يوم عرف التلاميذ يسوع عرفوه إنساناً يُشبههم، رأوا فيه صورة الله الآب كما يرونها في اي إنسان على وجه الأرض. ولكن ماذا جرى بعد القيامة ؟ ماذا رأوا في يسوع ؟ من هو بنظرهم ؟
فلنقرأ ما يقول صاحب الرسالة إلى العبرانيين: “هو شعاع مجده وصورة جوهره، يحفظ كل شيء بقوة كلمته وبعدما قام بالتطهير من الخطايا، جلس عن يمين الساكن في العُلى” ( عبرانيين ١ : ٢ ) .
ذاك الذي طهَر من الخطايا هو صورة الله وهو شعاع مجده. هو الذي يعكس نور مجد الآب ويبيّن حقيقته.
إن الله كلّم بكثير من الوسائل وبتنوع الأشخاص الإنسان، ولكنه لم يُعرف حقيقةً إلاّ بابنه الذي جعله وارثاً لكل شيء، وبهذا الابن خلق كل شيء. إنه حكمته التي يتكلّم عنها العهد القديم في سفر الحكمة: ” فإنها ( الحكمة ) نفحة من قدرة الله وانبعاث خالص من مجده القدير . فلذلك لا يتسرّب إليها شيء نجس لأنها انعكاس للنور الأزلي ومرآة صافية لعمل الله ، وصورة لصلاحه ” ( سفر احكمة ٧ : ٢٥ – ٢٦ ) .
يسوع هو حكمة الله التي تُظهر أعماله وحقيقته . من هنا كلام يسوع على أنه والله واحد وعلى أنّ من عرفه عرف الآب :
” قال يسوع : انيّ معكم منذ زمن طويل ، أفلا تعرفني يا فيليبس ؟ من رأني رأى الآب . فكيف تقول : ارِنا الآب ؟ ” ( يوحنا ١٤ : ٩ ).
بالحقيقة لا يستطيع أحد أن يعرف الآب إلاّ من اراد الإبن أن يكشف له . لأن الآب لم يراه أحد قط ، الابن الوحيد ، الذي في حضن الآب ، هو أخبر عنه ( يوحنا ١ : ١٨ ) .
فالذي يدعونا لنكون كاملين على صورة أبينا السماوي ، هو كل الكمال كما ورد في رسالة القديس بولس إلى أهل قولوسي : ” لقد حسن لدى الله أن يُحلّ به الكمال كلّه ( قولوسي ١ : ١٩ ) . هو صورة الله الكاملة .