هناك شئ لا افهمه مطلقا فى الادعاء بوجود صلة فكرية او فلسفية بين جماعة الاخوان و الماسونيه. فلا ارى البته اى نوع من العلاقة بين الفلسفه الماسونية الغربية القائمة على اساس العقل و مبادئ العقلانية التى عرفتها فرنسا و من بعدها اوروبا فى القرن الثامن عشر من ناحية و استبعاد العقل كمصدر مباشر ووحيد للاباحة و التحريم ( اذن للتشريع ) عند الاخوان المسلمين من ناحية اخرى !
كيف يمكن ان يكون اخوانى ماسونيا مؤمنا بان هناك قوة بناءة فى الكون هى القوة الخلاقه تقوم على الانشاء و التاسيس اسمها العقل الانسانى دون ان تعطيها صفة الالوهيه ؟ هذه القدرة يسميها الماسونيون العقل الاعظم المدبر و لكنه عقل اسمى بلا شخص بلا وجه و بلا اسم . فالله – و لئن كان لا يتعارض وجوده مع الفلسفة العقلانية الماسونية- الا ان هذه الفلسفه ذاتها هى التى تتعارض مع الاسلام ، بل و مع المسيحيه ايضا لان الله فى المسيحيه له اسم و له وجه نعرفه و هو ما يقوم عليه الايمان المسيحى ان الله اظهر نفسه للانسان عن حب للانسانية.
لكن السؤال هو كيف امكن للاخوان – و حظهم من العقل و التدبير ،بل و حتى من الرجاحة الذهنيه الانسانية العاديه ، النصيب الذى نعرفه، كيف يتأتى لهم ان ينتسبوا الى مذهب عقلانى محض كان اساس النظم الدستوريه العلمانية فى الغرب و قائم على الافكار التالية :
اولا . فكرة استبدال الوحى بالعقل و اساس التحريم أو الحظر لاى سلوك ليس الدين و انما العقل الانسانى القويم و من هنا نشات قواعد القانون الطبيعى فى القرن الثامن عشر لتحل محل القانون الالهى و الاخلاق ذات المصدر الدينى !
ثانيا . الكتب المقدسة يتم استبدالها بقوانين الدولة كما يتم استبدال الله ذاته بالدوله التى تمثل فى الفلسفة الالمانية مثلا تشخيص لله على الارض (راجع هيجل ، مبادئ فلسفة القانون)
أما الاخوان فببدائيتهم و تصرفاتهم الغريزية لا يؤمنون لا بالدوله و لا بقانونها و لا بالنظم القانونيه و الدستورية العقلانية و مماراساتهم فى الحكم فى مصر و فى غيرها تبين الفرق الهائل بين الماسونيين و قواعدهم الصارمة من جانب و الاخوان بهمجيتهم و بانكارهم لهذه الصرامة العقلية و المنهجية التحليلية من جانب اخر و ذلك من ناحيتين :
١- نظام و عقلانية الماسونيين يتضح تماما فى تفسير الكون و الوجود و معنى الانسانية و تعبر افكارهم عن فلسفة علمانية تماما لا شان للوحى الالهى فيها على عكس المذاهب الاسلاميه بكافة اشكالها و على نقيض الفكر المسيحى ايضا الذى اؤمن به على الصعيد الشخصى
٢. المذهب الرمزى الذى يقوم عليه التعليم الماسونى يعد فارقا هاما يقوم عليه الفكر الماسونى و يميزه عن التعليم الاسلامى القائم على الخطاب المباشر الصريح و المفهوم للمكلفين بلا رموز بوجه عام و فى غالب الاحوال.
هذا كله غريب على الاخوان غرابة الحضارة على الهمجية و غرابة الصحة على البدن العليل !!! افهم طبعا ان رغبة فى الترقى قد ” يتمحك” الاخوان فى اى فصيل فكرى مسيطر على السلطة فى العالم و لكن من الغباء ان ينتسبوا الى فصيل لا توجد لهم معه اى روابط فكرية من اى نوع بل على العكس التناقض بينهم و بينه جوهرى و علاقتهم مع العقلانية – اساس الماسونية – هى علاقة عكسية على الاقل كما نعرفها فى الغرب.
الماسونى همه الاول هم ان يكون مواطنا صالحا فى جمهورية علمانيه و نظام ديمقراطى حقيقى قائم على فكرة التعددية و السلام الاجتماعى . اما محمد مرسي فمن المستحيل ان يكون ماسونيا لا هو و لا جماعته لانهم لا يؤمنون بذلك . و لن نجد قط على طول التاريخ ماسونيا اوروبيا يكلق الارهابيين و المجرميين ليتخذ منهم حماة له و لنظامه السياسي .
فلقد اطلق مرسي سراح مئات الارهابيين و الجهاديين من السجون و هو ايضا الذى اصدر قرارات بالعفو الرئاسي الجماعى عن اخطر المجرميين . و هؤلاء هم من يمثلون اليوم خطورة قصوى على الامن فى مصر . منهم مازال حرا طليقا ينظم اعمالا ارهابية و اجراميه اخرى او هارب و مختبئ و يجرى اتصالاته من خلال اخرين غير مشكوك فيهم .
اريد ان اقول ان الكثيرين منا غير مقدرين لحجم الكارثه التى اوقعنا فيها عام كامل من الحكم الاخوانى الاجرامى على مصر ! الاثار مدمرة للدولة و للامن و للمجتمع و التحدى حقيقى و ضخم و ليس فى شهور قليله سينصلح الحال .
محمد مرسي و جماعته الفوضوية زرعوا سرطانا ارهابيا جهاديا تكفيريا مسلحا فى البلاد لازال ينمو و يتشعب. و اليوم يجب ان يستاصل المرض من جذوره المتشعبة و أن يطارد كل ارهابى و جهادى و غيرهم من حثالة السجون من اهله و عشيرته . من الطبيعى و الطبيعى و الطبيعى جدا ان يتم السحب الادارى لكافة فرارات العفو و الافراج التى صدرت منذ ٣٠ يونيو ٢٠١٢.