-لا ادرى من ادخل فى اذهانهم اصلا ان أمريكا دولة مسيحية !! ليس معنى ان اغلبيه من الشعب الامريكى يعتنق بشكل أو بأخر البروتستانتية ( وهى احدى المذاهب ) أن الدولة ذاتها و مؤسساتها مسيحية او ان قراراتها لها مصدر مسيحى !
لو امريكا و سياستها تعبر عن صيغة الدولة المسيحية بالمعنى الحقيقى لكنت اول من كفر بالمسيحية برمتها !
– البعض يعيش فى وهم كبير يريدون تصديقه ! و يصدمون بالحقيقة اليوم لانهم رفضوا منذ البدء رؤيتها. يكفى ان نرى عند المحافظين شخصا مثل ماكين او بوش ! شئ مخجل ان نسمى هذه الرموز مسيحيه !
-غنى عن البيان ان تحت ولاية عثمان افندى الحالى لا مجال للكلام عن دولة مسيحية الا اذا كنا قد اصبنا بخلل عقلى كامل و انعدام كلى فى الرؤية ! و ليس ادل على ذلك من ان القاضى المحافظ انتونى كنيدى انضم فى الراى الى القضاة الاخرين من اجل تعميم الزواج فى ال ١٤ ولاية الباقية. لان زواج المثليين معترف به قبل هذا الحكم فى اغلب الولايات الامريكيه ( حوالى ٣٦ ولايه) و لم نسمع من قبل ثورة و لا اعتراضا و لا حمقه من احد فاين كانت هذه الاصوات ؟ و اين كانت المسيحيه طوال هذا الزمن ! منتهى التناقض غير المفهوم !
المحكمة العليا الامريكية لم تفعل اكثر من تطبيق المفهوم الذى يقوم عليه مبدا المساواه امام القانون وفقا للفلسفة الفرديه و المذهب الفردى الذى قامت عليه فكرة الحريه ذاتها فى امريكا ! لا مجال لا للتعجب و لا حتى للاعتراض ! اليس هذا هو المذهب الذى تعشقون ! تلك هى أثاره المباشرة ! فلماذا الغضب ! اكتفت المحكمة بوقف اثار الحكم المطعون فيه و تسبيب قرار الوقف بان مبدأ المساواه فى الحقوق امام القانون يمتد الى الحق فى الزواج !
عندما يقال ان هذا القرار يتعارض مع القيم المسيحية لامريكا فهذه مغالطه كبرى و عدم وعى ليس لانه متفق معها و لكن لان ليست هناك قيم مسيحيه لامريكا ! هذا وهم !
هل بيع الاعضاء الجسديه المعترف به منذ زمن و فقا للقانون الامريكى مسيحى ؟
هل تأجير بطن إمرأه مسيحى و هو ايضا جائز قانونا ؟
و هل قانون بيع و تداول الاسلحة النارية المخصصه للقتل قانون له مصدر مسيحى ؟
و فى النهاية هل تأييد الاخوان و الضغط على مصر من اجل ان يخربوها هو قرار سياسي مسيحى ؟
هل حمل الخراب للعالم مسيحى ؟
انا لا افهم اين القيم المسيحية فى كل ذلك !!! و اليوم ما هو الجديد فى اعين المعلقين !
فلسفة الحكم :
– من غير المتصور ان التطور التكنولوچى و تحرير رغبات الانسان لا يكون لهم اثر على القيم الاخلاقية. فأهم اثر قانونى منشئ هو ان تتحول الرغبات و النزعات الفردية الى حقوق شخصية على الدولة الاعتراف بها. و تحرير رغبات الانسان لا يقف عند المجال الاقتصادى و التجارى فقط ! فهذا وهم ! بل يمتد الى كل المجالات الانسانية و الاجتماعية ايضا. و اليوم هذا الفرد الذى حوله يرقص النظام الاجتماعى كله يطالب بالحق فى الزواج من مثله فى الجنس كما يطالب بالحق فى التبنى بين ابوين مثليين ! و غدا سيطالب بتحويل رغبة جديده فردية الى حق من حقوق الانسان و لا داعى لاعطاء امثلة مفجعة و لكن هذا هو التطور الطبيعى فى هذا الاتجاه !
– مفهوم الحداثة نفسه- منذ ان نشأ فى اوروبا فى القرن الثامن عشر – يعنى اصطلاحا تحرر الانسان من أحكام الطبيعة اى :
l’émancipation de l’homme passe par son émancipation des lois de la nature
– و تبعا فالاعتراف القانونى بالحقوق الفردية لم يعد يستند فى المفهوم الحديث و منذ الثورة الصناعية الى الطبيعه و انما الى الارادة و العقل فيكفى ان نريد حتى يتقرر “الحق فى كذا… “و ظهر فى القانون مبدأ سلطان الارادة لا سيما فى العقود ثم عم جميع مناطق القانون … أما عن القيم المفترض فيها تحجيم الارادة فقد تم خلع الطبيعه النسبية عليها ايضا فكلها تتساوى و لا تعلو واحده على الاخرى !
– هذه ببساطه فكرة الحداثة la modernité من المنظور الفردى المطلق. لذا قليلون هم من كانت لهم الشجاعة الفكرية لرفضها بوضوح و كذلك النظم التى قامت عليها. اما و ان نقبل كل ما سبق ثم نستغرب و نستنكر النتائج التى يقود اليها هذا الفكر فهو أمر يدعو اى مفكر للسخرية و التعجب. و هو ما قاله الفيلسوف الفرنسي بوسويه ان “الله يسخر من الذين يلعنون النتائج و يعتزون باسبابها” !