الحياة رحلة، قصيرة مهما طالت، سعيدة لو أردنا لها ذلك، فالسعادة والهناء داخل كل واحد منا، فاذا كنت منبسطا متسامحا بسيطا متفائلا، فان حياتك ستكون سعيدة، وستحل كل مشاكلك بفضل شخصيتك السوية وحبك للجميع، واحترامك لكل الناس.. عرف الفرنسيون ذلك فعاشوا يتمتعون بالحب والجمال والسلام، بل واشتهروا بذلك.
شخصية الناس تختلف من شخص لآخر، هناك الانسان العاقل المحب البسيط المتسامح، الذى حتى اذا اسأت اليه فهو يسامحك ويعتبرك لا تقصد الاساءة، بل هو يزيد فى حبك والتودد اليك، لأنه يعرف الحب الحقيقى، وقلبه عامر بهذا الحب والرغبة فى الغفران، وهو بجانب الحب يستخدم عقله ويعمله فى كل شئ، والعقل يقول أن الخطأ والخطيئة تجربة إنسانية لكنك يمكن أن تستفيد من نتائجها وخبراتها ولا تعود اليها.
هناك إنسان آخر تجده دائما موتورا، ينظر اليك بشك وريبة، وعندما تقابله فى الصباح وتقول له صباح الخير، لا يتقبل التحية بالترحاب والتفاؤل، بل يفكر قائلا: هل هذه التحية بريئة أم وراءها رغبة فى التهكم علي أو الإساءة إلى، ويظل يفكر حتى ترشده نفسه المريضة أن التحية ليست بريئة، وساعتها سيأخذ منك موقفا غريبا قلقا فى نفس الوقت الذى كنت أنت بريئا فعلا ولا تقصد شيئا، وهذا الإنسان المشكل يسبب لنفسه أزمات نفسية وأمراض عضوية لا حد لها، وتكون النتيجة المرض والقلق، وعدم التأقلم مع الحياة، ولامع أسرته فى البيت، أو زملائه فى العمل، انه عدو نفسه لأنه يسبب لها الامراض والأوجاع، وبالتالى لا يستطيع العمل بجد، أو انجاز المطلوب منه، لأنه مشغول عما قاله له فلان، وعلان، وهل كلامهم صادق أم يحيكون المقالب حوله وهكذا، هو يخلق مشاكل لنفسه دون سبب واضح، وتتراكم المشاكل، وتتحول إلى هموم، والهموم سموم، والسموم تأكل صحته ووقته وسعادته!.
الانسان المشكل يعتبر الحياة مشكلة لا حل لها، بينما الانسان البسيط المتسامح المحب، يعتبر أى مشكلة مهما كبرت لها اكثر من حل. الانسان المشكل يعمل من” الحبة قبة”، ومن مجرد كلمة بسيطة مشكلة عويصة، ويقضى وقتا طويلا فى مشاكله التى يخلقها لنفسه، ويحرم نفسه من التمتع بهذا الوقت الضائع فى المشاكل التافهة، ووقت الانسان هو نسيج حياته، فاذا قضينا اكثر اوقاتنا فى الاشياء التافهة، وقلنا وقالوا، وعيب وما يصحش، ماذا يبقى لنا من وقت لنتمتع بحياتنا واهلنا واصدقائنا؟
لقد خلقنا الله على احسن صورة، وخلق لنا هذا الجسم العبقرى لنتمتع بحياتنا، وهناك إمكانات لأجسامنا لم نتعرف عليها بعد وتعرف عليها اخرون.
الانسان البسيط المحب المتسامح يؤمن بالمثل القائل: حبيبك يبلع لك الزلط وعدوك يتمنى لك الغلط، وهو دائما يحاول أن يكون حبيبك، ولا يشك فى كلماتك أو يبدلها أو يغيرها، أو يأخذ منها الجانب السلبى، بل يأخذ ويسمع كلماتك بحب وحسن نية، وهو يريح نفسه بذلك، وتجد شخصيته سوية، ضاحك بشوش دائما، يعرض خدماته على الجميع. وعلى النقيض تجد الانسان المشكل سرعان ما يغضب من كلمة طيبة، وعلى وجهه جهامة دائمة، منطوى يبتعد عن الناس، مهموم دائما بأشياء تافهة، يأخذ الجانب السلبى فى أى شئ.
وقد تسألنى عزيزى القارئ: كيف يمكن لهذا الإنسان المشكل أن يكون إنسانا طبيعيا سويا محبا للجميع؟
العملية سهلة جدا، الانسان المشكل لو فتح قلبه للحب سيجد الناس جميعا تبادله شعوره الطيب، ولو اراح نفسه من تعذيب سوء النية بالآخرين واعتبرهم كلهم اصدقاءه واخذ الجانب الطيب والحلو فى الكلام سيشعربالراحة، وستعود الابتسامة لوجهه، وتتملكه غريزة حب الحياة، وينطلق فى عمله يبدع وينتج، ويلتف حوله الجميع فى حب حقيقى.
الحياة جميلة لو فهمناها وطهرنا انفسنا من الحقد والكراهية والحسد، وسوء النية، ولو بالتدريج.