وتأكد الإحصائيات أن 90 بالمائة من هذا الرقم يوجد بالدول النامية ويعيشيون في مستويات اقتصادية منخفضة للغاية.
هذا كله قد يكون معروف وإن كان غير متوقع أو يثير الانتباه، إلا أن ما استوقفني أنا وبعض أصدقائي ما كشف عنه المركز المصري لبحوث الرأي العام “بصيرة” وهو.. أن 200 مليون شخص من ضعاف البصر لا يمكنهم الحصول على النظارات أو الأجهزة الخاصة بضعف الرؤية،
ترى هل الحصول على نظارة أو عدسة مكبرةلتصحيح النظر أصبح أمرا عسيرا على كل هذا العددمن البشر هل كل هؤلاء لا يملكون ثمن نظارة ربما يبلغ بضعة دولارات ؟
وحتى إذا وصل الفقر إلى هذا الحد فأين المجتمع المدني والمبادرات التي تتلقها الجمعيات الأهلية لعلاج غير القادرين هل هي مبادرات لأجل الشو الإعلامي أم هي موجهة لفئات معينة غير مستحقة ، أم عدد المحتاجين للدعم بات يفوق إمكانيات الحكومات والمجتمع المدني في الدول النامية ؟
وإن كنا وصلنا إلى هذه الدرجة فهذا مؤشر خطر لابد وأن يستوقفنا ويستوقف منظمة الصحة العالمية.
هذا هو أول سؤال ترق أذهاننا عندما قرأنا هذه الإحصائية إلا أنني بعدما فكرت قليلا تنبهت لأمر آخر قد يمنع هؤلاء الأشخاص من الحصول على النظارات والمعينات البصرية وقد يكون هذا الأمر أصعب من الفقر ألا وهو الانصياع الأعمى لثقافة وفكر المجتمعات النامية ، فآفة هذه المجتمعات الجهل والفكر المظلم الذي قد يحرم الإنسان من العيش بحرية، فربما تجد كثيرين يرفضون ارتداء النظارات حتى لا يظهروا أقل من غيرهم فيعاملهم الأخرون معاملة خاصة ، التجرح أحيانا وتثير الشفقة على الذات أحياناً، وتشل الحركة أحيانا أخرى، فهذا سبب لا يستهان به إن صح توقعه، غير أن ثقافة المجتمع أحيانا تفترض أن ارتداء النظارة المصححة للبصر أو استخدام المعينات البصرية الأخرة نوع من الرفاهية لا يمتلكه سوى الأغنياء ، فالفقير الذي يفعل ذلك قد يصفه الآخرون بالمثل الشعبي “أقرع ونزهي”.
هذه أسباب ربما تكون قريبة من السبب الحقيقي لوجود كل هذا العدد الضخم من الأشخاص الذين يعانون من ضعف البصر ولا يستطيعون الحصول على معينات بصرية مصححة.
وبهذه المناسبة أريد أن أتساءل:
متى تستطيع المجتمعات النامية أن توفر لمواطنيها أبسط الحقوق الصحية والتعليمية والثقافية ؟
ومتى يكون عندنا إحصاء تقريبي لأعداد المصابين بأي مرض ، وربما يأتي بوجه الخطأ تعداد تقريبي للأشخاص ذوي الإعاقة بشكل عام وذوي الإعاقة البصرية بشكل خاص ؟
نحن ننتظر ولا نكل أو نمل.
* الدكتورة شريفة مسعود – دكتوراه في الصحة النفسية والإرشاد الأُسَري. والمدير التنفيذي للمؤسسة التربوية للتدخل المبكر وبناء القدرات