تبهرنا حضارتنا الفرعونية دائمًا، بابتكارت واختراعات ربما عصرنا أذهاننا وبحثنا يمينًا ويسارًا لنصل إلى جزء بسيط من علومهم أعواما طويلة.
كما تنفرد الحضارة الفرعونية بمكانة المرأة لديها، فلم تحكم المرأة وتشتغل في السياسة فقط، بل أنها وصلت إلى مكانة رئيس الأطباء؛ التي تعادل حاليًا منصب وزير الصحة.
وفي هذا الصدد صرح المؤرخ بسام الشماع، لـ”وطني” تفاصيل تقلد أول امرأة في مصر القديمة مهنة الطب. قائلًا :”علينا أن نفخر جميعًا أن لدينا أول طبيبة في التاريخ، ويرجع وجودها إلى 4000 عامًا، وهي العبقرية “بيسيشت”.
*الطبيبة “بيسيشت” :-
وتحدث “الشماع” عنها، موضحًا أن كلمة طبيب عند أجدادنا الفراعنة كانت تُكتب “سونو”، أما الطبيبة فكانت تكتب “سونوت”، أي أن تاء التأنيث لدى الفراعنة تماثل تاء التأنيث عند الفراعنة.
وسرد قصة الطبيبة “بيسيشت”، التي ألمح إلى أنها الأقدم وليست الوحيدة، فهناك طبيبة أخرى في الدولة البطلمية اسمها “تاوي”، وأخريات لا توجد الكثير من المعلومات عنهن، قائلًا :” كانت بيسيشت، طبيبة عبقرية، رائعة، عظيمة، مقدرة، مبجلة، ذات علاقة بالبلاط الملكي، لها أثر وحيد بمنطقة سقارة، أنشأه ابنها، ما يدل على وفاءه وإخلاصه لولدته”.
كان لـ”بيسيشت”، ألقابًا كثيرة، منها :المشرفة على الأطباء، المشرفة على شؤون الملك، الحائزة للشرف لدى الرب، وبالتالي هناك نص بيتكلم عنها، كما أنها سميت بـ”إيمي إر ت سونو”، أي رئيسة الأطباء. عاشت “بيسيشت”، حتى سن متقدمة، وقد كانت رفيعة المقام في القصر الملكي.
*طب الشرج عند الفراعنة : –
تخصص الطبيب “إر إن أخطي”، في علم البروكتولوجي، أي طب الشرج، وهو علم حديث في مصر توصلوا إليه الآن، وهو ما سبقهم فيه أجدادهم في مصر القديمة. كما تخصص في الجهاز الهضمي.
*مرض السرطان لدى الفراعنة :-
تساءل المؤرخ بسام الشماع، هل عرف المصري القديم مرض السرطان؟!
ليجيب تفصيلًا عما تركه لنا أجدادنا من أثر عن ذلك المرض اللعين، قائلًا :”هناك حالتان تم ذكرهم، أشاروا إلى مرض السرطان، وهي بردية أوضحت أن هناك مرض اسمه “الآكل”، وهنا تكمن عبقرية المصرية القديمة.. فكيف عرف أن السرطان يأكل الخلايا، ما جعلني اهتميت بالأمر وسألت في مستشفى 57357، هل يستطيع الإنسان أن يعرف دون عدسة أن خلايا الجسم تتآكل؟ وكانت الإجابة نعم”.
أما الحالة الثانية التي أشارت إلى مرض السرطان، فكانت في وصفة في بردية كاهون الطبية، وهي متخصصة في أمراض النساء والولادة، حيث كان من ضمن الإصابات التي ذكرتها، علاج امرأة مصابة بسرطان الرحم، وكان هناك علاجًا مذكور فيها.
ووأوضح “الشماع”، أن هناك إشارة إلى علاج، ولكن لا أحد يعلم حتى الآن هل تم التعافي من المرض في عهد الفراعنة أم لا.
أما سبب الإصابة بالمرض، فقال إن هناك إشارت أن السبب فيها ، هو أن المصري القديم كان يطهو الطعام، ما كان يخلف الكثير من الأدخنة التي تسبب التلوث، وهو عامل رئيسي للإصابة بالمرض.
ونوه المؤرخ بسام الشماع عن كتاب “فن الولادة” لدكتور محمد الصياد، الذي ذكر بعض الترجمات من البرديات، أوضحها: “قل: ما هذه الرائحة التي تخرج منك؟ فإذا قالت لك إنني أفرز رائحة مثل رائحة السمك المشوي، فقل إنها مصابة بمرض “نمسو” بالرحم”.
وأشار الشماع إلى رسم نادر موجود على شقفة (قطعة حجر مكسور)، في المتحف المصري، وتوضح الرسمة وجود سيدة صدرها متهبل وبطنها منتفخة، ربما تكون حامل، ومن أسفل الصورة بدأ الموثق (الرسام أو النحات) الذي يتضح أنه طبيب يعي تماما معنى الطب والولادة، فقد رسم أسفل السُرة دائرة مستديرة وداخلها دوائر، والمرأة تمسك بالدائرة وكأنها كرة، وداخل الدائرة، رسم لطفل يضع إصبعه في فمه.
*المرأة التي تلد والعاقر :-
ثم عاد “الشماع” ليشرح بردية برلين :”ذكرت وشرحت بردية برلين أكثر من حالة خاصة بالولادة، وتطرقت البردية إلى المرأة التي تلد والمرأة العاقر. وقد كانت مدة الرضاعة عند المصريين القدماء ثلاث سنوات.
*أخطاء الفراعة: –
وقع المصري القديم في الأخطاء العلمية كغيره من البشر، فليس أحد معصومًا، فقد كان يعتقد أن الهواء يدخل من الأنف يسري بالشرايين ليخرج من القاعدة على هيئة غازات.
*الإسعاف عند الفراعنة : –
حكى المؤرخ مشهد جرى مع ملك ووزيره، فقد كان هناك ملكًا يُدعى “نفر إر كَـ رع”، كان يتفقد مباني الحكومة، وزيره يُدعى “وش بتاح”.
كان الوزير يعمل بكد، وفي مرة كان يفتتح الملك عمارته، فقال للوزير:”كيف كنت مخلص وماهر هكذا”، وقد لاحظ الملك أن الوزير شارد الذهن حينها، فصاح فيه صيغة، فقد الوزير وعيه على إثرها، ولا أحد يعلم هل كان مغشى عليه من الإرهاق أم أنه من التعب.
ونقلوه بعد ذلك إلى القصر الملكي، واستدعى الملك الكهنة والأطباء ورؤساء الأطباء، ثم أرسل لدار الكتب كي يحضروا له البرديات الطبية ليراجعها، وفي ترجمة أخرى قيل أنه فتح صندوق وأخرج منه البرديات، وكل ذلك يعني أن الملك كان على دراية بشؤون الطب.