ساعتان بالتمام والكمال أدير رقم تليفون أحد أقاربى لطى أطمئن على صحته، لكن التليفون مشغول! وإزداد تخوفى لأنى أعلم أنه مريض، وبعد هذه المدة التى يمكن أن يصل فيها الإنسان طائرا الى اليونان وغيرها من الدول، إستجاب التليفون لندائى:
هاللو مين؟ أنا فلان، أنا أحاول الاتصال بكم منذ ساعتين والتليفون مشغول، هل هذا معقول؟
قالت السيدة شقيقة قريبى الذى أريد الإطمئنان عليه:وهى تضحك ضحكة بلهاء: أصل كنت بأمئن على ماما..ها..ها
وكتمت غيظى ثم سألت عن قريبى واطمأننت عليه.
أثار هذا الحدث شجونى نحو الشعب المصرى وعدم تقديره للوقت، واستخدامه السئ للتكنولوجيا العالمية فهذه السيدة التى تقضى ساعتين فى مكالمة تليفونيةواحدة تعطل عشرات المكالمات التليفونية المهمة التى يمكن أن تنقذ مريضاً أو مدينة من الحرق أو أى مصيبة، لذلك نرفع سماعة التليفون أثناء النهار فنسمع الجملة المشهورة: جميع الخطوط مشغولة!.
هذه السيدة صورة لمعظم السيدات الرغايات اللاتى ليس لهن عمل غير التليفون.. وهاللو.. هاللو طول النهار.
وأتعجب لماذا لا تستثمر هذه السيدات وقتهن فى عمل البيت، وهو يحتاج عملا دائما؟ أو تربية أبنائهن، أو فى هواية تستفيد بها حتى لو كانت أشغال الإبرة أو التريكو؟
إن وقتنا هو نسيج حياتنا وجزء من عمرنا فلماذا نضيعه فى كلام فارغ وثرثرة لاتفيد؟ فالمكالمة التليفونية المقروض لاتزيد عن دقائق معدودة حتى يطمئن الإنسان على عزيز لديه، أو يبلغه بخير مهم، أويسال عن موضوع يهمه، وقد أبتكر التليفون من أجل ذلك، مجرد الإتصال فى حالة الطوارئ، أما ما يحدث من كلام وثرثرة عن الأهل والأقارب وعن فلان وعلان، وعن كيفية عمل المحشى والممبار، وعن المسلسل المهم والممثلة أياها أم دم ثقيل أو خفيف فهذا مجاله الزيارات الخاصة وحديث جدتى الست ذكية أو خالتى بمبة.
يقول أحد علماء الاجتماع أن الشعوب النامية، التى هى فى الواقع شعوب متخلفة لاتعرف قيمة التكنولوجيا والأجهزة الحديثة ولماذا أحترعت؟ ومن هنا فهى تستخدمها بكثرة أكثر من الشعوب التىإخترعتها، لأنها لاتقدر هذا العمل العلمى المتقدم ولا تعرف سنوات السهر والتعب التى عاشها وعاناها العالم المخترع حتى وصل إختراعه إلى كل الشعوب.
ازدادت المشكلة بعد اختراع التليفون المحمول وإنتشاره ووجدنا أطفالا يحملونه وسيدات بيوت لايعملن، وأرامل وفقراء لا يعنيهم هذا التليفون فى شئ، أصبحت الموضة أن تحمل التليفون المحمول حتى لوكنت لا نحتاجة! وهى ظاهرة غريبة عجيبة فى الشعب المصرى، يجرى وراء أحدث أنواع التكنولوجيا والأجهزة الحديثة لمجرد أن يمتلكها لا لحاجته إليها.!.
والتليفون المحمول مهم جدا للأطباء وضباط الشرطة والجيش والسفراء والوزراء والمسئولين، أما أن نجد شبابا ضائعا يحمله لمجرد العياقة والحديث لبابى ومامى فهذا استهلاك فى غير موضعه للتكنولوجيا.
كنت راكبا فى الميكروباص الصغيرالضيق وكانت بجوارى سيدة فاضلة تتحدث فى تليفونها بصوت مرتفع مع أنها تتحدث مع زوجها كما عرفت، وشمل حديثها أسرار البيت والخضر والفاكهة والجيران والأقارب لمدة نص ساعة تقريباً، مما دفع الملل والزهق الى نفسى، أما مصيبة المصائب أنها تحولت بعد ذلك للحديث عن علاقتها الحميمة مع زوجها مما جعل كل الركاب ينظرون إليها بإستهجان واشئمزاز.
هل لا تعرف هذه السيدة أن الحديث فى هذا الموضوع يجب ألا يخرج من حجرة النوم؟ ثم إذا كانت تفعل ذلك أمام الناس كيف تربى أبنائها إذن؟!
وأصيب التليفون المحمول بنفس آفة التليفون الأرضى فأصبح مشغولا على طول، أو مغلقا، أو أن المتحدث إليه يطنشك ولا يريد سماع صوتك فيترك التليفون يرن يرن تماما مثل حنفية الست سنية التى تركت المياه تروخ تروخ!.
هنا أقول مع أهمية التليفون المحمول إلا أن بعض من يملكونه ليسوا على مستوى المسئولية.
قالت لى جارتى العزيزة التى حاولت ان احدثها فى تليفونها المحمول لعدة ساعات ولم أستطع فذهبت اليها وعندما رأتنى ضحكت قائلة:
لازم كنت تطلبنى وأنا مشغولة منذ عدة ساعات، نعمل اية بقه ما المواصلات صعبة ولذلك نتزاور من خلال التليفون ونتحدث كما لو كنا مع بعض فعلا!!.
أخيرا أحب أن أقول أن هناك رجال يهوون الكلام والثرثرة أكثر من النساء حتى لا يتهمنى أحد أننى أظلم النساء فهن أصل الدنيا وجمالها وحنانها.
هاللو..هاللو… وياريت تتكلم قليل فخير الكلام ماقل ودل.