رحلة خمسة أيام إلى شرم الشيخ، مع جمعية كتاب البيئة والتنمية اتاحها لنا وزير البيئةد. خالد فهمى، كانت بمثابة قراءة جديدة ومعرفة لعبقرية مصر الطبيعية وكنوزها المتوفرة فى شرم الشيخ، ومحمياتها الطبيعية التى هى قمة الجمال والحياة المنظمة، التى تحكمهاالطبيعة، وتخدم عناصرها المختلفة نفسها بنفسها فتحقق لنفسها حياة متكاملة من الغذاء والهواء والماء بحيث تعزف المحمية كلها لحنا سيمفونيا هارمونيا متألفا للحياة تتمتع به كل عناصرها، كما يتمتع بها زوار المحمية ورحلات الاجانب، وهذا نوع من انواع السياحة لابد أن نهتم به لتدعيم النشاط السياحى العالمى، وهى منحة من الله عز وجل، لبلدنا، وشرم الشيخ هى عبقرية البيئة والطبيعة، ففيها تجد كل شئ جميل النبات والحيوان والأسماك والشعاب المرجانية، فتسعين فى المائة منها محميات طبيعية، تستطيع أن تتعرف على جمال بلدك والكنوز التى يوفرها موقع مصر الفريد، وهذا الجزء العزيز علينا وهو ارضنا فى سيناء.
قبل زيارتنا إلى محمية رأس محمد، التى يطلقون عليها الحديقة الوطنية، كان لابد لنا من أن نمر بمركز الزوار لنتعرف على المواقع ذات الاهمية الطبيعية الخاصة والتعليمات واللمنوعات اثناء الزيارة، والشعار الرئيسى اثناء الزيارة هو” لا تأخذ شيئا معك ولا تترك شيئا خلفك اما التعليمات الاخرى فهى لا تجمع ولا تنقل ولا تدمر أية مواد حية أو ميتة مثل مرجان، أصداف، سمك، حفريات، من المحمية.. يحظر إطعام الأسماك لأنه يفسد التوازن البيولوجى فى الشعاب.. صيد الاسماك والحيوانات ممنوع فى المناطق المحمية.. يحظر الخروج بالمركبات عن المسارات المحدد حتى لا يتعرض الزائر للخطر.. على جميع الزوار مغادرة المحمية قبل غروب الشمس، وصلنا الى المحمية بالاتوبيس الذى توقف فى مكانه، وكل شئ هنا بنظام واحترام، محمية رأس محمد هذه كانت صغيرة عندما تم اعلانها كمحمية عام 1983، اذا كانت مساحتها 97 كيلومترا مربعا، اما الان فتبلغ مساحتها 480كم2، وتشمل المناطق البحرية واليابسة عند شبه جزيرة رأس محمد وجزيرة تيران والشريط الساحلى لأعلى صد بين ميناء شرم الشيخ الرئيسى حتى الحد الجنوبى لمحمية نبق، ويطلق على المحمية اسم راس محمد لان الرسول الامين، محمد بن عبدالله- صلى الله عليه وسلم- زار هذه المنطقة ومعه بعض صحابته لتبليغ دعوة الاسلام.
تشتهر هذه المحمية بالشعاب المرجانية الحفرية الحادة المرتفعة، تتراوح اعمار هذه الشعاب بين 15 الف عام ومليونى عام، علما بان تاريخ الشعاب المرجانية على الارض يعود الى حوالى 450 مليون عام.
الشعاب المرجانية هى اكبر التكوينات الطبيعية فى العالم، وتنتج عن علاقة رائعة بين حيوانات المرجان المعروفة بـ”البوليب” والطحالب المجهرية التى تعيش فى أنسجتها، والتى تسمى” زوزنتالى” ويمكن للبوليب، والذى يشبه الكائنات البحرية الصغرى أن يغذى نفسه مستخدما خلايا لامعة نوجد فى لوامسه وتشل حركة كائنات البلانكتون المارة أمامه، وهذه الكائنات توفر فقط جزءا صغيرا من متطلبات التغذية للبوليب ويأتى الباقى من الطحالب، الزوزنتالى، التى تحول ضوء الشمس وثانى اكسيد الكربون من نفاياتها الخاصة الى اكسجين وكربوهيدرات، ويستخدم البوليب هذه الكربوهيدرات ايضا لتخليق الكالسيوم فى عملية تعرف بالتكلس، ويشكل الكالسيوم هيكل المرجان، وبالتالى إطار ما نعرفه اليوم بالشعاب المرجانية، ويوجد218 نوعا من المرجان على الشعاب فى جنوب سيناء.
