الذى يمشى فى شوارع كندا يعتقد أنه يمشى فى منظمة الأمم المتحدة، فأنت ترى الشامى والمغربى والعربى والأفريقى والأوروبى، إبنتى نورا التى تعيش فى مدينة مونتريال MONTReal جارتها سورية وجارها الآخر من اليونان، وصديق عمرى المهندس تادرس ميكائيل له جار من فيتنام والآخر من الصين وثالث من بولندا وهكذا.
كندا هى حلم المهاجرين، وأمل العاطلين، وهل أستطيع القول أنها كابوس المهاجرين ومضيعة الحالمين أيضا؟ أنا لا اريد تثبيط همة الشباب الذى يريد الهجرة، ولكنى اريد ان اضع كل الحقائق امامهم، فالذين هاجروا وعاشوا فيها واصبحوا مواطنين كنديين بعضهم لا يشعر بالسعادة، او لا يشعر بانه حقق شيئا غير عادى، واعرف بعض المصريين الذين يعيشون منذ سنوات غير قليلة فى كندا ويرغبون رغبة أكيدة ملحة فى العودة إلى بلادهم مصر.
الهجرة إلى كندا مفتوحة دائما، لكن الدولة وضعت شروطا جديدة صعبة، قالت لى السيدة امل سلامة قنصل عام مصر فى مونتريال انه من المهم للمهاجر ان يأتى إلى هنا بالطريق الرسمية حتى يجد مكانا له، وحتى تحترم اقامته، كذلك لابد ان يكون حاصلا على مؤهل جامعى، وعلى استعداد للدراسة وعمل معادلة لمؤهله الدراسى، وهذا يحتاج بالطبع الاتقان لغة واحدة على الاقل، ان لم تكن لغتين.
الهجرة ليست مفروشة بالورود، ولا نعتقد أن كندا فى انتظار حضرتك، او انك ستتسلم عملك لمجرد الوصول اليها، فهى تعانى من البطالة ككل دول العالم، والبطالة نسبتها 8ر6% حسب اخر احصاء اجرى هذا العام 2015.
هناك اشخاص يعيشون فى كندا منذ سنوات لايجدون العمل، وهم يعيشون على الاعمال الخفيفة الهامشية، ويتناولون اقل اجر فى الساعة وهو عشرة دولارات و55 سنتا، وهذا لايكفى للحياة الكاملة العادية، الاسرة الكندية التى يتكون افرادها من اربعة افراد ويكون دخلها سبعون الف دولار فى السنة يكون مناسبا لكى تعيش حياة عادية، اما الاسرةالتى يبلغ دخلها خمسين الف دولار فى السنة فهى اسرة فقيرة.
هناك شخصيات مصرية مهاجرة ناجحة جدا فى كندا فى مجال الطب والهندسة والصيدلة والاعمال الاخرى ولهم دخل كبير يعيشون منه فى مستوى عال راقى لائق بتجربتهم فى الهجرة، منهم رؤساء بنوك، ورؤساء جامعات واطباء مشهورون فى مجالاتهم، وهم مشرفون لمصر بالطبع.
هناك شيئان او عاملان يحيرانى فى كندا:
الاول ان البنوك لا تدر ربحا أو أى مليم على من يتعامل معها، فانت تضع فى البنك مثلا مائة الف دولار لتأخذها بعد عدة سنوات كما هى مائة الف دولار، فليس هناك ربحا أو ديعا فى البنوك. وقد تتساءل لماذا اذن اضع اموالى فى البنك؟ وتكون الاجابة انك لابد ان تضع اموالك فى البنك لان كل تعاملاتك المادية تكون دائما مع البنك نفسه، وايضا لعدم التعرض للسرقة. والسؤال اذا وضعت كل ما املك واضطررت لصرفها ماذا افعل؟
تعيشى على عملك، واذا كنت على المعاش تعيشى على المعاش.
