مجلس النواب استفاق من غفوته الطويلة أخيرا، شكل لجنة برلمانية لزيارة البرلمان الأوروبي 10 أبريل المقبل لاطلاعهم على نتائج التحقيقات الخاصة بمقتل الطالب الايطالي جوليو ريجيني، تزامن ذلك مع انتقادات موسعة لما تم الاعلان عنه بشكل غير رسمي بشأن الكشف عن عصابة نلاحق الأجانب وتعمل على سرقتهم، في ضوء تعدد البلاغات، في الوقت الذى أكدت فيه وزارة الداخلية انها لم تتهم أفراد العصابة بقتل ريجيني، بالرغم من التقارير الاعلامية التي نشرت صور واعترافات لأقارب أفرادا لتشكيل العصابي حول عملهم الإجرامي، إلى جانب الكشف عن متعلقات ريجيني الشخصية من جواز السفر وكارنيهات الدراسة الخاصة به.
الغريب في الأمر هو التعامل البطيء مع القضية، بالرغم من تسارع ردود الفعل الغاضبة في الخارج، فالأمر لم يقتصر على بيان غاضب من البرلمان الأوروبي يهدد بمزيد من التصعيد ما لم تكشف السلطات المصرية عن قتلة ريجيني، يضاف إليه افتتاحية نيويورك تايمز الأمريكية الجمعة الماضية بشأن مطالبة الرئيس الأمريكي باراك أوباما للضغط على الرئيس عبد الفتاح السيسي لرفع يد الحكومة المصرية عن منظمات المجتمع المدني، ووقف انتهاكات حقوق الانسان.
ويبدو أن مسئولي القرار لا يدركون حجم الخسائر التي تدفعها البلاد نتيجة التلكؤ في اعلان الحقائق الغائبة في مقتل ريجيني، وبالرغم من التصريحات المتكررة فى وسائل الاعلام المصري بشان تعاون جهات التحقيق المصرية مع نظيرتها الايطالية، تكشف الجارديان البريطانية في تقرير لها يوم 25 مارس الجاري أن السلطات المصرية تتعمد عدم تلبية مطالب الجانب الايطالي بشأن الحصول على لقطات كاميرات الفيديو في الشوارع القريبة من مسكن ريجيني ومحطتي مترو الانفاق، وكذلك سجل مكالمات ريجيني الأخيرة، وتجاهل الرد على هذا الطلب حتى الان.
غير معروف حتى الأن أسباب التباطؤ في اعلان الحقائق الكاملة فى هذه القضية، بالرغم من استعداد الجانب الايطالي للتصعيد في حال عدم الكشف عن تفاصيل القضية، وهو ما برز فى تصريحات وزير الداخلية الإيطالي إنجيلينو الفانو لصحيفة كورييري ديلا سيرا الأحد الماضي، أن سحب السفير سيكون مجرد إجراء رمزي، ولكن الأفضل لمعرفة الحقيقة هو السفر إلى هناك والمشاركة في التحقيقات بشكل مباشر، معتبرا أن المحققين المصريين راجعوا موقفهم بالنسبة لمقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، نتيجة إصرار إيطاليا بعد رفض سيناريو مقتله بيد عصابة إجرامية.
ننتظر أن تكشف مصر عن تفاصيل القضية المثيرة للاهتمام داخليا وخارجيا، وأن يكون لمجلس النواب دورا أكثر فاعلية في التعامل مع هذا الملف على قدر التحديات والتهديدات التي تواجه مصر على المستوى السياسي والاقتصادي، ولا مانع من التضحية بوزير أو حكومة بأكملها إذا كان هناك خطأ، بدلا من التعتيم غير المبرر واتخاذ موقف الدفاع عن أطراف بعينها دون الانشغال بالبحث عن الحقيقة مهما كانت قسوتها!