أعداد ألشماس/ نشأت نظمى- أسيوط
إن الله تعالى يستخدم التجربة كعلاج شاف ، وعن طريقها يجعلنا أناء شفّا ف وطاهر ونقى ،فلا يجب أن ننظر أليها كنقمة بل كنعمة.. فطوبى لمن ينظر إلى التجربة هذه النظرة حيث أنة ينظر بعينية وقلبه يد الله الحنونة في التجربة وهو يقبل التجربة بحب وطاعة له ،وأن كل هذه التجارب تقربنا إلى السماء..
أن التأمل يا أحبائي في التجربة على أنها أمر محزن لا يفيد شيئًا، بل يجب التأمل في كيفية الاستفادة من تجربة الحزن عن طريق ألمقدرة على تحمل هذه الآلام التي تكون من جراء هذا الحزن وهذه التجربة ،فيقول الرسول بولس”أن خفة ضيقتنا تنشئ لنا بالأكثر مجدا أبديا”(2كو 4 :17 ) – فهذا المجد الأبدي لوحدة يكفينا أن نتعلم الاحتمال لتلك الآلام الملازمة للتجربة بصبر..
أنها تعزية كبرى يا أحبائي- أن يتأمل صاحب النفس الحزينة والمجروحة، أن الراحة الأبدية والسعادة التي نكون فيها ونحياها تكال لنا بكؤوس أكبر وأوسع من كؤوس الأحزان التي نشربها في العالم، وإن اّلام الزمان الحاضر لا تقاس بالمجد العتيد أن يستعلن فينا..
والسؤال هنا فلما تتضايقين أيتها النفس عند وقوعك تحت رحى تجارب العالم ، مادامت هي تطحنك وتصيرك دقيقا ناعمًا.. ثم تصيري خبزا طاهرا أمام الله، وأن شاءت إرادة الله تأديبنا، فمن هذا الذي سيرفض تأديب الله !!؟؟ – فأن تأديب الله لنا بالأوجاع والضربات خير من ابتسامة العالم .. وفى النهاية يقوم ويسلمنا للهلاك!! ولأن الذي يحبه الرب يؤدبه، فالذي يحتمل التأديب يعامله الله كالبنين .. فأى أبن لا يؤدبه أبوة ؟!! فأن كل شيء يكون للخير للذين يحبون الله..
أيها المحزون والمجرب والمتوجّع .. لا تحزن ولا تبك .. بل أعلم أن عين الله تراقبك ، وأنه وحده عنده العزاء الكثير بشرط أن تتكل علية من كل قلبك وأن تسلم له أمرك…
تأكد أيها الأخ الحبيب – أن الفاخوري لا يترك أبدا اّنيته في النار حتى تحترق ..
والصائغ أيضًا لا يدع فضته وذهبه في البوتقة أكثر مما يجب وينبغي .. فأن الله لا يمكن أن يترك مختاريه في أتون التجارب للحزن . بل هي للتزكية “أن الله أمين الذي لا يدعوكم تجربون فوق ما تستطيعون ، بل سيجعل مع التجربة أيضا المنفذ لتستطيعوا أن تحتملوا” (1كو 10 : 13)
لذلك لو أمعنا النظر فيما هم حولنا من أناس تجد كثيرين ومن هم ومن هم أقدس الناس وأكثرهم تقوى واقعين فى تجارب يندر ان يصاب بها غيرهم !! هم من يطلقون عليهم :
“حليفو الأوجاع ” لا يخرجون من تجربة حتى تحتلفهم تجربة أخرى.. ولكن الله قال:”لا أهملك ولا أتركك” .. وجاء في المزمور:”كثيرة هي بلايا الصدّيق ومن جميعها ينجيه الرب” (مز 34:19 ) .. وقال أشعياء النبي ناطقا بكلمات التعزية الصادرة من الروح القدس.. “إذا مشيت في النار فلا تلذع واللهيب لا يحرقك” (أش 34: 22).
