عقبال عندكم، تسلمت هذا الأسبوع دعوة لعقد قران أحد الأحباب، وسررت بها لأننا الآن في حاجة شديدة للفرح والبشر والسعادة بعد فترة تاريخية عصيبة جلبت الفم والهم إلى نفوسنا، وندعو الله ألا يعيدها ويكون مستقبلنا زاخراً بالفرح والمرح والسعادة.
مع فرحتي بالدعوة للفرح كانت دهشتي من أنها مكتوبة باللغة الإنجليزية، قلت لنفسي ربما تكون الدعوة جاءتني من الخارج، من أوروبا أو أمريكا، لكنني تأكدت بعد ذلك أنها من قلب القاهرة الساحرة، وبحثت عن ترجمة الدعوة إلى اللغة العربية في الجزء الثاني، لكنها كانت بالإنجليزية، وبصراحة تعجبت لأن هناك البعض لا يعرف اللغة الإنجليزية، وبعد معرفتي باسم العروسين زادت دهشتي وتعجبي، فأم العروس لا تعرف اللغة الإنجليزية، ووالدها كذلك!
هذه الحال ومثل هذه الدعوى وصلني كثيراً قبل ذلك، وفي كل مرة أتساءل: بعض المدعوين لا يعرفون الإنجليزية فهل يذهبون في كل مرة لترجمة الدعوة؟
ثم لماذ تكتب الدعوة باللغة الإنجليزية فقط ولا تكتب ترجمة لها بالعربية؟ هل نحن في أوروبا أو أمريكا؟!
هل هي عقدة نفسية عند المصريين الآن بأن يهملوا لغتهم ويكتبون دعواتهم، بل ويتكلمون بالإنجليزية أو الفرنسية؟
اللغة العربية هي لغتنا الأم وهي لغة جميلة شاعرية موسيقية لو تذوقناها ودرسناها جيداً! لكن أعتقد أن هناك عدة أسباب لإهمالنا لغتنا الجميلة هي: المسئول الأول والرئيسي هو وزارة التربية والتعليم التي لم تحسن تعليم أبنائنا اللغة العربية منذ طفولتهم، ولم تشجعهم على حبها وتذوقها، بل قدمتها لهم في نصوص جامدة صعبة الفهم والحفظ والتذوق.
أما المسئول الثاني فهو الإعلام التائه بين اللغة العربية واللغات الأجنبية، فنستمع إلى مذيعين يتحدثون الفرانكو آراب، فلا تعرف إذا كان يتحدث العربية أم الإنجليزية، وهم يعتبروها تحضيراً أن يتحدثوا بكلمة عربية وأخرى إنجليزية وثالثة فرنسية.
ثم هناك البيت والنادي والأصدقاء الذين يفضلون اللغات الأجنبية.
الواقع أنه لشيء يحزن أن يهمل الإنسان لغته الأصلية التي هي جزء من وطنيته وكيانه وحياته وعلاقته بالآخرين.
وقد يفرض هنا سؤال نفسه على وهو: هل كاتب هذه السطور ضد تعليم أو أستخدام اللغات الأجنبية في حياتنا؟.
أقولها بصراحة أن تعلم اللغات الأجنبية كنز حقيقي لكل إنسان، ضرورة عالمية في وقت أصبح الإنسان فيه إنساناً عالمياًّ ينتقل بسهولة في دقائق من هنا وهناك.
تعلم اللغات الأجنبية ضرورة ملحة لكل إنسان معاصر لكن بعد أن يتقن لغته الرئيسية التي هي جزء من شخصيته وكيانه وشرفه.
كان مفكرنا الكبير المصري المسيحي سلامة موسى ينادي بضرورة أن نعلم أبناءنا اللغة العربية الصحيحة، بل وطالب المسيحيين أن يتقنوا لغتهم العربية بقراءة القرآن الكريم كمرجع لغوي.
لم يكتف سلامة موسى بذلك بل أضاف إلى اللغة العربية كلمات كانت تفتقدها مثل:
الثورة.. الثقافة.. ضبط التناسل والاشتراكية وغيرها.
إنني أتعجب من الذين لا يعرفون اللغة الإنجليزية ويكتبون دعوات أفراح أبنائهم بها، وإذا كان لابد من ذلك فلماذا لا تكتبون الدعوات بالإنجليزية والعربية مثل أغنيات الفرانكوآراب؟!
متى نتخلص من عقدة الخواجة، ونحب ونحترم لغتنا العربية الجميلة الرشيقة الموسيقية؟!