رغم الصعوبات التي يواجهها المجتمع المصري يوميا من فقر وبطالة وإزدحام بالشوارع وتكدس حركة المرور والبلطجة والإرهاب وغيرها من القضايا …
إلا أنه لم يعد لدينا سوى أن نحلم … ليس بوطن جديد ولكن نحلم بشعب جديد يغير كل شيء ويصنع كل شيء بنفسه , كما صنع أجدادنا الفراعنة العظماء أصحاب أول حضارة في التاريخ.
لم يعد هناك جدوى من إنتظار الحكومة لتصبح الرائدة في مجال الإصلاح والتغيير لكل قطاعات المجتمع ، ولم يعد هناك وقتا لنشاهد ونترقب وننتقد كل يوم تحركات المسؤولين على المستوى الإقتصادي والسياسي ، ولم يعد في العمر بقيه لننتظر سنوات وسنوات حتى تحقق لنا الدولة ما نريد من ارتفاع في مستوى الدخل ، وتشغيل الشباب ، ومكافحة تلوث البيئة وحل مشكلة انقطاع الكهرباء ، ومكافحة الأمراض المنتشرة حاليا، وتوفير العلاج بتكلفة زهيدة لغير القادرين ، …
للأسف نحاول الإنتظار ونشاهد عن بعد دون التفكير في مساعدة الحكومة الحالية لإنجاز مهامها في الفترة المحددة لها ، فنحن من نلقي بالقمامة بالشوارع ونلوث البيئة ، ونحن من نبيع على الأرصفة والطرقات ونعطل حركة سير المواطنين والسيارات ونحن من نهدر وقت الحكومة في إصلاح ما أفسدناه .
ونحن من نعبث بإقتصادنا وبأمننا الوطني والقومي حينما نروع السائحين وندبر لهم العمليات الإرهابية للضغط على الحكومة لتنفيذ مطالب فئوية معينة، حتى هرب جميع السائحين ووضعت مصر على قائمة الدول الممنوع السفر إليها ، وبذلك أهدرنا جميع الجهود التي بذلتها وزارة السياحة طيلة العقود الماضية لتنشيط حركة السياحة ورفع الإقتصاد القومي . ولم نكتفي بذلك بل رفعنا الدعاوي القضائية ضد بلدنا أمام المحاكم الدولية لعودة الرئيس المعزول إلى الحكم . وسمحنا للدول الخارجية بالتدخل في الشأن الداخلي المصري .
ونحن أيضا من يصنع القنابل ويفجر ويقتل ويخرب ، وندفع الحكومة لإنفاق الملايين بل والمليارات لإصلاح ما دمرناه، وإن كنا نحن كطلاب جامعة لا رغبة لنا بالتعليم ، بل نذهب للجامعه لتخريبها وتنظيم المظاهرات وترويع زملائنا وأساتذتنا وحرق مدرجاتنا وقاعات العلم التي كفلتها لنا الدولة بمصاريف زهيده ، ثم تأتي الحكومة لتخصص ميزانيات كبيرة كان يفترض صرفها على تطوير التعليم الحالي ، فنجدها تنفق على إصلاح أعمال الشغب والتخريب
ونحن من نصنع هذه الزيادة السكانية التي تفاقمت حدودها بشكل مريب ، رغم دعوات أجهزة الإعلام والحكومة لسنوات طويله لتنظيم الأسرة ولكن من منا يستجيب؟ نرى أطفالا بلا مأوى يلجأون للشارع للتسول والسرقة ، وأجيالا متسربة من التعليم لا تجد من يرعاها ويكفلها ، وشبابا مدمنا ومنحرفا لغياب الرقابة الأسرية ، وأطفالا بالملاجيء يعذبون ويضربون بقسوة… وماذا تفعل الحكومة مع الأسر محدودة الدخل والتي يتجاوز عدد افرادها ستة أفراد وأكثر ، وأي دخل يكفي لهم إذا كان غالبية أفرادها في سن التعليم ؟ وماذا تفعل الحكومة بعد أن وضعت قوانين وتشريعات للزواج المبكر للفتيات ثم نجد أن أهل الفتاه يغيرون في تاريخ ميلادها لتتزوج قبل بلوغها السن القانوني … من المسؤول عن كل هذا ؟ الشعب أم الحكومة ؟
إن كنا اليوم نطالب الحكومة بالإصلاح والتغيير .. وإن كنت أقرأ يوميا على صفحات الجرائد أن المواطن المصري حتى الآن – بعد أشهر قليلة من آداء الحكومة الجديدة اليمين الدستورية – لم يشعر بالتغيير وأن جميع الأزمات التي يعاني منها ما زالت موجودة ، فماذا تفعل لكم الحكومة طالما أنتم غير قادرين على مساعدة أنفسكم ؟
لن تستطيع أي حكومة في العالم أن تتحمل أعباء فوق طاقتها للإصلاح داخليا وخارجيا ، إذا كنا نحن غير قادرين على إصلاح انفسنا أولا ، وإن كنا لا نرغب في التطلع لمستقبل أفضل لنا ولأولادنا ، وإن كنا لا نسعى للتغيير ونلقي باللوم على الآخرين دون أن نتعاون معهم لدفع هذه السفينة للأمام .
نستطيع كل يوم أن نغير حكومة وأن نقيل الوزراء وأن نغير الحكام … ولكن كل هذا دون جدوى إن لم نتغير نحن . لقد حلمنا منذ سنوات طويلة أن يتحول مجتمعنا للأفضل وعندما جاءت لنا الفرصة ليصبح هذا الحلم حقيقه ، تكاسلنا وتراخينا وعدنا كما كنا قبل ثورة يناير ، وجلسنا لنحلم من جديد بالحاكم صاحب العصا السحرية الذي يحقق لنا جميع مطالبنا ونحن نائمين لنستيقظ لنرى انفسنا نعيش في عالم من صنع الخيال ..
هل سنظل نحلم طويلا دون أن نسعى ليتحول حلمنا إلى حقيقة ؟