أيها الاخ الحبيب من كان يظن :–
ا– أن ذلك الغلام (يوسف) الذي أبغضة أخوته وطرحوه في ألجب ثم يباع عبدا ، ثم ألقى
في السجن في أرض مصر وكانت العناية الإلهية حافظة له .. ولما جاء زمن افتقاده وانتهت
مدة تجربته خرج من السجن ليكون متسلطا على كل أرض مصر..
ب — ومن كان يظن ويتصور أن الطفل موسى الذي ألقته أمة بجانب النهر- أنة يأتي يوما-
فيه يغلب فرعون مصر وكل جنوده ، ويقود كل إسرائيل
ج— وهل خطر على بال أحد مننا- أن أنسانا مثل يونان يطرح في البحر ، ويدخل في جوف الحوت ثم يخرج منة سالما ؟!!
د– من كان ينتظر أن دانيال الذي ألقى في جب الأسود يخرج منه إلا عظامًا ؟!
ه– من كان يتصور أن الفتية الثلاثة اللذين ألقوا في أتون النار.. يخرجون أحياء ،ولم تكن للنار قوة على أجسادهم وشعرة من رؤوسهم لم تحترق وسراويلهم لم تتغير ، ورائحة النار لم تأت عليهم!!
هذه هي عناية الله وحفظة للذين يتوكلون علية في أزمنة الضيق .. فأنهم يخرجون منها منتصرين…
أن البحر الهادئ لا يصّير الملاح حاذقا .. والجندى الذي لا يشهد المعارك لا يكون جنديًا مدربًا.. والجسم الذي لا يتحمل المشقات لا يكون قويًا .. ولاتظهر النجوم إلا في الليل الحالك الظلام .. والحبوب العطرية لا تظهر رائحتها الذكية إلا إذا طحنت وسحقت..
أن الكمال لا ينحصر فقط في الرحمة والقداسة والمحبة .. بل يستلزم الاتضاح والصبر والاحتمال على التجارب والآلام ، وأنك لا يمكن أن تبلغ سر الكمال ألا من هذا الباب .. واذا كان الله أستحسن أن يجعل الأحزان والأوجاع مكملة للمؤمنين – فلماذا إذن نرفض نحن البشر هذه الآلام وفيها يكون كمالنا..؟!!
أن معلمنا قد تألم .. وهو رأس الجسد، فلابد أن كل عضو فى جسده يتألم مثله ويشرب من الكأس التي شرب منها سيده ومعلمه…
فلا تتعجب أذن حين ترى آلام الناس الأتقياء .. فأننا قد عرفنا سر آلامهم .. وأنما
مثل هؤلاء مدعوون إلى غاية فائقة ،وهم مفتقدون من الله وبمحبة خاصة جدًا .. لآنهم كلهم
تنتظرهم أكاليل مجد لا تزول ولا توصف..فلا ترفض أيها الحبيب ،جراح الحبيب . لأنه يجرح ويعصب…
الدروس المستفادة من التجربة:–
1— أنها نافعة لمجد الله
2—أنها تظهر لنا بطلان التعزيات الأرضية وتوقظنا من الغفلة0
3—نافعة لإزلالنا وإقناعنا بخطايانا
4—أنها تمتحن أيماننا وطاعتنا
5—تمتحن براءتنا وتصير نافعة لطهارتنا وتأديبنا
6—تعلمنا طاعة الله وإرادته وترشدنا إلى طلبة
7—تحفظنا من الابتعاد عن الله وإرادته وترشدنا إلى طلبه
8—تعيننا على الصبر والشجاعة في ميدان الحياة
9—تجعلنا مثمرين في الأعمال الصالحة
10 — تؤهل الإنسان لمجد أعظم وتهيئ له أكثر فأكثر ثقل مجد أبدي
أخيرًا .. يا معشر الحزانى …
أن الذين تبكونهم… هم الآن في محضر الرب متمتعين بملء المجد في مواطن
الأمن ومقاصير السعادة .. فهم هناك مع الملائكة ونفوس الأبرار يتمتعون ، وسترونهم
وتجتمعون معهم يومًا ما…وتعرفونهم ويعرفونكم في حياة لا فراق فيها…حيث الاجتماع
الدائم والمجد أمام عرش الله المجيد…آمين..