في كل صباح وقبل بزوغ الشمس أخرج من بيتي بخطوات شامخه متوجها لام الكنائس ( كنيسة القيامة المقدسة ) لفتح ابوابها بالمفتاح المقدس ، ما أجمل رائحة الصباح عندما يتنفس، اتجول في أزقة البلدة القديمة الساكنه وكلي عشق وشوق يزداد يوما بعد يوم .
عند وصولي للكنيسة المقدسة وقبل أن يحين موعد فتح الكنيسة أقف على بعد خطوات من البوابة المقدسة ناظرا الى هذا الصرح الجميل والذي يحتضنني كلما وصلت الى باحاته المقدسة، والذي يذكرني بالاباء والاجداد والذين خدموا ام الكنائس على مر العصور، هنا يبدأ قلبي بالخفقان وتدمع عيناي ، أجلس في المكان لاخذ قسط من الراحة ، المكان هادئ نسبيا ، من داخل الكنيسة تسمع أصوات تراتيل صلوات الصباح ، في ظل هذا السكون أنظر الى السماء باحثا عن القمر الذي بنوره يضئ المكان، أرى القمر في كل يوم باشكال متعدده يا لهذا المنظر الجميل !!
اراه دائما مبتسما وكانه يرحب بي في كل صباح عند وصولي لباحة ام الكنائس ، نعم انه صديقي اليومي ، في بعض الاحيان احدثه عن ما يجول في صدري من أوجاع لاخفف عن نفسي فانا أيضا أنسان ، نعم انه القمر وتراتيل الصباح وانا، هذا هو عشقي المقدس .
كيف لي بان لا اعشقها وقد وصفها مجير الدين الحنبلي بأنها “الجوهرة الثالثة في القدس الشريف بعد قبة الصخرة المشرفة وقبة الأقصى والمسجد القبلي”.
أذكر بان الإيمان بالحقائق الدينية منبع كل طمأنينة نفسية وشعور بالأمن الروحي، فالمؤمن بالله شخصية سوية تتمتع بكل مقومات الحياة السعيدة وأنا أنسان مؤمن بالله وكتبه ورسله جميعا .
نعم في الحقيقة المكان خالي من البشر لا أحد سواي في هذه الباحة المقدسة ينتظر حلول الساعة لفتح أبواب الكنيسة ، لكنني لا اراها بخالية فانا أراها مكتظه بالكهنة والمصلين والزوار تماما، كما اراها في ساعات الصباح اليست هي أم الكنائس ؟؟؟؟ هنا اردد لكل هؤلاء الذين أراهم في مخيلتي قصيدة الشاعر نزار قباني حينما انشد فقال :
بكيت.. حتى انتهت الدموع
صليت.. حتى ذابت الشموع
ركعت.. حتى ملّني الركوع
سألت عن محمد، فيكِ وعن يسوع …..
افتخر بانتمائي لهذا البلد المقدس العظيم ، في هذه البقعه المقدسة تشتم رائحة هذا التاريخ العظيم ، البارحة كان والدي رحمة الله يجلس في ذات المكان الذي أجلس به الان وكانني اسمعه وهو يتمتم سورة التكوير من القران الكريم فيقول :
(وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ ثم يقول وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ )
يا الله وكأن الصبح من وطأة ظلمة الليل قد أرهق بالظلمة ، ثم أخذ يتنفس، وطبعا أردد أنا هذه الاية ذاكرا ومترحما والدي والذي ادخل هذا العشق الى قلبي فعلمني أداب حضور الكنيسة وهي نقاط كثيره تعلمها من اباءه واجداده ، فاصبحت أعشق هذا المكان المقدس نعم فهو عشقي المقدس .
اليوم حدثتكم عن مشاعري تجاه هذا الصرح العظيم والمقدس الا وهي كنيسة القيامة المقدسة ( ام الكنائس ) ، في كل مقابلة صحفية او تلقزيونية تكثر الاسئلة فيها عن أمانة مفاتيح كنيسة القيامة ودور وتاريخ عائلتي وخدمتها للكنيسة المقدسة وعن الاعياد والمناسبات ، اليوم لم اتحدث عن هذا بتاتا ، اليوم اتحدث عن مشاعري الشخصية تجاه هذا الصرح الديني العظيم والذي ادعوه انا شخصيا بعشقي المقدس .
نعم أن ام الكنائس هي بيتي الثاني ولم اذكر في مقالتي هذه سوى بعض من عشقي لها ، في هذا الصرح التاريخي العظيم اجد الهدوء والسكينه واشتم رائحة التاريخ العظيم تاريخ الاجداد والاباء رحمهم الله جميعا .
من كلام الله في الكتاب المقدس :
“هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: السَّمَاوَاتُ كُرْسِيِّي، وَالأَرْضُ مَوْطِئُ قَدَمَيَّ. أَيْنَ الْبَيْتُ الَّذِي تَبْنُونَ لِي؟ وَأَيْنَ مَكَانُ رَاحَتِي؟ وَكُلُّ هذِهِ صَنَعَتْهَا يَدِي، فَكَانَتْ كُلُّ هذِهِ، يَقُولُ الرَّبُّ. وَإِلَى هذَا أَنْظُرُ: إِلَى الْمِسْكِينِ وَالْمُنْسَحِقِ الرُّوحِ وَالْمُرْتَعِدِ مِنْ كَلاَمِي” (سفر إشعياء 66: 1، 2) .
واخيرا أنا لا أنكر أن هناك كم هائل من الخلافات تعرقل مسيرتنا التاريخية والمقدسة في هذا المكان المقدس وتخترق الستاتيكو المعمول به منذ مئات السنين حتى يومنا هذا !!! لكنني لن اتطرق اليها الان لانه ليس هذا بالوقت المناسب ، ولن اخفي بأننا في صدد التحضير لمؤتمر صحفي كبير سوف نعلن عنه في القريب العاجل في الصحف العربية والاجنبية وعلى شبكات التواصل الاجتماعي .