رمز النقاوة والاتضاع لاتتمتع بمكانة خاصة فى قلوب البشر فحسب ، بل تظل مصدرا للالهام لدى المبدعين فى كل زمان ومكان ..فى الشعر العربى والشعر العالمى على السواء .. وهذه حقيقة يقف عليها القارئ لتاريخ الادب ، أيضا نجد العديد من الابداع التشكيلى العالمى كالفنان الهولندى ” فان
جوخ ” والفنان الأسبانى “مويليو”، والفنان الايطالى “ليوناردو دافنشى ” ، وفى السينما المصرية نجد بعض المشاهد المستوحاة من مكانة السيدة العذراء ، من ذلك ماشاهدناه فى فيلم «الراهبة» لمخرج الروائع حسن الإمام ، عندما تتراءى ليلا أمام الفتاة سعاد ” شمس البارودى ” لتنقذها من مصير أسود بعد أن تشفعت بها شقيقتها الراهبة “هند رستم ” فى محاولة لانقاذها من مخالب الشيطان والأمثلة الأخرى عديدة ….
تذكرالموسوعة العالمية للشعرالعربى قصيدة بعنوان ”عليك سلام الله يامريم الطهر ” للشاعر المهجرى والفنان اللبنانى الكبير جبران خليل جبران الذي يقول فيها:
عليك سلام الله يامريم الطهر
وفديت من أم وفديت من بكر
حبلت بلا وزر وأنجبت الفدي
مخلص هذا الخلق من ربقة الوزر
وجئت به مصرا فرارا من الأذي
فمازال أمن اللاجئين حمي مصر
وينادي جبران زوارالعذراء قائلا:
هنا مجدواالعذراء واستشفعوا بها
وأدوا إليها ما عليكم من الشكر
تنالوا مزيدا فى بنيكم ومالكم
وتجزوا جزاء الخير فى موقف الحشر
فما نسيت يوما ومانسي ابنها
ثواب تقي صالح آخر الدهر
أيضا من الأدبيات الخالدة : أقوال القديس مار أفرام السرياني عن السيدة العذراء مريم ، فنقرأ :
من آدم خرجت حواء .. فكم بالحري ابنة حواء تلد طفلاً بدون رجل ! عصا هرون أزهرت والخشب الجاف أنتج ثمراً ، وقد تم سر هذا فأحشاء العذراء أنجبت ابناً.
قالت مريم: إن الطفل الذي أحمله هو الذي يحملني..
ابن العالي جداً سكن فيَّ وصرت والدته كميلاد ثان له ، ولدته وهو الذي ولدني بالميلاد الثاني.
لم تبعد قدرتك عني فلقد كنت في داخلي ، وأيضاً كنت خارجاً عني… هل أدعوك ابناً ؟ هل أدعوك أخاً ؟ هل أدعوك رباً ؟
انني أختك من بيت داود أبينا ، وأيضاً أمك لأني حبلت بك. وعروساً لك بتقديسك لي ، وعبدتك لأنك اشتريتني بدمك وابنتك اذ عمدتني بالماء.
أنت إلهاً لمن يعترف بك ، ورباً للذي يخدمك ، وأخاً للذي يحبك لأنك تربح الكل ..
أحشاء الجحيم أدركته فإنفجرت أبوابه ، فكيف احتوته أحشاء مريم ؟
الحجر الذي على القبر تدحرج بقوة ، فكيف حملته ذراعا مريم ؟
مباركة أنت يا مريم ،
إن أمك أيها الرب لا يعرف أحد يسميها ..
هل يسميها عذراء ..؟ إن إبنها يقف هناك .
هل يسميها متزوجة ..؟ لا يوجد رجلاً قد عرفها.
عجيبة هي أمك الرب دخلها فصار عبداً.
الكلمة دخلها فصار صامتاً داخلها.
راعي الكل دخلها فصار حملاً فيها.
إن بطن أمك غيرت أوضاع الأمور كلها يا منظم الكل.
أما فى عصرنا هذا فتتمثل لنا السيدة العذراء فى قصيدة ” أمومة ” للبابا الشاعر مثلث الرحمات قاسة البابا شنودة الثالث :
إملئي الكون حناناً وحنين، واسمعينا عن خفاياكِ اسمعينا ،
حدثينا عن هوى الأُم وعن، قلبها الحاني حديث العارفينا،
واذكري العذراء في عليائه، كمثال رائع إذ تذكرينا،
كيف ناءت من شكوك مُرة، وهي تحوي ربنا الفادي جنينا،
كيف حلت مزوداً مُحتقر، كيف قاست ذل الفقر سنينا،
كيف جاءت مصرنا هاربة، بيسوع من سيوف الذابحينا،
كيف لاقت إبنها المحبوب في، غمرة الآلام مصلوباً حزينا،
إيه يا عذراء كم جربتِ في، مهجة الأم فأي الناس أنتِ،
أنتِ في العالم سِرٌّ غامض، أنتِ نبع من حنان حيث كنتِ.
ان الأمثلة على ” السيدة العذراء ملهمة المبدعية ” فهى عديدة ويعوزنا الوقت والمساحة لكي نغوص في هذا النهر الفسيح .