أحيانا تأتى لحظات فى العالم تكون اللحظه صامته ولكنه الصمت الذى يسبق التحولات الكبرى، ممكن فترات الصمت تمتد قليلا او كثيرا تكون فيها الاحداث فى لحظة إنضاج أو سميها تخمر. اعتقد ان العالم مقبل على لحظة تحولات كبرى، نسمع طلق الميلاد الان نرى علامات الولاده ولكن لابد من اكتمال الحمل التاريخى المهم فى بطن التاريخ ثم يولد.. على كل مستوى تحدث تحولات فارقه، الاقتصادات العالميه تمر بأزمات كبرى توشك ان تغادر محطاتها النهائيه الى حروب اقتصاديه لم يعد العالم اقتصاديا هو نفسه العالم الذى اسفرت نتائج الحرب العالميه الثانيه عن وجوده.. التحولات التقنيه والتكنولوجيه ايضا دخلت فى مرحلة التحول النوعى الكبير فى وسائل وادوات الانتاج.. السوق العالمى لم يعد نفسه الذى ورثته صراع الشرق والغرب او الاشتراكيه والرأسماليه الانسان لم يعد نفسه ابن الخرافات والاساطير يوشك ان يواجه الحقائق القويه الاعظم ايضاحا وشفافيه بشكل متاح وسهل واكثر ديمقراطيه.
هذه بعض العناصر الكبرى فى سلسله طويله من تحولات عملاقه اكتملت كافة عناصرها فى بطن التاريخ.. السياسه وهى المحصله النهائيه التى تفعل بها كل العناصر فعلها لتشكل وجهها الحاكم شئون العالم لم تعد نفسها ولم تعد تصلح عناصرها التقليديه القديمه لتسوس شعوب وطبقات واعراق وكتل واديان وقوميات فى ظل الانفتاح المعرفى الهائل الكبير ربما تتم ضلالات. ربما تتم اجهاضات للتحولات فرعيه من هنا او هناك ربما ايضا تتم مؤامرات لكن نستطيع القول ان السيل لاتوقفه الاحجار والبراكين لا يطفىء تدفقها المطر نحن بصدد مراحل التحولات الكبرى فى التاريخ التى لاراد لها وان تأخرت او تعطلت او انحرف مسارها الا ان هذا مجرد مكر التاريخ..
وهذه المنطقه من العالم الشرق الاوسط على الاخص تتوفر لها الان كل عناصر المخاض الكبير يجرى فيها الصراع بين جميع القوى الكبرى فى العالم بين اقتصادات وثقافات واديان وقوميات ودول فى مرجلها التاريخى الاسطورى بدأت نذر الحرب والتحولات وتمضى تداعت اركان العالم القديم فيها الى الابد ونشهد على ارضها حروب الارض المحروقه فى سوريا والعراق من قبلها واليمن وليبيا ولااعتقد ان النار سوف تفلت ذيل ثوب واحد من اذيال ثوب الممالك والعروش والجمهوريات والامارات والخلافات كله سوف يأتى وقته هذا مزاج النار لامزاج الايدلوجيا ولا الاستراتيجيا ولا التكتيكات، هذا مزاج النار التاريخيه التى تشتعل فى المرجل الكبير إنه التاريخ يتحرك حركته الثقيله على الارض المقدسه هذه المره فى الشرق الاوسط الكبير موطن الحضارات والثقافات والديانات القديمه لان التغيير هذه المره لن يكون كسابقات التحولات العالميه السالفه تغييرا محدودا او تكتيكيا او اعادة موضع او تمركز للمراكز والاطراف بل فى اعتقادى سيطول كل شىء وستكون مخاضاته اطول واعنف بما لا يقاس بكل ما شهدناه من قبل..
تكتمل الان كل عوامل التغيير ونوشك ان نعاين لحظات الميلاد الكبرى وهى لحظات صعبه وقاسيه على العقول والافئده لكل من يعيشها ولكن لامفر حتى محاولة عقلنه بعض لحظات التاريخ الهائجه تبدو ايضا بلا جدوى فليسامحنى القارى العزيز ان ابحرت بى الفكره الى هذا النحو العميق الغامض لكننى اجمع تأملاتى فى لحظة استشراف خاصه وحاولت ان اضعها بين يدى من يقرأ حتى لا يضج بها عقلى وقلبي وحدى وليرحمنا الله جميعا فيما وقع وسيقع مع توالى الايام.