• نادر نعيم : طموحي بث قناة محلية من كل حي و”تليفزيون النوبة ” ثمرة نجاح “قناة عابدين”
• ياسر عبد العزيز : تجربة تلبي إحتياجات سكان المناطق المهمشة وتمثل صناعة الشعب للإعلام
• صفوت العالم : تلغي دور الدولة وأكبر دليل علي غياب القنوات الإقليمية
• رئيس القناة الثامنة : تتمتع بحرية في بث جميع القضايا ولا تؤثر علي دور القنوات الإقليمية
تحت شعار “إصنع إعلامك بنفسك ” ظهرا مؤخرا مجموعة من القنوات المحلية التي تبث عبر الإنترنت ووسائل التواصل الإجتماعي “يويتوب” والتي اصبحت تمثل إعلاما موازيا يسعي لأن يجد المواطن البسيط لنفسه مساحة إعلامية يعبر خلالها عن مشكلاته ، وبأقل الإمكانيات أسست هذه القنوات لتكون بداية لصناعة الشعب للإعلام .. ولكن هل ستقوم هذه القنوات بدور القنوات الإقليمية التابعة للدولة وهل تقاعس الإقليميات عن دورها في تقديم خدمة إعلامية تعكس مشكلات المجتمع المحلي وإنشغالها ببرامج “التوك شو” لتدخل تراك السباق مع القنوات العامة هو ما كان سببا رئيسيا لوجود مثل هذه التجارب ونجاحها ..
قال نادر نعيم مؤسس “تليفزيون عابدين” : راودتني فكرة إنشاء قناة محلية بسبب ما لمسته خلال فترة عملي بالميديا وبعض القنوات الفضائية من فجوة ما بين المواطنين وأزماتهم في الشارع وبين الإعلام والمسئولين لذا قررت عمل برنامج سميته ” شوارع مصر ” وكان يبث علي قناة “شباب 25 ” وهي قناة شبابية كانت تبث بعد ثورة يناير ثم توقفت عن البث لضعف الموارد المالية ومن هنا بدأت التفكير في عمل مشروع إعلامي خاص بي فتطورت فكرت البرنامج لتكون قناة تبث من عابدين وهي المنطقة التي ربيت وعشت فيها وبالفعل جهزت إستديوا خلال 9 أشهر في حارة من جوه حارة إسمها حارة ” عبد الدايم ” وكان كل من يراني أثناء فترة تجهيزي للإستديوا يسخر مني ويقول ليّ من يقبل المجيئ إليك في هذا المكان وبعد نجاح الفكرة الكل إلان يشيد بها
وأضاف نادر : هدفي الإساسي من إنشاء هذه القناة لتكون صوت الناس ويكون فيها المواطن هو البطل الرئيس الذي يعبر عن نفسه ووسيلة لنقل متاعبهم ومعانتهم للدولة
مؤكدا رفضه وفريق العمل الإنضمام لأي قناة فضائية حتي لا ننصبغ بصبغتها وتوجهنا كيف ما تشاء ونفتقد خصوصيتنا في نقل المشكلات الحقيقية التي يلقاها المواطن في الشارع ليس في منطقة عابدين فحسب وإنما في أي شارع من شوارع القاهرة
وتحدث نعيم عن تكلفية إنشاء قناة محلية فقال : تكلفة أي قناة محلية تتوقف حسب المحتوي الإعلامي فقد تبدأ من 1000 جنيه وقد تصل إلي مليون جنيه فهي لا تتحدد برقم معين فأنا بدأت بإمكانيات بسيطة ومعدات تصوير عادية ونظرا للتقدم الهائل في التكنولوجيا ووسائل الإتصال إستطاعت من خلال خدمة ” السكاي بي ” وكاميرا فيديو ووصلة “واير فاير” و”لاب توب ” نقل الكثير من الأحداث والتظاهرات والإحتفالات التي حدثت في منطقة عابدين علي الهواء مباشرة وبثها علي ” يوتيوب ” وبذلك إستطعت عمل مادة إعلامية بأقل الإمكانيات وبأبسط الوسائل وخلال عام ونصف تقريبا حققت نجاحا ملحوظا في الأوساط الإعلامية وبدأت فكرتي في الإنتشار وأصبح لها مشاهديها ومريديها