راينا هنا اكبر شعاب مرجانية فى العالم، اذ ان الشعاب المرجانية التى تشكل منظر عقل الانسان فعلا هى ثانى اكبر نوع منها فى العالم، الاولى فى استراليا.
كان مشاهداتى مع زملائى اعضاء جمعية البيئة والتنمية من خلال” الجلاص بوت” وهو المركب الزجاجى الذى يقرب المسافات فى قاع البحر لنراها بوضوح، والاسماك هنا كثيرة ومختلفة الالوان والاحجام والاشكال، وهو عالم قائم بذاته، يقول العلماء ان هذه المنطقة فى البحر الاحمر يبلغ تنوع الاسماك فيها الى 30 الف نوع، وفى انتظار اكتشافات جديدة، من الطريف أن هناك نوع من السمك يسمى فراشة ولونه اصفر على اسود، هذا السمك عندما يموت الذكر فالانثى تموت بعده بيومين، اما اذا ماتت الانثى فالذكر يتزوج فى اليوم التالى مباشرة!.. وهناك انواع تضئ ليلا،وسمكة البنانا الصفراء ، واخرى تسمى بيكاسو، تبدو وكانها ترى بنظارة، واخرى مخططة كما الحمار المخطط، وسمكة البالون التى تنتفخ اذا شعرت بالخطر فتصبح كالبلونة تماما، وبعض الاسماك الموجودة هنا يمكن استخدامها فى الطعام، اما الاسماك النادرة فيحافظ عليها للمحافظة على تنوع البيئة، ولا يسمح بالصيد الا لأبناء المحافظة الذين يعملون من اجل رزقهم، لكنه ممنوع على الاخرين، من الاسماك النادرة.. نجمة البحر”فرومي” وسمكة عادى الخيثوم.. والباراكودا.. والامبراطور.. والجاك.. والقرش، وهذه الاخيرة تعيش على حيوانات الشعاب المرجانية، وهناك سمك طوبى القزم، وسمك الراى اللساع الأزرق المنقط، وكاربيلوس، وتوفر الشعاب المرجانية الطعام والمأوى لآلاف الكائنات التى تتعايش معا فى سلاسل غذاء مترابط ومعقدة، وتسمح أنماط السلوك المختلفة للعديد من الكائنات بالمشاركة فى نفس المساحة، وجميعها تشترك معا فى أهداف عامة هى شغل المكان وحمايته والتغذية والتكاثر، وسوف تختفى مع الزمن تلك الكائنات الأقل نجاحا وغير القادرة على التكيف.
وتنمو الشعاب المرجانية ببطء شديد، فكل خمس سنوات تنمو بدرجة سنتيمتر واحد، وهناك أخرى تنمو كل عشر سنوات وأكثر بنفس الدرجة، وربما كان ذلك من اهميتها.
وتختلف مناطق اليابسة فى محمية رأس محمد بشكل واضح مع الاشكال والالوان التى تتميز بالحياة والحيوية على الشعاب المرجانية، غتبدو فى ظاهرها خالية من اى علامات مرئية للحياة ولكنها فى الواقع موطن للوعل النوبى والعديد من انواع الثدييات الصغيرة ومن الزواحف والحشرات، ولا يشاهد معظمها بسبب طبائعها كمخلوقات ليلية، وغالبا ما تشاهد الثعالب على مقربة من الشاطئ وهى لا تؤذى اذا كان التعامل معها بحرص، ولكن يجب عدم اطعامها، وتشاهد اشبال الثعالب عند الغروب خلال فصل الربيع، والمحمية موطن لعديد من الطيور المهمة مثل انواع البلشون الاشهب والعملاق والاخضر والاصفر، والنور والخرشنة، والعقاب النسارى، وهى نسور اكلة الاسماك، وفى نهاية الصيف تتوقف الاف من الطيور اللقلق الابيض بالمحمية خلال رحلة هجرتها السنوية الى شرق افريقيا.
خلال الرحلة قمنا بزيارة محميتى نبق وابو جالوم ايضا ويضيق الموضوع عن الحديث عنهما، لكن الرحلة كانت اكثر من رائعة ومفيدة لكتاب جمعية كتاب البيئة والتنمية فى عملهم ورسالتهم.
وطلبت من الزميل خالد بارك رئيس الجمعية، ومرافقنا ايضا احمد عبد الحكيم سكرتير وزير البيئة ان يطلبا من الوزير تشجيع الشباب وبخاصة طلبة المرحلة الثانوية على القيام برحلات منظمة الى هذا المكان الرائع، شرم الشيخ حيث عبقرية الطبيعة ليتعرفوا على بلدهم عمليا ويزداد اعتزازهم بها وتقوية المواطنة لديهم وستكون النتيجة مفيدة جدا بالطبع.