يروي الكتاب – حكاوي الضحك المر كلمة ورد غطاها – حكاوي الوطن وهمومه فيضحك عليها الكاتب بقلمه المسنون ،ومن يحترف الكتابة يعرف صعوبة الكتابة الساخرة التي تمتزج فيها روح الكوميديا مع تمرد كامل وجاد على الأوضاع التي يلاحظها الكاتب الساخر. قال الكاتب الأردني يوسف جيشان عن هذه الكتابة: “هي سلاح الشعب الضعيف في مواجهة الغاشم، وهي سلاح الطبيعة الفعال ضد القتامة والفساد والخواء، وهي سيف يعيد الأشياء إلى حجومها الطبيعية ويفقع بالونات الدعاية الفجة ويطهر الأمكنة من فسادها”. كما أن علم النفس في أحد فروعه تحدث عن الكتابة الساخرة واصفها بأنها سلاح ذاتي يستخدمه الفرد للدفاع عن جبهته الداخلية ضد الخواء والجنون المطبق، إذ إن السخرية رغم هذا الامتلاء الظاهر بالمرح والضحك والبشاشة، إلا أنها تخفي خلفها أنهاراً من الدموع.. إنها مانعة صواعق ضد الانهيار النفسي.
وحين قرأت هذا التعريف في علم النفس أدركت تماما ما كتبه ويكتبه الزميل الكاتب الصحفي ماجد سمير في معظم كتاباته وآخرها كتابه الصادر حديثا-بريشة الزميلة الفنانة هبة عادل- عن دار أكتب للنشر والتوزيع:” حكاوي الضحك المر والقلم المسنون… كلمة ورد غطاها“.
(الضحك المر)… يقدم عبر كتابة ساخرة الكتابة ليست بغرض الضحك أو المرح فحسب بل هي تمرد وسلاح وحيلة دفاعية لما يعنيه كمواطن مصري ولما يلاحظه كصحفي أي أنها فن الالتفاف على المحظور.
ينقسم الكتاب الواقع في 136 صفحة من القطع الصغير، إلي عدة أجزاء تبدأ بمقالات تسخر من واقع المجتمع المصري، ثم يليها “شكة” ثم “باختصار” واخيرا كلام حلمنتيشي وهي قصائد نثرية – فن المقامة – تنتقد تصرفات البشر. منها
يحيا تقشير البصل
يسخر الكاتب من توقيع مصر اتفاقية تفاهم مع المملكة السعودية تلزم الجانب المصري توريد بنات وسيدات للعمل في المملكة كخادمات ومديرات منزل وجليسات للأطفال والمسنين، فيقول “تحت شعار “الست المصرية تغسل كموج البحر” : تنوي الحكومة تصدير مليون فتاة وسيدة – لا تزيد أعمارهن عن ثلاثين عاما حسب بنود الإتفاقية المذكورة – بحلول عام 2010 وعلي رجال الفيفا أن يعضوا أصابعهم ندما علي الصفر الذي حصلت عليه مصر في سباق تنظيم مونديال 2010 وعلينا أن نفرح ونفخر بأننا سنشارك في مونديال تنفيض السجاد وتنظيف الأرضيات وغسل الصحون بمليون سيدة مصرية“.
مناقصة لشراء شعب
“أتمني أن يأتي يوم يقوم فيه الشعب المصري بتوكيل محام متخصص في قضايا الخلع من أجل رفع قضية “فلسعة” من الحكومة أمام محكمة العدل الدولية، مطالبين بالحصول علي حق الهجرة واللجوء إلي بقية دول العالم تاركين “الحق والمستحق” لحكومتنا العظيمة، فلم تعد معيشتنا مع حكامنا ممتعة والأنسب هو أن نتركها ونتنازل لهم حتي عن النفقة أو أي حقوق لكي يتمتع المسئولون بالحياة بدون شعب.
.. مشكلة هروب الشعب وخلعه للحكومة لها جانب شديد الأهمية لأن المستثمرين “سيخسرون الجلد والسقط” وستنقل الفضائيات لقطات طويلة لمستثمر وهو “ماسك في رقبة مسئول كبير” ويجري به في الفضاء الشاسع أو لقطات متنوعة لمسئول آخر وهو يحاول إقناع مستثمر ثان بأنه لو اشتري “بورسعيد” سيحصل علي “الدلتا” هدية ولو اشتري الاثنين سيأخذ البرج ومسلتين فوق البيعة“.
شكات
– لو أبدلنا حرف “اللام” في كلمة إعلام بحرف الدال لتحولت الكلمة إلي “إعدام” وهو بالفعل ما يقوم به الإعلام الحكومي في مصر منذ ما يزيد علي نصف قرن.
– حزنت جدا لفقد ابني المصاب بـ “أنيميا الفول” كل فرص الترشيح لعضوية مجلس الشعب لأنه ممنوع بأمر الأطباء من قزقزة “اللب“.
– بالرغم من التصريحات الحكومية الوردية المشيرة – بشكل شبه يومي- إلي اكتشاف البترول والغاز الطبيعي إلا أن أنبوبة البوتاجاز سعرها وصل 20 جنيها، حرام عليكي يا حكومة … الشعب قرب “ينفث“.
– بعد صدور أحكام بحبس الصحفيين، سيضاف إلي شروط التعيين في الصحف والمجلات خلال الفترة القادمة امتلاك “كالبش“.
– امتناع الزميلات الصحفيات عن “غسيل الملابس” يعود إلي خوفهن من الحبس في قضايا “النشر“.
الناشر: دار أكتب للطباعة والنشر
توزيع :مؤسسة وطني للطباعة والنشر