نعيش لحظة تاريخيه شديدة الحساسية فى المنطقة العربية الشرق أوسطية حيث نشأت الاديان السماوية الثلاث الكبرى اليهودية والمسيحية والإسلام ، كان لوجود الدوله الصهيونية اليهودية فى فلسطين العامل الحفاز الفعال حول نمو وتطرف المشاعر الدينية فى المنطقة واستعمال الخطاب الدينى المتطرف كأداة حرب ونما هذا الخطاب فى مواجهة المكونات الدينية المحلية الثابتة المستقرة ، بعد أن كان موجهاً فى الاغلب الاعم طوال مراحل المواجهات العسكرية نحو العدو الخارجى اسرائيل وكانت اللحمة الوطنية والقومية تربط مكونات المجتمعات العربية فى مواجهة عدو مشترك ، إلا أن الصراع تدهور وشهدنا بزوغ حقبة الاسلام السياسى وسيطرته على مساحات واسعة فى الفضاء العام تدريجياً واحتكاره للتأويل الدينى وفرض نفوذه الفكرى على الارض فى الظلام الطويل للاستبداد والفساد وتخلف الانظمة السياسية فى العالم العربى وتدهورها وعجزها حتى صارت كلها لقمة سائغة أمام مد الاسلام السياسى المتطرف ، الذى بدأ فكرياً ثم سياسياً حتى تحول فى مرحلته الاخيرة الى مرحلته العسكرية الصريحة وليس الامر خاصاً فقط بداعش او القاعده بل نشهد تحولاً صريحاً فى مصر وسوريا وليبيا للعنف الصريح ذى الطبيعة العسكرية لمن كانوا يوصفون بالفئات الاكثر اعتدالاً فى تيار الاسلام السياسى كجماعة الاخوان وتحول اجزاء كبيرة من السلفية الدعوية فى ظل مناخ العنف المضطرب الى سلفية جهادية وكانت المسافة بينهما منذ البداية صفر لا تحول بينهما فى حقيقة الامر وللعارفين الا عوامل التكتيك وتبادل الادوار واللحظة المناسبة ومن ثم فنحن بصدد تحول كامل فى كافة مكونات تيار الاسلام السياسى من السياسة الى العسكرة ، وهذا التحول الان شمل مصر ويهدد اجزاء منها بل يتوجه الان الى الداخل المصرى وتتصاعد وتيرته بأنتظام منذ بداية احداث الربيع العربى ووجد مساحة كبيرة للتعبير عن توجهه الجديد المسلح وبيئة خصبة لأتمام عملية التحول ، ويبدو لى أننا فى مصر بالتحديد كنا مقبلين على عملية تحول كاملة للدولة المصرية ومن ثم كافة عناصرها السياسية الى دولة الاسلام السياسى المركزية والاساسية فى المنطقة بعد أستيلاء جماعة الاخوان على الحكم وكانت التحولات فى دولة بهذه الاهمية وهذا الثقل الجغرافى والتاريخى والسكانى الى دولة أم لهذا التيار ..
كانت التحولات تجرى بسرعة شديدة للاستيلاء على ’كبر دول المنطقه حتى نزع فتيلها الشعب المصرى العريق وجيشه العظيم فى 30 يونيو وصمدنا فى واجهة التهديدات الاخطر ومنها ماهو خارجى دولى ومحلى ، تم التجهيز له لعقود طويلة والحمد لله قطعنا الشوط الاهم لعزل هذا التيار العنيف حتى الان بطريقة مرضية لكن الصراع يبدو أطول مما يعتقد البعض ويظن ، فالبيئة الخارجية الحاضنة أقليمياً لاتزال تعمل معه بجدية والبيئة الداخلية الحاضنة لم تجد بعد العوامل الانجع والاشد فاعلية لكى تفطم هذا التيار ، الذى أمتد وتوغل وعشش فى ظلام عقود طويلة سابقة سيطر فيها فكرياً ثم سياسياً حتى أسفر عن وجهه العسكرى ومن ثم اصبحت مقاومته على كافة الاصعدة وعبر كل وجوه عمله أمراً لا سبيل الى تجاهله ولا تجاوزه وإلا فرض نفسه عسكرياً كما نجح فى السابق أن يفرض نفسه فكرياً وسياسياً ولاينبغى لمواجهة كبيرة بهذا الحجم أن تتم إلا مع الوجوه الثلاث الضارية للتيار فى الفكر والسياسة والميدان .نقطع بتماسك حتى الان فى مصر بفضل المؤسسة العسكرية الوطنية الشوط الاهم فى دحر هذا التصاعد والتحولات العسكريه فى بنية هذه التنظيمات الا أنه يلزم أن نحقق اشواطاً مماثلة من النجاح فى الفكر والسياسة واعتقد أننا متأخرين للغاية عن النجاح فى تلك المهام يجد خطاب تحديث الخطاب الدينى مقاومه لمن تربوا على المناهج الفكرية والسلوكية وكذا على أعلام جماعات الاسلام السياسى ونشأوا عليها منذ الطفولة الباكرة ويعمد البعض الى خلط الاوراق والميوعة حتى تغيب الحقائق الواضحة عن عيون وعقول المجتمع التى تواجه اغلب مكوناته الحضارية المعركة الضروس بمجرد وعيها التاريخى بلا أى إسناد فكرى وسياسى معتبر وذو شأن وقيمة ويبدو لى فى الاخير أن معركتنا العسكرية مع هذا التيار الظلامى لن تنجح الا حين تنجح قدرات المجتمع الشامله كلها معا فى النضوج والنمو حتى نستطيع ان نتجاوز بالفعل كل تلك التحديات الصعبة والخطيرة التى باتت تهدد الكيان المصرى وجودياً ومن الخارج وللاسف من الداخل للمره الاولى فى تاريخه الطويل المجيد ما لم تحدث هذه المقاومة المجتمعية فى كل ميادين المواجهة وبتصميم يكون المجتمع قد خذل المقاتلين فى الميادين .