· في عام 1880م ولد النجم جورج أبيض ببيروت من أسرة متدينة يعمل غالبية أفرادها في المجال الديني، ونظرا لكونه الابن الأول تلقي جورج من أبويه إلياس وجوليا مهارات الثقة بالنفس وحب الفن والجمال فالتحق بمدرسة الفرير والتي أنهي بها مرحلته الدراسية الأولي ثم انتقل لمدرسة الحكمة ببيروت والتي تعلم فيها اللغة العربية وأحبها حبا جما الأمر الذي انعكس على مستقبله .
· قام بتمثيل أولي الأدوار الفعلية في حياته في الحفل السنوي للخريجين في مدرسته، والذي أدي فيه دوره ببراعة ماخوذ عن مسرحية القروش الحمراء,فأقبل عليه مدير المدرسة والممثل الفرنسي جان فريج -والذي كان يؤدي الدور نفسه علي مسرح باريس- ليحيياه علي براعته وإجادته للدور.
· بعد أن أكمل دراسته عين في شركة السكة الحديد ببيروت، ولكن حلم التمثيل ظل يراوده فاستقال من وظيفته وغادر بيروت دون وداع أمه قاصدا الإسكندرية وبدأ في البحث عن عمل حتي عين ناظرا لمحطة سيدي جابر والتي كانت محطة مصيف الخديوي، ولكنه لم ينس حلمه فاستخرج بطاقة عضوية من نادي خريجي كلية سان مارك وقدم عليها مسرحية القروش الحمراء للمرة الثانية وسط حشد من ممثلي السفارات الأجنبية والمثقفين، فتقدم إليه قنصل فرنسا وهنأه علي إجادته للدور وقال له: ليست السكك الحديد بالمكان الذي يناسبك أبدا وإنما مكانك الحقيقي هناك في كونسرفتوار المسرح بباريس.
· قام جورج أبيض عام 1902 بتكوين فرقة مسرحية من المثقفين من أعضاء النادي الذين كانوا يشاركونه هواياته ولم يكتف بذلك بل راح يكتب للخديوي رسالة تحمل في طياتها دور المسرح وأهميته في تقدم لشعوب وحاجة مصر الماسة لمسرح ومدرسة مدعمين من الدولة، غير أن الخديوي لم يرد علي رسالته وانتظر أبيض عامين دون يأس أو استسلام حتي عام 1904، فأرسل للخديوي بطاقة يدعوه فيها لحضور رواية البرج الهائل علي مسرح زيزينيا، فقابل الخديوي الدعوة بترحيب شديد وجعل المسرحية تحت إشرافه وبعد انتهاء المسرحية وإعجاب الخديوي بها أرسله في بعثة إلي باريس ليتعلم فن التمثيل وهو في سن العشرين.
· في باريس استقبله يعقوب صنوع رائد التمثيل وبعد حصوله علي أعلي الشهادات هناك عاد إلي مصر عام 1910 ليجد والدته باعت كل ممتلكاتها في بيروت وجاءت لتستقر معه بالإسكندرية، وما أن ذاع صيته حتي طلب منه الزعيم الوطني سعد زغلول تمصير المسرح وإحلال اللغة العربية محل اللغة الفرنسية وتوعية الشارع المصري ، فحل جورج فرقته الفرنسية وحل مكانها فرقة مصرية وقدم أول مسرحية شعرية عربية من تأليف شاعر النيل حافظ إبراهيم والتي كانت بعنوان جريح بيروت.
· نظم جورج أبيض العمل المسرحي فأنشأ أوركسترا وجعل للممثلين رواتب ثابتة وبفضل تعضيد سعد زغلول و”عبد الرازق عنايت” وهو أحد الأثرياء لجورج ابيض ماديا ومعنويا، استطاع الدخول إلي المسرح بخطي قوية ثابتة.
· في عام 1914 داهمت المسرح أزمة عالمية بسبب نشوب الحرب العالمية الأولي، والتي علي أثرها اندمجت فرقة سلامة حجازي مع جورج أبيض رغم فارق العمر بينهما حيث كان جورج 34 عاما وسلامة حجازي 62 عاماً فانفصلا سريعاً
· ثم اندلعت ثورة 1919 وتوقفت جميع المسارح عن التمثيل مشاركة في الثورة الوطنية. وفي أوائل العشرينيات ذهب جورج مع فرقته إلي تونس، فطلبت منه جمعية الأدباء بتونس أن ينشئ لها مسرحا تونسيا فاستمر جورج هناك مدة عام ونصف أنشأ خلالها أول معهد لفن المسرح بتونس.
· وهو في سن 43 تزوج من زميلته في المسرح دولت أبيض وفي عام 1926 رزقا بابنتهما سعاد. وما أن تزوجا حتي انضمت دولت لفرقة أبيض والتي كانت مؤلفة من حسين رياض وعباس فارس، والعملاقة روز اليوسف والتي أظهرت مواهبها في مسرحية الممثل كين إخراج عزيز عيد وارتفعت فيها إلي مصاف ملكات المسرح.
· ولم تستمر فرحة جورج بالاستقرار والزواج طويلا حتي داهمه المرض ولكنه لم يعبأ به بل راح يعمل بحماس وإصرار وفى عام 1930 جاء لزيارته زكي طليمات الذي أعاد لذهنه فكرة إنشاء معهد للتمثيل، فتحمس جورج وتقدم بطلب لوزير المعارف والذي وافق علي إنشائه وعين طليمات مديرا له بتعضيد من جورج وانطلقت منه الفرقة المصرية الحكومية عام 1935 .
· في عام 1943 تأسست نقابة ممثلي المسرح والسينما بالقاهرة وانتخب جورج أبيض أول نقيب لها بإجمالي الأصوات والريحاني وكيلا أول وحسين رياض وكيلا ثانيا.
· كرمه الملك فاروق في الاحتفال باليوبيل الماسي لدار الأوبرا عام 1945 حيث استدعاه بمقصورته بالإضافة إلي يوسف وهبي وسليمان نجيب، ومنح أبيض رتبة الباكوية من الدرجة الأولي ويوسف وهبي وسليمان نجيب رتبة الباكوية من الدرجة الثانية
· وفي عام 1952 عين جورج أبيض مديرا للفرقة المصرية ولكنه لم يستمر في منصبه طويلا وذلك بأمر من الأطباء بعد أن تدهورت حالته الصحية، فرشح يوسف وهبي خلفا له. واستمرت حالته تتدهور حتي رحل بجسده وإن ظل فنه حيا في قلوب عاشقي المسرح.
· وبحسب ما ذكره الاستاذ ماهر حسن والعديد من النقاد فإنه اختلف الكثير منهم على تاريخ وفاته، فهناك مصدر يقول إنه توفي 21 مايو وهناك مصدر يقول إنه توفي يوم 12 فبراير، وهناك مصدر ثالث ومن الناقد مؤمن المحمدى يقول إنه توفي يوم 25 مايو.. ومع اختلاف الأيام والشهور يبقي عام وفاته متفقاً عليه وهو عام 1959.