توفيت الراهبة (من رهبنة بنات قلب مريم الطاهر) والطبيبة الألمانية “روث بفاو” عن عمر ناهز 87 عامًا، بعدما كرست 50 عامًا من حياتها للقضاء على مرض الجذام في باكستان، وأصبحت تعرف بلقب “الأم تريزا الباكستانية”.
كانت “بفاو” قد شهدت تفشي مرض الجذام في باكستان أول مرة في عام 1960 فأنشأت عيادات في شتى أرجاء البلاد. وأثمرت جهودها عن إعلان باكستان في عام 1996 أن مرض الجذام بات تحت السيطرة.
قال شاهد خان عباسي، رئيس الوزراء الباكستاني، إن بفاو “قد تكون ولدت في ألمانيا، لكن قلبها كان دوما في باكستان”. أضاف مشيدًا بشجاعتها وإخلاصها: جاءت إلى باكستان تبحث عن حياة أفضل لهؤلاء المتضررين بالمرض، وبذلك وجدت لنفسها وطنا.
يذكر أن “بفاو” ولدت في لايبزيغ في عام 1929، وشاهدت منزلها بعد أن دمره قصف إبان الحرب العالمية الثانية. وبعد أن درست بفاو الطب، قررت الذهاب إلى جنوب الهند، غير أن التأشيرة التي صدرت لها جعلتها عالقة في مدينة كراتشي، حيث عرفت للمرة الأولى تفشي مرض الجذام هناك.
قالت لبي بي سي في عام 2010: إن لم تتأثر للوهلة الأولى، أعتقد أنك لن تتأثر أبدًا”. وأضافت: “بالفعل كان أول مريض جعلني اتخذ قراري هو باتان الصغير، كان يزحف على يديه وقدميه ليصل إلى المستوصف الطبي، كان يتصرف كما لو كان ذلك أمرًا طبيعيًا، كأنه يتعين على الشخص أن يزحف إلى هناك على يدين وقدمين نحيفتين ومتسختين، مثل الكلب.
أنقذت “بفاو” أطفالا يعانون من تشوهات وضعهم آباؤهم في الكهوف وحظائر الماشية لسنوات خوفًا من أن يكون المرض معديًا. كما دربت أطباء باكستانيين وتوسطت في جلب تبرعات أجنبية، وأسست البرنامج الوطني لمكافحة مرض الجذام في باكستان، ومركز “ماري أديليد” لمرض الجذام الذي يوجد مقر له في كل أقليم في باكستان.
حصلت “بفاو” على جائزة عن مجهودها في مساعدة ضحايا الفيضانات المدمرة التي ضربت جنوب غربي باكستان في عام 2010. كما حصلت على عدة جوائز شرفية عن أعمالها، من بينها جائزة هلال الامتياز التي تعد ثاني أرفع جائزة مدنية في باكستان في عام 1979، وجائزة هلال باكستان في عام 1989 وميدالية ستاوفر الألمانية عام 2015.
كتبت “بفاو” أربعة كتب في ألمانيا عن باكستان، من بينها كتاب “كي نضئ شمعة”، الذي تُرجم إلى اللغة الإنجليزية. وسوف يقام قداس لروح نفسها في 19 آب في كنيسة القديس باتريك في كراتشي، وسوف تدفن في مقبرة غورا كابريستان المسيحية في المدينة.