وتابع : لن يتوقف حلمي عند تأسيس قناة محلية فحسب وإنما يمتد ليشمل تأسيس قناة محلية بكل منطقة وإقليم وحي ونجع في جميع أرجاء مصر لذلك بدأت في تأسيس “شركة توصية بالأسهم ” مع مجموعة من المؤسسين لتقنين وضعنا القانوني ولتكون نقطة الإنطلاق بالنسبة لنا فضلا عن شروعي حالا في تأسيس “تليفزيون النوبة ” وهو تليفزيون دولي يتناول قضايا النوبيين في كافة أرجاء العالم وأعد له أستديوا خاص به حاليا في منطقة الهرم ، وإنطلاقة هذه القناة من مصر سيكون لها مردودا وطني إيجابيا فيما بعد ، علي أن يكون لها مكاتب ومراسلين في كل البلدان والمدن التي يوجد فيها نوبيين ، كذلك نقوم بتقديم ورش عمل للتدريب علي صناعة الإعلام المحلي حتي لا تنحصر الفكرة علي شخص أو مجموعة أشخاص بعينهم ويستطيع أبناء أي منطقة تنفيذ الفكرة
ومن المشاريع المستقبلية أيضا بث “قناة عابدين” من خلال القمر الصناعي النايل سات حتي تخرج من كونها قناة علي النت إلي قناة تليفزيونية يراها الجميع
وعلي صعيدا متصل قال ياسر عبد العزيز الخبير الإعلامي : ضعف الإمكانيات المتاحة لقطاع القنوات الإقليمية بإتحاد الإذاعة والتليفزيون وفرض الكثير من القيود علي المحتوي الإعلامي هو ما خلق مثل هذا النوع من القنوات المحلية بكونها تجارب تلبي إحتياجات سكان المناطق المحلية وحل مشكلاتهم بالتزود بمحتوي إعلامي يركزعلي مهام معينة خاصة بالجمهور المحلي
مشيرا إلي أن الدول المتقدمة يوجد بها إنتشار كبير لوسائل الإعلام المحلية التي تهتم بالأخبار الخاصة بسكان المناطق فيزيد عدد القنوات المحلية في كافة المناطق ولكن بسبب الخصوصية المصرية لن تكون هناك شبكة متقدمة من شبكات القنوات المحلية المشابهة لأن مصر من الدول ذات النزوع المركزي بمعني اننا لسنا مثل الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة مثلا فما زالت أخبار العاصمة هي أهم الأخبار والجمهور دائما مهتم بما يحدث في المركز رغم حاجته بالتزود بالأخبار المحلية ، وأضاف عبد العزيز : إن تجربة هذه القنوات تعد بذرة جيدة للإعلام الشعبي الذي يصدر من الشعب وإلي الشعب حيث أننا نجد الإعلام في دول العالم المتقدمة هو إعلام شعب وقطاع خاص وليس إعلام دولة فهي تمثل التطور الطبيعي في مجال صناعة الإعلام وهذا لا يتقاطع مع دور الدولة في شيئ فضلا عما يقدمه هذه القنوات من محتوي إعلامي جيد
وتوقع عبد العزيز حدوث طفرة وتقدم ملحوظ في إطار هذه القنوات التي تبث عبر الإنترنت ولكنها لن تصل إلي الدرجة التي توجد عليها في الولايات المتحدة مثلا أو في ألمانيا وهذا مرجعه المركزية الشديدة في القاهرة وعدم وجود تربة خصبة يتقدم فيها مثل هذا النوع من الإعلام
وعلي الجانب الاخر قال علي المريخي رئيس القناة الثامنة : تتميز القنوات التي تبث عبر الإنترنت ووسائل التواصل الإجتماعي ” يوتيوب ” بحريتها في الحركة وإتخاذ القرار في نقل الحدث فتكون قادرة علي بث أي قضية أو مشكلة علي الهواء مباشرة دون الرجوع لأي ضوابط أو قيود فلا تحكمها بيقراطية أو تعليمات مثل القنوات المحلية التابعة للدولة ، ولكنها رغم هذا لا يمكن أن تغني المشاهد عن القنوات المحلية أو التليفزيونية التي تبث عبر الشاشة الصغيرة ذلك لأن مشاهدتها تقتصر فقط علي مستخدمي الإنترنت دون غيرهم وبالتالي لا تصل إلي كافة الجمهور خاصة في القري والنجوع والأقاليم علي عكس القنوات الأرضية التي يشاهدها الجمهور بسهولة وتكون متاحة للجميع دون الحاجة لأجهزة كمبيوتر أو إشتراكات نت ، ذلك لأن القنوات الإقليمية هي بطبيعتها تخدم