الشئ الثانى الذى يحيرنى هو ضعف المعاشات فى كندا، وهذه ظاهرة يشكومنها كل الناس، المعاش ضعيف بالنسبة لمصاريف الحياة، قال للا أحد المهاجرين: تصور ان معاشى الشهرى 200 دولار! قلت له كيف؟ قال لانى لم اعمل مدة طويلة، وكيف تعيش اذن؟ تأتى لى بعض الاموال من مصر، يعنى انت تعيش فى كندا بفلوس مصر.نعم! العجيب ان معظم الناس يشكو من هذا فلماذا تمنح كندا شعبها معاشات ضعيفة قليلة وهى دولة كبيرة تتمتع باقتصاد قوى؟ والسؤال المهم ايضا: لماذا ينخفض سعر الدولار الكندى بالنسبة للأمريكى بعد ان كان فى مستواه؟! ونأتى للاسعار وكانت مخفضة مقبولة لكنها زادت بطريقة واضحة، واضطرت الدولة لخفض المرتبات التى كانت تصرفها للأطفال اعانة كل شهر مثلما كان يحدث فى الماضى.
يبدو ان الشحاذة “الشحاته” اصبحت مهنة عالمية، فقد وجدت فى المانيا وفرنسا وفى ايطاليا والمجر، ومعظم دول اوروبا شحاذين، على كل لون ياباتسطا، فى كندا وجدتهم ايضا، بل وجدت فنونا للشحاتة هنا، جاءت سيدة ترتدى ملابس ليست فقيرة وتحدثت الينا، وعرفت انها تريد ركوب الاتوبيس وليس معها الأجرة.. اما الاجرة فهى ثلاث دولارات، وهذه الاجرة المعروفة، بمعنى انها تطلب منا ثلاث دولارات على الاقل.. وشاب ضخم الجسم واقترب منا ليقول اريد ان اتناول الطعام وليس معى فلوس!.. هذا غير الذين يعزفون على ألة موسيقية وبخاصة فى محطات المترو وامامهم طبق لتضع فيه ما تجود به، الطريف ان من هؤلاء الشحاتين الفنانين موهوبين فعلا وعازفين ماهرين، قالت لى السيدة جاكلين مراد وهى مصرية الاصل من الاسكندرية، تعيش هنا من اكثر من خمسين سنة مع عائلتها.. قالت انها عندما كانت تعمل كانت تخرج من البيت مبكرا، قبل موعد خروجها العادى بحوالى عشرة دقائق على الأقل حتى تستمتع باحدى الشحاتين البارعين على العزف فى محطة المترو. الشحاته ليست دليل الفقر فهناك من يهوى ذلك، وهناك من يشحت حتى يستطيع الشرب او ممارسة الادمان، مع ان الدولة تمنح الفقراء 800 دولارا فى الشهر ينقطع مع ايجاد عمل له.
كذلك تخصص ملاجئ لهم كثيرة، وفى الاعياد تمنحهم الهدايا.
لابد ان اشير إلى نجاح المصريون فى كندا فى عدة مجالات كما اشرت قبل ذلك، وعدد الجالية المصرية فى كندا يبلغ 73 الفا، وفى مونتريال- القسم الفرنسى- 550ر16 نسمة مسيحيين ومسلمين، والمسيحيين لهم كنائسهم، ففى مونتريال خمس كنائس قبطية ارثوذكسية منها واشهرها كنيسة القديس مرقس والسيدة العذراء، كذلك هناك مساجد ومدارس لتعليم اللغة العربية مثل: مدرسة على بن ابى طالب، ومدرسة الايمان،
من اشهر المصريين المهاجرين إلى كندا:
الدكتور بشرى ميخائيل الطبيب المعروف فى المسالك البولية الدكتور بهجت قرنى استاذ العلوم السياسية فى جامعة مونتريال.
الدكتورة تيسير ابو النصر وكانت عميدة كلية الهندسة جامعة اوتاوا. الدكتور شريف بركات وكان مدير الاكبر مراكز البحث العلمى بكندا. الدكتور عبد الحليم عمر استاذ هندسة الكبارى بجامعة كارلتون اوتاوا. الدكتور نبيل فانوس نائب رئيس الاكاديمية الكندية لجراحة تجميل الوجه. الدكتور وصفى صالح طبيب مسالك بولية . الدكتور عادل حبيب الطبيب النفسى المعروف فى مونتريال، وهناك اسماء مصرية كثيرة لامعة اخرى.
الهجرة ليست مفروشة بالورود، لكنك يمكن ان تهاجر وتنجح ويلمع اسمك لو درست وصبرت وكافحت، واستطعت ان تعيش فى المجتمع الكندى بكل ايجابياته وسلبياته، وقد اوضحت لك بعض السلبيات ومنها الطقس الشتوى المثلج، فاذا اردت الهجرة فتوكل على الله وعملك وكفاحك، وحظ سعيد طيب متألق أن شاء الله.