لا نستطع في خضم الحياة وانشغالاتنا المتلاحقة أن ننسي يوم الاحتفال بروح ومصدر العطف والحنان الأم إنه أجمل الأيام لتكريم ملاك الرحمة وحضن الرعاية, الذي لا يغمض له جفن إن تألمنا, ولا يعرف السعادة إلا بسعادتنا, فالأم بفرطتها هي الحضن الدافئ والملاذ الآمن لأبنائها, فالليالي تشهد كم سهرت وأنت تهزين سرير طفلك حينما يفر من عينيه النوم ويجفوه النعاس, إنه يوم الحادي والعشرين من شهر مارس من كل عام, وهو بداية فصل الربيع رمز التفتح والصفاء والمشاعر الجميلة.
فالأم حب وعطف وتضحية, إنها أول بسمة تفتحت عيوننا عليها, وأول الأيادي التي أدخلت الدفء والطمأنينة إلي قلوبنا, إنها حضن الأمان ونبع الحب والحنان! لهذا قال عنها شكسبير ليس في العالم وسادة أنعم من حضن الأم.
فمن روائع خلق الله قلب الأم! لذا يتوجب علينا أن نتذكر دائما أن منزلة الأم لا يعادلها منزلة في البشر بعد منزلة الأنبياء والرسل, وحضت كل الأديان السماوية علي إكرامها وتجليلها, والتي فاضت في الكلام عن خصالها وفضائلها, بالإضافة إلي الأدباء والشعراء, وقد اختصر الشاعر حافظ إبراهيم فضلها عندما وصفها بأنها: مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق.
فبركة البيت مصدرها الأم الحنون, ويقول المثل العربي: كل القلوب هامدة, ماعدا قلب الوالدة, اللي أمه في البيت يأكل خبز وزيت, ويقول الشعب الهندي عن الأم: هي أمي لا فرق عندي, غنية كانت أم فقيرة, حتي الشعب الإيطالي يقولون عنها: الأم تحب برقة, والأب بحكمة, وقال الزعيم سعد زغلول: من أجل احترامي لأمي احترمت كل امرأة, ويقول عنها الشاعر أحمد شوقي: حب الأم لا ينطفئ إلا بانطفاء القلب.
مؤكدا بأن خير مثال لإكرام الأم هو السيد المسيح له المجد, فإنه حتي وهو علي الصليب متألما ألما شديدا لم ينس أمه العذراء القديسة مريم, فعهد بها إلي تلميذه يوحنا الحبيب وقال له: هوذا أمك, وفي هذه المناسبة أقدم باقة من الزهور إلي كل أم اعترافا بدورها في حياتنا, ونترحم علي كل أمهاتنا الراقدات علي رجاء القيامة.
ألبير ثابت
محاسب – مصر الجديدة