لاتستطيع ان ترى في العتمه الشديده ابعد من اصابعك ويمكن اصابعك نفسها لاتستطيع ان تراها فقط تتحسسها وتعرف بفطرتك ان هذه هى اصابعك وهذه يدك وتتعرف كالاطفال على ملامحك وكالأعمى على ملامح المكان الذى انت فيه.
ربما يكون العالم ومنطقتنا وبلادنا في لحظة العتمه تلك حيث لاتستطيع التعرف على ملامحك ولاملامح المكان الا بالاحساس وربما يضلك الاحساس فبدلا من ان تذهب جنوبا تذهب شمالا وبدلا من ان تمشى على جادة الطريق تغرق فى البحر.
الاحساس يحتاج لبصائر داخليه لايمتلكها الا قليل من البشر في صورتها النقيه حاله يسميها الصوفيه (المرآه )، ينبغى على المرء ان يجلو مرآته الداخليه لكى يستطيع ان يرى بالاحساس النقى المجلو الصوره واضحه.. اما إذا لم تنجلى المرآه فلاترى في عتمتك الداخليه الا تلك النغمشات القذره لاثامك التى قد تلقى بك على أغلب الاحوال غريقا فى عمق البحر.
نحن نمر بحاله تشبه مايتحدث عنه سادة الصوفيه نسير بمرآه غير مجلوه يملؤها قذر الاثام فنضل ونشقى. كل المشاهد التبست علينا الان فلاتعرف بدقه صحة الموقف ونعرف انه فى عالم السياسه لانقاء مطلق فالحياه لها متعلقات صعبه والمجتمع ليس متجانسا تناقضات المجتمع كبيره طبقات ومصالح وداخل وخارج واعداء واصدقاء وزملاء ومحايدين، مابالك وبلادنا تمر منذ يناير 2011 بأزمات مستحكمه من كل الأنواع ربما استطاع الحكم الحالى لبلادنا جلب نوع من الثبات والاستقرار لأوضاع كانت بعد يناير جد متدهوره لايخفى ذلك عن علم الجميع ربما اخطأ هناك واصاب هنا فهذا هو شأن عالم السياسه والمجتمع المعقد ولكن فى مثل هذا العالم المعقد لافرصه للاخطاء الكبيره ربما خطأ واحدا يصيب فى مقتل، ولكن الشعوب تحاسب دائما حكامها ببوصلتها الداخليه وهذه هى لحظة الأستقرار الحقيقيه للمجتمعات اذا اصاب نظاما ما الاختيارات الجوهريه لمجتمعه فقد اصاب الاستقرار حتما واذا فشل فى التعبير عن جوهر الاختيارات المجتمعيه فقد جانبه الصواب والاستقرار والأمن .
ثمة لحظات فارقه ومواقف فارقه تعبر عن جوهر توجهات النظم السياسيه وهذه المواقف تقرأها الشعوب باحساسها التاريخى ربما لانعرف الأن كيف تقرأها وكيف ستتعامل معها ولكن مجريات الأحداث ستطلعنا على النتيجه .الأكيد ان هذا الشعب المصرى خرج خروجا كبيرا فى يناير من أجل العداله والكرامه ورفض في يونيو حكم الفصائل السلفيه، والأكيد ان خروج أى نظام حكم عن ماتجلى للجميع بوضوح هو جنون مطلق وانتحار مؤكد مهما كانت الدواعى، فلا يستطيع احدا جلب شعب عظيم كاالشعب المصري إلى الحظيره وقهره على أكل العلف الردىء للسياسه والاقتصاد من كل فرقاء اللعبه لأمن حكم ولأمن معارضه وتلك هى المسأله التى يجرى اختبارها الان على الأرض .
يتم اختبار الشعب في مواقف خطيره جدا ومؤثره للغايه مايتم ليس بخصوص أرض ولاجزر في تقديرى بل مجمل التوجهات السياسيه والاجتماعيه للجميع الحكم والمعارضه والثورات ليست شأنا هينا بل شأنا رهيبا بالذات الشعب المصري له فيها شفره خاصه، فلا يستطيع اى عالم بالسياسه تأكيد او نفى مواقيت الغضب ولا حجمه ولانوعه ولاتوجهه فقط نستطيع ان ننصت عميقا في أبار الاحساس الجماعى للشعب ونحاول ان نفهم شفرته لنقول هنا والان ..ليس بمقدورنا تحديد ماذا سيحدث ولاكيف لشعب يحب الاستقرار والأمن والسلام مثل الشعب المصرى وأعلن بوضوح فى يناير طلباته العداله والكرامه وهاهو الأن يصادف كل الاخطار من أول ماء النيل وحتى الاخطار التى تتعلق بالامن والسلام والعداله والكرامه اما اين وكيف ومتى فيعلم الله وحده غيب هذا الشعب المطلسم العنيد يعلم الله وحده اين وكيف ومتى يمنح بركاته او يصب لعناته نسأله السلام والامن لبلدنا الحبيب.