وزارة الأوقاف هى المسئولة عن المساجد المُـنتشرة فى كل ربوع مصر. وفى عهد مبارك صرّح وزير الأوقاف آنذاك أنه أصدر قرارًا بتوحيد الأذان، فكتبتُ مقالا طلبتً فيه أنْ يكون الأذان بالصوت البشرى.. تبخر تصريح الوزير كما تبخـّر كلامى. فهل الوزير الحالي لديه الشجاعة الأدبية لتنفيذ ما كان سلفه ينوي تطبيقه؟ وهل يستجيب لندائي بأنْ يكون الأذان بالصوت البشرى؟ وأسبابى هى:
1- أثبت العلم الحديث أنّ الضوضاء (التلوث السمعى) من بين الأسباب التى تؤثر على سلامة عضلات القلب، ولذلك فإنّ أوروبا تخلــّتْ تمامًا عن استخدام الميكروفون
2- الميكروفون اختراع أوروبى، أى أنه (بدعة) اخترعها (الكفار) فلماذا التمسك بها، فى تناقض صريح مع إيمان الإسلاميين بالحديث الصحيح أنّ ((إياكم ومحدثات الأمورفإنّ كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار. عليكم بسنتى.. إلخ)) وهذا الحديث مذكور فى كل كتب الأحاديث. والعقل الحر يتوقف عند الجزء الأخير منه ((عليكم بسنتى)) فهل الرسول استخدم الميكروفون؟ أم أنه اكتفى بالصوت البشرى (صوت بلال)؟ والمُـثير للشفقة التى تصلح لأرقى أنواع الكوميديا العبثية، أنّ (كل) الخطباء يبدأون خطبتهم (كل) يوم جمعة بهذا الحديث وأفواهمهم على الميكروفون (البدعة)
3- نظرًا لانتشارالمساجد التى غالبًا يكون بين المسجد والمسجد بضعة أمتار(بعد انتشارالزوايا) تحدث المُنافسة بين (الميكروفونات) وسلاح هذه المنافسة أعلى (تون) للميكروفون مع أعلى صوت للمؤذن. وتكون الكارثة فى شوارع وسط البلد، فيختلط صوت الأذان مع أصوات الأغانى وموتورات السيارات وأصوات الباعة.. إلخ، وهو مشهد غير حضاري ويؤثر على سمعة مصر، وعلى انطباعات السياح الذين ينقلون انطباعاتهم لذويهم
4- يمتد الاصرار على الميكروفون حتى فى أذان الفجر، حيث السكون دون مراعاة لمشاعر غير المسلمين، أو مشاعر المسلمين من أصحاب المرض وكبار السن أو الذين يعملون حتى منتصف الليل.. إلخ
5- وإذا كان الهدف من الأذان هو(الإعلان) فالعرب مع بداية الدعوة الإسلامية لم يكن لديهم أية وسيلة عصرية مثل الراديو والتليفزيون والساعة.. إلخ وكل هذا يؤكد العودة إلى الصوت البشرى الجميل، بينما الميكروفونات تتخفى وراءها أقبح الأصوات.
المطلب الثانى الذي أرجو الوزير أنْ يتأمـّـله ويتفاعل معه ويُـفكر فيه هوالخطاب السائد لخطبة يوم الجمعة، فهذا الخطاب مُوجـّه ل (المسلمين) فقط أما غير المسلمين فقد (أشركوا) لأنهم مع (التثليث) فلماذا تـُثار تلك المسألة الشائكة فى خطبة الجمعة؟! بل إنّ مجلة الأزهر ساهمتْ فى إشعال فتيل الفتنة، بعد أنْ نفى البابا (التثليث) وقال ((إننا كمسيحيين نؤمن بإله واحد لاشريك له)) فردّ عليه أحد شيوخ الأزهر بمقال عنيف الأسلوب مع الاستشهاد بالآيات القرآنية مثل ((لقد كفرالذين قالوا إنّ الله هوالمسيح ابن مريم)) (مجلة الأزهر- يناير85- من ص500- 503) وعلى نفس الخط مشى خطباء المساجد، سواء التابعة للأوقاف أو التى فرضها السلفيون والإخوان.
وقد انعكس هذا الموقف على صيغ أخرى، فقد سمعتُ خطيب المسجد المجاور لبيتي يقول لمُستمعيه: لاتردوا تحية المسيحيين، ولاتـُشاركوهم أعيادهم ولاتهنئتهم.. إلخ. وعندما سمعتُ ذلك تذكــّرتُ أننى قرأتُ شيئـًا شبيهـًا به قاله د. أحمد عمرهاشم الذى كتب ((الإسلام لايمنع التعامل مع غيرالمسلمين. لكن يمنع المودة القلبية والموالاة، لأنّ المودة القلبية لاتكون إلاّبين المسلم وأخيه المسلم)) (اللواء الإسلامى- عدد153) أى أنّ الذى شغل رئيس جامعة الأزهر تطابق مع خطيب المسجد..
وأثناء حرب البلقان التي ادّعتْ أميركا (المسيحية) أنها مع شعب البوسنة (المسلم) كان موقف خطباء المساجد هو الانتقام من المسيحيين المصريين (صحيفة الأهالى1/7/92)
ورغم الحديث المُـتكرّرعن (تجديد الخطاب الدينى) و(الوحدة الوطنية) فإنّ خطبة الجمعة ضد التعريف العلمى لمفهوم (المواطنة) إذْ أنّ خطباء المساجد يوجُهون خطابهم ل (المسلمين) فقط، ويتضح ذلك فى صيغة الدعاء ((اللهم اشف مرضى المسلمين.. وسدّد ديون المسلمين..إلخ)) ولكن أخطر دعاء هو ((اللهم انصر الإسلام والمسلمين)) فهل يملك الوزير شجاعة إجراء تعديل بسيط ليكون الدعاء: اللهم انصر مصر والمصريين؟