أنا بالطبع مع التحديث من أول تحديث سيارتى القديمة إلى نسف حمامى القديم ونفسى أشترى حمام أبو أرضية فيها بحر وسمك ملون .أيضاً مع تحديث العمل بالوزارات والمصالح الحكومية وخطوط انتاج مصانع القطاع العام وصولاً إلى تحديث الخطاب الدينى وهذا لاعلاقه له بالطبع بالكتب السماوية فهى مقدسة لا يمس ولكن الكتب الغير سماوية التى نطق بها بشر فانون أصابوا وأخطأوا واجتهدوا فى زمنهم هى التى تحتاج إلى الفرز فى الحقيقة فلو سلمنا وآمنا بأن كل وحى سماوى صدر عن نبى جاء عن وحى إلهى وأن كل ماعداه من تاريخ صدر عن بشر لا يملكون وحياً إلهياً ولاعصمة ربانية وهذه حقائق أولية نستطيع المضى بعدها فى الفكرة ،
إذ أن الوحى مطلق الصحة وتراث الاقدمين نسبى الصحة، لو أعترفنا بمثل هذا المنطق أيضاً نكون قد قطعنا شوطاً فى إدراك فكرة التحديث ولو مضينا شوطاً أبعد نستطيع القول أن أقوال الاقدمين وقراءتهم للوحى هى قراءه فى سياق تاريخى مختلف عن السياق التاريخى الذى بين أيدينا ، ما دعا أحد الاقدمين الائمه أن ينظر الى فقه أئمة قبله قائلاً (هم رجال ونحن رجال ) أعنى أنه ينبغى النظر الى تراثنا الدينى لا الوحى الالهى نظرة نسبية نقدية من خلال الفحص والفرز ولعل مقولة أمير المؤمنين على بن أبى طالب حول (أن القرآن حمال أوجه ) وهى مقولة جد عميقة وهى لمن يفقهون الوحى الالهى تستدعى التوقف والتدبر والنظر على أى وجه من الوجوه يمكن للمرء الفقيه أن يتعامل مع وحى ، فما بالنا بتراث الاقدمين مما هو ليس بوحى بل بنظرة او موقف أو فهم بشرى فى سياق تاريخى نسبى يتعلق بالعصور الوسطى وآدواتها وبيئتها وثقافتها ومحدود بالنظر ومقيد بتلك الوجهه من الوجوه الكثيره للوحى .. نظلم أنفسنا ونظلم أوطاننا وشعوبنا بل ونظلم الوحى ذاته ، إن حددنا أقامتنا فى التراث من منظور فهم الاقدمين له قد نحتاج فهمهم كدليل أو كشاهد أو كمرجع من ضمن مراجع لكن تحديد وتقييد المستقبل بالماضى أمر يخالف ناموس الوجود الحى المتجدد على سبيل المثال تصور لو أوقفنا نهراً عن الجريان لاشك يأسن ماؤه وهذا لعمرى ما نحن بصدده الان ، نحن نتعامل الان مع نهر من المطلق الالهى قد توقف سريانه فى القلوب والعقول بيد بعض ابناؤه وتحول إلى نهر آسن لقد توقفنا عند هذا الزمن وعند هذا المكان وعند تلك الزاوية من النظر ، فظلمنا الوحى وظلمنا الموحى وظلمنا الناس وظلمنا أنفسنا وحكمنا عليهم جميعا بالفقر الروحى وحكمنا على انفسنا بالهلاك ، لا يستقيم الامر هكذا للناقد البصير هذا هو قاعدة حالنا اليوم إزاء قضية تحديث الخطاب الدينى وهو أمر جد عظيم فما بال أقوام تريد أن تدفعنا وتدفع شعوبنا أن تشرب من انهارها الآسنه وتقيد وتحدد نظرتنا الى ارواحنا وقلوبنا وحضارتنا فنفشل والله إلى الابد وتذهب ريحنا ..
تحديث الخطاب الدينى الان ليست ترفاً بل مصلحة وطنية وشعبية بل وأكاد اقول كونية وهى ليست قضية خاصة بالمعتقدين بل تهم الكافة لأنها تؤثر على حيواتهم ومصالحهم من قريب ومن بعيد.
ومن ثم وبالنظر إلى أن الواقع السياسى الحالى وضع الناس جميعاً بمواجهة معتقدات فقهية نسبية تدعى الصحة المطلقة وتؤثر على حياتهم فالتحديث صار ضرورة إلزامية واجبة بل أقول فريضة لصحة القلوب والارواح والاجساد ، فلا تستطيع أن تأتى بفقيه قديم ليقيد فقيها حديثاً يعيش بين ظهرانينا يرى ما نرى ويفهم بأدواتنا هم رجال يا أخى ونحن رجال إلا اننا الان أيضا بصدد من هم الرجال الذين يحدثون زاوية نظرتنا الى مطلق الوحى والدين وتلك قضية أخرى تحتاج أن نتعامل معها بهدوء فى مقال لاحق .