مجتمعات بسيطة قد لا تصل في كثير من الأحيان إلي درجة كبيرة في التعليم فكيف لها أن تقدم خدمتها الإعلامية من خلال أجهزة كمبيوتر يصعب علي الكثيرين من الجمهور التعامل معها لكونها تجهل ثقافة النت ، وبالتالي تظل تجارب الإعلام المحلي تحت الإختبار لم تثبت نجاحها بعد ولم تحقق المرجو منها بالوصول لنسبة مشاهدة عالية أو الوصول لجميع المشاهدين في القري والريف وبالتالي لا يمكن أن تحل محل القنوات الإقليمية أو تلغي دورها في عرض مشكلات الإقليم الذي تقوم بتغطيته إعلاميا
مشيرا إلي أنه عندما تتحول هذه القنوات المحلية للبث عبر الأقمار الصناعية مثل النايل سات تكون فقدت خصوصيتها وتصبح قناة فضائية مثلها مثل باقي الفضائيات التي تهتم بالقضايا القومية والعامة في المقام الأول فضلا عن كونها تصبح موجهة لجميع المشاهدين في كافة الأرجاء فلن يتهم الجمهور بمشاهد القضايا الخاصة لأن إهتمامه ينصب علي القضايا العامة لذلك تبقي للقنوات الإقليمية خصوصيتها كونها تهتم بالقضايا الأكثر خصوصية للمواطن والتي تمس بشكل مباشر مشكلاته اليومية والحياتية وتسعي لحلها وإيصالها للمسئولين
وعن إتهام القنوات الإقليمية ببعدها عن القضايا المحلية وإنشغالها بالقضايا القومية وتقديمها لبرامج “توك شو” قال المريخي : الخريطة البرامجية لجميع القنوات الإقليمية لإتحاد الإذاعة والتليفزيون لابد أن تشمل فقرات مفتوحة لتلقي شكاوي المواطنين علي الهواء مباشرة مع عمل مداخلات تليفونية مع المسؤولين المعنيين بالمشكلة وكثيرا من الأزمات التي نتناولها عبر الشاشة يتم التوصل لحلول لصالح المواطن فضلا عن حصص برامجية لا يمكن إغفالها تهتم بمشكلات الزراعة أو الصناعة أو الصيد أو السياحة كلا حسب طبيعة الإقليم الذي تقوم القناة بتغطيتة إعلاميا
ومن جانبه قال الدكتور صفوت العالم استاذ الإعلام بجامعة القاهرة : هذا النوع من القنوات له مزايا وعيوب ومخاطر أيضا أما عن المزايا فهي تسعي لدعم العلاقات الإجتماعية في المجتمع الواحد في مواجهة الأزمات التي تواجه أبناء الحي أو الإقليم كما تساعد في تقديم الخدمات المختلفة مثل نقل الأخبار السارة أو الحزينة ليتم تداولها بين سكان القرية الواحدة ويعلم بها الكافة
أما فيما يخص مخاطرها وعيوبها فنجدها تلغي دور الدولة في إدارة المؤسسات الإعلامية والتدقيق في المحتوي الإعلامي للتأكد أنه يخلوا من الإبتزال أو التضليل وبالتالي عدم وجود رقابة إعلامية علي هذه القنوات يجعلها قد تمثل إهدارا للمرفق القيمي والمجتمعي إذا إستخدمت في فرض مضامين مجتمعية ضارة مثل بث بعض النعرات الدينية والطائفية والتي تتسبب في خلق الفتن والزرائع أو مثلا في حالة وجود خلاف سياسي بين أبناء الحي الواحد فتستغل في توجيه الاراء لصالح مرشح معين يرضي عنه البعض ولا يرضي عنه الأخرين مما يخلق حالة من التفسخ والتشرذم القيمي والمجتمعي والتناحر بين أبناء المجتمع الواحد في حين الإعلام دوره الإساسي هو توحيد وجدان الوطن
وأكد العالم أن ظهور مثل هذه القنوات هو أكبر دليل علي غياب دور القنوات الإقليمية وتقاعسها عن أداء مهامها فضلا عن كونها تقدم محتوي إعلامي غير جذاب مما يدفع المشاهد للبحث عن بديل فضلا عن كون الجمهور مازال يجهل فهم فكرة الإعلام المحلي لذلك نجده ينصرف عنه ويفضل مشاهدة الفضائيات لمتابعة القضايا العامة