يترأس قداسة البابا تواضروس صلاة القداس الإلهي بكاتدرائية مارمرقس الرسول بالكويت والتي يقوم بتدشينها وسط فرحة أبناء الكنيسة هناك.
وخلال الصلاة قام قداسته بإلقاء كلمة روحية تحدث فيها عن ” تدشين القلب ”
وفي مستهل الكلمة قدم قداسته الشكر لسمو الشيخ ” صباح الأحمد الجابر الصباح ” أمير دولة الكويت على دعوته الكريمة لقدسته بالكويت.
كما قدم الشكر لجميع المسؤولين بالكويت على إستضافتهم الطيبة لقداسته.
وبدأ قداسته العظة سائلاً الشعب قائلاً: “إننا نحتفل اليوم بتدشين مذابح كاتدرائية مارمرقس بالكويت ونكتب شهادة عيد ميلادها اليوم؛ وكلمة تدشين تعني تخصيص، ونحن ندشن اليوم مذابحها التي تحمل أسم مارمرقس الرسول والسيدة العذراء ويوحنا والشهيد مارجرجس” ولكل شخص منا مذبحاً في قلبه ” فهل قلبك مدشن لله ؟؟ “
إننا ندشن المذبح لكي يكون مكان مخصص للصلاة ويصير أقدس مكان؛ وأنتم تعلمون أن الله أعطانا أجهزة كثيرة في أجسادنا منها الجهاز التنفسي والجهاز العصبي وأعطانا أيضاً الجهاز الروحي الذي يتكون من العين والأذن:
العين: التي تعيش في البراءة والبساطة
الأذن : التي تعيش في النقاوة بإستمرار
– والكتاب المقدس يذكر لنا أية جميلة عن الأذن وهي تقول: ” مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ”(إنجيل متى 11: 15) وهذه تعني أن نعيش دائما في طاعة الوصية، لكن هناك بعض الأشخاص المعاندين الغير سامعين للوصية .
– كما يذكر لنا الكتاب أيضاً آيات جميلة عن العين التي تقول: ” سِرَاجُ الْجَسَدِ هُوَ الْعَيْنُ، فَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ بَسِيطَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ نَيِّرًا ” (مت 6: 22).
إن الله وضع القلب في داخلنا ولا يراه أحداً لكي ما يكون هذا القلب هو محطة للقاء مع الله دائماً وإن تقابلت مع الله في قلبك؛ فقلبك يكون مقدساً .
ونحن اليوم ندشن الكنيسة ولا نعلم ما يدور في قلب كل واحداً منا الأن؛ فما هو شعورك وما هي خواطرك وما هي أفكارك ؟
والسؤال هنا ” هل تحافظ على قلبك مدشناً؟؟” نحن نتذكر أن الكاهن قد قام بتدشين أجسادنا بالميرون في المعمودية؛ حيث قام بدشين العقل ثم القلب ممتداً إلى الظهر ثم الأطراف، وهذا يسمى سر التدشين، فهل مازال قلبك مدشناً؟؟
· سأقول لك كيف تقوم بتدشين قلبك
يتم تدشين القلب بثلاثة وسائل هامة:
– الوسيلة الأولى ” الصلاة “:
فالصلاة تمسح قلبك وتجعله روحانياً، فكنيستنا ممتلئة بالصلوات منها: الصلوات القصيرة ” يارب أرحم، اللهم إلتفت إلى معونتي يارب أسرع وأعني” وغيرها الكثر من صلوات الأجبية والمزامير، وعروس النشيد تقول ” أَنَا نَائِمَةٌ وَقَلْبِي مُسْتَيْقِظٌ. صَوْتُ حَبِيبِي قَارِعًا” (نش 5: 2)، فيجب أن تكون صلواتك من القلب وليس من اللسان.
– الوسيلة الثانية ” القراءات المقدسة “:
يجب أن نقرأ أناجيل الكتاب المقدس ونحفظها ونتأملها ونعيش بها ونتحدث بها مع البشر في حياتنا؛ فالكتاب المقدس يقول ” خَبَأْتُ كَلاَمَكَ فِي قَلْبِي لِكَيْلاَ أُخْطِئَ إِلَيْكَ” (مز 119: 11). فهل تدشن قلبك بالوصية دائماً؟؟ ونحن نصلي في المزمور ونقول ” لكِنْ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ مَسَرَّتُهُ، وَفِي نَامُوسِهِ يَلْهَجُ نَهَارًا وَلَيْلاً” (مز 1: 2).
إن البعض يقرأ الإنجيل حينما يتذكرون والبعض يقرأه بطريقة عشوائية وهذا لا يليق؛ والبعض يقرأه ويعيش في الكلمة ” لأن كلمة الله حيه وفعالة وأمضى من كل سيف ذي حدين، وخارقة إلى مفرق النفس والروح والمفاصل والمخاخ، ومميزة أفكار القلب ونياته”(عب 4: 12).
– الوسيلة الثالثة ” أعمال الرحمة”:
إن الذبيحة تعبر عن رحمة الله للإنسان ويجب على كل شخص يتقرب للذبيحة أن يعمل أعمال الرحمة في حياته، فالله يقول ” لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي. عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي. كُنْتُ غَرِيبًا فَآوَيْتُمُونِي ” (مت 25: 35)؛ وأعمال الرحمة لا تقتصر على التقدمات والعطايا للفقراء فقط؛ لكنها تكون بالجهد والوقت والفكر؛ فابتسامتك ومحبتك ووداعتك ولطفك وأمانتك جميعها أعمال رحمة؛ ومن المهم أن تكون سبب بركة في كل مكان تذهب إليه سواء في ” بيتك، مكان عملك، كنيستك، بلدك”.
فكل تلك الوسائل تساعدك في أن يظل قلبك مدشناً لله دائماً. والله يقول لك ” يَا ابْنِي أَعْطِنِي قَلْبَكَ، وَلْتُلاَحِظْ عَيْنَاكَ طُرُقِي” (أم 23: 26).
فأحرصوا دائماً أن تمتلكوا قلوباً مدشنة ومدعوة لحياة القداسة .
وأختتم البابا تواضروس العظة قائلاً :” مبروك لكم تدشين مذابح الكنيسة، ربنا يفرحكم بها، وتكونون مرتبطين دائماً بالله وبالكنيسة وتكون حياتكم مباركة”.
وأكمل قداسته قائلاً:” أن مصر قريبة جداً للكويت وأقول لكم ” مصر بتسلم عليكم؛ فأنتم تحتفلون اليوم بتدشين الكاتدرائية ومصر تحتفل أيضاً بعيد تحرير سيناء وهذا يعني إننا سنحتفل كل عام بالمناسبتين مع بعض “.
وفي الختام قام قداسة البابا يتقديم الشكر لنيافة الأنبا أنطونيوس، مطران القدس على محبته وتعبه في خدمته الرعوية في القدس وسوريا والعراق واليونان والكويت.
كما قدم الشكر لآباء كهنة الكاتدرائية على تعب خدمتهم ومحبتهم وهم ” الراهب بيجول الأنبا بيشوي، الراهب أبادير الأنبا بيشوي، القس ميخائيل إبراهيم، القس بيشوي حسني، القس كيرلس جبرة، القس دنيال جرجس، القس لوقا غبور”
كما قام قداسته بتقديم أيقونة الكاروز مارمرقس الرسول لنيافة الأنبا أنطونيوس وسط فرحة غامرة من شعب الكنيسة.