الوقت في الغرفة داخل المعسكر ، وهو ما زاد من تعبه لأن زوجي لا يحب الجلوس دون عمل ، ومسئوليات الأطفال تتزايد لذا قرر العودة للعريش وقالي ” انا تعبت مش هقعد كده هنا ” ، وكنت أتواصل معه وكان يخبرنا أن الأجواء هادئة ولكن حديثه وكأنه يشعر بالاستشهاد ، وكان يخطط أن بعد انتهاء امتحانات الأطفال سوف يأخذنا للعريش لأن محله هو مصدر رزقنا والحياة أصبحت صعبة والأسعار تزايدت للضعف، وليس لنا مصدر دخل سوى هذا المحل ومحل بقاله تحت المنزل.
وبعثت الزوجة رسالة للرئيس عبد الفتاح السيسى ” قالت خلالها ” بقول للحكومة كان نفسي أشوف الرئيس السيسى لأن مشكلات العريش كتير ونفسي الجيش يمسك البلد ، وان تترك الشرطة المدينة للجيش لأنه هو القادر على السيطرة داخل المدنية لأن الشرطة لا تفعل شيء .
وروت الزوجة لحظة قتل زوجها بعد أن استمتعت لجيرانها ” أن ملثمين جاءوا وهو يجلس أمام المحل فنطقوا اسمه يا نبيل ” فنظر لهم وأطلقوا النيران عليه وهم يقولوا كافر أنت كافر ” وجميع الناس هناك تحب زوجي وهو على علاقات طيبة ، فكانت صدمة .
وفي كلمة لروح الشهيد ” انت في السماء وبتشفع لنا صلى لأجلنا ولأجل أولادك وربنا يعزينا ويصبرنا ويصبر والدته واشقائه ونحن نعلم انه في مكان أفضل ويصبر كل اسر شهداء العريش .
Discussion about this post