واجهنا في الحلقتين السابقتين مع عادل بولاد مشاكل تسجيل التحطيب في اليونسكو، لكن.. ما هي مشاكل تدريب التحطيب في مصر؟ هناك عدة مشاكل أمام التحطيب في مصر، أولًا أنا لازلت متشكك من جدية الحكومة المصرية بشأن التحطيب. فمهما حدثتهم عن المر ومهما إن كان هناك اعتراف عالمي به واعتراف اليونسكو به فلا نجدهم يبدون اهتمام حقيقيًا بالأمر .
أتذكر إني تحدثت إلى مسئول حول التحطيب فقال لي إن تلك اللعبة تصلح بين الأجانب وليس في مصر. وهو الأمر الغريب فالتحطيب نشأته في مصر والدليل تلك النقوش والمناظر الأثرية، هو بذلك لا يحترم أجداده. وأنا أقول لهم يجب أن تعودوا إلى أجدادكم وجذوركم، فانتم الأجانب هنا. بالإضافة إلى ذلك فإن الشباب في مصر يتحدثون أكثر مما يتمرنون. كما إن الأولاد في مصر ينقصهم المرونة بشكل غريب، فهم يقبلون على ممارسة الأثقال وكمال الجسام حتى تصبح عضلاتهم ضخمة، وهذا له العديد من المشاكل، فضخامة العضلة تجعل ليونة الجسم ضعيفة، وهو ما لا يتناسب مع التحطيب بشكل خاص والعديد من الفنون القتالية بوجه عام، كما إن الجسم الضخم المثقل بالعضلات هو جسم ثقيل، وهذا ما أراه في تدريبات إعداد المدربين، فأنا في الخمسة والستين والمتدربين معي في العقد الثالث من العمر، غير أنهم يلهثون ورائي ولا يتحملون التدريبات التي أقوم بها، بالإضافة إلى إنهم يعتمدون على قوتهم العضلية بشكل أساسي، وهذا يضع عائقًا كبيرًا في مسيرة تكوينهم كأبطال وممارسين للتحطيب، فمن أسس التحطيب –كما قلت سابقًا- هو مرونة البدن والفكر. أما النساء فمشكلتهم أنهم يعتقدون خطأً إن الأنوثة تعني الضعف والخوف وعدم القدرة على ممارسة الفنون القتالية. وهناك مشكلة عامة أخرى، هي إن العديدين لا يزالوا غير قادرين على تنظيم مواعيدهم. فقد أجد شابًا متحمسًا لتعلم التحطيب، وحينما يجد إنه مضطر إلى تغيير مواعيده قليلًا لتلاءم مواعيد التمرين فينسحب. وهذا غريب فأنا كافحت لسنوات وآتي إلى مصر من فرنسا –في وسط جميع التزاماتي- لأدربهم وهم غير قادرين على تغيير مواعيدهم قليلًا.
تحدثت عن إن التحطيب له فلسفة، اشرح لنا ذلك. التحطيب يتضمن مبادئ الاحترام، احترام الذات واحترام الآخر، احترام اللعبة والعصا. هناك مبادئ عديدة تجدها في تفسيرات الحركات، عندما أراني طارق العوضي مناظر أبوصير وترجم لي ما هو مكتوب من نصائح من العلم لتلميذه، لاحظت إن ما يقوله هو مبادئ قتالية وحياتية أيضًا، وعندما وضعت لتلك المشاهد تصميمات قتالية اسميتها باسماء تشير إلى الفلسفة الحياتية الخاصة بها، فالمنظر الأول فيه المعلم يقول لتلميذه “لف واهجم من الخلف” وهو مبدأ قتالي رائع، فعندما ترجع عصاك للوراء ثم تديرها وتضرب هدفك فانت تستفيد بسرعة عصاك وتحولها لقوة، لكن هذا المبدأ يمكن تطوير به ذاتك أيضًا فالعودة للوراء ليس للعصا فقط، فللبناء يجب العودة إلى أصلك وقيمك، ولهذا اسميت هذا المنظر أبوصير تأصيل. وفي المنظر الثاني كانت نصيحة المعلم هي “أدر جانب الأيسر هكذا” ليوجهه إلى طريقة التحرك السليمة وبالنسبة للمشهد الثالث –والذي أطلقت عليه أبوصير التزام- حيث كان المعلم يقول “هيا لقد بدأت بالفعل”، فهنا نجد إن المعلم يحث تلميذه على الالتزام بما بدأ بالفعل، والالتزام هنا يشمل الالتزام بما أقوم به والالتزام بالآخر، وهو المرتبط بالمنظر الرابع –أبوصير تواصل- والذي يقول فيه المعلم “اضرب على اللحم” والذي فيه توجيه بالتواصل مع الآخر والالتزام معه.
إحدى تشكيلات أبوصير والتي يظهر في نصائحها فلسفة التحطيب [T-video embed=”i3mYWKzR3Uw”] ما هو الفارق بين التحطيب وفنون العصا الأخرى؟ التحطيب أقدم عمرًا من كل الفنون القتالية الموجودة على الساحة. كما إنه يتميز بحركاته الدائرية. ونجد في التحطيب أيضًا إن الفرد الممارس للتحطيب له دور والجماعة الكاملة لها دور والجمهور أيضًا له دور.
هل ترى وجوب تدريس التحطيب في المدارس؟ تسجيل التحطيب في قائمة اليونسكو معناه إن التحطيب أصبح لكل العالم، لكن يظل منشأه مصر فيجب أن يكون هناك اهتمام خاص به في مصر. وفي العام 2013 قمنا بعمل عرض أمام مدرسين ومفتشين التربية الرياضية، فمنحوه تصفيقًا حارًا وطلبوا أن يتم إدراج التحطيب في المدارس المصرية ثم لم أجد أحد منهم ثانيةً. ومع ذلك فأنا اعتقد إننا يمكننا أن نبدأ بالأندية الرياضية ومراكز الشباب ثم ننتقل إلى المدارس. فيجب علينا أن نبدأ بالأطفال فالرياضة تساعد على نمو شخصية الطفل.
أين هو التحطيب الآن؟ في فرنسا هناك العيد دمن الأقسام للتحطيب، ففي الحرس الجمهوري يوجد قسم، وقسم آخر بكلية العلوم وقسم ثاني بكلية العلوم السياسية، حيث أن الرياضة تعتبر جزء من النشاط الجامعي بالكليات بالخارج. وفي انجلترا هناك قسم للتحطيب وفي التشيك أيضًا. وفي الولايات المتحدة الأمريكية فإن أعضاء شبكة أندية مراكز الفنون القتالية الإفريقية (12 مركز في 12 ولاية) يتابعون فيديوهات التمرينات الموجودة على الانترنت، ويقومون بالتمرن وفقها، وفي شهر مايو القادم سيحصلون مني على كورس مكثف لمدة أسبوع. وفي الأرجنتين يقومون بالتمرن وفقًا لفيديوهات التمرينات ويرسلون لي فيديوهات تمريناتهم فأقوم بإرسال لهم التعديلات والنصائح. وفي لاهور بباكستان أيضًا طلبوا تأسيس قسم للتحطيب لديهم.
ما هي الخطوة القادمة؟ تكملة دورة إعداد المدربين واختبار المتدربين ومنحهم الاعتماد والشهادة يوم 18 مارس. وتنظيم أول بطولة في مايو. وأنا سأتابع هؤلاء المتدربين في كل المستويات. وأنا ملتزم بتلك المجموعة وسأمنحهم كل معلوماتي وخبراتي، وسأتابعهم في كل المستويات. |