فى جلسة عائلية جمعت الكبار والصغار والشباب، دار الحديث عن مشاكل الحياة المختلفة، وركز معظم الحضور على مشكلة المرور والشارع المصرى المزدحم وفوضى راكبو الدراجات البخارية من الشباب والصبية الذين يجرون بطريقة همجية سريعة، وبعضهم يستعرض قدراته فى السير على عجلة واحدة رافعا مقدمة الدراجة إلى أعلى مهددا الجميع بالخطر، ولا أحد يعاقبه أو يوقفه أو ينذره على الأقل، هذا غير بعض السيارات التى يهوى سائقوها السير فى الممنوع فى الاتجاه المضاد عكس الاتجاه، أو استخدام السرينة دون سبب أو السرعة المتناهية أو الوقوف دون أى اهتمام بسير المرور في الشارع.
فوضى المرور اصبحت سمة مصرية للأسف، وعندما تتحدث الى أحدهم بالعقل تجد إجابة تصيبك بالهم والإكتئاب، وكله كوم وعربات المطافئ والإنقاذ والإسعاف المتعثرة كوم آخر، فمع أهميتها وخطورة عملها احيانا تقف فى الشارع عاجزة عن الحركة والوصول الى اماكن الحوداث مما ينتج عنه مصائب خطيرة وضحايا كل يوم، ولنا الله.
تطرق الحديث عن سائقو العربات النقل الثقيل وكيف ان بعضهم يسير نائما أحيانا، وبعض اخر لا يملك رخصة مرور، وهنا قالت سيدة من الجالسين: رخصة مرور هى نفسها مشكلة، تصور أن الكل يجد صعوبة فى استخراج هذه الرخصة، امتحانات عملية ونظرية، والرجوع للخلف، وو، ومع ذلك أنا حصلت على رخصة المرور وأنا فى البيت، فوجئت أن زوجى يعطينى رخصة تسيير سيارة كاملة صالحة للعمل وأنا لاأعرف قيادة سيارة، ولم أحاول قبل ذلك.! قلت للسيدة الفاضلة:
يانهار اسود ومنيل، حصلت على رخصة قيادة سيارات وانت فى بيتك دون التدريب أو الذهاب إلى وحدة مرور لتأدية الامتحان؟!
أجابت: فعلا.. كانت الرخصة هدية من أحد الضباط لزوجى الذى منحنى إياها، لكنى لم أحاول استخدامها أو قيادة أى سيارة، فأنا لم أفعل ذلك من قبل.
من الطبيعى ان هذه حالة نادرة لكنها موجودة، مجاملة الناس باستخراج رخصة مرور.
هناك أيضا نوع اخر من المجاملات، فالمدارس التى تعلم وتدرب على قيادة السيارات تشجع المتدربين عندها على الالتحاق بوعدهم استخراج رخصة القيادة بمعرفتهم بالضباط، واجراء امتحان صورى ومنح الرخصة فورا..!.
ينتج عن هذا الفساد والضياع وعدم الاهتمام بحياة الناس ولا امنها وسلامتها ما نشاهده يوميا ونقرأ عنه من حوادث وقتل مروع بالعشرات بل بالمئات أحيانا، ولا نكتفى بأخطاء وحوداث السائقين المحترفين الذين يجيدون فن القيادة، بل نضيف اليهم حوادث الهواة الذين لم يتدربوا جيدا، وتكون المصيبة والطامة الكبرى.
مع اننا نقول القيادة فن وذوق فاننا اثناء سيرنا فى الشارع نجد القيادة لا فن ولا ذوق ولا انسانية، وان لم تحترس وتأخذ بالك وتنتبه جيدا وانت فى الشارع فانك لن تذهب إلى عملك او بيتك بل ستذهب الى عالم آخر وتقصف عمرك..!
اليس هذا هو الفساد حقا؟ أو على الأقل عنصرمهم من عناصر الفساد، وهو إن دل على شئ انما يدل على عدم احترام قيمة حياة الناس، وهل هانت علينا حياتنا إلى هذه الدرجة؟!.
ويسخر البعض فيقول انه طريقة من طرق تنظيم الاسرة ومواجهة تضخم عدد السكان..!
وهذا كلام فارغ، ومصيبة ما بعدها مصيبة أن تهون حياتنا على انفسنا وحياة الاخرين.
من هنا اقول يجب عدم منح رخصة القيادة الا بعد التأكد ان مالكها فعلا يستطيع قيادة السيارة والمحافظة على حياة الناس، أما المجاملات فيجب أن تكون فى حدود الاستقبال بالترحاب والشاى والقهوة والنسكافيه.
حياة الناس ليست لعبة نلهو بها، أو وسيلة نجامل الآخرين بها.. وعجبى.